للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


النساء المسلمات في الهند

قد سبقت الهند مصر وغيرها من بلاد المسلمين في المدنية الحديثة حتى صار
النساء فيها يخطبن في الأندية العامة على الملأ من الرجال والنساء. وقد تُلي في
مؤتمر التربية الإسلامية في هذا العام خطاب كتبته عَقيلة من فضليات نساء
المسلمين، وتلته عقيلة أخرى بالنيابة عنها لغيبتها.
أما الكاتبة فهي صبيحة زوج المير سلطان محيي الدين صاحب النائب
السياسي في مِدْرَاس، وأما التي خطبت به فهي فاضلة تسمى كابراجي. والخطاب
متضمن لتذكير الرجال بما منح الإسلام للنساء من الحقوق، وما حث عليه من
تعليمهن وتربيتهن، وشكر أعضاء المؤتمر على (تجديد السنة الإسلامية) بقبول
دخول النساء فيه , واشتراكهن مع الرجال في البحث والائتمار بوسائل ترقي
المسلمين، وقالت عن هذه المزية: إنها كادت تجدد عندنا الإسلام لأول ظهوره،
وما أعطيت المرأة فيه من الحرية التامة فلا يعزب عن أذهانكم هدي هذا الدين
ووصاياه , بل مثلوا عظمته وارتفاع شأنه وسعة ممالكه في أذهانكم وأحيوا أحكامه،
وانصروا برهانه فقد أمسى لهذا العهد على عظمته وقوته كالأسد المحتضر. ثم
اقترحت أن ينشئ المؤتمر معرضًا في وسط البلاد تعرض فيه مصنوعات أيدي
النساء ترغيبًا لهن في الصناعة، وتبرعت لذلك بخمسين روبية على أن تكون
فاتحة اكتتاب للعمل إذا أمكن , وإلا فهي للمؤتمر.
***
رأي فاضلة هندية
في العرب والعربية
وخطبت في احتفال المؤتمر فاضلة تسمى (نفديدا) خطبة ضافية عن حال
الإسلام والمسلمين، ومن الأفكار العالية التي تكلمت فيها توسيع الإسلام دائرة
الوفاق والتأليف بين البشر بإلغاء الجنسية النسبية والوطنية، وجعل المؤمنين إخوانًا
حيث كانوا، وأين حلوا.
وأطنبت في الكلام عن العرب وما قاموا به من خدمة العلم والمدنية،
وإحيائهما بعد موتهما، وقالت ما معناه: إن الهند التي عاشت بالعلم بعد الدخول في
الإسلام إنما حُييت بإرشاد العرب، بل بامتزاج دم العرب بدم الهنود، حتى قالت:
إن الدم العربي لا يزال يجري حارًّا في عروقنا، وهو الذي يحركنا إلى الترقي
الآن، ووصفت الإسلام بأنه دين الفطرة والاستقلال والعلم وأنه يمشي معه الترقي
حيث مشى. وقالت: إن العلة في قلة انتشاره في الهند هو جهل الهنود باللغة
العربية فإنها أقل في الهند انتشارًا منها في سائر البلاد الإسلامية. قالت: ومن
البعيد أن نرجو تقدمًا في ديننا مع عدم التمكن من لغته، ولنا الرجاء في الوصول
إلى مقصدنا قريبًا بمساعدة المسلمين من أهل البلاد العربية بالرأي والعمل خدمة
للإسلام.
فلله در هذه الفاضلة‍‍! ! التي يقل نظيرها في علمائنا المدرسين في مصر
والهند، وقد سبق لنا من بيان فوائد ما دار عليه خطابها المفيد ما يمنع من العود إليه
الآن. أكثر الله من أمثالها في رجالنا ونسائنا فإننا لا نحيا إلا بأمثال الذين على هذا
المثال.
***
الجمعية الخيرية الإسلامية
دعا رئيس هذه الجمعية جميع المشتركين فيها للاجتماع في ٢٩ المحرم
الماضي لعرض أعمال مجلس الإدارة عليهم وإطلاعهم على مشروع أعمال سنة
١٣٢٢هـ وميزانيتها، وانتخاب خمسة أعضاء لمجلس الإدارة؛ فلبى الطلب بعض
واعتذر بعض، وتخلف الأكثرون. وقد بَيَّن الرئيس فائدة الحضور، ومضرة
التخلف، ومنه أن إشراف الجمهور على أعمال البعض يَحمِل على الإتقان
والنشاط , ويُعوِّد الناس على الأعمال المشتركة والتعاون , وبه قوام الأمم. ومن
مشروعات الجمعية الجديدة إنشاء مدرسة في المحلة الكبرى، وسنتكلم عليها في
الجزء القادم.