للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَإِنَّمَا فعل ذَلِك فِرَارًا مِمَّا كَانَ يجْتَمع من الزَّوَائِد لَو ثنى على لفظ الْمُذكر.

والموضع الثَّانِي أَنهم فِي بَاب التَّارِيخ أَرخُوا بالليالي الَّتِي هِيَ مُؤَنّثَة دون الْأَيَّام الَّتِي هِيَ مذكرة وَإِنَّمَا فعلوا ذَلِك مُرَاعَاة للأسبق، والأِسبق من الشَّهْر ليلته.

وَمن كَلَامهم: سرنا عشرا من بَين يَوْم وَلَيْلَة.

[٦٢] وَيَقُولُونَ لأوّل يَوْم من الشَّهْر مستهل الشَّهْر، فيغلطون فِيهِ على مَا ذكره أَبُو عَليّ الْفَارِسِي فِي تَذكرته، وَاحْتج فِيهِ على ذَلِك بِأَن الْهلَال إِنَّمَا يرى بِاللَّيْلِ، فَلَا يصلح إِلَّا مَا يكْتب فِيهَا، وَمنع أَن يؤرخ مَا يكْتب فِيهَا بليلة خلت، لِأَن اللَّيْلَة مَا انْقَضتْ بعد، كَمَا منع أَن يؤرخ مَا يكْتب فِي صبيحتها بمستهل الشَّهْر، لِأَن الاستهلال قد انْقَضى.

وَنَصّ على أَن يؤرخ بِأول الشَّهْر أَو بغرته أَو بليلة خلت مِنْهُ.

وَمن أوهامهم فِي التَّارِيخ أَنهم يؤرخون بِعشْرين لَيْلَة خلت وبخمس وَعشْرين خلون، وَالِاخْتِيَار أَن يُقَال: من أول الشَّهْر إِلَى منتصفه: خلت وخلون، وَأَن يسْتَعْمل فِي النّصْف الثَّانِي بقيت وبقين على أَن الْعَرَب تخْتَار أَن تجْعَل النُّون للقليل وَالتَّاء للكثير، فَيَقُولُونَ: لأَرْبَع خلون ولإحدى عشرَة خلت.

نعم، لَهُم اخْتِيَار آخر أَيْضا، وَهُوَ أَن يَجْعَل ضمير الْجمع الْكثير الْهَاء وَالْألف، وَضمير الْجمع الْقَلِيل الْهَاء وَالنُّون الْمُشَدّدَة، كَمَا نطق بِهِ الْقُرْآن فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن عدَّة الشُّهُور عِنْد الله اثْنَا عشر شهرا فِي كتاب الله يَوْم خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض مِنْهَا أَرْبَعَة حرم ذَلِك الدَّين الْقيم فَلَا تظلموا فِيهِنَّ أَنفسكُم} ، فَجعل ضمير الْأَشْهر الْحرم بِالْهَاءِ وَالنُّون لقلتهن وَضمير شهور السّنة الْهَاء وَالْألف لكثرتها.

وَكَذَلِكَ اخْتَارُوا أَيْضا أَن ألْحقُوا بِصفة الْجمع الْكثير الْهَاء، فَقَالُوا: أَعْطيته دَرَاهِم كَثِيرَة وأقمت أَيَّامًا مَعْدُودَة، وألحقوا بِصفة الْجمع الْقَلِيل الْألف وَالتَّاء، فَقَالُوا: أَقمت أَيَّامًا معدودات، وَكسوته أثوابا رفعيات، وأعطيته دَرَاهِم يسيرات وعَلى هَذَا جَاءَ فِي

<<  <   >  >>