للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَقُول لَا حَاجَة إِلَى اسْتِخْرَاج هَذَا الْمَعْنى الْعرفِيّ للتقرب فَإِنَّهُ لَا يُفِيد شَيْئا مَعَ الْعلم بِأَن معنى التَّقَرُّب فِي لِسَان الْعَرَب وَفِي لِسَان الشَّرْع يَشْمَل كل مَا يتَقرَّب بِهِ العَبْد من فَرِيضَة أَو نَافِلَة. وَصدقه على الْفَرَائِض أقدم لكَون أمرهَا ألزم.

وَأَيْضًا قد أغْنى عَن هَذَا الاستخراج لفظ النَّوَافِل فَإِنَّهَا فِي لِسَان الشَّرْع مَا زَاد على الْفَرَائِض.

قَالَ ابْن حجر: " وَأَيْضًا فَإِن من جملَة مَا شرعت لَهُ النَّوَافِل جبر الْفَرَائِض كَمَا صَحَّ فِي الحَدِيث الَّذِي أخرجه مُسلم " انْظُرُوا هَل لعبدي من تطوع فتكمل بِهِ فريضته "؟ الحَدِيث بِمَعْنَاهُ.

فَتبين أَن المُرَاد من التَّقَرُّب بالنوافل أَن تقع مِمَّن أدّى الْفَرَائِض لَا مِمَّن أخل بهَا كَمَا قَالَ بعض الأكابر: " من شغله الْفَرْض عَن النَّفْل فَهُوَ مَعْذُور وَمن شغله النَّفْل عَن الْفَرْض فَهُوَ مغرور " انْتهى.

أَقُول: لَا يخفى عَلَيْك أَن أصل الْإِشْكَال عِنْد هَؤُلَاءِ الَّذين تكلمُوا بِمثل هَذَا الْكَلَام هُوَ وُرُود الْمحبَّة فِي جَانب التَّقَرُّب بالنوافل، وَقد بَينا وَجهه، وَأي مدْخل لذكر أَن النَّوَافِل تجبر بهَا الْفَرَائِض فَإِن هَذَا إِنَّمَا هُوَ إِذا احْتِيجَ إِلَى التَّرْجِيح بَين الْفَرَائِض والنوافل، فَإِن الْفَرَائِض هِيَ الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَآله وَسلم " وَمَا تقرب إِلَيّ [عَبدِي] بِشَيْء أحب إِلَيّ مِمَّا افترضت عَلَيْهِ " فَإِن هَذَا قد دلّ دلَالَة أوضح من شمس النَّهَار أَن التَّقَرُّب بالفرائض أحب إِلَى الله من

<<  <   >  >>