للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الكاتب: محمد رشيد رضا


التقريظ

أرسل إلينا التقريظ الآتي للمنار أحد علماء الشيعة في بعض الأقطار فنشرناه
اعترافًا بفضله، وشكرًا له على حسن ظنه، قال حفظه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم
عريضتي بحمد الله، والصلاة على مصطفاه , وعلى آله وصحبه الذين
اهتدوا بهداه، هي أني صوبت الأنظار في مباني المنار، وإن يكن يعشي الأبصار،
فخدمته بما قدمته , والمأمول القبول، إذ لم يكلف الإنسان بما فوق الإمكان.
قل للأولى عميت جهلاً بصائرهم ... ولم يروا في سما العرفان أقمارا
بحرمة الله هبوا من سباتكم ... هذا المنار على الدنيا لقد نارا
لم يبق ما فيه من عذر لمشتبه ... ولم يدع في ديار الجهل دَيَّارا
إن ينتصر لقويم الدين منشئه ... فالله قيض للأديان أنصارا
كم أَطْلَعَت مصر في أوج العلى قمرا ... وكم تحدث وايم الله أقطارا
من قبل موسى عصاه طالما التقفت ... إفكًا وكم أبرزت للناس أسرارا
يراعه كعصى موسى ومقوله ... قد صاغه مبدع الأكوان بتارا
هذا الرشيد بمصر طالما التقفت ... أقلامه من يد الأيام سحارا
فلله أبوه من رجل أداخ البلغاء وأخاف العرفاء، وأجال مشاقص أقواله في
المشارق والمغارب، وفتل ولله دره في الذروة والغارب فقاد الشرود والشاسة،
واشتمل السياسة، وكان كالخميلة يطلع كل جميلة، وكالمندل الرطب، والمنهل
العذب , يأتيه الناهل، ويروده القاحل، ألقت إليه المعارف أفلاذ كبدها، وأبرزت
له مخباها، وشقت له معاها، وأمطرته بما أسال الشعاب، وسقى الوطاب، وتدَفَّع
في الأودية وملأ حياض الأندية فخاض الغمر، ومشى على الضحضاح، وعب
حتى امتلأ، لا تستطاع أحواله، ولا ينتحل مقاله.
إذا ما قال قافية شرودا ... تنحلها ابن حمراء العجان
فقل لمن جاراه، أو ساجل علاه، ابتعد عنها، لقد حن قدح ليس منها، ولا
تكون أمته براعية ثلة.
أليس هو الساعي في تكوين الأمة من طريق التربية , والتعليم النافع حيث لا
تعمية، ألم يضرب بعصاه صفاة العرفان، في هذا الزمان، كما ضرب ابن عمران
الحجر يوم كان، فانجبست منه تلك العيون، ولها شئون , ومن حجر الكليم مشارب ,
ولها مسارب، ولكل إعجاز جهة امتياز.
ألم يزد على باني الهرم في القدم أقام للتذكار صخورًا وأحجارًا وهي أشباح
بلا أرواح، وباني المنار أطلع الصباح، وصاح حي على الفلاح، وأثبت البناء
على ما شاء , وأعمل المعيار، ومد المطمار , وأحكم القوالب والصور، وأفاض
عليهما من الأرواح ما به حياة البشر، فهو إذن قلب العرفان يغذوه الحَيَوْة , ولولاه
لمات، وينبوع غريزيته بلا اشتباه، وكبده القائم بغذاه، ولذلك سرت أرواح مناره
في عالم الإنسان، وستسري مدى الزمان، واستقام ما بناه، واعتدل ما سواه، ولكم
أتاح الله من علماء , للقلوب أطباء، والفخر لمصر على الأمصار، بما اختصها الله
على الأقطار، من الأبدال وعرفاء الرجال , كباني المنار، أطال الله أيام مجده وشد
عرى الدين بهديه ورشده. وبلغه المآرب يوم العرض على الواجب، جلت قدرته،
وعلت كلمته.
