للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِن لم تَكُونُوا سَمِعْتُمْ، على شَرط أَن تعملوا وَلَا تكتموا، وَالله سُبْحَانَهُ يتَوَلَّى هدايتنا وهدايتكم.

قَالَ الإِمَام الْبَغَوِيّ عِنْد تَفْسِير هَذِه الْآيَة: روينَا عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِنَّكُم تقرءون هَذِه الْآيَة {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل إِذا اهْتَدَيْتُمْ} وتضعونها فِي غير موضعهَا، وَلَا تَدْرُونَ مَا هِيَ، وَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] يَقُول: " إِن النَّاس إِذا رَأَوْا مُنْكرا فَلم يغيروه، يُوشك أَن يعمهم الله بعقابه " وَفِي رِوَايَة لتأمرن بِالْمَعْرُوفِ ولتنهون عَن الْمُنكر، أَو ليسلطن الله سُبْحَانَهُ عَلَيْكُم شِرَاركُمْ فليسومونكم سوء الْعَذَاب، ثلم ليدعون الله عز وَجل خياركم فَلَا يُسْتَجَاب لكم " قَالَ أَبُو عبيد: خَافَ الصّديق أَن يتَأَوَّل النَّاس الْآيَة غير متأولها، فيدعوهم إِلَى ترك الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر، فأعلمهم أَنَّهَا لَيست كَذَلِك، وَأَن الَّذِي أذن فِي الْإِمْسَاك عَن تَغْيِيره من الْمُنكر، هُوَ الشّرك الَّذِي ينْطق بِهِ المعاهدون، من أجل أَنهم يتدينون بِهِ وَقد صولحوا عَلَيْهِ، فَأَما الفسوق والعصيان والذنب من أهل الْإِسْلَام فَلَا يدْخل فِيهِ، وَقَالَ مُجَاهِد وَسَعِيد بن جُبَير: الْآيَة فِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى، يَعْنِي " عَلَيْكُم أَنفسكُم لَا يضركم من ضل " من أهل الْكتاب فَخُذُوا مِنْهُم الْجِزْيَة واتركوهم، وَعَن ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة: مروا بِالْمَعْرُوفِ وانهوا عَن الْمُنكر مَا قبل مِنْكُم، فَإِن رد عَلَيْكُم فَعَلَيْكُم أَنفسكُم.

وَقَالَ الإِمَام الْحَافِظ ابْن كثير فِي تَفْسِيره: وَلَيْسَ فِيهَا - أَي الْآيَة - دَلِيل على ترك الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر، إِذا كَانَ فعل ذَلِك مُمكنا؛ ثمَّ ذكر مَا ذكره الإِمَام الْبَغَوِيّ، وَأسْندَ الحَدِيث وَصَححهُ من عدَّة طرق، ثمَّ ذكر عَن أبي عِيسَى التِّرْمِذِيّ إِلَى أبي أُميَّة الشَّعْبَانِي قَالَ: أتيت أَبَا ثَعْلَبَة الْخُشَنِي فَقلت لَهُ: كَيفَ تصنع فِي هَذِه الْآيَة؟ قَالَ: أَيَّة آيَة. قلت: قَول الله

<<  <   >  >>