للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


نصيحة في معالجة فضيحة
البغايا على قسمين: مسافحات، وهن اللواتي يجاهرن بالفاحشة، ولهن في
مدن القطر المصري مواخير رسمية يتخذنها بمعرفة الحكومة التي تكشف عليهن
أطباؤها الكشف الطبي، وتعطيهن براءات تعلن سلامتهن من الأمراض المُعدية،
وتأخذ منهن رسومًا مالية، كما هو الشأن في مدن أوروبا.
وذوات أخدان، وهن اللائي يزنين سرًّا ولهن أخدان (زبونات) مخصوصون،
وكان العرب يسمونهن: (ذوات الأخدان) ويكنى عنهن في البلاد المصرية
لهاته الأيام: (بصواحب البيوت السرية) . وقد عزمت خيرًا الحكومة المصرية أن
تنقل مواخير المسافحات رسميًّا من داخل المدن وتجمعها من أحشائها إلى بقعة
مخصوصة من كل بلد، وقد أحصت أخيرًا هذه المواخير في الإسكندرية فكانت ٨٢
ماخورًا، قالت جريدة البصير: (أي عبارة عن بلدة صغيرة من بلاد القطر)
وزادت عليها جريدة السلام بقولها: (لو أضيف إليها المحلات المستترة لكانت بلدة
كبيرة تقتضي مأمور مركز أو قائمقام) .
ونحن نقول: إن صواحب البيوت السرية يكدن يكن من المسافحات؛ لأنهن
إنما يبالغن بالاستتار من الحكومة هربًا من الكشف الطبي، ومن أداء المفروض
على أمثالهن من المسافحات، ولابد في كل بلد من وجود ذوات أخدان يتحامين حتى
البيوت السرية ويستترن وأخدانهن من كل أحد، فإذا ضممنا هؤلاء وهن لا يحصين
إلا بالخَرْص والحدس إلى أولئك اللواتي قدرن بأهالي بلدة كبيرة - تجلّى لنا مقدار
ضرر حرية الفحش وإهمال التربية الدينية التي هي الدواء الوحيد لهذا الداء المبيد،
وعلمنا أننا في حاجة - أي حاجة - لاستبدال المدارس الوطنية بهذه المواخير
الجهرية والسرية، وهيهات أن يقاومها مثلها عددًا والشر أغلب، والفحش أرغب،
فالتربيةَ الدينيةَ التربيةَ الدينيةَ، عالجوا بها داء البلاد قبل استحكامه، وانتاشوا بها
الوطن من مخالب حِمامه، فالفسق مدعاة الخراب والدمار، وما للظالمين من أنصار.