للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد الخضري


انتقاد شواهد الطبعة الأولى من تفسير
ابن جرير الطبري

إلى السيد المحترم منشئ مجلة المنار الغراء
السلام عليكم ورحمة الله، أما بعد، فقد كاد يركز في الطباع أن نقد
المطبوعات من دلائل الحياة في الأمم، وشعر كل من أقدم على نشر كتاب أن
إظهار أغلاطه من دلائل العناية به بعد أن كان ذلك ثقيلاً على النفوس والأسماع شأن
الحق عند من لا يريده، ولما كنت ممن يرون وجوب النقد وإصلاح الخطأ ليحترس
كل طابع فيما ينشر وكل مؤلف فيما يكتب. جئتك راجيًا نشر كلمتي هذه:
ظهر في عالم المطبوعات كتاب جليل لإمام عظيم، ذلك تفسير محمد بن جرير
الطبري، كتاب طالما استشرفت الأنفس إلى قراءته واقتباس فوائده، اقتنيت هذا
الكتاب، وشغفت بمطالعته، فوجدت له كثيرًا من الامتياز على غيره من كتب
التأويل، ومن ذلك أنه جمع فيه ما يقرب من ألف وتسعمائة شاهد من منظوم العرب
الذين يحتج بهم في اللغة العربية فزادني ذلك فيه حبًّا.
ولكن كانت تداخلني الريبة في كثير من الشواهد لاستغلاق معانيها واعوجاج
مبانيها، فعنيت بجمعها وترتيبها على حروف المعجم ثم شرعت أقابلها على أصولها
في كتب اللغة ودواوين العرب، فهالني أن وجدت ما يقارب النصف محرفًا عن
أصله في ذلك تحريفاً يخل باللفظ والمعنى ومنه ما يخل بالوزن، وكنت رأيت على
أول صفحة من الكتاب أن الكتاب صحح بعناية جمع من أفاضل العلماء وروجعت
شواهده على مظانها، ولكن كذب الخبرَ الخُبْرُ فعمدت إلى نسختي فصححتها ثم
رأيت من الواجب على أن أعلن ذلك على صفحات مجلتكم الغراء لأمرين: أولهما
أن يصحح مقتنو الكتاب ما عندهم من نسخه، ثانيهما: أن يعرف الطابعون أن
وراءهم من ينقب عن أغلاطهم لعلهم يهتمون بالتصحيح فعلاً لا قولاً، وها أنا ذا أبدأ
اليوم بأربعة وثلاثين شاهدًا، وسأوافيك بما يتبقى إن شاء الله.
... ... ... ... ... ... ... ... ... محمد الخضري
* * *
الشواهد
من معلقة طرفة
(١) تبارى عتاقا ناجيات وأتبعت ... وظيفًا وظيفًا فوق مور معبد
جاء في الجزء الأول (ص٥٢) وكتب هكذا: تباري عنان الناجيات ... إلخ
(٢) كأن كناسى ضالة يكنفانها ... وأطر قسي تحت صلب مؤيد
ورد في الجزء الثلاثين (ص٤٢) وكتب الشطر الثاني هكذا:
وأظرف شيء.. إلخ
(٣)
ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى ... وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي
ورد في ثلاثة مواضع آخرها في الجزء الثلاثين وكتب بدل الزاجري: الراجزي.
(٤)
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي ... عقيلة مال الفاحش المتشدد
ورد في الجزء الثلاثين (ص١٥٤) وكتب بدل يعتام: يغتام، بالغين المعجمة. والمتشدد كتب بدلها: المتشدذ بالذال المعجمة آخر الحروف، ووضع كلمة النفوس
بدل الكرام في الشطر الأول.
(٥) لعمرك إن الموت ما أخطأ الفتى ... لكالطول المرخى وثنياه باليد
في الجزء الأول (ص٣٦٠) ووضع بدل كلمة وثنياه: وتنساه. ولذلك استعصى
المعنى على المصحح فأحال على عدد (٧) وياليته أحال على المعلقة فيعرف ما
خفي عليه.
من دالية النابغة
(٦) وقفت فيها أصيلاًلا أسائلها ... عيت جوابًا وما بالربع من أحد
إلا أواري لأيًا ما أبينها ... والنؤى كالحوض بالمظلومة الجلد
جاء البيتان في خمسة مواضع إلا أنهما جاء في بعضها تامين وفي بعضهما مقتصرًا
فيهما على ما إليه الحاجة ففي الجزء الأول (ص٦٠) كتب الشطر الأول من البيت
الثاني هكذا:
ألا أواري لأياما ٧ أبينها * وكتبوا أسفل الصفحة: هكذا البيت بالأصل وهو
كما لا يخفى لا معنى له فلينظر.
وفي الجزء الأول (ص١٨٠) كتب هذا الشطر بعينه: * ألا أواري لأيام
أبينها* ولم يعقب عليه هنا ولعله فهمه.
