للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متلبس بأعظم قربَة شرعها الله لتهذيب النُّفُوس وتدريبها وَحملهَا على التعود على الْخِصَال الحميدة، والأخلاق الطاهرة، وَالْأَفْعَال المرضية، وَأي كَأَنَّهُمْ لم يقرءوا قَول الله تَعَالَى: {وَعباد الرَّحْمَن الَّذين يَمْشُونَ على الأَرْض هونا وَإِذا خاطبهم الجاهلون قَالُوا سَلاما} أَي إِذا سفه عَلَيْهِم الْجُهَّال بالْقَوْل السيء لم يقابلوهم عَلَيْهِ بِمثلِهِ، بل يعفون ويصفحون وَلَا يَقُولُونَ إِلَّا خيرا، كَمَا كَانَ نَبينَا [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] لَا تزيده شدَّة الْجَاهِل إِلَّا حلماً. وكما قَالَ تَعَالَى فِي وصف الصَّالِحين من عباده: {وَإِذا سمعُوا اللَّغْو أَعرضُوا عَنهُ وَقَالُوا لنا أَعمالنَا وَلكم أَعمالكُم سَلام عَلَيْكُم لَا نبتغي الْجَاهِلين} وَقد ورد أَن رجلَيْنِ اسْتَبَّا عِنْد رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فَجعل المسبوب يَقُول للَّذي يسبه عَلَيْك السَّلَام، فَقَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] " أما إِن ملكا بَيْنكُمَا يذب عَنْك، فَكلما شتمك قَالَ لَهُ - أَي الْملك - بل أَنْت وَأَنت أَحَق بِهِ، وَإِذا قلت وَعَلَيْك السَّلَام، قَالَ: لَا بل عَلَيْك وَأَنت أَحَق بِهِ " ذكره فِي زَوَائِد الْجَامِع وَحسنه ابْن كثير.

أخي لَا تغْضب، فَإِن الْغَضَب مفْسدَة " الْغَضَب يفْسد الْإِيمَان كَمَا يفْسد الصَّبْر الْعَسَل " الْغَضَب من الشَّيْطَان فَإِذا غضِبت فاستعذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم أذكر أخي قَول رَسُول الله ( [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ) " إِذا كَانَ يَوْم صَوْم أحدكُم فَلَا يرْفث وَلَا يجهل، فَإِن امْرُؤ شاتمه فَهُوَ قَاتله فَلْيقل: إِنِّي صَائِم إِنِّي صَائِم " حَدِيث صَحِيح، تدبر قَوْله ( [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ) " رب صَائِم حَظه من صِيَامه الْجُوع والعطش " ذكره فِي الْجَامِع وَصَححهُ. اسْتمع لِرَبِّك حَيْثُ يَقُول: {قد أَفْلح من زكاها} أَي زكى نَفسه بِطَاعَة الله وطهرها من الْأَخْلَاق الدنيئة والرذائل القبيحة {وَقد خَابَ من دساها} أَي قذرها بِالْجَهْلِ والغفلة، ودسها مدسوسة فِي الْمعْصِيَة وَلم يحملهَا ويجاهدها على طَاعَة مَوْلَاهُ، أكظم غيظك أخي أبدا لَا سِيمَا وَأَنت

<<  <   >  >>