للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُقَال: جلس بِبَابِهِ، لِئَلَّا يتَوَهَّم السَّامع أَن المُرَاد بِهِ: استعلى على الْبَاب وَجلسَ فَوْقه.

قَالَ الشَّيْخ الرئيس أَبُو مُحَمَّد رَحمَه الله: وَقد أذكرني مَا أوردته نادرة تلِيق بِهَذَا الموطن، حَكَاهَا لي الشريف أَبُو الْحسن النسابة الْمَعْرُوف بالصوفي رَحمَه الله، قَالَ: اجتاز البستي بِابْن البواب وَهُوَ جَالس على عتبَة بَابه، فَقَالَ: أَظن الْأُسْتَاذ يقْصد حفظ النّسَب، بِالْجُلُوسِ على العتب.

وَمِمَّا يوهمون فِيهِ أَيْضا: قَوْلهم: خرج عَلَيْهِ خراج وَوجه القَوْل أَن يُقَال: خرج بِهِ.

وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ: رميت بِالْقَوْسِ، وَالصَّوَاب أَن يُقَال: رميت عَن الْقوس أَو على الْقوس، كَمَا قَالَ الراجز:

(ارمي عَلَيْهَا وَهِي فرع أجمع ... وَهِي ثَلَاث أَذْرع وإصبع)

فَإِن قيل: هلا أجزتم أَن تكون الْبَاء فِي هَذَا الموطن قَائِمَة مقَام عَن أَو على، كَمَا جَاءَت بِمَعْنى عَن فِي قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {سَأَلَ سَائل بِعَذَاب وَاقع} وَبِمَعْنى على فِي قَوْله تَعَالَى: {وَقَالَ اركبوا فِيهَا بِسم الله مجْراهَا وَمرْسَاهَا} .

فَالْجَوَاب عَنهُ أَن إِقَامَة بعض حُرُوف الْجَرّ مقَام بعض إِنَّمَا جوز فِي المواطن الَّتِي يَنْتَفِي فِيهَا اللّبْس وَلَا يَسْتَحِيل الْمَعْنى الَّذِي صِيغ لَهُ اللَّفْظ.

وَلَو قيل هَاهُنَا: رمى بِالْقَوْسِ لدل ظَاهر الْكَلَام على انه نبذها من يَده، وَهُوَ ضد المُرَاد بِلَفْظِهِ: فَلهَذَا لم يجز التأول للباء فِيهِ.

[١٧٢] وَيَقُولُونَ حَتَّى، فيميلونها مقايسة على إمالة مَتى، فيخطئون فِيهِ لِأَن

<<  <   >  >>