... ... ... ... ... ... ... الداعي خادم العلم والعلماء
... ... ... ... ... ... مهدي بن علي المشتهر بشمس الدين
(رفع اللبس والشبهات عن ثبوت الشرف من قبل الأمهات)
اسم هذا الكتاب يدل على موضوعه وهو لمؤلفه السيد عابد بن أحمد بن سوده
أحد الفقهاء والمحدثين في فاس وخطيب الحرم الإدريسي هناك , وقد طبع الكتاب
على نفقته في مصر , وتفضل حفظه الله بإهدائنا نسخة منه منذ أشهر , ولم نوفق
لمطالعته لكثرة الشواغل مع رغبتنا في الاطلاع على أثر رجل فاضل يحبنا ونحبه
في الغيب , ولذلك رأينا أن نعلن شكره , ونكتفي بتنبيه الباحثين في الأنساب إلى
مؤلفه , وصفحات الكتاب ١٤٤ صفحة.
(كتاب الإملاء)
كتاب جديد في فن الرسم؛ أي رسم الحروف والكلم المفرد الذي يمسونه فن
الإملاء , وهو فرع من فن الصرف كما أن الصرف فرع من النحو , ولكنه فرع لم
يستقل في موضوعه ومسائله دون أبيه كما استقل أبوه دون جده. وقد كان علماء
اللغة يعنون بالرسم حتى لا يثقون بعلم من يخطئ فيه , ومن المأثور عنهم في ذلك
أن أحدهم رحل للتلقي عن عالم اشتهر فضله فلما بلغ بلده رأى قبل أن يلقاه صحيفة
بخطه , فقرأها فإذا فيها لفظ (بايع) مرسومة هكذا بالياء فقال: إن هذا لا يوثق
بعلمه وعاد أدراجه أسفاً أن ضيع زمنه في الرحلة إليه.
وقد انتهينا إلى زمان نرى فيه كتابة المنقطعين لدراسة العلوم العربية في مثل
الأزهر ملأى بالغلط في الرسم كغيره , ولا تستثن من كبار مدرسيهم إلا نفرًا لا
يعدون جمع القلة. وللمدارس النظامية عناية بفن الرسم لم يكن لها نظير في الأزهر
وما على شاكلته، وهم يعلمونه بطريق الإملاء يملي الأستاذ على التلامذة جملاً من
الكلام , ثم يصحح لهم ما يكتبون مع البيان. وقد نظر الأستاذ الإمام بعين الاهتمام
إلى هذا النقص في الأزهر فاقترح في مجلس إدارته أن يعهد إلى الشيخ حسين والي
أحد العلماء المدرسين فيه بأن يدرس الإملاء على طريقة المدارس النظامية، وكان
ذلك , ولما شرع هذا في التدريس توجهت عزيمته إلى وضع كتاب مطول في فن
الرسم يكون غاية الغاي في موضوعه ففعل، وهذا هو (كتاب الإملاء) .
الشيخ حسين والي تعلم في مدارس الحكومة قبل المجاورة في الأزهر، فهو
عالم بأساليب التعليم والتأليف الجديدة، وقد اشتغل في الأزهر بفنون الأدب بعناية
لا تعرف من مجاوري هذا العهد , فهو واسع الاطلاع في اللغة وأدبياتها، لذلك جاء
كتابه هذا أحسن كتاب وضع في هذا الفن أسلوبًا وأوسعه مادة , بدأه بمقدمة في
تاريخ الخط والكتابة عند الأمم، تكلم فيها على أبي جاد والحروف المفردة وصفاتها
والحركات والرقم والخط وأقسامه الثلاثة، وفيها فوائد كثيرة , ويلي المقدمة (الباب
الأول في الحروف التي تبدل) وقد أفاض فيه القول في مباحث الهمزة والألف ,
وفيه قصيدة ابن مالك في الأفعال التي وردت بالواو والياء , وأبيات أخرى فيما زيد
عليه من ذلك، وأرجوزة في الأفعال الواردة بالواو اطرادًا، وغالبًا وأخرى في
الأفعال الواردة بالياء اطرادًا وغالبًا. ويليه (الباب الثاني في الحروف التي تزاد)
يقفوه (الباب الثالث في الحروف التي تنقص) وفيه الكلام على رموز الكتب
العلمية , ورموز القراء والمحدثين , وكتبة الدواوين , والكلام في التاريخ. وبعده
(الباب الرابع في الكلمات الواجب فصلها والكلمات الواجب وصلها) وهو واسع ,
وفيه الكلام على الشكل العام والخاص , والقطعة والمدة , والعلامات التي هي في
معنى الشكل كعلامة الإشمام والروم، فأنت ترى أن أحوج الناس إلى هذا الكتاب
الأستاذة والكُتَّاب , وهو مما ينبغي أن يقتنيه كل أديب بل كل متعلم. وقد طبع في
مطبعة المنار على ورق جيد جدًّا بكيفية من الإتقان وتسهيل المطالعة لم نر مثلها في
كتاب آخر , وبلغت صفحاته ٢٥٦ صفحة، وثمن النسخة منه عشرة قروش
صحيحة , وهو يطلب من مطبعة المنار بشارع درب الجماميز بمصر.