وفي الجزء الخامس (ص١٦٤) وضع الشطر ولكن المصحح لم يفهمه
فوضع وسطه عدد (٧) .
وفي الجزء الحادي عشر (ص١٠٩) وضع بدل كلمة لأيا: لأبا، بموحدة
ولعله فهم هنا المعنى فترك البيت من غير تعقيب
وفي الجزء الثلاثين (ص١٢٦) كتب الشطر الثاني من البيت الأول والأول
من الثاني هكذا:
وما بالربع من أحد إلا ... أوارويّ لأباما أتيتها
(فنعوذ بالله)
(٧)
من وحش وجرة موشى أكارعه طاوي المصير كسيف الصيقل الفرد
ورد في الجزء السابع (ص١٦٩) والشطر الأول هكذا:
*من وحس وجوه موسى أكارعه *
ولا ندري كيف فهمه المصحح وأين غاب عنه عدد (٧) ؟
(٨) إلا سليمان إذ قال المليك له ... قم في البرية فاحددها عن الفند
وخيس الجن أنى قد أذنت لهم ... يبنون تدمر بالصفاح والعمد
البيت الأول ورد في الجزء الأول (ص٢٢١) وكتب في آخره: على الفند: وهو
خطأ وجاء الثاني في الجزء الثالث عشر (ص ٥٤) وكتب الشطر الثاني هكذا:
يبنون تدمي ... إلخ، واشتبه المعنى على المصحح فأحال على عدد (٧) .
(٩) لا تقذفني بركن لا كفاء له ... وإن تأثفك الأعداء بالرفد
ورد في الجزء الثلاثين (ص١٩٨) وكتب الشطر الثاني هكذا: ولو تؤثفك ...
إلخ وهو غلط في الرسم يحرف المعنى.
(١٠) أزف الترحل غير أن ركابنا ... لما تزل برحالنا وكأن قد
في الجزء السابع والعشرين (ص٤٣) وكتب أول الشطر الثاني هكذا (لما يزل)
(١١) غنيت بذلك إذ هم لي جيرة ... منها بعطف رسالة وتودد
في الحادي عشر (ص٦٥) وورد الشطر الثاني هكذا: منها تعطف وتناله وتودد،
وأحيل على عدد ٧.
(١٢) والبطن ذو عكن خميص لين ... والنحر تنفجه بثدي مقعد
في السادس (ص ٤٨) وكتب الشطر الثاني هكذا: والبحر منفحة بيدي مقعد
(نعوذ بالله) .
(١٣)
نجلو بقادمتى حمامة أيكة ... بردا أسف لثانه بالإثمد
في التاسع عشر (ص٦٠) وكتب هكذا:
نحلو بقادمتي جماعة أيكة ... بردا أسف لثانه بالإثمد
(١٤)
تخب إلى النعمان حتى تناله ... فدى لك من رب طريفي وتالدي
في الأول (ص٤٧) وقد كتب الشطر الثاني
* فدى لك من رب تليدي وطارفي*
وهو تحريف لأن القصيدة دالية وقبل البيت
فلا بد من عوجاء تهوي براكب ... إلى ابن الجلاح سيرها ليل قاصد
(١٥)
أريني جوادًا مات هزلاً لعلني ... أرى ما ترين أو بخيلاً مخلدا
في الأول (ص٤١٣) وهو من كلمة لحاتم، وقد وضع في آخر الشطر الأول كلمة:
لأنني: بدل: لعلنى، وهو تحريف.
(١٦) تمسي إذا العيس أدركنا نكائثها ... خرقاء يعتادها الطوفان والزود
في التاسع (ص٢٠) وهو للراعي يصف ناقته وتأمل كيف حرفوه!
يضحي إذا العيش أدركنا ... حرفا يعتادها الطوفان والرود
(١٧)
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج ... سراتهم في الفارسيّ المسردّ
من كلمة لدُرَيْد بن الصِّمَة يرثي بها أخاه وقد جاء في موضعين في الثالث عشر
(ص٥١) وكتب الشطر الأول هكذا: فطنوا بألفي فارس مثلث. وجاء في الخامس
والعشرين (ص٧٦) وكتب الشطر الأول فيه هكذا:
* فقلت لهم ظنوا بألفي مذحج *
(١٨) صاديًا يستغيث غير مغاث ... ولقد كان عصرة المنجود
لأبي زبيد الطائي وورد في الثاني عشر (ص١٢٩) ووضع فيه كلمة: عصره، بها
بدل عصرة بتاء.
(١٩) أتيت حُريثا زائرًا عن جنابة ... فكان حريث عن عطائي جامدا
للأعشى يذكر أن الحارث بن وعلة وهوذة بن علي وكان قصد الأول فلم يحمده
وعرج عنه إلى الثاني وورد البيت في موضعين أولهما في الخامس (ص٤٨)
أبيت حزينًا زائرًا عن جنابة ... فكان حريب في عطائي جاهدا
الثاني في العشرين (ص٢٤) هكذا:
أبيت حزينا زائرًا عن جنابة ... فكان حريث عن عطائي جاحدا
(٢٠)
تضيفته يومًا فقرب مجلسي ... واصفدنى على الزمانة قائدا
من الكلمة السابقة يشير إلى هوذة بن علي وكتبت الكلمة الأخيرة هكذا: فائدًا، بفاء
وصوابها بقاف.
