للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رضي الله تعالى عنهم أجمعين فتذاكروا المعروف فقال علي: المعروف حصن من الحصون وكنز من كنوز فلا يزهدنك فيه كفر من كفره فقد يشكر الشاكر ما أضاعه جحود الكافر. وقال العباس: المعروف أفضل الأمور وأوثق الحصون ولايتم إلا بثلاثة تعجليه وتصغيره وستره فإذا عجلته هنأته وإذا صغرته عظمته وإذا سترته تمته إن بأهل المعروف من الرغبة أكثر مما بأهل الحاجة إليهم وبيان ذلك أن لهم ذكره وسناه وفخره فمهما أتيت من معروف فإنما أتيته لنفسك. وقال عمر إن لكل شئ أنفاً وأنف المعروف السراح. فخرج عليهم رسول الله & فقال (فيم أنتم) فقالوا نتذاكر المعروف فقال عليه الصلاة والسلام (المعروف كاسمه وأولُ من يدخل الجنة المعروف وأهلهُ) . ومن أجود ما قيل في بذل المعروف وإن كان قليلاً ما

أخبرنا به أبو أحمد عن الجوهري عن المنقري عن الأصمعي عن بعض العباسيين قال كتب كلثوم بن عمرو إلى رجل في حاجة: بسم الله الرحمن الرحيم أطال الله بقاءك وجعله يمتد بك إلى رضوانه وجنته. أما بعد فإنك كنت روضة من رياض الكرم تبتهج النفوس بها وتستريح القلوب إليها وكنا نعفيها من النجعة استتمتماً لزهرتها وشفقة على نظرتها وادخاراً لثمرتها حتى مرت بنا في سفرتنا هذه سنة كانت قطعة من سني يوسف اشتد علينا كلبها واخلفتنا غيومها وكذبتنا بروقها وفقدنا صالح الإخوان فيها فانتجعتك وأنا بانتجاعي بك كثير الشفقة عليك مع علمي بأنك نعم موضع الزاد واعلم بأن الكريم إذا استحى من إعطاء القليل ولم يحقر الكثير لم يعرف جوده ولم تظهر همته وأنا أقول في ذلك:

(ظلُّ اليسارِ على العباسِ محدودُ ... وقلبهُ أبداً بالبخلِ معقودُ)

(إنَّ الكريمَ ليخفي عنك عسرتهُ ... حتى تراه غنياً وهو مجهود)

(وللبخيل على أمواله عللٌ ... رزقُ العيونِ عليها أوجهٌ سود)

(إذا تكرهت أن تعطي القليلَ ولم ... تقارب على سعةٍ لم يظهر الجود)

<<  <  ج: ص:  >  >>