للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لرأيه وَتَنَازَعُوا وفشلوا وَأَصْبحُوا أحزاباً وشيعا بِهِ. وبدت بَينهم الْعَدَاوَة والبغضاء والتنافر الَّذِي وصل بهم إِلَى حد سفك الدِّمَاء.

وَالْأَمر وَالله سهل جدا، فقد بَين الله سُبْحَانَهُ الدَّاء والدواء حَيْثُ قَالَ: {وَمَا اختلفتم فِيهِ من شَيْء فَحكمه إِلَى الله} وَقَالَ: {فَإِن تنازعتم فِي شَيْء فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول، إِن كُنْتُم تؤمنون بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر} وَلَكِن الْقَوْم لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَلَا بِالْيَوْمِ الآخر بل يُؤمنُونَ بالمشايخ ويفضلون حكمهم على حكم الله وَرَسُوله، وَلذَا طَال النزاع وَاشْتَدَّ بَيْننَا الْجِدَال وَالْخِصَام واحتدم.

والآن نتكلم عَن مَسْأَلَة كشف رَأس الْمصلى. وَهِي من أبسط وأخف الْمسَائِل الدِّينِيَّة الَّتِي لَا يعاقبنا الله عَلَيْهَا إِن تركناها، وَلَا يزيدنا أجرا وثوابا إِن فعلناها، وَلَكِن للضَّرُورَة نتكلم فَنَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق.

الرَّأْس لَيْسَ عَورَة بِإِجْمَاع الْمُسلمين؛ وَلم يقل أحد فِي مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا بِبُطْلَان صَلَاة حاسر الرَّأْس، بل قد أوجبوا الصَّلَاة على العاري الَّذِي لم يجد مَا يستر بِهِ سوأتيه، وَأوجب الله على كل حَاج أَن يكْشف رَأسه فِي الصَّلَاة وَالطّواف، وَفِي أفضل مَكَان وَأفضل بقْعَة. وَأفضل عبَادَة يرجع الْمُؤمن بعْدهَا من ذنُوبه كَيَوْم وَلدته أمه.

ثمَّ كل الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي العمائم وفضلها لَا شكّ أَنَّهَا بَاطِلَة وموضوعة كَحَدِيث " صَلَاة بعمامة تعدل خمْسا وَعشْرين صَلَاة؛ وَجمعه بعمامة تعدل سبعين جُمُعَة " وَهُوَ مَكْذُوب مفترى.

و" الصَّلَاة فِي الْعِمَامَة بِعشْرَة آلَاف حَسَنَة " بَاطِل كَذَلِك، انْظُر أَسْنَى المطالب وَغَيره.

وَفِي الْجَامِع الصَّغِير " كَانَ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] يلبس القلانس تَحت العمائم، وَبِغير العمائم ويلبس العمائم بِغَيْر قلانس، وَكَانَ يلبس القلانس اليمانية؛ وَهن الْبيض المضربة ويلبس ذَوَات الآذان فِي الْحَرْب؛ وَكَانَ رُبمَا نزع قلنسوته فَجَعلهَا

<<  <   >  >>