للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


تقريظ المنار
لم يكد ينتشر العدد الأول والثاني من المنار حتى طفق الأدباء يقرّظونه، وقد
اعتذرنا في العدد الثالث عن نشر ما يرد إلينا من التقاريظ (إذ من المنتقد عندنا أن
ينشر الإنسان مدح نفسه، لا سيما إذا كانت الأماديح تخيلات شعرية، وألقابًا ونعوتًا،
كما عليه أكثر المقرظين) فقلّ ورودها، لكن لم يكاتبنا أحد من الفضلاء في قطر
من الأقطار إلا ويثني على المنار أطيب الثناء، كما نسمع الثناء شفاهًا من
الفضلاء وعنهم، وقد اضطرنا الضغط من مراقبي بيروت إلى الإلماع بذلك غير
مرة، لأجل الاحتجاج عليهم، وإننا ننشر الآن رقيمًا ورد علينا من فضيلة الأستاذ
الشيخ علي أفندي رشيد الميقاتي من أشهر علماء طرابلس الشام المعروفين بمحبة
الحضرة السلطانية المعظمة، والمواظبين على الدعاء لها بالنصر والتأييد، قال فيه
بعد رسوم المخاطبة ما نصه:
إن يكن قد مضى الوقت العرفي لتقديم التبريك لحضرتكم والثناء على المنار
الذي ضربت أشعة نوره في سائر الأقطار، فإن أداء الدعوات مطلوب في جميع
الأوقات، وعلى الخصوص صار أمامي مجال واسع وميدان فسيح لمدح المنار،
وترتيل آيات الثناء عليه، فقد مضى زمن تحققت فيه غايته النبيلة ومقاصده الشريفة
الجليلة، وتجلت آيات فضله البينات وتوالت محكمات حكمه التي هي غاية الغايات
في إرشاد الخلق إلى طريق الكمالات، فالآن يا سامي الكعب على الأقران الذي إن
شاء الله ستفخر به الأوطان، أقدم لك التبريك بما وفقت إليه من السير على النهج
القويم، وأثني على المنار المنير، وأعيذه من شر كل حاسد وكيد كل شيطان رجيم.
أيها الرشيد:
دم على ما أنت عليه من الميل القويم والإخلاص الصادق لدولتنا العلية دولة
الإسلام، أيّدها الله، ولمليكها مولانا وسيدنا السلطان الأعظم، نصره الله، وانشر
مآثره الغراء وأياديه البيضاء وابذل الجهد بأن لا يخلو المنار دائمًا مما فيه مسرة
قلوب المسلمين عمومًا والعثمانيين خصوصًا، وادفع بالتي هي أحسن ما يصلكم من
عوامل الإساءة، كما تدفع بعدم المبالاة عوامل الاعتراضات، فالإساءة لكل مشروع
والاعتراض عليه قبل سبر غوره وظهور خيره أو شره، هو سنة فينا ولن تجد لها
تبديلاً عنا إلا بعد تعميم التعليم والتربية (كما أفاد المنار) .
هذا وإني أرفع أكف الضراعة لحضرة الحق المتعال، متوسلاً بروحانية
حضرة صاحب الشفاعة والكمال صلى الله عليه وسلم، أن يديم عرش الخلافة
العظمى، وسرير السلطنة العثمانية الأسمى، وينصر حضرة سيدنا ومولانا أمير
المؤمنين السلطان الأعظم الغازي عبد الحميد خان، وأن يوفق رجاله لما فيه خير
الملة والدولة والوطن، وأن يأخذ بيدكم في مهامكم، وينيلكم رغائبكم ويمدكم
بالتوفيق فهو نعم الرفيق، ويقطع بسيف قلمكم الباتر رقاب جيوش الأباطيل، ويكثر
رجال الحق من أمثالكم، كما يكثر بين الصحف العربية الإسلامية العثمانية من أمثال
المنار، آمين.