للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


مثال من أمثلة طفولية الأمة
جمعية مكارم الأخلاق

يعرف قراء المنار أن جمعية وجدت في القاهرة سميت (جمعية مكارم
الأخلاق الإسلامية) ثم وجد لها فروع في الزقازيق والإسكندرية وغيرهما. وقد
أقبل الناس في القاهرة على الجمعية حتى صار أعضاؤها يعدون بالمئين أو
تجاوزوها وأنشأت الجمعية مجلة سمتها باسمها بلغ عدد المشتركين فيها بعد أشهر
من ظهورها زهاء أربعة آلاف مشترك. وكان الفرع الذي تفرع منها في الزقازيق
أكبر الفروع نفعًا وأعزها نفرًا فإنه أنشأ مدرسة وعالَ بعض الفقراء.
ولكن الجمعية الكبرى لم تلبث أن انحلت وأبطلت مجلتها بعد مرض عرض على إدارتها وغول غال ماليتها، وظلت جمعية الزقازيق بعد سقوط أمها
قائمة على طريقها حتى جاءنا في هذه الأيام خبر سقوطها وإبطال مدرستها وبيع
أدواتها وأثاثها واقتسام الأعضاء له.
يعلم الله أننا نكتب هذا بمداد الأسف والامتعاض. ويعلم أهل الفضل والمروءة
من أفراد الجمعية بعض ذلك منّا بحثنا إياهم على إحياء الجمعية في القاهرة وتعيين
رئيس لها صالح للإدارة يخدم الجمعية للجمعية. وإننا لم نيأس من همة هؤلاء
الفضلاء، فإن كان النهوض بعد السقوط عسرًا فهو إذا حصل أجدر بالثبات وأحرى
بالدوام ويسرنا بقاء فرع الجمعية في الإسكندرية ثابتًا، وقد أحدث للمجلة مطبعة
وأعاد نشرها.ولا شك أن أهل الإسكندرية أرقى في الحياة الاجتماعية من أهل
الزقازيق ولكنهم ليسوا في مجموعهم بأرقى من أهل القاهرة فلعل هؤلاء سيحققون
رجاءنا فيهم ولا يقنطهم سقوط الطفل قبل فطامه من نهوضه وقيامه.