للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الاجتماع السابع لجمعية أم القرى

(في مكة المكرمة يوم الأربعاء الرابع والعشرين من ذي القعدة سنة١٣١٦)
في صباح اليوم المذكور انتظمت الجمعية، وقرئ الضَّبْطُ السابق حسب
القاعدة المرعية، قال (الأستاذ الرئيس) مخاطبًا السيد الفراتي: إن الجمعية
لتنتظر منك فوق همتك في عقدها وقيامك بمهمتها التحريرية أن تفيدها أيضًا رأيك
الذاتي في سبب الفتور المبحوث فيه؛ وذلك بعد أن تقرر لها مجمل الآراء التي
أوردها الإخوان الكرام إذ أحطْت بها علمًا مكررًا بالسمع والكتابة والقراءة
والمراجعة فأنت أجمعنا لها فكرًا. هذا والجمعية ترجو الفاضل الشامي والبليغ
الإسكندري أن يشتركا في ضبط خطابك بأن يتعاقبا في تلقي الجمل الكلامية
وكتابتها؛ لأنهما كباقي الإخوان لا يعرفان طريقة الاختصار المستعمل في هذا
المقام.
نظر (الفاضل الشامي) إلى رفيقه واستملح منه القول ثم قال: إننا مستعدان
للتشرف بهذه الخدمة.
قال (السيد الفراتي) : حبًّا وطاعة، وإن كنت قصير الطَّوْل كليل القول
قليل البضاعة. ثم انحرف عن المكتبة فقام مقامه عليها الفاضل الشامي والبليغ
الإسكندري، وما لبث أن شرع في كلامه فقال: يستفاد من مذكرات جمعيتنا
المباركة أن هذا الفتور المبحوث فيه ناشئ عن مجموع أسباب كثيره مشتركة فيه لا
عن سبب واحد أو أسباب قلائل تمكن من مقاومتها بسهولة، وهذه الأسباب منها
أصول ومنها فروع لها حكم الأصول وكلها ترجع إلى ثلاثة أنواع وهي أسباب
دينية وأسباب سياسية وأسباب أخلاقية، وإني أقرأ عليكم خلاصتها من جدول
الفهرست الذي استخرجته من مباحث الجمعية رامزًا للأصول منها بحرف (الألف)
وللفروع منها بحرف (الفاء) ، وهي:
(النوع الأول: الأسباب الدينية)
(١) تأثير عقيدة الجبر في أفكار الأمة (أ) (٢) تأثير المزهدات في
السعي والعمل وزينة الحياة (ف) (٣) تأثير فتن الجدل في عقائد الدين (أ)
(٤) الاسترسال في التخالف والتفرق في الدين (أ) (٥) الذهول عن سماحة
الدين وسهولة التدين به (أ) (٦) تشديد الفقهاء المتأخرين في الدين خلافًا للسلف
(أ) (٧) تشويش أفكار الأمة بكثرة تخالف الآراء في فروع أحكام الدين (ف)
(٨) فقد أمكن مطابقة القوة للعمل في الدين بسبب التخليط والتشديد (ف) (٩)
إدخال العلماء المدلّسين على الدين مقتبسات كتابية وخرافات وبدعًا مضرّة (أ)
(١٠) تهوين غلاة الصوفية الدين وجعلهم إياه لهوًا ولعبًا (ف) (١١) إفساد
الدين بتفنن المداحين بمزايدات ومتروكات وتأويلات (ف) (١٢) إدخال
المدلسين والمقابرية على العامة كثيرًا من الأوهام (أ) (١٣) خلع المنجمين
والرّمالين والسحرة والمشعوذين قلوب المسلمين بالمرهبات (ف) (١٤) إيهام
الدجالين والمداحين أن في الدين أمورًا سرية وأن العلم حجاب (أ) (١٥) اعتقاد
منافاة العلوم الحكمية والعقلية للدين (أ) (١٦) تطرق الشرك الصريح أو
الخفي إلى عقائد العامة (ف) (١٧) تهاون العلماء العاملين في تأييد التوحيد
(ف) (١٨) الاستسلام للتقليد وترك التبصر والاستهداء (ف) (١٩) التعصب
للمذاهب ولآراء المتأخرين وهجر النصوص ومسلك السلف (ف) (٢٠) الغفلة عن
حكمة الجماعة والجمعة وجمعية الحج (١) (٢١) العناد على نبذ الحرية الدينية
جهلاً بميزتها (ف) (٢٢) التزام ما لا يلزم لأجل الاستهداء بالكتاب والسنة
(ف) (٢٣) تكليف المسلم نفسه ما لا يكلفه به الله وتهاونه فيما هو مأمور
به (ف) .
