للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


تقريظ المصنفات

(إرشاد الأمة الإسلامية إلى أقوال الأئمة في الفتوى الترنسفالية)
قد علم القراء ما كان في العام الماضي من لغط بعض الجاهلين بفتوى مفتي
الديار المصرية لبعض أهل الترنسفال بحِل ذبيحة النصارى في تلك البلاد، وبحل
لبس القلنسوة الإفرنجية لحاجة أو ضرورة، وبحل صلاة الشافعي خلف الحنفي،
وكان السبب في اللغط أن بعض أصحاب الأهواء من الأمراء أوعز إلى بعض
الجرائد المحدثة بالتنديد بالفتوى لغرض له في ذلك فطفقت الجريدة تخبط في ذلك
محرفة السؤال والجواب عن موضعه، وقد جرت العادة بأن ما أكثرت الجرائد
الخوض فيه يخوض فيه الناس لا سيما أهل الجهل والبطالة - وكثير ما هم -، وقد
بينا يومئذ حكم الله تعالى في هذه المسائل. وأيدنا الفتوى بالبراهين الشرعية
والدلائل، ولم يكن لصاحب الجريدة المحدثة من دليل غير القال والقيل، وكان منه
الإيهام بأن بعض علماء الأزهر كتبوا لصاحب الجريدة ينكرون صحة الفتوى،
فلما وصلت هذه الدعوى إلى علماء الأزهر الأعلام انتدب بعض فضلائهم إلى
وضع رسالة يؤيدون فيها الفتوى بنصوص المذاهب الأربعة وسموها (إرشاد الأمة
الإسلامية ... إلخ) ثم إن الشيخ عبد الحميد حمروش البحراوي أحد المدرسين في
الأزهر لهذا العهد طبع الرسالة ونشرها تبرئة لعلماء الأزهر مما نسبته جريدة
(الظاهر) إليهم، وقال في مقدمة الطبع بعد ذكر ما عزي إلى علماء الأزهر ما
نصه:
عند هذا نهض جماعة من أفاضل الأزهر الأعلام أئمة المذاهب الأربعة
الذين يعول عليهم ويوثق بعلمهم في العلوم الشرعية، وراجعوا المذاهب الأربعة
واستخرجوا منها النصوص التي تلائم موضوع المسألة، وعرضوا عليها فتوى
فضيلة الأستاذ المومأ إليه فوجدوا لها من كل مذهب نصيرًا، ومن فقه كل إمام
ظهيرًا) ، ثم قال: (إنه رأى أن يخدم الإسلام بطبع هذه الرسالة لفوائد منها:
تبرئة الأفاضل علماء الأزهر من وصمة السكوت، ومما عزي إليهم من القول
بخلاف ما أفتى به عالم الدنيا، وابن بجدة الفتيا صاحب الفضيلة مولانا الأستاذ
مفتي الديار المصرية , وأن الذين يشيعون مخالفة علماء الأزهر الكرام لأستاذنا
أرادوا أن يذموا واحدًا فذموا الكل فوجب تبرئة الجميع) .
والرسالة مؤلفة من مقدمة وأحد عشر فصلاً وخاتمة، وهي مطبوعة طبعًا
حسنًا على ورق جيد , وثمن النسخة ثلاثة قروش صحيحة، ومما يدل على سوء
قصد الجريدة التي كانت تلغط وتطالب علماء الأزهر ببيان الحق في الفتوى أنها لم
تكتب عن الرسالة شيئًا مع أنها أهديت إليها كما بلغنا
***
(الأمومة عند العرب)
رسالة لأحد علماء هولندا. ج. ويلكن الأستاذ في كلية ليدن، وقد عربه أحد
علماء العرب السوريين بندلي صليبا الجوزي المدرس في إحدى المدارس الروسية
بقازان وطبعها هناك , وخصص دخلها للأعمال الخيرية، والبحث في الأمومة فرع
من فروع البحث في (تاريخ العائلة) أو هو أصله الأول؛ لأن النسبة إلى الأم هي
الثابتة العامة في كل جيل من أجيال البشر وفي كل طور من أطوارهم في بداوتهم
وحضارتهم. وفي الرسالة مباحث طويلة دقيقة في الزواج عند العرب قبل الإسلام
وعند غيرهم من الأمم , وهو أنواع أطلق المعرب عليها هذه الأسماء: نكاح
الاشتراك أو المشاركة، النكاح الخارجي، النكاح الداخلي، النكاح الفردي، نكاح
تعدد الزوجات، نكاح تعدد الأزواج , نكاح النفر. وفيها كلام طويل عن المتعة في
الإسلام، وبحث في أنها كانت قبله أم لا، وهو غير محرر , والاستدلال على
