للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَن الْإِيمَان فَقَالَ:

" أَن تؤمن بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله وَالْقدر خَيره وشره ". وَأَنه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم سُئِلَ عَن الْإِحْسَان فَقَالَ: " أَن تعبد الله كَأَنَّك ترَاهُ فَإِن لم تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك ".

١ - الْإِيمَان بِالْقدرِ، وخاصة الْمُؤمنِينَ:

فخصال الْإِيمَان يَسْتَوِي فِي الْأَرْبَع الْأَدِلَّة مِنْهَا غَالب الْمُسلمين. وَأما الْخَامِسَة وَهِي الْإِيمَان بِالْقدرِ خَيره وشره فَهِيَ الْخصْلَة الْعُظْمَى [الَّتِي] تَتَفَاوَت فِيهَا الْأَقْدَام بِكَثِير من الدَّرَجَات فَمن رسخ قدمه فِي هَذِه الْخصْلَة ارْتَفَعت طبقته فِي الْإِيمَان.

وَلَا يَسْتَطِيع الْإِيمَان بهَا كَمَا يَنْبَغِي إِلَّا خلص الْمُؤمنِينَ وأفراد عباد الله الصَّالِحين. لِأَن من لَازم ذَلِك أَن يضيف إِلَى قدر الله كل مَا يَنَالهُ من خير وَشر غير متعرض للأسباب الَّتِي يتَعَلَّق بهَا كثير من النَّاس. وَإِذا مكنه الله من الْإِيمَان بِهَذِهِ الْخصْلَة كَمَا يَنْبَغِي وَعلم أَنَّهَا من عِنْد الله سُبْحَانَهُ بِقَدرِهِ السَّابِق لكل عبد من عباده، هَانَتْ عَلَيْهِ المصائب لعلمه بِأَن ذَلِك من عِنْد الله سُبْحَانَهُ، وَمَا كَانَ من عِنْد الله سُبْحَانَهُ فالرضى بِهِ وَالتَّسْلِيم لَهُ شَأْن كل عَاقل، لِأَنَّهُ خالقه وموجده من الْعَدَم فَهُوَ حَقه وَملكه يتَصَرَّف بِهِ كَيفَ يَشَاء كَمَا يتَصَرَّف الْعباد فِي أملاكهم من غير حرج عَلَيْهِم.

فَإِن مَالك العَبْد أَو الْأمة إِذا أَرَادَ أَن يتَصَرَّف بهما ويخرجهما عَن ملكه لم تنكر الْعُقُول ذَلِك وَلَا تأباه الْعَادَات الْجَارِيَة بَين الْعباد. فَكيف تصرف الرب بمخلوقه فَإِنَّهُ الْمَالِك للْعَبد وسيده وَلما فِي الْأَرْضين وَالسَّمَوَات

<<  <   >  >>