للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


مقتطفات من الجرائد
(التسلح في العثمانية)
نشرت جريدة (الستندرد) منذ أيام رسالة وردتها من فيينا موسومة بهذا العنوان،
معربها كما يأتي:
الظاهر أن الحكومة العثمانية تروم أن تسالم جيرانها بالإصلاحات العسكرية،
فهي ليست فقط باذلة جهدها وعنايتها في تحسين أحوال جيشها، بل قد ورد أخيرًا
من الآستانة أن المساعي مبذولة فيها لزيادة هذا التحسين والمبالغة في ذلك التنظيم.
وقد ظهر تقدم جدير بالذكر في جميع أنواع السلاح التي لديها، ولا سيما
المدافع، فقد كانت مدافعها في الحرب الأخيرة من طرز كروب الحديث، ولكن منذ
زمن وجيز بدئ في الطوبخانة بإنشاء معمل لصنع مدافع سهلية من طرز هويتزر
فأصبحت كياتر بذلك تسابق معامل ألمانيا وأوستريا في صنع هذه المدافع،
وستجهز مدفعية السهل بمدافع من ذوات الطلق السريع، ويقال: إن الحكومة تخابر
الآن معمل كروب بشأن إرسال هذه المدافع، ولا يمضي زمن طويل حتى تصبح
جميع العساكر مسلحة ببنادق موزر، وهي قد أنشأت منذ مدة معملاً لصنع البارود
الذي بلا دخان في موضع يدعى زيتون برنو قرب الآستانة، ولكن البارود الذي
يصنع فيه ليس وافيًا بالمراد، فلذلك أرسلت وزارة الحربية توصي معامل ألمانيا
على صنع مقدار منه برسمها، وعمل مائة مليون من قراطيس البارود
(الخرطوش) .
ثم إن مسألة القلاع والحصون شاغلة أفكار رضا باشا وزير الحرب، ويقال إن
المعاقل التي حول أدرنة ومعاقل دجوماجا الواقعة على الحدود البلغارية ستعزز
بأسلحة جديدة، ويكمل تسليح استحكامات كرك كيليس (لعله يريد قرق كليسا)
الواقعة بين أدرنة والبحر الأسود.
أما فيما يتعلق بتنظيم الجيش، فقد تقرر منذ بضعة أيام إنشاء ١٧٠ أورطة
جديدة من الجنود الاحتياطية التي لا تخدم خدمة منتظمة، والتي تتمرن على الفنون
العسكرية في أوطانها في أيام الأعياد والعطلة، وقد صدرت الأوامر الآن إلى حكام
الإقليمين المجاورين للجبل الأسود وصربيا وبلغاريا بتشكيل ذلك العدد من الأورط
من أهاليها، فتستدعى في زمن السلم مدة شهر أو شهرين، وتقدر نفقاتها بثلاثة
ملايين فرنك في السنة، ثم إن الخيالة المعروفة بالحميدية المؤلفة الآن من ٦١ فرقة
سيغير نظامها ويشكل منها ستة ألوية من الفرسان، وينفذ المشروع القديم القاضي
بإضافة كوكبة أو نصف كوكبة من سائر الفرسان إلى كل فرقة من الفرق الحميدية،
ومما يذكر في هذا السياق أن جماعة من الضباط الأتراك قد اشتروا أخيرًا عددًا كبيرًا
من الخيول من هنغاريا الشرقية برسم الخيالة العثمانية.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... (الأهرام)
***
(ترقي الصنائع في ألمانيا)
نشر مؤخرًا في برلين إحصاء جدير بالاعتبار، تفهم منه درجة ارتقاء الصنائع
في ألمانيا، فقد كان عدد المشتغلين في معاملها عام ١٨٨٢ غربية ٥٨٣١٦٢٢
من الرجال و١٥٠٩١٦٧ من النساء، وفي سنة ١٨٩٥ بلغ عدد الصناع
٧٩٢١٩٤٢ رجلاً و٢٣٣٩٣٢٥ امرأة، وكان عدد الأنوال التي يشتغل بها من
العامل الواحد إلى الخمسة عام ١٨٨٢ نحو ٢٨٨٢٧١٨ نولاً، وعدد عملتها
٤٤٣٥٨٨٢، وفي سنة ١٨٩٥ بلغ عدد هذه الأنوال الصغيرة ٢٩٢٤٧٣٢ نولاً،
ومقدار عملتها ٤٧٧٦٥ شخصًا، والأنوال المتوسطة التي تستخدم من الستة صناع
إلى خمسين صانعًا كان عددها سنة ١٨٨٢ نحو ١١٢٧١٥ نولاً، وعدد عملتها
١٣٩١٧٢٠ عاملاً، وعام ١٨٩٥ بلغ عدد الأنوال ١٩١٢٩٩، وعدد العملة
٢٤٥٤٢٥٧ عاملاً، وسنة ١٨٨٢ كان عدد المعامل الكبيرة التي تستخدم من الواحد
وخمسين عاملاً إلى ألف عامل ٩٩٧٤ معملاً، وعدد عملتها ١٦١٣٢٤٧ عاملاً،
وفي عام ١٨٩٥ بلغ عدد هذه المعامل ١٨٩٥٥ معملاً وعدد عملتها ٣٤٠٤٣٤٣
عاملاً، وما زال عدد المستخدمين والمستخدمات في هذه المعامل يزداد آنًا فآنًا،
حتى كان عدد المستخدمين عام ١٨٨٢ نحو ٢٠٥٠٦١ مستخدمًا فبلغوا عام ٩٥ نحو
٤٤٨١٣٤ مستخدمًا.