(الهدية السعيدية في الحكمة الطبيعية)
ولع المسلمون بالفلسفة في أيام مدنيتهم ولوعًا عظيمًا , ومزجوها بعلم العقائد
الدينية حتى صار فهم كتب الكلام متوقفًا على الوقوف على تلك الفلسفة خصوصًا
الكتب الكبيرة الشهيرة التي يعدونها حصون العقائد الإسلامية كالمواقف والمقاصد بل
الفلسفة أكثر ما في هذه الكتب، ومباحث العقائد أقل ما فيها، ولكن هذا الأقل هو
المقصود بالذات , ولقد ضعف علم الكلام وضعفت معه الفلسفة والمنطق في جميع
البلاد الإسلامية تبعًا لتدلي العمران والحضارة حتى كادت تندرس هذه العلوم في
مصر لولا أن وفد السيد جمال الدين الأفغاني رحمه الله تعالى على هذه البلاد , فنفخ
فيها روحًا علميًّا جديدًا , وما زال علماء الأعاجم لا سيما الهنديون منهم يدارسونها ,
ويطبعون كتبها القديمة , ويؤلفون فيها كتبًا جديدة فهي حية عندهم , وهم فيها أمثل
من المصريين، إلا من شذ من هؤلاء فلم يكتف بالفلسفة القديمة، بل أضاف إليها
الجديدة الأوربية فأخذها بلسان أهلها كالأستاذ الإمام. وإننا نرى في هذا العهد
الأخير أذكياء المجاورين في الأزهر يكسرون مقاطر التقليد لشيوخهم المتأخرين ,
ويوجهون أفكارهم إلى تناول كثير من العلوم والفنون القديمة والحديثة التي أهملها
أكثر شيوخ الأزهر حتى كادت تمحى منه. وقد انتدب بعض محبي الفلسفة منهم
وهو الشيخ عبد الرحمن البرقوقي إلى طبع كتاب في الفلسفة القديمة والسعي في
حمل أحد الشيوخ على تدريسه في الأزهر , فاختار كتاب (الهدية السعيدية) الذي
ألفه في هذا العصر (ملا محمد فضل الحق) من علماء خير آباد في الهند
(المتوفى سنة ١٢٧٨) وأهداه إلى أمير بلاده محمد سعيد خان بهادر ونسبه إليه.
ويقول الشيخ عبد الرحمن أنه رأى هذا الكتاب خير كتاب في الفلسفة القديمة
وضعًا وسهولة. وقد طبع الكتاب في مطبعة المنار على ورق جيد كدلائل الإعجاز
مع تتمة لولد المؤلف , فكانت صفحاته زهاء مائتين وثمانين صفحة، وقد جعل
ثمنه مع ذلك ثمانية قروش صحيحة , وهو يطلب من مكتبة المنار ومن المكاتب
الشهيرة في مصر , فنحث محبي الفلسفة والراغبين في دراسة الكتب الكبيرة في
الكلام على مطالعته.
