للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


التقريظ والانتقاد
(خواطر الخواطر)
مقالات أدبية حكمية وعظية لمحمود أفندي سلامة صاحب جريدة الواعظ، كان
يكتبها في جريدة اللواء أيام كان محررًا لها، وكانت خير ما ينشر في تلك الجريدة
وأعذبه في ذوق القراء على ما فيها من السجع ومرارة الوعظ؛ لأنها كانت محاورات
بين تلميذ وأستاذه الدهر، ثم عاد الكاتب إلى هذا في جريدته الواعظ لأنها أجدر
بمثله، وقد اقترح عليه ما وافق رغبته من جمع ذلك في كتاب يجعل أجزاء فجمع
معظم ما كتب في جريدة اللواء وطبعه الواعظ فجاء جزءًا لطيفًا ومن مباحثه مقالات
في الخمر والميسر، والقتل والانتحار، وطلب الدنيا، وآداب الصيام، وآثار
الغرب في الشرق، وغير ذلك فنحث القراء على مطالعته وثمنه خمسة قروش
صحيحة.
***
(طولة العمر في حديث أبو يوسف ونمر)
كتاب ألفه شكري أفندي الخوري السوري المقيم في البرازيل باللغة العامية
السورية، وأودعه من الفوائد والنصائح الصحية والأدبية ما لا يستغني عنه أحد من
العامة، على أنه لا يقصر عن إفادة الخاصة. جَعَلَه محاورة بين رجلين من عامة
اللبنانيين، وقد رأينا فيه من قدرته على تصوير أفكار العوام، ما يناسب قدرته على
ضبط عبارتهم في الكتاب، وكلا الأمرين عسير على الناشئين في دور العلم
والمشتغلين بالكتابة والتأليف باللغة العربية الصحيحة، وإننا لنعرف من أنفسنا
العجز عن المضي في ذلك بل إننا نجهل كثيرًا من كلام عامتنا، وأتذكر الآن أنني
كنت أحتاج إلى تصوير بعض المسائل الفقهية في الدرس باللغة العامية فلا أدري
ماذا أقول وإنني لأجهل كثيرًا من مفرداتهم، ولكنني رأيت فيما قرأته من الكتاب
لحنًا وغلطًا، أعني خروجًا عن العامية الملتزمة فيه كاستعمال الذال والعطف بالفاء
وغير ذلك. ولا يخلو من غلط في الرسم، كاستعمال الهاء في مواضع الواو في
مثل قوله: (الواحد يبيع استقلاله الشخصي وحريته بوظيفة حقيرة ويكون موش
عاوز الوظيفة وبيخون بلاده وأهله وعشيرته لأجل كم قرش يقبضها آخر كل شهر)
فالمعروف في الكلام العامي أن يقال (استقلالو) عند الناطقين بالقاف، وقليل ما
هم ولكن الكتاب جرى على طريقتهم ومثلها (بلادو ووظيفتو) وفي هذا المثال أيضًا
قوله: (يقبضها من غير إلحاق الباء بالفعل، ولعلها تقال قليلاً) .
ومن نصائح الكتاب النهي عن الخوض في الأمور الدينية والسياسية الآن
(والقيد بالآن للأخيرة) وجعل ذلك من أسباب الراحة التي تطيل العمر وبهذه المناسبة
تكلم في حال النصارى في سوريا وآمالهم ومستقبلهم بالاختصار وقد انتقدنا عليه في
هذا السياق ما قاله عن المسلمين من مقتهم للولاة والحكام العادلين لأنهم يحولون بينهم
وبين إيذاء النصارى؛ فهذا شيء لا يصح إلا أن يكون بالنسبة إلى بعض أهل بيروت
ولهم من النصارى أكفاؤهم في حب الاعتداء، وأما سائر مسلمي بيروت وسوريا
فإن حالهم مع الحكام الظالمين شر من حال النصارى، لأن الضرائب والمظالم
عليهم أكثر.
الجرائد والجامعة الإسلامية:
وانتقدنا عليه قوله: (إن جرائد الإسلام في كل الدنيا تدعو إلى جامعة دينية
إسلامية وكلها تُسقى من ينبوع واحد بخلاف جرائدهم التي بحت لكثرة النداء
بالجامعة العثمانية لا سيما جرائد المهجر المشتعلة بنار الغيرة على الوطن) .
