للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أعدائه دين الْهزْل والسخرية، دين اللَّهْو واللعب، والجهالة والضلالة.

أَعرضُوا عَن كِتَابه الْمُبين الَّذِي فصلت آيَاته، ويسره الله للذّكر، وَعَن سنَن نبيه الَّذِي أُوتِيَ جَوَامِع الْكَلم، وهديه خير الْهدى، مَعَ أَن عباد الْأَوْثَان والأصنام - ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر وَاللات والعزى - لما عرفُوا هَذَا الدّين الْقيم وآمنوا بِهِ وَاتبعُوا نبيه صَار إِيمَان الْوَاحِد مِنْهُم لَو وزن بِإِيمَان أهل الأَرْض جَمِيعًا لرجح عَلَيْهِ، واهتز عرش الرَّحْمَن لمَوْت أحدهم أَلا وَهُوَ سعد بن معَاذ، وَلَقَد كَانُوا يفادون نَبِي الله بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم، ويناجونه بقَوْلهمْ بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله. وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم أَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أحب إِلَيْهِم من أَمْوَالهم وَأَوْلَادهمْ حَتَّى من أنفسهم الَّتِي بَين جنُوبهم، وَصَدقُوا وَالله. وَعمر لما جَاءَهُ الرجل يتحاكم إِلَيْهِ بعد مَا حكم لَهُ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ضرب عُنُقه، وَكَانُوا على مَا اشْتهر من الْجفَاء وَالْقَسْوَة فَصَارَت أَخْلَاقهم الْقُرْآن وَالسّنة، ومرجعهم فِي جَمِيع أَحْوَالهم إِلَى الْقُرْآن وَالسّنة، ووعظهم وإرشادهم بِالْقُرْآنِ وَالسّنة، وَكَانُوا لَا يعلمُونَ أَبْنَاءَهُم ونساءهم وَلَا يحاجون طوائف الزيغ والضلالة، إِلَّا بِالْقُرْآنِ وَالسّنة، فدينهم الَّذِي بِهِ يدينون، وللتفقه فِيهِ ليل نَهَار يجاهدون، وللحياة وَالْمَوْت عَلَيْهِ يتمنون، إِنَّمَا هُوَ الْكتاب وَالسّنة، فَمَا سادوا وساسوا النَّاس جَمِيعًا، وملكوا ممالك مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا إِلَّا بِهَذَيْنِ الثقلَيْن الْكتاب وَالسّنة. وخاب وربي وخسر قوم عَنْهُمَا عمون، وبغيرهما يتمسكون ويشتغلون، وَمن يرغب عَن خطة مُحَمَّد الَّتِي ارتسمها إِلَّا من سفه، وضل سَعْيه وَلعب بِهِ شَيْطَانه، فصده عَن الصِّرَاط الْمُسْتَقيم.

هَذَا كَانَ دأب الْقَوْم يَا شُيُوخ السجاجيد وسيرهم وسيرتهم، فخلف من بعدهمْ خلف جعلُوا الْحق بَاطِلا، وَالْبَاطِل حَقًا، وشرعوا لَهُم من الدّين مَا لم يَأْذَن بِهِ

<<  <   >  >>