للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منكم سيفه حتى يشحذ عقله. وأظنُ المتنبي ألم بهذا فقال:

(الرأيُ قبلَ شجاعةِ الشجعانِ ... هو أولُ وهي المحلُ الثاني)

وقال لكاتبه: إذا فكرت فلا تعجل وإذا كتبت فلا تستعن بالفضول فإنها علاوة على الكفاية ولا تقصرن عن التحقيق فإنها هُجنة في المقالة ولا تلبس كلاماً بكلام ولا تباعدن معنى من معنى واجمع الكثير مما تريد في القليل مما تقول. ووافق هذا قول العربي: ما رأيتُ بليغاً إلا رأيتُ له في المعاني إطالةً وفي الألفاظ تقصيراً. يحث على الإيجاز. وقال له إذا أمرت فاحكم وإذا كتبت فأوضح وإذا ملكت فأسجع وإذا سألت فأبلغ، ووافق هذا النمط قول أبي تمام:

(يقولُ فيسمع ويمشي فيسرع ... ويضرب في ذات الآله فيوجعُ)

وقال أزدشير بن بابك: من لم يرض بما قسم الله له طالت معتبته وفحش حِرصُه ومن فحش حرصه ذلت نفسه وغلب عليه الحسدُ ومن غلب عليه الحسدُ لم يزل مغموماً فيما لا ينفعه حزنياً على ما لا يناله، وهذا معنى قول الشاعر:

(ليس للحاسد إلا ما حسد)

وقال: من شغل نفسهُ بالمنى لم يخل قلبه من الأسى. وقال بعضهم: الحقوقُ أربعةٌ حقٌ لله تعالى وقضاؤه الرضا بقضائه والعمل بطاعته وأكرامُ أوليائه، وحق نفسك وقضاؤه تعهدها بما يصلحها ويصحها ويحسم مواد الادواء عنها، وحقُ الناس وقضاؤه عمومهم بالمودة ثم تخصيص كل واحد منهم بالتوقير والفضيل والصلة، وحقُ السلطان وقضاؤه تعريفه ما خفي عليه من منفعة رعية وجهاد عدوٍ وعمارة بلدٍ وسد ثغرٍ. وقال بزرجمهر: لا ينبغي للعاقل أن يجزع من حط السلطان إياه عن منزلة رفع إليها خاملاً فإن الأقدار لم تجر على قدر الأخطار وقال بزرجمهر إلزام الجهول الحجة يسير وإقراره بها عسير. وقال بزرجمهر: ثمرة القناعة الراحة وثمرة التواضع المحبة من قلوب الخلق.

<<  <  ج: ص:  >  >>