أما عدد الذين لم يبلغوا السادسة عشرة من العمر المشتغلين في هذه المعامل فهم
عبارة عن ٤٦٤٤٢٤ ولدًا و١٣٨٧٣٦ بنتًا، وعدد الذين جاوزوا هذه السن هم كناية
عن ٦٨٧١٥٠٤، وقد بلغت قيمة مصنوعات هاته المعامل عام ١٨٨٢ زهاء
١٢٧٩٩٠٠٠٠٠ مارك (المارك فرنك وربع) وبلغ مقدار ما صدر منها
١٧٢٠٠٠٠٩ طن (الطن أربع قناطير شامية) وقد بلغت صادرات عام ٩٢ نحو
٢٣٨٠٠٠٠٠٠٠، وقيمة الصادرات ٣٤٢٤٠٠٠٠٠٠ مارك، فهذه الزيادة المهمة
تدل على ما وصلت إليه البلاد الألمانية في خلال السنين الأخيرة من الترقي الخارق
للعادة، فلله ما يفعل الإقدام والثبات.
***
(نبات يُضحك بالعَهُ!)
قالت جريدة (آهنك) الأزميرية: إنه قد اكتشفت في بلاد العرب شجيرة
خضراء الأوراق لامعتها، لها ثمر يشبه الفاصولية، يحتوي على حبتين أو ثلاث
سوداء اللون، وهذه الحبات ذات رائحة تميل للأفيون حلوة الطعم، فإذا سحقت
سحقًا جيدًا وبلع منها الإنسان مقدارًا، يستغرق حالاً في الضحك الطويل بصفة لا
تقاوم، ويزداد ضحكه بالتدريج، فيطفق يقفز ويلعب ويتغنى ويتحرك فيه هذا الهوس
مدة ساعة ثم يسكن، وعندها يستولي النعاس عليه فينام ملء جفونه ساعات طوال،
ومتى أفاق من غفلته يصبح ما اعتراه نسيًا منسيًّا، فإذا ضاق ذرع المرء أو بكى بكاءً
مرًّا، وبلع من هاته الحبات يعتريه ذلك الحال، على أنه إذا أدمن على ابتلاعها
يعرض نفسه لمرض الأعصاب، وقد أوصى الأطباء كل عبوس قمطرير أن يبتلع من
هذا النبات على نحو ما قررناه، فيزول ما به من الكآبة. هذا كلام الجريدة ترجمناه
على سبيل الفكاهة، والله أعلم بحقيقة الشجيرات وثمراتها.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... (الشام)
***
من أخبار الآستانة العلية أن مولانا السلطان الأعظم أنعم على قواد الأساطيل
الأجنبية في كريت بوسامات مختلفة باختلاف درجاتهم العسكرية؛ جزاء حسن
خدمتهم في الجزيرة، وصدرت الإرادة السنية بإنشاء مأوى للأرامل اليونانيات في
سلانيك، فما هذا الإنعام الشامل والحنان الكامل؟
ومنها: أن رائف أفندي أحد الحذاق من رجال المدفعية قد اخترع طربوشًا
يصنع من النبات والكلأ بدلاً من الصوف، وهو اختراع مفيد جدًّا، لا سيما للعسكر،
وهو يسعى الآن في أخذ براءة الامتياز به، فعسى أن ينالها مع الجزاء الحسن.
ومنها: أطلق ٥ آلاف جندي انتهت مدة خدمتهم فانصرفوا حاملين رتب
الشرف العسكري، داعين لمولانا السلطان بالنصر والتأييد والعمر المديد.
ومنها: يهتم الباب العالي بتجهيز وتعبئة ١٧٠ كتيبة (طابور) من العسكر في
جهات أدرنة ومناستير، ويقال: إن وزير الحربية يسعى بإلغاء إعفاء أهل الآستانة
من الخدمة العسكرية الذي هو نظام السلطان محمود، وقد أظهر أن ذلك يزيد في
الجنود ٢٠ ألفًا من مسلمي الآستانة ما عدا البدلات المالية التي تؤخذ من سائر الملل.
ومنها: أعلنت السفارة الألمانية رسميًّا أن الإمبراطور والإمبراطورة يصلان
إلى الآستانة في ١٧ أكتوبر (أيلول) القادم.
ومنها: صدرت الإرادة السنية بالإصلاح في مدينة القدس الشريف، فشرع في
توسيع شارع باب الخليل الموصل للحرم الشريف، وفي إقامة الأبنية الجميلة على
جانبيه.