(النوع الثاني الأسباب السياسية)
(٢٤) السياسية المطلقة من السيطرة والمسئولية (أ) (٢٥) تفرق الأمة
إلى عصبيات وأحزاب سياسية (ف) (٢٦) حرمان الأمة من حرية القول والعمل
وفقدانها الأمن والأمل (ف) (٢٧) فقد العدل والتساوي في الحقوق بين طبقات
الأمة (ف) (٢٨) ميل الأمراء للعلماء المدلسين وجهلة المتصوفين (ف)
(٢٩) حرمان العلماء العاملين وطلاب العلم من الرزق والتكريم (أ) (٣٠) اعتبار
العلم عطية يحسن بها الأمراء على الأخصاء وتفويض خَدْم الدين للجهلاء (أ)
(٣١) قلب موضوع أخذ الأموال من الأغنياء وإعطائها للفقراء (أ) (٣٢)
تكليف الأمراء القضاة والمفتين أمورًا تهدم دينهم (ف) (٣٣) إٍبعاد الأمراءِ
النبلاءَ والأحرار وتقريبهم المتملقين والأشرار (أ) (٣٤) مراغمة الأمراء
السراة والهداة والتنكيل بهم (ف) (٣٥) فقد قوة الرأي العام بالحجر والتفريق
(ف) (٣٦) حماقة أكثر الأمراء وتمسكهم بالسياسات الخرقاء (ف) (٣٧)
إٍصرار أكثر الأمراء على الاستبداد عنادًا واستكبارًا (ف) (٣٨) انغماس الأمراء
في دواعي الشهوات وبُعدهم عن المفاخرة بغير الفخفخة والمال (ف) (٣٩)
حَصْر الاهتمام السياسي بالجباية والجندية فقط (أ) .
(النوع الثالث الأسباب الأخلاقية)
(٤٠) الاستغراق في الجهل والارتياح إليه (أ) (٤١) استيلاء اليأس
من اللحاق بالفائزين في الدين والدنيا (ف) (٤٢) الإخلاد إلى الخمول ترويحًا
للنفس (ف) (٤٣) فقد التناصح وترك البغض في الله (أ) (٤٤) انحلال
الروابط الدينية الاحتسابية (أ) (٤٥) فساد التعليم والوعظ والخطابة والإرشاد
(ف) (٤٦) فقد التربية الدينية والأخلاقية (أ) (٤٧) فقد قوة الجمعيات
وثمرة دوام قيامها (أ) (٤٨) فقد القوة المالية الاشتراكية بسبب التهاون في
الزكاة (أ) (٤٩) ترك الأعمال بسبب ضعف الآمال (ف) (٥٠) إهمال
طلب الحقوق العامة جبنًا وخوفًا من التخاذل (ف) (٥١) غلبة التخلق بالتملق
تزلقًا وصغارًا (ف) (٥٢) تفضيل الارتزاق بالجندية والخدم الأميرية على
الصنائع (٥٣) توهم أن علم الدين قائم في العمائم وفي كل ما سطر في الكتاب
(ف) (٥٤) معاداة العلوم المالية ارتياحًا للجهالة والسفالة (أ) (٥٥) التباعد
عن المكاشفات والمفاوضات في الشئون العامة (أ) (٥٦) الذهول عن تطرق
الشرك وشؤمه (أ) .
ثم قال (السيد الفراتي) : هذه هي خلاصات أسباب الفتور التي أوردها
إخوان الجمعية وليس فيها مكررات كما يظن , وإذ كان للخلل الموجود في أصول
إدارة الحكومات الإسلامية دخل مهم في توليد الفتور العام؛ فإني أضيف إلى
الأسباب التي سبق البحث فيها من قبل الإخوان الكرام الأسباب الآتية، أعددها من
قبيل رءوس مسائل فقط إٍذ لو أردت تفصيلها وتشريحها لطال الأمر ولخرجنا عن
صدد محفلنا هذا.
