للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٧ - مسألة؛ قال: (والتَّسْمِيَةُ عِنْدَ الوُضُوءِ)

ظاهِرُ مَذْهَبِ أحْمد، رضىَ اللهُ عنه: أن التَّسْمِيَةَ مَسْنُونَةٌ في [طَهاراتِ الحَدَثِ] (١) كُلِّها. رَوَاهُ عنه جَماعةٌ من أَصْحابِه. وقال الخَلَّالُ: الذي اسْتَقَرَّتِ الرِّواياتُ عَنْهُ أنه لا بَأْسَ به. يعني إذا تَرَكَ التَّسْمِيةَ. وهذا قولُ الثَّوْرىِّ، ومالك، والشافِعِىّ، وأبي عُبَيْدَة، وابن المُنْذِر، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وعنه أنها واجبةٌ فيها كُلِّها؛ الوُضُوءِ، والغُسْلِ، والتَّيَمُّمِ. وهو اخْتِيارُ أبى بَكْرٍ، ومَذْهَبُ الحَسَن وإسحاق؛ لما رُوِىَ أن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "لا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ". رَوَاهُ أبُو داود، والتِّرْمِذِىُّ (٢)، رَوَاهُ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- جماعةٌ من أصحابهِ. قال الإِمامُ أحمد: حَدِيثُ أبِى سَعِيدٍ (٣) أَحْسَنُ حَديثٍ في هذا الباب. وقال التِّرْمِذِىّ: حدِيثُ سَعِيدِ بن زَيْد أحْسَنُ. وهذا نَفْىٌ في نكرةٍ يَقْتَضِى أن لا يَصِحّ وُضُوؤُه بغيرِ (٤) التَّسْمِيةِ. وَوَجْهُ الرِّوايةِ الأُولَى: أنها طَهَارَةٌ، فلا تَفْتَقِرُ إلى التَّسْمِيةِ، كالطَّهَارِة من النَّجَاسةِ، أو عِبَادةٌ، فلا تَجِبُ فيها التَّسْمِية كسائِر العباداتِ، ولأن الأَصْلَ عَدَمُ الوُجُوبِ، وإنما ثَبَتَ بالشَّرْعِ. والأحاديثُ، قال أحمد: ليس يَثْبُتُ في هذا حَدِيثٌ، ولا أعْلَمُ فيها (٥) حَدِيثًا له إسْنادٌ جَيِّدٌ. وقال الحَسَنُ بن مُحمّد (٦): ضَعَّفَ أَبو عبد اللَّه الحديثَ في التَّسْمِيةِ، وقال: أقْوَى شيءٍ فيه حَدِيثُ كَثِيرِ [بن زَيْدٍ] (٧)، عن


(١) في م: "طهارة الأحداث".
(٢) أخرجه أبو داود، في: باب في التسمية على الوضوء، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٢٣. والترمذي، في: باب في التسمية عند الوضوء، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذى ١/ ٤٣.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب ما جاء في التسمية في الوضوء، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه ١/ ١٤٠. والدارمى، في: باب التسمية في الوضوء، من كتاب الوضوء. سنن الدارمي ١/ ١٧٦. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٤١٨، ٣/ ٤١، ٤/ ٧٠، ٥/ ٣٨٢، ٦/ ٣٨٢.
(٣) أي: الخدري. وانظر: نصب الراية ١/ ٤.
(٤) في م: "بدون".
(٥) في م: "فيه".
(٦) الأنماطى البغدادي، نقل عن الإمام أحمد مسائل صالحة. طبقات الحنابلة ١/ ١٣٨.
(٧) سقط من الأصل. وهو الأسلمي. انظر: تهذيب التهذيب ٣/ ٢٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>