للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سُنَّتِه، ورَضِيَه لإِقامةِ حُجَّتِه، وَنَصْرِ كلامِه حين عَجَز عنه الناسُ.

قيل لبشر بن الحارث (٥٠)، حين ضُرِب أحمد: يا أبا نصر، لو أنَّك خرجْتَ فقلتَ: إنَّى علَى قَوْلِ أحمد بن حنبل؟

فقال بشر: أتُرِيدون أن أقومَ مقامَ الأنبياء؟ إنَّ أحمدَ بن حنبل قد (٥١) قام مقامَ الأنبياء.

وقال علىُّ بن شُعَيْب الطُّوسِىّ: كان أحمدُ بن حنبل عندنا المثلَ، الذي قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّهُ كَائِنٌ في أُمَّتى مَا كَانَ في بَنِى إسْرَائِيلَ، حَتَّى إنَّ الْمِنْشَارَ لَيُوضَعُ عَلَى مَفْرِقِ رَأْسِ أَحَدِهِمْ ما يَصْرِفُهُ (٥٢) ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ (٥٣) "، ولولا أن أبا عبد اللَّه أحمدَ [بن محمد] (٥٤) بن حنبل قام بهذا الشَّأْن لَكان عارًا وشَنارًا علينا إلى يوم القيامة، أنَّ قومًا سُئِلُوا فلم يخرُجْ منهم أحَدٌ.

وفضائلُه، وما قالَه الأئمَّةُ في مَدْحِهِ كثيرٌ، وليس هذا (٥٥) مَوْضِعَ اسْتِقْصائِه، وقد صنَّف فيه غيرُ واحدٍ من الأئمَّة كُتُبًا مُفْردَة، وإنما غرضُنا ها هنا الإِشارةُ إلى نُكْتةٍ مِن فضلِه، وذِكْرِ نَسَبِه، ومَوْلِدِه، وَمَبْلَغِ عُمْرِه، إذْ لا يحسُن مِن مُتَمَسِّكٍ بمذهبِه، وَمُتَفَقِّهٍ علَى طَريقتِه، أن يجهلَ هذا القَدْرَ من إمامِه.


(٥٠) أبو نصر بشر بن الحارث المروزي الزاهد، المعروف ببشر الحافى، توفى سنة سبع وعشرين ومائتين. العبر ١/ ٣٩٩.
(٥١) سقط من: م.
(٥٢) في م: "يصده"، والمثبت في: الأصل، ومواطن التخريج عدا ما رواه البخاري في كتاب الإكراه، ففيه: "يصده".
(٥٣) لم يرد تخصيص ذلك ببني إسرائيل، وإنما ورد فيمن كان قبلكم، على إطلاقه، أو في قصة أصحاب الأخدود.
وأخرجه البخاري، في: باب ما لقى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه من المشركين بمكة، من كتاب المناقب، وفى باب من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر، من كتاب الإكراه. صحيح البخاري ٥/ ٥٧، ٩/ ٢٦. ومسلم، في: باب قصة أصحاب الأخدود، من كتاب الزهد. صحيح مسلم ٤/ ٢٣٠٠. وأبو داود، في: باب في الأسير يكره على الكفر، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود ٢/ ٤٤. والترمذي، في: تفسير سورة البروج، من كتاب التفسير. عارضة الأحوذى ١٢/ ٢٤١. والإمام أحمد، في المسند ٥/ ١٠٩ - ١١١، ٦/ ١٧، ٣٩٥.
(٥٤) سقط من: الأصل.
(٥٥) في م: "ها هنا"، والمثبت في: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>