والأسباب التي سأذكرها هي أصول موارد الخلل في السياسة والإدارة
الجاريتين في المملكة العثمانية التي هي أعظم دولة يهم شأنها عامة المسلمين.
وقد جاءها أكثر هذا الخلل في الستين سنة الأخيرة أي بعد أن اندفعت
لتنظيم أمورها فعطلت أصولها القديمة ولم تُحسن التقليد ولا الإبداع فتشتت حالها
ولا سيما في العشرين سنة الأخيرة التي ضاع فيها ثلثا المملكة وخرب الثلث الباقي
وأشرف على الضياع لفقد الرجال وصرف السلطان قوة سلطته كلها في سبيل حفظ
ذاته الشريفة وسبيل الإصرار على سياسة الانفراد، وأما سائر الممالك والإمارات
الإسلامية فلا تخلو أيضًا من بعض هذه الأصول كما أن فيها أحوالاً أخرى أضر
وأمر بطول بيانها واستقصائها والأسباب المراد إلحاقها ملخصة هي:
(الأسباب السياسية والإدارية العثمانيتين)
(٥٧) توحيد قوانين الإدارة والعقوبات مع اختلاف طبائع أطراف المملكة
واختلاف الأهالي في الأجناس والعادات [١] (أ) (٥٨) تنويع القوانين الحقوقية
وتشويش القضاء في الأحوال المتماثلة (أ) (٥٩) التمسك بأصول الإدارة
المركزية مع بعد الأطراف عن العاصمة وعدم وقوف رؤساء الإدارة في المركز
على أحوال تلك الأطراف المتباعدة وخصائص سكانها (ف) (٦٠) التزام أصول
عدم توجيه المسئولية على رؤساء الإدارة والولاة عن أعمالهم مطلقًا [٢] (ف)
(٦١) تشويش الإدارة بعدم الالتفات لتوحيد الأخلاق والمسالك في الوزاء والولاة
والقواد مع اضطرار الدولة لاتخاذهم من جميع الأجناس والأقوام الموجودين في
المملكة بقصد استرضاء الكل (ف) (٦٢) التزام المخالفة الجنسية في استخدام
العمل بقصد تعسر التفاهم بين العمل والأهالي وتعذر الامتزاج بينهم لتأمن الإدارة
غائلة الإنفاق عليها (ف) (٦٣) التزام تفويض الإمارات المختصة عادة ببعض
البيوت كإمارة مكة وإمارات العشائر الضخمة في الحجاز والعراق والفرات لمن لا
يحسن إدارتها لأجل أن يكون الأمير منفورًا منه ممن ولي عليهم مكروهًا عندهم فلا
يتفقون معه ضد الدولة (أ) (٦٤) التزام تولية بعض المناصب المختصة ببعض
الأصناف كالمشيخة الإسلامية والسر عسكرية لمن يكون منفورًا منه في صنفه
العلماء أو الجند لأجل أن لا يتفق الرئيس والمرءوس على أمر مهم [٣] (ف)
(٦٥) التمييز الفاحش بين أجناس الرعية في الغُنْم والغُرْم [٤] (٦٦) التساهل في
انتخاب العمال والمأمورين والإكثار منهم بغير لزوم وإنما يقصد به إعالة العشيرة
والمحاسيب والمتملقين الملحين.