(المنتخبات العربية)
أقرب الطرق إلى تحصيل ملكة الكتابة في المنثور والمنظوم كثرة مطالعة
كلام البلغاء وأشعارهم , ولو أن طالب البلاغة حفظ بعد قراءة النحو والصرف
مختصر السعد ومطوله وحواشيهما , ولم يزاول كلام البلغاء لما ازداد إلا بعدًا عن
البلاغة كما بين ذلك الحكيم العربي ابن خلدون رحمه الله تعالى، ومما دلنا على أن
النهضة العربية الحديثة ستكون منتجة أحسن نتاج تصدي المشتغلين لإحياء آثار
البلغاء، وإقبال الناس على هذه الآثار وتفضيلها على سواها والاعتماد عليها في
تحصيل ملكة البلاغة، سواء كانت كتبًا فنية كأسرار البلاغة ودلائل الإعجاز أو كتب
تمرين ككتب الأدب الشهيرة، ولكن أكثر المشتغلين بطلب الأدب تقصر همهم عن
مطالعة الكتب الكبيرة المفيدة للبلاغة كالأغاني والبيان والتبيين والكامل والعقد
الفريد. وقد فطن الناس لذلك فأنشأوا يختارون من هذه الكتب وما شابهها الفصول
والنبذ المختصرة من المنثور والمقاطيع من الشعر , ويراعون فيها السهولة
والاختصار، وقد سبق اليسوعيون إلى هذا العمل فراجت مختاراتهم العربية على
ما فيها من الدسائس الدينية والتحريف المعنوي واللفظي.
وقد عني محمد أفندي حسن محمود وأمين أفندي عمر الباجوري الكاتبان في
نظارة المعارف باختيار نبذ من كلام المتقدمين والمتأخرين والمعاصرين ومقاطيع
من أشعارهم فكان لهما من ذلك كتاب سمياه (المنتخبات العربية) وطبعاه طبعًا
جميلاً يناسب ما فيه من حسن الاختيار فنحث محبي الأدب عامة , وطلاب العلم
خاصة على مطالعته , وثمن النسخة منه سبعة قروش صحيحة وصفحاته ٢٥٦
(الامتيازات الأجنبية)
يعرف الخاصة والعامة أن للأجانب امتيازات في البلاد العثمانية ليس لهم
مثلها في غيرها من الممالك , وأن هذه الامتيازات من أركان الجور والظلم واختلال
النظام واضطراب القضاء وأن إسماعيل باشا خديوي مصر قد زاد للأجانب في هذه
الامتيازات فأعطاهم منها ما ليس في البلاد العثمانية تزلفًا إليهم , وطمعًا في
مساعدتهم له على ما كان يكيده في سياسته مع الدولة، حتى صار أحقر يوناني في
مصر أعز من أمرائها وعلمائها وكبرائها. وقد بحث الأوربيون في أصل هذه
الامتيازات وجاءوا فيها بالدث والرجم ولم نر أحدًا من الملسوعين بحمتها في مصر
من كتب فيها شيئًا حتى أتحفنا اليوم عمر بك لطفي وكيل مدرسة الحقوق في مصر
بكتاب خاص فيها فَنَّد فيه مزاعم الزاعمين في بيان سببها وقال: (والحقيقة أن
الامتيازات مصدرها الشريعة الإسلامية التي تسمح لغير المسلمين أن يرفعوا
منازعاتهم لجهة ملتهم , ولا تلزمهم بقبول حكومة القاضي الشرعي إلا برضائهم
عملاً بقوله تعالى: {فَإِن جَاءُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} (المائدة: ٤٢)
ثم استدل بتفويض الدولة العثمانية أمر الذميين إلى أنفسهم قبل ارتباطها بالمعاهدات
الأوربية , ثم بسماح السلطان سليمان بهذه المنحة للأجانب وأنشأ بعد ذلك يسرد
المعاهدات بين الدولة العثمانية والدول الأجنبية.
