للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معه. وهو قولُ أبى حنيفةَ، والثَّوْرِىِّ.

وهذه الروايةُ تدُلُّ على [القوْلِ بطهارةِ] (١٦) سُؤْرِهما؛ لأنه لو كان نَجِسًا لم تَجُزِ الطهارةُ به. ورُوِىَ عن إسماعيل بن سعيد: لا بأْسَ بسُؤْرِ السِّباع؛ لأنَّ عمر قالَ في السِّباع: تَرِدُ علينا، ونَرِدُ عليها (١٧).

ورخَّص في سُؤْرِ جميعِ ذلك الحسنُ، وعطاءٌ، والزُّهْرِىُّ، ويحيى الأنْصارِىُّ (١٨)، وبُكَيْرُ بن الأشَجِّ (١٩)، وربيعةُ (٢٠)، وأبو الزِّنادِ (٢١)، ومالكٌ، والشافعيُّ، وابن الْمُنْذِرِ؛ لحديثِ أبى سعيد في الحِيَاض (٢٢)، وقد رُوِىَ عن جابر أيضًا (٢٣)، وفي حديثٍ آخَرَ عن جابر، أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سُئل: أنتَوَضَّأ بما أفْضَلَتِ الْحُمُرُ؟ قال: "نَعَمْ، وَبِمَا أَفْضَلَتِ السِّبَاعُ كُلُّهَا" روَاه الشَّافِعىُّ، في "مُسْنَدِه"، (٢٤) وهذا نَصٌّ، ولأنَّه حيوانٌ يجوز الانْتفاعُ به مِن غيرِ ضرورةٍ، فكان طاهِرًا كالشَّاةِ.

ووَجْهُ الرِّوايةِ الأُولَى، أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سُئل عن الماءِ، وما يَنُوبهُ من السِّباعِ؟ فقال: "إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْن لَمْ يَنْجُسْ". ولو كانت طاهرةً لم يحدّه بالقُلَّتَيْن، وقالَ


(١٦) في م: "طهارة"، والمثبت في: الأصل، أ.
(١٧) انظر: باب الماء المتغير، من كتاب الطهارة. سنن الدارقطني ١/ ٣٢.
(١٨) أبو سعيد يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري المدنى الفقيه، روى عن أنس بن مالك وخلق، وولى قضاء المنصور، توفى سنة ثلاث وأربعين ومائة. طبقات الفقهاء للشيرازي ٦٦. العبر ١/ ١٩٥، ١٩٦.
(١٩) أبو عبد اللَّه بكير بن عبد اللَّه بن الأشج القرشي مولاهم المدنى، نزيل مصر، ثقة صالح، توفى سنة سبع عشرة ومائة، وقيل غير ذلك. طبقات الفقهاء للشيرازي ٧٨، تهذيب التهذيب ١/ ٤٩١ - ٤٩٣.
(٢٠) أبو عثمان ربيعة بن فروخ (أبى عبد الرحمن) المدنى، ربيعة الرأى، أدرك الصحابة، وعنه أخذ مالك بن أنس، وتوفى سنة ست وثلاثين ومائة. طبقات الفقهاء للشيرازي ٦٥، العبر ١/ ١٨٣.
(٢١) أبو الزناد عبد اللَّه بن ذكوان المدنى الفقيه، توفى سنة ثلاثين ومائة. طبقات الفقهاء، للشيرازي ٦٥, ٦٦.
(٢٢) تقدم في صفحة ٤٠.
(٢٣) أخرجه ابن ماجه، في: باب الحياض، من كتاب الطهارة وسننها. سنن ابن ماجه ١/ ١٧٣.
(٢٤) مسند الإمام الشافعي بحاشية الأم ٦/ ٤، ٥، وترتيب مسند الشافعي، للسندى ٢٢، وفيه: "وبما أفضلته".

<<  <  ج: ص:  >  >>