(٦٧) التسامح في المكافأة والمجازاة تهاونًا بشئون الإدارة حسنت أم ساءت
كأن ليس للملك صاحب (٦٨) عدم الالتفات لرعاية الشئون الدينية كوضع نظامات
مصادمة للشرع بدون لزوم سياسي مهم أو مع اللزوم ولكن بدون اعتناء بتفهيمه
للأمة والاعتذار لها جلبًا للقناعة والرضا [٥] (٦٩) تضييع حرمة الشرع وقوة
القوانين بالتزام عدم اتباعها وتنفيذها والإصرار على أن تكون الإدارة نظامية اسمًا
إدارية فعلاً [٦] (٧٠) التهاون في مجاراة عادات الأهالي وأخلاقهم ومصالحهم
استجلابًا لمحبتهم القلبية فوق طاعتهم الظاهرية. (٧١) الغفلة أو التغافل عن
مقتضيات الزمان ومباراة الجيران وترقية السكان بسبب عدم الاهتمام بالمستقبل
(٧٢) الضغط على الأفكار المتنبهة بقصد منع نموها وسموها واطلاعها على
مجاري الإدارة، محاسنها ومعايبها، وإن كان الضغط على النمو الطبيعي عبثًا
محضًا ويتأتى منه الإغراء والتحفز وينتج عنه الحقد على الإدارة (٧٣) تمييز
الأسافل أصلاً وأخلاقًا وعلمًا وتحكيمهم في الرقاب الحرّة وتسليطهم على أصحاب
المزايا، وهذا التهاون بشأن ذوي الشئون يستلزم تسفل الإدارة (٧٤) إدارة بيت
المال إدارة إطلاق بدون مراقبة، وجزاف بدون موازنة وإسراف بدون عتاب،
وإتلاف بدون حساب حتى صارت المملكة مديونة للأجانب بديون ثقيلة توفي بلادًا
ورقابًا ودماءً وحقوقًا. (٧٥) إدارة المصالح المهمة السياسية والملكية بدون
استشارة الرعية ولا قبول مناقشة فيها وإن كانت إدارة مشهودة المضرة في كل
حركة وسكون.
(٧٦) إدارة المُلك إدارة مداراة وإسكات للمُطَّلعين على معايبها حذرًا من أن
ينفثوا ما في الصدور فتعلم العامة حقائق الأمور والعامة مَن إذا علموا قالوا، وإذا
قالوا فعلوا وهناك الطامة الكبرى. (٧٧) إدارة السياسة الخارجية بالتزلف
والإرضاء والمحاباة بالحقوق والرشوة والامتيازات والنقود. فتبذل الإدارة ذلك
للجيران بمقابلة تعاميهم عن المشاهد المؤلمة التخريبية وصبرهم على الروائح المنتنة
الإدارية، ولولا تلك المشاهد والروائح لما وجد الجيران وسيلة للضغط مع ما ألقاه
الله بينهم من العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة.
ثم قال (السيد الفراتي) إن بعض هذه الأسباب التي ذكرتها هي أمراض
قديمة ملازمة لإدارة الحكومة العثمانية منذ نشأتها أو منذ قرون وبعضها أعراض
وقتية تزول بزوال محدثها وربما كان يمكن الصبر عليها لولا أن الخطر قرب،
والعياذ بالله من القلب كما أشار إليه الأستاذ الرئيس في خطابه الأول [٧] .
ثم قال: ويلتحق بهذه الأسباب بعض أسباب شتى لفصلها بعد تعدادها إلحاقًا
بالخلاصات. وهي:
أسباب شتى
(٧٨) عدم تطابق الأخلاق بين الرعية والرعاة (٧٩) الغرارة أي الغفلة
عن ترتيب شئون الحياة (٨٠) الغرارة عن لزوم توزيع الأعمال والأوقات
(٨١) الغرارة عن الإِذعان للإتقان (٧٢) الغرارة عن موازنة القوه والاستعداد
(٨٣) ترك الاعتناء بتعليم النساء (٨٤) عدم الالتفات للكفاءة في الزوجات
(٨٥) الخور في الطبيعة أي سقوط الهمة (٨٦) الاعتزال في الحياة والتواكل.
