للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الأخبار والآراء

(لائحة المساجد)
جاء في (ع ٧٩٦٥) من جريدة الأهرام الصادر في ٢ يونيو تحت هذا
العنوان ما نصه:
(أَبَنَّا في أعدادنا السالفة فائدة لائحة المساجد التي يعمر بها الأزهر، وتعمر
بها الجوامع، ويقام عماد الدين والعلم والأدب، وقلنا: إن معاداة هذه اللائحة والقيام
في وجهها هو عبارة عن معاداة صالح الأزهريين وتقدمهم والوقوف في وجههم.
ولقد اتفق بعض رصفائنا أمس على أن إنفاذ هذه اللائحة قد أُجِّلََ إلى العام المقبل؛
أي: حتى عودة رجال الحكومة من الإجازة , فأخذنا نبحث عن سبب التأجيل فعرفنا
أن فضيلة القاضي الأكبر قدم عريضة إلى سمو الجناب الخديوي فيها يشكو من
بعض ما جاء في اللائحة، ويدعي أنه مخالف لشروط بعض الواقفين كأن يكون
بالمسجد مبخر وسقاء وكناس , فاللائحة جمعت وظائف كثيرة في شخص واحد ,
فالمعية ترجمت شكوى فضيلة القاضي , وأُرْسِلت هذه الترجمة إلى الوكالة
الإنكليزية، فأجابتها الوكالة أن الوقت قد انقضى وأن جناب اللورد لا يقدر على درس
الشكوى واللائحة، وأنه ينعم نظره فيها بعد عودته من الاصطياف فلهذا أجل الإنفاذ.
ولقد دُهِش العقلاء لهذا العمل؛ لأن المحتلين أعلنوا مرارًا وجهارًا أنهم لا
يتعرضون لأمر من أمور الدين , فما الذي حمل المعية إذن على إرسال تلك اللائحة
إلى الوكالة الإنكليزية؟ ألا توجد في البلاد سلطة دينية عاقلة عالية تقدر على درس
اللائحة وتمحيصها؟ ولقد دار في جميع الأندية أن ذلك كله نتيجة التسابق لإرضاء
المحتلين فكما أن دولتلو رياض باشا جعل جناب اللورد كرومر صاحب المقام
الأرفع كذلك المعية أحالت على جنابه شكوى العلماء وشئون المساجد والجوامع،
فما أكبر حظ دولة تجد مثل هذا من أمة تحكمها وبلاد تحتلها، وما أعظم الفرق
الذي يجده الإنكليز بين كبار المصريين وكبار البوير فإذا كنا قد لمنا رياض باشا
على كلامه فإنا نحن نلوم المعية على فعلها ويقيننا أن الإنكليز أنفسهم يوافقوننا على
هذا اللوم.
(المنار)
حسب الناس من العبرة الكبرى بهذا الخبر الصادع أن يعرفوه , وأننا لو أردنا
أن نبدي رأينا فيها لما استطعنا أن نقف عند الحد الذي تجيزه الرسوم المتبعة، وثم
عبرة أخرى وهي سكوت الجرائد اليومية التي تلقب بالإسلامية عن هذا، وبيان
الأهرام التي يصح أن نلقبها بجريدة الأمة له وسببه أنه جاء من قِبَل الأمير وحده،
وهو الذي يرضيها منه كل شيء ولو كان للنظار فيه رأي لقامت قيامة هذه
الجرائد وأكثرت الطعن واللعن، وحملت النظار وحدهم التبعة كما هي عادتها في
كل أمر يقوي نفوذ المحتلين مع أنه لم ينفذ شيء من ذلك إلا بأمر الأمير وهو وحده
كان القادر على معارضة الاحتلال بالحق وأوربا عضده , وأما النظار فلا عضد
لهم إلا الأمير , وهو الذي يقدر على عزلهم إذا خالفوا، ولا يقدرون على إلزامه إذا
وافقوا، فكل ما أخذه الإنكليز فمنه وعليه وعلى الأمة المسكينة التي أضاعها
أمراءها في كل زمان.
* * *
(قول رياض باشا - أوعبيد الكلام)
رُفِع العلم الإنكليزي بإذن الخديوي على السودان , وخطب الأمير تحته مذعنًا
له فلم يؤثر في المصريين، وعقد الوفاق الإنكليزي الفرنسي بناء على دكريتو
خديويٍّ , ومن لوازمه تأييد الاحتلال في مصر فلم يؤثر فيهم، ولونت خريطة
مصر في مدارس حكومتها بلون المستعمرات الإنكليزية فلم يؤثر فيهم. واستشار
الأميرُ اللورد في تعيين شيخ الأزهر فلم يؤثر فيهم، ووُكِّل إلى اللورد النظر في
لائحة المساجد وأئمة الصلاة فلم يؤثر فيهم، ويقول اللورد كرومر جهرًا: إنه هو
المسئول عن إدارة هذه البلاد فلا يؤثر فيهم، وقال رياض باشا بخطبته في احتفال
تأسيس مدرسة محمد علي الصناعية: إن اللورد هو صاحب النفوذ الشامل والمقام
الأرفع، ورغب إليه في معاهدة المدرسة حتى تبلغ أشدها فقام أحداث الوطنية
يلغطون في ذلك , ويعدُّونه حادثًا جللاً فانظر على ما يسكتون، وبماذا يلغطون؟