للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(كأنَ شميطَ الصبح في أخرياتها ... مُلاءٌ ينقي من طيالسةٍ خُضرِ)

(تخال بقاياها التي أسأر الدُجى ... تمدَ وشيعاً فوق أردية الفجرِ)

فقام الشيخ كالمجنون مصلتاً سيفه حتى خالط البرك فجعل يضرب يميناً وشمالاً وهو يقول:

(لا تَفرغنْ في أذنيَّ بعدها ... ما يستفزُ فأريك فقدها)

(إني إذا السيفُ تولى ندَّها ... لا أستطيعُ بعد ذاك ردَّها ... ) قال أبو هلال رحمه الله تعالى وهذا دليل على أن علم الشعر والتمييز بين جيده ورديئه كان غريزاً عند أهل البوادي وهم أصوله ومنبعه ومعدنه، وكان فعل هذا الشيخ واستفزاز جيد الشعر له قربياً مما روي عن محمد الأمين أنه قال إني لأطرب على حسن الشعر كما أطرب على حسن الغناء. ومن غريب ما قيل في الصبح من الشعر القديم قول ذي الرمة، وقد أجمع الناس على أنه أحسن العرب تشبيهاً:

(وقد لاحَ للساري الذي كمل السُّرى ... على أخرياتِ الليلِ فتقٌ مُشهرُ)

(كلونِ الحصانِ الأنبطِ البطن قائماً ... تمايلَ عنهُ الجلُ واللونُ أشقر)

وهذا أحسن تشبيه وأكمله، الأنبط: الأبيض البطن، شبه بياض الصبح تحت حمرته ببياض بطن فرس أشقر. أخذه ابن المعتز فقال:

(وما راعنا إلاّ الصباحُ كأنهُ ... جلالُ قباطيّ على فرسٍ ورد)

وقال أو قال غيره:

(بدا الصبحُ تحتَ الليلِ بادٍ ... كمهرٍ أشقرٍ مُرخى الجلالِ)

ومن أغرب ما قاله محدث فيه قول ابن المعتز:

<<  <  ج: ص:  >  >>