أما عدم التطابق في الأخلاق بين الرّعاة والرعية فله شأن عظيم كما يظهر للمتأمل
المدقق في تواريخ الأمم من أن أعاظم الملوك الموفَّقين والقواد الفاتحين كالإسكندرين
وعمر وصلاح الدين - رضي الله عنهما - وجنكيز والفاتح وشرلكان الألماني
وبطرس الكبير وبونابرت لم يفوزوا في تلك العظائم إلا بالعزائم الصادقة مع
مصادقة تطابقهم مع رعاياهم وجيوشهم في الأخلاق والمشارب تطابقًا تامًا بحيث
كانوا رؤساء حقًّا لتلك الأجسام لا كرأس جمل على جسم ثور أو بالعكس. وهذا
التطابق وحده يجعل الأمة تعتبر رئيسها رأسًا فتتفانى دون حفظه ودون حكم نفسها
بنفسها حيث لا يكون لها في غير ذلك فلاح أبدًا كما قال الحكيم المتنبي:
إنما الناس بالملوك وهل ... يفلح عرب ملوكها عجم
ومما لا خلاف فيه أن من أهم حكمة الحكومات أن تتخلق بأخلاق الرعية
وتتخذ معها في عوائدها ومشاربها ولو في العوائد غير المستحسنة في ذاتها. ولا
أقل من أن تجاري الحكومة الأجنبية أخلاق الرعية ولو تكلفًا وقتيًّا إلى أن تتوفق
لاجتذابهم إلى لغتها فأخلاقها فجنسيتها كما فعل الأمويون والعباسيون والموحدون
وكما تهتم به الدول المستعمرة الإفرنجية في هذا العهد وكما فعل جميع الأعاجم
الذين قامت لهم دول في الإسلامية كآل بويه والسلجوقيين والأيوبيين والغوريين
والأمراء الجراكسة وآل محمد علي فإنهم ما لبثوا أن استعربوا وتخلَّقوا بأخلاق
العرب وامتزجوا بهم وصاروا جزءًا منهم، وكذلك المغول التتار صاروا فُرسًا
وهنودًا فلم يشذ في هذا الباب غير المغول الأتراك أي العثمانيين فإنهم بالعكس
يفتخرون بمحافظتهم على غيرية رعاياهم لهم فلم يسعوا باشتراكهم كما أنهم لم يقبلوا
أن يستعربوا، والمتأخرون منهم قبلوا أن يتفرنسوا أو يتألمنوا. ولا يعقل لذلك
سبب غير شديد بغضهم للعرب كما يستدل عليه من أقوالهم التي تجري على ألسنتهم
مجرى الأمثال في حق العرب.
ذلك كإطلاقهم على عرب الحجاز (ديلنجي عرب) أي العرب الشحاذين
وإطلاقهم على المصريين (كور فلاح) أي الفلاحين الأجلاف و (عرب جنكنه
سى) أي نَوَر العرب و (قبطي عرب) أي النَّوَر المصريين , وقولهم عن عرب
سوريا (نه شامك شكرى ونه عربك يوزى) أي (دع الشام وسكرياتها ولا تر
وجوه العرب) وتعبيرهم بلفظة (عرب) عن الرقيق وعن كل حيوان أسود،
وقولهم (بيس عرب) أي عربي قذر، و (عرب عقلي) أي عقل عربي أي صغير
و (عرب طبيعتي) أي ذوق عربي فاسد، و (عرب جكة سي) أي حنك عربي أي
كثير الهزر، وقولهم (بونى بيارسه م عرب أوله يم) أي إن فعلت هذا أكون من
العرب، وقولهم: (نرده عرب نرده طنبوره) أي: أين العرب من الطنبور.
هذا والعرب لا يقابلونهم على كل ذلك سوى بكلمتين؛ الأولى هي قول العرب
فيهم: (ثلاث خلقن للجور والفساد: القمل والترك والجراد) . والكلمة الثانية
تسميتهم بالأورام كناية عن الريبة في إسلامهم وسبب الريبة أن الأتراك لم يخدموا
الإسلام بغير إقامة بعض جوامع، لولا حظ نفوس ملوكهم بذكر أسماءهم على منابرها
لم تقم , وأنهم أتوا الإسلام بالطاعة العمياء للكبراء وبخشية الفلك أبي المصائب
وباحترام مواقد النيران (أوحاقات) فزادوا بذلك بلات في طين الخرافات.
ثم قال (السيد الفراتي) أرجو المعذرة من المولى الرومي؛ لأنه يعلم أني ما
أفرطت ولولا الضرورة الدينية التي يعلمها لما صرحت، والناصح الغيور من
يبكيك لا من يضحكك. قال (الأستاذ الرئيس) إن أخانا السيد الفراتي خطيب قوال
وفارس جوال، والأبحاث التي أشار إليها ذات ذيول طوال واليوم قد قرب وقت
الزوال فموعدنا غدًا إن شاء المولى المتعال.
((يتبع بمقال تالٍ))