للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الهدايا والتقاريظ

(تاريخ التمدن الإسلامي)
كتاب جديد يشتغل بتأليفه صديقنا المؤرخ المنصف جرجي أفندي زيدان
صاحب مجلة الهلال الشهيرة (وهو يبحث في نشوء الدولة الإسلامية وتاريخ
مصالحها الإدارية والسياسية والمالية والجندية وسعة مملكتها وبيان ثروتها
وحضارتها وأبهتها وأحوال خلفائها ومجالسهم وقصورهم، وكل ما يتعلق بهم
وتاريخ العلم والصناعة والأدب والشعر والآداب الاجتماعية والعادات والأخلاق
في إبّان ذلك التمدن وعلاقته بالتمدن الحديث) وقد صدر الجزء الأول منه في هذه
السنة وفيه من المباحث المهمة:
(١) بحث (العرب والتمدن) وفيه إثبات أن العرب عريقون في التمدن
وأولو استعداد له راسخ فيهم. (٢) عصر الجاهلية في الحجاز. و (٣)
حكومة العرب في الجاهلية. و (٤) النهضة العربية قبل الإسلام أي: استعداد
العرب لظهور الإسلام فيهم بارتقاء عقولهم وآدابهم وإحساس بعض خواصهم
بالحاجة إلى الاجتماع. و (٥) الدعوة الإسلامية. و (٦) الروم والفرس عند
ظهور الإسلام، وما كانوا عليه من الفساد والانفصام. و (٧) انتشار الإسلام
وأسبابه. ومثل هذه المباحث يراها الجاهل طعنًا في الإسلام؛ لأنها تبين أنه قام على
سنن الكون المعقولة، والمسلم العالم يراها مؤيدة للإسلام ومبينة لبعض حقائقه؛
لأن من مقاصد هذا الدين ترقية العقل وهدايته إلى سنن الله في الخلق ليسير عليها
حتى يبلغ كماله وما هو بدين الغرائب والعجائب.
ومن مباحثه: الكلام في الخلفاء الراشدين والفتوحات الإسلامية والدول
العربية في الشرق والغرب. والكلام في الخلافة والولاية والوزارة والجند والسلاح
ونظام الحرب والأساطيل أو بيت المال وموارده ومصادره والقضاء والحسبة،
والكتاب مزين بالرسوم وصفحاته ٢٠٣.
يرى القارئ أن هذا وضع في العربية جديد بهذا الترتيب والتبويب ويحكم
بالإجمال قبل أن يراه بأنه وضع مفيد، وأن الأمة في افتقار إليه شديد، وقد قدره
الباحثون في التاريخ من المسلمين قدره إذ تصدى غير واحد منهم لانتقاده فكتبوا في
المؤيد مقالات يظهرون فيها ما عدوه عليه من الخطأ في بعض المسائل وقد رد
المصنف على بعض من كتب واعترف ببعض الخطأ وأشار إلى سببه وأنه غير
مهم. وقد كنا شرعنا في قراءة الكتاب بالتدقيق لننتقده بما يظهر لنا، ولما رأينا
شواغلنا الكثيرة لا تسمح لنا بإتمامه إلا بعد عدة أشهر ورأينا المناقشة في أمره
كثرت رأينا من حقه علينا أن نبادر إلى التنويه به والاعتراف بأنه مثال مفيد لقراء
العربية، ولكن مسائله لا تؤخذ قضايا مسلّمة فعلى من اطلع على النقد والردّ أن يُحَكِّمَ
الإنصاف وقواعد العلم مع النقل وعلى من لم يطَّلع على ذلك أن يراجع الكتب فيما
يراه محلاًّ للتوقف. أقول هذا وأنا واثق بأن مؤلف الكتاب لم يكتب إلا ما اعتقده مع
حسن النية وصحة القصد. وأوضح دليل على ذلك أحجُّ به من أساء به الظن من
المسلمين؛ لأنه غير مسلَّم هو أنه أثبت أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم
قام بالدعوة وهو موقن بأنه مرسل من الله تعالى وأنه لم يكن طالب ملك ولا مال ولا
جاه بل طالب إصلاح ألهمه الله تعالى القيام به ولعلنا نعود إلى انتقاد الكتاب بعد إتمام
مطالعته. أما ثمنه فعشرون قرشًا وهو يطلب من مكتبه الهلال بالفجالة.
* * *
(المروءة والوفاء)
أو الفرج بعد الضيق، قصة عربية جاهلية حدثت في الحيرة من العراق
العربي بين الغَرِيَّيْن قرب الخورنق والسدير على ضفة الفرات قبل الإسلام في يوم
بؤس النعمان بن المنذر. وقد نظمها ومدّ فيها ما شاء فقيد بيت الأدب الشيخ خليل
اليازجي بن الشيخ ناصيف اليازجي الشهير ومثلت في بيروت على عهد الناظم.