وقد أحسن المؤلف في رد أوهام الإفرنج في سبب الامتيازات وأشدها ضعفًا
وأظهرها سخفًا , زعم بعضهم أن الدولة الإسلامية تأبى معاملة غير المسلمين بأحكام
شريعتها لأنها مقدسة لا تسري على غير المؤمنين، وقول بعضهم: إن القرآن هو
قانون ديني وسياسي، ولما كان منزلاً تعين أن تكون المدنية الإسلامية غير قابلة
للترقي , والشريعة غير قابلة لتقرير الحقوق , والتسليم بمعتقدات الذين لا يؤمنون
بالدين الإسلامي , فكان من الواجب إيجاد طريقة تمكن المسلمين من الاختلاط
بالأجانب! ! وهذا قول جَهُولٍ بالدين الإسلامي والقرآن والتاريخ , وكم فيهم من
مثله أو أشد منه يسمون فلاسفة حكماء.
وقد نقل المؤلف الاستدلال بالآية على ما ذكره من سبب الامتيازات عن
رسالة للشيخ محمد بخيت , ونقول أولاً: إن الآية قد نزلت في واقعة معينة , ونزل
بعدها في تلك السورة {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ} (المائدة: ٤٩) فذهب
أكثر علماء السلف إلى أن هذه ناسخة للتخيير في تلك , وعليه الشافعية في أصح
الأقوال والحنابلة , وبعضهم أنها قصرت الآية الأولى على ذلك الحكم الخاص الذي
خير الله نبيه فيه؛ أي فهي مخصصة لا ناسخة أو أن الأولى مختصة فيمن لم يعقد له
ذمة، والثانية في أهل الذمة. وأما مذهب الحنفية الذي عليه الدولة العثمانية فهو أن
أهل الذمة محمولون على أحكام الإسلام في جميع العقود وفي المواريث , ويستثنى
من البيوع بيع الخمر والخنزير , فإنهم يقرون عليه فيما بينهم في تفصيل معروف
في الفقه. والأجانب ليسوا ذميين وإنما هم حربيون أو معاهدون , ولا تجوز
معاهدتهم على شيء يخالف أحكام الشريعة ومصلحة المسلمين , ثم إنهم إذا عقدوا
معنا عهدًا فيجب أن نستقيم لهم ما استقاموا لنا، فإن نكثوا شيئًا من العهد فقد بطل
عهدهم , والامتيازات الحاضرة جلها أو كلها باطلة شرعًا فيما يظهر لنا , وهي
قائمة على أصلين: ضعفنا وجهل حاكمنا وقوتهم وأثرتهم.
هذا وإن في الكتاب فوائد كثيرة كنصوص المعاهدات وإنشاء المحاكم المختلطة
في مصر ومكانتها , وكون كثير من الامتيازات ليس لها أصل في المعاهدات وبيان
المفاسد والمشكلات في التحاكم إلى المحاكم القنصلية، وناهيك بدقة المؤلف وطول
باعه في علم الحقوق والقوانين. والكتاب مطبوع طبعًا متقنًا على ورق جيد
وصفحاته ٦٨ ومجلد بنسيج أحمر جميل , ويطلب من مكتبة الشعب بمصر.
(الفلاكة والمفلوكين)
الفلاكة: البؤس أو التعس، والمفلوكون: البائسون العاثرو الجد. والكتاب
لأحمد بن علي الدلجي من أهل العلم والأدب، ولا نعرف له تاريخًا إلا أن كتابه هذا
يدل على علم وأدب وحسن اختيار، يعرف ذلك من مثل الفصل الذي عقد لمسألة
خلق الأفعال , وبيان أنه لا حجة للمفلوك في التعلق بالقضاء والقدر، والفصل الذي
عقده لبيان أن التوكل لا ينافي التعلق بالأسباب , والزهد لا ينافي كون المال في
اليدين , وما أحسن الفصل الذي بيَّن فيه الآفات التي تنشأ من الفلاكة أو تستلزمها
الفلاكة وتقتضيها، ومنها الكيمياء الباطلة والنجوم والمطالب، ثم إن أكثر الكتاب
في تراجم العلماء والأدباء المفلوكين , وفيه عبر وأدب وفكاهة.
وجملة القول أن الكتاب من الكتب المفيدة الفكهة التي تلذ قراءتها، وقد طبع
في مطبعة الشعب وصفحاته ١٤٥ وهو يطلب من مكتبة الشعب.