للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعود، والترجي يخْتَص بِمَا يجوز وُقُوعه، وَلِهَذَا لَا يُقَال: لَعَلَّ الشَّبَاب يعود، وَلأَجل افتراقهما فِي هَذَا الْمَعْنى فرق البصريون من النَّحْوِيين بَينهمَا فِي بَاب الْجَواب بِالْفَاءِ، وأجازوا أَن تقع الْفَاء جَوَابا لِلتَّمَنِّي فِي مثل قَوْله تَعَالَى: {يَا لَيْتَني كنت مَعَهم فأفوز فوزا عَظِيما} ، وَمنعُوا أَن تقع الْفَاء جَوَابا للترجي، وضعفوا قِرَاءَة من قَرَأَ {لعَلي أبلغ الْأَسْبَاب أَسبَاب السَّمَاوَات فَأطلع إِلَى إِلَه مُوسَى} بِنصب أطلع ورجحوا قِرَاءَة من قَرَأَ بِالرَّفْع.

[٢٠١] وَمن ذَلِك أَنهم لَا يفرقون بَين العرّ والعرّ، بِفَتْح الْعين وَضمّهَا، وَبَينهمَا فرق فِي اللُّغَة، وَهُوَ أَن العر بِالْفَتْح الجرب، وبالضم قُرُوح تخرج فِي مشافر الْإِبِل وقوائمها، وَكَانَت الْجَاهِلِيَّة إِذا رأتها بِبَعِير كوت مشافر الصِّحَاح، ويرون أَنهم إِذا فعلوا ذَلِك ذهبت القروح من إبلهم على مَا أبدعوه من أضاليل سُنَنهمْ وأحكامهم، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ النَّابِغَة فِي قَوْله:

(وحملتني ذَنْب امْرِئ وَتركته ... كذى العرّ يكوي غَيره وَهُوَ راتع)

وَمن رَوَاهُ كذى العر بِالْفَتْح، فقد وهم فِيهِ لِأَن الجرب لَا تكوى الصِّحَاح مِنْهُ.

[٢٠٢] وَمن ذَلِك أَنهم لَا يفرقون بَين قَوْلهم: بكم ثَوْبك مصبوغا وبكم ثَوْبك مصبوغ، وَبَينهمَا فرق يخْتَلف الْمَعْنى فِيهِ، وَهُوَ أَنَّك إِذا نصبت مصبوغا كَانَ انتصابه على الْحَال وَالسُّؤَال وَاقع عَن ثمن الثَّوْب وَهُوَ مصبوغ، وَإِن رفعت مصبوغا رفعته على أَنه خبر

<<  <   >  >>