للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَنْفُسكُمْ فِي سَبِيل الله، ذالكم خير لكم إِن كُنْتُم تعلمُونَ} فِي الْآيَات عتاب من الله شَدِيد للْمُؤْمِنين المتثاقلين المتكاسلين عَن النفور وَالْجهَاد فِي سَبِيل الله، وفيهَا تحتم النفور وَالْجهَاد فِي سَبِيل الله بِالْمَالِ وَالنَّفس على الشبَّان والكهول والشيوخ والأغنياء وَالْمَسَاكِين.

قَرَأَ أَبُو طَلْحَة رَضِي الله عَنهُ هَذِه الْآيَة {انفروا خفافا وثقالا وَجَاهدُوا بأموالكم وَأَنْفُسكُمْ فِي سَبِيل الله} فَقَالَ: أرى رَبنَا استغفرنا شُيُوخًا وشبانا جهزوني يَا بني فَقَالَ بنوه: يَرْحَمك الله قد غزوت مَعَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] حَتَّى مَاتَ، وَمَعَ أبي بكر حَتَّى مَاتَ، وَمَعَ عمر حَتَّى مَاتَ، فَنحْن نغزوا عَنْك، فَأبى، فَركب الْبَحْر فَمَاتَ فَلم يَجدوا لَهُ جَزِيرَة يدفنونه فِيهَا إِلَّا بعد تِسْعَة أَيَّام فَلم يتَغَيَّر فدفنوه فِيهَا، كَذَا فِي تَفْسِير ابْن كثير {فَهَل من مدكر} .

[فصل]

{يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وابتغوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَة وَجَاهدُوا فِي سَبيله لَعَلَّكُمْ تفلحون} يناديكم الله ويخاطبكم يَا علماءنا آمراً لكم بتقواه، وَهِي إِذا قرنت بِطَاعَتِهِ كَانَ المُرَاد بهَا الانكفاف عَن الْمُحرمَات وَترك المنهيات، ثمَّ قَالَ {وابتغوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَة} وَهِي الْقرْبَة الَّتِي يتَحَصَّل بهَا إِلَى تَحْصِيل الْمَقْصُود، وَهِي أَيْضا علم على أَعلَى منزلَة فِي الْجنَّة، وَهِي منزلَة رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وداره، وَهِي أقرب أمكنة الْجنَّة إِلَى الْعَرْش، فَمن اتَّقى الله وتقرب إِلَيْهِ بالوسائل الشَّرْعِيَّة، الموصلة إِلَى رضوانه كَانَ مَعَ الَّذين {أنعم الله عَلَيْهِم من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا} {} (وَجَاهدُوا فِي سَبيله لَعَلَّكُمْ تفلحون} وَالْجهَاد الْأَكْبَر الْآن هُوَ الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَهَؤُلَاء هم (الَّذين

<<  <   >  >>