للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نصف العقد، وَقد أثر القَوْل الأول إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {وهم من بعد غلبهم سيغلبون فِي بضع سِنِين} وَذَلِكَ أَن الْمُسلمين كَانُوا يحبونَ أَن تظهر الرّوم على فَارس، لأَنهم أهل كتاب، وَكَانَ الْمُشْركُونَ يميلون إِلَى أهل فَارس لأَنهم أهل أوثان، فَلَمَّا بشر الله تَعَالَى الْمُسلمين بِأَن الرّوم سيغلبون فِي بضع سِنِين، سر الْمُسلمُونَ بذلك حَتَّى أَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ بَادر إِلَى مُشْركي قُرَيْش، فَأخْبرهُم بِمَا نزل عَلَيْهِم فِيهِ، فَقَالَ لَهُ أبيّ بن خلف: خاطرني على ذَلِك، فخاطره على خمس قَلَائِص، وَقدر لَهُم مُدَّة ثَلَاث سِنِين، ثمَّ أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسَأَلَهُ: كم الْبضْع فَقَالَ: مَا بَين الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة، فَأخْبرهُ بِمَا خاطر فِيهِ أبيّ بن خلف، فَقَالَ: مَا حملك على تقريب الْمدَّة قَالَ: الثِّقَة بِاللَّه وَرَسُوله، فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عد إِلَيْهِم فزدهم فِي الْخطر وازدد فِي الْأَجَل، فَزَادَهُم قلوصين، وازداد مِنْهُم فِي الْأَجَل سنتَيْن، فأظفر الله تَعَالَى الرّوم بِفَارِس قبل انْقِضَاء الْأَجَل الثَّانِي تَصْدِيقًا لتقدير أبي بكر رَضِي الله عَنهُ.

[١٧٧] وَيَقُولُونَ لمن يصغر عَن فعل شَيْء: هُوَ يصبو عَنهُ، وَالصَّوَاب أَن يُقَال: هُوَ يصبى عَنهُ، لِأَن الْعَرَب تَقول: صبا من اللَّهْو يصبو صبوا والفعلة مِنْهُ صبوة، وصبى من فعل الصبى يصبى صبى بِكَسْر الصَّاد وَالْقصر، وصباء بِفَتْحِهَا وَالْمدّ، والفعلة مِنْهُ صبية، وَمِنْه قَول الراجز:

(أَصبَحت لَا يحمل بَعْضِي بَعْضًا ... كَأَنَّمَا كَانَ صبائي قرضا)

<<  <   >  >>