للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الخديو وجمعية المسلمين في لوندره

زار عزيز مصر في هذا الصيف عاصمة الإنكليز بصفة غير رسمية، فلقي من
حفاوة ملك الإنكليز وكبار أسرته ورجال حكومته ما كان فوق الحسبان. وقد زار
سموه في تلك العاصمة وفد من جمعية الاتحاد الإسلامي فيها رئيسه السيد علي
البلجرامي الهندي الشهير، فخطب خطبة بلسان الوفد رحب فيها بالعزيز، وذكر
مقصد الجمعية وسعيها في ترقية المسلمين والتأليف بين شعوبهم، ووصف الأمير
بتأييد العلم وافتخر بالأزهر، وذكر ما سمع من عود الحركة العلمية إليه بعد سكونها.
فأجابه الأمير بأنه قد سرَّه أن تكون هذه الجمعية جامعة لأفراد من طوائف
المسلمين المتفرقة على الاتحاد، وقال كلمة كبيرة وهي: (إن الإسلام دين اشتراكي
يأمر بالمساواة بين الغني والفقير، والكبير والصغير) ، ثم ذكر استياءه من قلة عدد
المجاورين الهنديين في الأزهر، وأنه يرجو أن يزيدوا في مستقبل الأيام، ثم ذكر
الحج والحجاج، وقال: إنه يحب أن يسهل الحج على مسلمي كل الأقطار؛ لأنه من
أركان الدين (فإذا أهمل المسلمون فريضته حلت بهم الأرزاء لإهمال دين قويم
يعتقده ٣٠٠ مليون من الناس) .
وعندنا أن اجتماع أمرائنا برجال هذه الجمعيات مفيد جدًّا للمسلمين. وعسى أن
يعتبر بكلمة الأمير بعض الأحداث من رعيته الذين يكتبون ويخطبون للتفريق بين
المسلمين باسم الوطنية، ويسمون المسلم السوري في مصر دخيلاً. وأما إقبال الهنود
وغيرهم على الأزهر فهو موقوف على ترقية التعليم فيه، وذلك بيد الأمير وفقه الله
تعالى. وإلا فإننا لا نأمن أن ينفر المصريون منه بعد حين إلا فارًّا من العسكرية، أو
عاجزًا عن الكسب فيتخذه له تكية!