للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل فِي ذكر إهمال أَكثر الْعلمَاء والمنتمين للسّنة لهَذِهِ الرُّخْصَة الجليلة وَهُوَ من عيوبهم

روى الإِمَام أَحْمد وَصَححهُ ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان عَن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " إِن الله تَعَالَى يحب أَن تُؤْتى رخصه كَمَا يكره أَن تُؤْتى مَعْصِيَته " وَفِي رِوَايَة. " كَمَا يحب أَن تُؤْتى عَزَائِمه "، وروى النَّسَائِيّ عَنهُ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قَالَ: " إِن الله عز وَجل أمرنَا أَن نصلي رَكْعَتَيْنِ فِي السّفر " وَثَبت أَنه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أخبرنَا أَنَّهَا - أَي صَلَاة الْقصر - " صَدَقَة تصدق الله بهَا عَلَيْكُم فاقبلوا صدقته ".

إِذا كَانَ كَذَلِك فَعجب جدا أَنَّك لَا تكَاد ترى عَالما وَلَا واعظا مِمَّن يجوبون الْبِلَاد، وَلَا مدرسا من هَؤُلَاءِ الرسميين أَو غَيرهم يحيي هَذِه السّنة الجليلة الجميلة، حَتَّى كَادَت تندثر وتندرس، وَلَو قُلْنَا إِن أهل الْأَزْهَر عَن الْعَمَل بِالسنةِ مبعدون، وَلها لَا يعْرفُونَ، بل هم عَنْهَا صادون، فَمَا لجَماعَة الشَّيْخ مَحْمُود السُّبْكِيّ بهَا لَا يعْملُونَ، وهم لَيْلًا وَنَهَارًا بِاتِّبَاع السّنة ينادون، وللعلماء المبتدعين والعوام يُحَاربُونَ؟

وَلَقَد حضر لدي بَعضهم، وَكَانُوا مسافرين أميالاً وبرداً فَأَمَرتهمْ بِالْقصرِ فَأَبَوا، فأسفت وَقلت: إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون! وَمَا وَقع مِنْهُم ذَلِك إِلَّا لأَنهم فِي الْهدى النَّبَوِيّ مفرطون ومقصرون، وَعَن اقتناء كتب السّنة وعَلى الْأَقَل البُخَارِيّ وَمُسلم غافلون، بل لكتب الْحَوَاشِي والشروح يجمعُونَ، وفيهَا يذاكرون، وَكَانُوا إِذا ذَهَبُوا إِلَى الشَّيْخ رَحمَه الله فِي أَيَّام الْجُمُعَات فَلَيْسَ لَهُم هم إِلَّا أَنهم ليده يقبلُونَ، وبثيابه يتمسحون، وَقد نبهتكم يَا إخْوَانِي لحبي فِيكُم فعساكم تتنبهون وتتفقهون، وبالسنة تَعْمَلُونَ.

<<  <   >  >>