المتعة بقوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} (النساء: ٢٤)
الذي ذكره هو ما ذهب إليه الشيعة وهو منقوض بقوله تعالى في نفس الآية: {
مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} (النساء: ٢٤) أي يجب أن يكون قصد الرجل في هذا
الاستمتاع إحصان نفسه وإحصان المرأة , لا مجرد المسافحة التي هي إراقة ماء
الشهوة، ولا شك أن المتعة يقصد بها المسافحة لا الإحصان، وقد كانت العرب
عليها فحرمها النبي , فشق ذلك عليهم فأذن لهم بها عند الضرورة وشدة الحاجة في
السفر، ثم نهاهم عنها ليكون إبطالها تدريجيًّا , والشيعة لا تزال تحلها، ويميل
بعض الناس إلى أنها رخصة للضرورة , والجماهير على أن الرخصة نسخت،
ويؤكد نسخها اعتبار الكتاب العزيز قصد الإحصان شرطًا لكون الزواج شرعيًّا،
وقوله تعالى بعد إباحة الزواج والتسري: {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ
العَادُونَ} (المؤمنون: ٧) وروي في الصحيح أنها بقيت إلى عهد عمر فكان هو
الذي أبطلها بالمرة، والذين يقولون بالنسخ يحملون ذلك على عدم علم الجميع
بالنسخ.
وفي الرسالة مباحث تحتاج إلى الإيضاح والنقد , وفيها فوائد لا توجد في
غيرها من كتب التاريخ , فنشكر للمعرب هذه الهدية الثمينة للغته الشريفة، ونحث
الناس على قراءتها , وننتظر ورود طائفة من نسخها علينا للبيع في مكتبة المنار
فمتى جاءت نعلن ذلك في غلاف المنار.
***
(كتاب القواعد الألمانية)
وضع هذا الكتاب الأستاذ مرتين هرتمن مدرس اللغة العربية في مدرسة
الألسنة الشرقية ببرلين عاصمة بلاد ألمانيا لبيان قواعد لغته بالعربية إسعادًا لمن
يرغب في تعلم هذه اللغة من العرب، وذكر في مقدمة الكتاب إقبال الأمم على
دراسة هذه اللغة , وإننا نذكر من ذلك ما نرى فيه عبرة لنا , قال:
(ولقد انبعثت رغبة قوية عند معظم الأمم في تعلمها، ولا يوجد أديب حقيقي
في أمة من الأمم الأوربية إلا وله إلمام بهذه اللغة الشريفة وبأعظم أقسام أدبياتها.
أما الأمم الشرقية فأول من سارع منها إلى اقتناء (كذا) لغتنا هي الأمة اليونانية
حيث أرسلت ألوفًا من أبنائها إلى كليات ألمانيا لرضاع ألبان العلم من ثديها، وقلما
تدخل بيتًا من بيوت الأدباء اليونانيين إلا وتجد من يتكلم بلغتنا ويعلم بأدبياتنا، ثم
كثر عدد دارسيها في بلاد اليابان من الشرق الأقصى حيث اجتلبوا معلمين من
الألمان إلى مدارسهم الكبرى , وكثيرًا ما زاروا بأنفسهم بلادنا لأجل تحصيل لغتنا،
ومشاهدة أحوالنا وتنظيماتنا. ثم يوجد عدد من أفراد الأمة التركية يحسنون التأدية
باللغة الألمانية وأكثرهم من الموظفين بالخدمة العسكرية بقوا مدرجين في سلك
العسكرية الألماني مدة. (أما الأمة العظيمة التي سطت بعد إتيان نبيها بالشريعة
الإسلامية على قسم يذكر من المسكونة , وتميزت لغتها بالمصنفات الغزيرة العالية
- أعني الأمة الناطقة بالضاد التي مسقط رأسها جزيرة العرب المنتشرة كتبها من
أقصى المشرق إلى أقصى المغرب - فلم نر إلى الآن منها الإقدام على اقتناء
الألمانية والاطلاع على أدبياتها، نعم قد اجتهد في أيام خديوي مصر المرحوم
إسماعيل باشا الموسيو دور السويسري الموظف وقتئذ بالتفتيش على المكاتب
المصرية في إدخال اللغة الألمانية في مواد التعليم (البروجرام) وحمل السادة
إبراهيم زين الدين وأحمد نجيب على تأليف كتاب في القواعد الألمانية إلا أنه قد
اندرس مسعاه عند ذهابه من الخدمة المصرية) .... إلخ.