(٢١) فبات يعد النجم في مستجيرة ... سريع بأيدي الآكلين جمودها
في السابع والعشرين (ص٢٢) هكذا:
فباتت بعد النجم في سحيرة (نعوذ بالله) .
(٢٢)
فلا أنا بدع من حوادث تعتري ... رجالاً عرت من بعد بؤس وأسعد
لعدي بن زيد وورد في السادس والعشرين (ص٤) ووضع فيه كلمة: موس،
بدل بؤس.
(٢٣)
شاقتك ظعن الحي حين تحملوا ... فتكنسوا قطنًا يصر خيامها
من معلقة لبيد ورد في الجزء السابع والعشرين (ص٨٣) وكتب هكذا
ساقيك ظعن الحى يوم تحملوا ... فتكسبوا قطبا بصر خيامها
(٢٤) من كل محفوف يظل عصية ... زوج عليه كلة وقرامها
من معلقة لبيد ورد في الجزء الثامن (ص٤٥) وكتب هكذا:
من كل محفوف نطيل غصية ... زوج عليه كلة وقوامها
وفزع المصحح إلى عدد ٧ ولو فزع إلى نسخة من المعلقات لأمكنه تصحيح البيت.
(٢٥) فمضى وقدمها وكانت عادة ... منه إذا هي عرّدت إقدامها
من معقة لبيد ورد في الجزء السابع (ص٩٨) وكتب فيه بدل عردت: عرب،
ولا معنى لها.
(٢٦) فتوسطا عرض السري وصدعا ... مسجورة متجاورًا قلامها
من معلقة لبيد، ورد في ثلاثة مواضع (١) في الجزء السادس عشر (ص ٤٧)
زهنا استبدلت مسحورة بمسجورة، ومتجاوزا بـ (متجاورًا) (٢) في السابع
والعشرين (ص١١) وهنا صححت الغلطة الأولى لأن فيها الشاهد وبقيت الثانية
على حالها (٣) في الثلاثين (ص٣٨) وهنا أنشد البيت صحيحًا.
(٢٧) لمعفر قهد تنازع شلوه ... غبس كواسب لا يمنّ طعامها
من معلقة لبيد في الأول (ص٢٨٨) وقد حرف أقبح تحريف فكتب هكذا:
لمعقر فهد تنازع سلوة ... عبس كواسب لا تميز طعامها
(٢٨) حتى إذا يئس الرماة أرسلوا ... غضفًا دواجن قافلاً أعصامها
في الثالث عشر (ص٩١) وكتب بدل الشطر الثاني:
* عصفاً دواجن ناقلاً أعصامها *
(٢٩) تراك أمكنة إذا لم أرضها ... أو يعتلق بعض النفوس حمامها
في الخامس والعشرين (ص٥٥) وكتب بدل تراك: أنزال، ويعتلق بالتاء
وهو غلط.
(٣٠) بها العين والآرام يمشين خلفة ... وإطلاؤها ينهضن من كل مجثم
من معلقة زهير، في الثاني (ص٣٧) ووضع فيه بدل خلفة خلفه وبدل مجثم:
محثم، وجاء أيضاً في التاسع عشر (ص١٩) وأنشد صحيحًا.
(٣١) أثافيّ سفعًا في معرّس مرجل ... ونؤيا كجذم الحوض لم يتثلم
ورد في الأول (ص٢٨٥) وفيه شفعًا بدل سفعا، وكجرم بدل كجذم.
(٣٢) فلما وردن الماء زرقاً جمامه ... وضعن عصي الحاضر المتخيم
في الثلاثين (ص١٠١) وفيه درقًا بدل زرقًا.
(٣٣) وقد قلتما أن ندرك السلم واسعًا ... بمال ومعروف من الأمر نسلم
في الثاني (ص١٨١) وفيه جعل ندرك ونسلم، بتاء التكلم وهو غلط، وإنما
هما بالنون.
(٣٤) فتنتج لكم غلمان أشأم كلهم ... كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم
في الثاني (ص ٥٦) وفيه جعل الأفعال الثلاثة: تنتج وترضع وتفطم بالياء،
وإنما هي بالتاء لأن الحديث عن الحرب المذكورة في قوله:
وما الحرب إلا ماعلمتم وذقتم ... وما هو عنها بالحديث المرجم
(المنار)
قد تركنا طريقتنا هنا في نقط الياء المتطرفة لأن الطبعة المنتقدة لا نقط للياء
فيها وهو ما عليه كاتب النقد وتساهلنا في مثل لفظ (الثاني وفي) .
((يتبع بمقال تالٍ))