للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


مشائخ الطرق
إننا نرى بعض المتصدرين للإرشاد - عن غير أهلية ولا استعداد - قد جعلوا
الطريق زعامة سياسية وأنشأوا لهم جرائد يبثون أفكارهم المضرة فيها، ولقد تسلق
بعضهم إلى الكلام في مقام الخلافة، والإرجاف بأن بعض العظماء يسعى لها سعيها
يوهمون الناس أن الخلافة على طرف الثمام، وأنها يمكن أن تنال بالسعي والإقدام
وهم مع ذلك يعلمون أن هذا المرمى بعيد المنال، لا تتطاول إليه أعناق الرجال
ويعتقدون - كما يعتقد العقلاء أجمعون - أنهم يتذقحون ويتجرمون، ويقولون الكذب
وهم يعلمون، ولكن إرجافهم لا يخلو من تغرير بعقول العامة وخداع البسطاء، كما
أنه جرأة على مقام الخلافة الرفيع، ولو صدقوا في قولهم أنهم يخدمون الخليفة
لسكتوا عن إذاعة هذا الدث والرجم من القول - حتى لو فرض أنه واقع - لئلا
يوهموا الناس إمكانه، وهو ليس بالممكن، ويسوؤنا أن نرى أرباب المظاهر فينا
يتصدى أحدهم للأمر الذي لا يحسنه، ويعمل بغيره مما لا يحسنه فيضل عن رشاده،
ولا يكون ظافرًا بمراده.
يوشك أن يكون بعض هؤلاء المرجفين مندفعًا إلى عمله السيئ بدسيسة أجنبية،
فقد استخدمت فرنسا أرباب الطريقة التيجانية لنفوذها في الجزائر وتونس،
واستخدمت إنكلترا أرباب الطريقة الميرغنية لنفوذها في شرقي إفريقيا، وسنكتب
في هذا الموضوع رسالة مسهبة في العدد التالي، إن شاء الله تعالى.
((يتبع بمقال تالٍ))