ثم انتقل من ذلك إلى ذكر انتدابه لتأليف هذا الكتاب تسهيلاً لمن يريد تعلم هذه
اللغة من أبناء العربية، وهو مرتب أحسن ترتيب، ومقرب للغة أشد تقريب.
يشرح الحروف والكلم، ويذكر كيفية النطق بها بالعربية بغاية الضبط، وقد جعله
دروسًا يشرح في كل درس القاعدة بالعربية ويذكر بعدها الأمثلة المفردة والمركبة،
ثم التمرينات الألمانية والعربية , وصفحات الكتاب ٢٣٢ وثمن النسخة منه (٣
ماركات أو ٣ شلنات) وأجرة البريد (٣٥ سنتيما) وهو يطلب بواسطة مكتبة
المنار بمصر.
***
(تاريخ البابية - أو - مفتاح باب الأبواب)
قد صدر هذا التاريخ النفيس الذي نوهنا به من قبل في المنار، ونقلنا نبذة من
خاتمته، وقد ذكر مؤلفه (ميرزا محمد مهدي خان) في فاتحته أنه في مدة إقامته
في مصر وفي أثناء سياحاته الكثيرة رأى الناس مختلفين في أمر هؤلاء البابية
لاختلاف ما يلقفونه من أخبارهم عنهم وعن أعدائهم، حتى إن أمرهم لا يزال
غامضًا مبهمًا، وأنه هو مطلع على أحوالهم كما كان والده من قبله مختبرًا لرؤسائهم،
وأن عندهم أمهات كتبهم، وقد اطلع مع ذلك على ما كتب الناس في تاريخهم
وأكثر الناس خطأً فيه الإفرنج، لذلك ساقته الرغبة إلى وضع تاريخ كبير لهم سماه
(باب الأبواب) أحصى فيه ما علم من أخبارهم وعقائدهم وشرائعهم كما هي من
غير حكم عليها بمدح أو ذم، بل صور الحقائق تصويرًا، ومثلها للقارئ تمثيلاً، ثم
اختصره بهذا الكتاب الذي جعله رسالة وفهرسًا له , وسماه (مفتاح باب الأبواب)
على أن صفحات هذا المختصر قد بلغت ٤٤٠، ويعني بقوله الأبواب الذين ادعوا
بالمهدية سواء منهم من أطلق علية لقب الباب ومن لقب بالمهدي فقط.
وقد بدأ الكتاب بالكلام على الديانات السبع الكبرى في الأرض - البوذية
والبرهمية والفاشية والزردشتية والموسوية والنصرانية والإسلامية - ثم أورد ما
نقل أهل السنة والشيعة في المهدي المنتظر، وانتقل من ذلك إلى الكلام فيمن ادعوا
المهدوية أو العيسوية وذكر تراجم أشهرهم ومنهم ميرزا علي محمد الشيرازي
الملقب بالباب الذي هو المقصود من تأليف الكتاب، وذكر نشأته وتاريخه، ودعوته
وأسبابها وأسباب انتشارها في إيران ومناظرات العلماء للباب، وما كان من الفتن
إلى أن قتل الباب، ثم ذكر مزاعم البابية فيه وذكر صفاته وتأليفه وشريعته
وما جرى لأصحابه بعده من الفتن والتفرق والنفي إلى أن قام فيهم حسين علي
الملقب بالبهاء، واستمال أكثرهم إليه ونَقَّحَ لهم دين الباب , وادعى أنه الأصل، بل
أنه هو الله الذي أرسل الرسل من آدم إلى الباب، ثم ذكر شيئا كثيرًا من شريعة
البهائية وكتب البهاء إلى الملوك وغيرهم , وختم الكتاب بذكر فرق البابية في هذا
العهد وكيفية ظهورهم في بلاد أمريكا، ولعلنا ننقل في أجزاء أخرى بعض المباحث
من هذا الكتاب النفيس الذي لا يستغني قارئ عنه لا سيما في البلاد التي انبث
البابية فيها يدعون إلى دينهم كمصر وإيران، وقد ذكر المؤلف في آخر الكتاب أنه
تبرع بما يحصل من ثمنه للمنكوبين من المسلمين، وثمن النسخة منه في مصر٢٠
قرشًا وفي إيران (تومان واحد) وفي الهند ثلاث روبيات وفي روسيا روبلتان أو
منان وفي سائر البلاد ٥ فرنكات , وهو يطلب من مكتبة المنار بمصر ومن مكتبتي
هندية والهلال.