وقد طبعت في هذه السنة بمطبعة المعارف الشهيرة بإتقان الطبع. وقد قرأنا منها جملة
فإذا شعر محرر، وهو على صاحبه لا ينكر، وثمن النسخة خمسة قروش وهو
ثمن لا يذكر.
* * *
(التهذيب)
(جريدة تهذيبية أدبية علمية تاريخية دينية لطائفة الإسرائيليين القرايين
بمصر) يحررها الأديب الأصولي مراد أفندي فرج المحامي. وهي تصدر في شكل
كراسة، وقيمة الاشتراك فيها عشرة قروش تدفع إلى (الحاخامخانة) أنشئت
الجريدة في العام الماضي، وقد أهدانا جناب الحاخام الفاضل ورئيس اللجنة الملية
المجلد الأول منها فألفيناه طافحًا بالمباحث التاريخية والأدبية والدينية. وقد كنا
نعجب قبل العلم بهذه الجريدة للشعب الإسرائيلي كيف لا تكون له جريدة علمية
أدبية أو مِلية في مصر مع ارتقاء الإسرائيليين في العلم والأدب والثروة
والرابطة المالية. وقد سَرَّنَا من هذه الجريدة عدم تعريضها بما يسوء أحد
الطوائف. ولا غرو فآداب الإسرائيليين العالية تقضي بذلك.
* * *
(السعادة)
مجلة نسائية علمية تهذيبية تاريخية فكاهية تصدر في الشهر مرتين
صاحبتها ومنشئتها روجينا عواد وقد تصفحنا العدد الثامن منها الصادر في (١٥
أكتوبر) فإذا هو مفتتح بمقالة في (الدفاع عن النساء) تناقش فيها الرجال
الجاهلين الذين يرون حرمان الأنثى من التعليم من الدين. ويليها وصية من والدة
لابنتها وهي وصية تدور على وجوب قيام المرأة بتدبير بيتها بنفسها وإن كانت
غنية، ووجوب تحببها إلى زوجها حتى يرى سعادته مرتبطة بها. ويتلوهما مقالة في
المرأة لصاحب المطبعة التجارية بعد بضعة أسطر غريبة في خبر غريب عنوانه
(دير في سفينة) وهو أن رهبان جبل أثوس اتخذوا لهم سفينة في البحر ديرًا.
ولعلهم يتمرنون فيها على الأعمال البحرية كما يتمرنون في أديار الجبل المقدس
على الأعمال الحربية. لأنهم كما يقال: رهبان مرابطون بإرشاد روسيا. وسيكون
لهم شأن في مستقبلها مع تركيا.
هذا وإن المجلة مؤلفة من ثلاث كراسات وقيمة الاشتراك فيها خمسون قرشًا
مصريًّا في مصر و ١٦ فرنكًا في خارجها فعسى أن تلقى رواجًا ونجاحًا.
* * *
(أسرار القصور)
قصة وضعية (تبحث عن ماهية الروح ومحالها من الجسد وعن التنويم
المغناطيسي الشائع بأوربا، وعن الزار والمندل بالأقطار الشرقية) مؤلفها محمد
أفندي حسين محرر جريدة البوسته وقد كتب في مقدمتها أنه نشر فيها رأيًا له منذ
ست سنين. وكان سنة ثلاث وعشرين، وهو اليوم لهذا الرأي من المنتقدين.
* * *
(المصري)
(جريدة أسبوعية علمية مدرسية تصدرها جمعية التلامذة الإسلامية)
ويحررها مدير الجمعية علي أفندي عبد الكريم. يطفو في مصر كثير من هذه
الجرائد الصغيرة ثم يرسب بل يبدو ثم يخفى، ولا نذكر منها شيئًا لعلمنا بأنها في حكم
العدم. ولكن للتلامذة عندنا شأنًا كبيرًا ويا ليت شأنهم عند أنفسهم كذلك. لهذا نقول:
إنه يسرنا أن تتوجه نفوسهم إلى الأعمال الاجتماعية فيتكلموا بألسنتهم وأقلامهم
عنها في وقت التعليم ليقوى استعدادهم ويكمل رشادهم، حتى إذا صاروا في سن
العمل كانوا من العاملين (ويسوءنا جدًّا أن ترضى جمعية التلامذة الإسلامية لنفسها
إصدار جريدة تطبع على أردأ الورق، وتخوض في الموضوعات الخسيسة
والهزلية. والأشعار الخمرية والغرامية، فإن المرء المهذب يحفظ أحسن ما يسمع،
ويقول أحسن ما يحفظ، وهو مع هذا يتساهل في القول ما لا يتساهل في الكتابة
التي يعرض فيها عقله وأدبه وأخلاقه على الناس أجمعين. فعسى أن يلتفت من
يصدر هذه الجريدة إلى قبول نصيحتنا باختيار الحسن من الكلام والورق حفظًا
لكرامة التلامذة وفائدتهم، والله الموفق.