أقول: ليعلم هذا الوطني الغيور أن أكثر جرائد المسلمين لم تفكر في مسألة
الجامعة الإسلامية الدينية، وأن منها ما يدعو إلى جامعة وطنية غريبة يبغض فيها
المسلم إلى المسلم الموافق له في لغته وجنسيته السياسية؛ إذا كان من بلد آخر ولو
مجاورًا له. وإن أكثر أصحابها لا يعرفون حقيقة الإسلام، وأنه ليس فيها جرائد
دينية، ويا ليت للعالم الإسلامي كله من الجرائد الدينية بعدد ما للنصارى في بيروت
أو القاهرة. وهذه مجلة المنار الإسلامية وجد في مسلمي مصر من يحرض عليها
جميع جرائد المسلمين وغيرهم في مصر وإن كان الأكثر لم يسمع ولم يجب، بل إن
بعض الجرائد اليومية للمسلمين تنشر أحيانًا ما هو طعن صريح في الشريعة والدين.
وجملة القول أنها لم تتفق على دعوة واحدة، ثم إن الجامعة الإسلامية التي
تكلم بها بعض فضلاء المسلمين لا تنافي الجامعة العثمانية في بلاد الدولة العلية بل
تجتمع معها.
سوريا والحجاز والسياسة:
وانتقدنا عليه أيضًا ما قاله في سكة الحديد الحجازية: (اللي بدها تقلب وجه
السياسة قلبة ملعونة) إذ تخيل أن غرض السلطان أو الدولة تنحية النصارى عن
سوريا وجعلها مع الحجاز بلادًا إسلامية محضة ومحط رحال المسلمين من كل الدنيا.
ليعلم أن هذا الخاطر لم يطف في دماغ تركي قط؛ لأنه فرع الرضا بالتنازل
عن الجنسية التركية وعدم تمييز التركي على العربي، وأنى ذلك وجريدة (ترك)
المعتدلة التي تصدر في مصر تعبر عن الترك (بالملة المالكة) وإنما الغرض الأول
من هذه السكة أن يسهل على الدولة سوق العساكر إلى الحجاز عند الحاجة لاسيما إذا
حدثت فيه انقلابات سياسية بدسائس الإنكليز إذ لا يمكنها حينئذ أن ترسل إليه الجيش
في البحر.
وقد عنينا بنقد الكتاب لفائدته ولأنه نشر في جريدة الهدى الغراء وجمع منها
وطبع وانتشر، ولا نحب أن نسكت على ما يحدث نفورًا ويقوي فتورًا بين أهل
الوطن فعسى أن تنبه جريدة الهدى على ذلك كما تفعل جريدة المناظر في مثله.
***
(كمال بلاغة العربية)
في مدح الفرد الكامل والأستاذ المطلق الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية،
أهديت إلينا رسالة بهذا الاسم أنشأها الشيخ كمال الدين العراقي وطبعها على نفقته،
وذكر في آخرها قصيدة له سماها: (لسان الحق في بيان الحقيقة والأخلاء
والمحبوب) .
والرسالة ساجعة بالنثر، مزينة بالشعر، مرصعة بالتوجيه والتصريع
مصنوعة من طينة أنواع البديع، على طريق أهل القرون المتوسطة وهي مناظرة
بين منشئها وأحد الشيوخ في الأزهر وتباع عند جميع الكتبية.
***
(الرياض)
صحيفة تهذيبية علمية، صناعية، اجتماعية تصدر في أول كل شهر إفرنجي
في حجم المنار لصاحبها حسن أفندي صديق في بني سويف وقيمة الاشتراك فيها
خمسون قرشًا، وقد صدر العدد الثاني منها في أول فبراير الماضي، ولم نر
عدد شهر مارس وفيما صدر فوائد كثيرة أنفعها الكلام في مصار الخمر فعسى أن يكون احتجابها عنا لا لاحتجابها في نفسها.
***
(التربية)
مجلة مدرسة شهرية لمديرها محمود أفندي عمر الباجوري يتألف العدد منها من
٨ صفحات كبيرة وقيمة الاشتراك فيها عشرة قروش في القطر المصري وأربعة
فرنكات في غيره وقد أرسل إلينا العدد الثاني منها (دون الأول) وفيه نبذ علمية
وأدبية، وفكاهات وجيزة بلغة الولدان العرفية وفوائد منزلية منها ما ما نصه:
البيض يلزم غمسه في ماء مغلي عشر ثوان - لتنظيف الزجاج تضاف قطعة
من زهرة.
لحفظ الغسيل إلى الماء الذي يغسل به - لكي يكون ضوء اللمبة لامعًا ينقع
الشريط في الخل قبل استعماله.
ولعلنا نجد عبارتها في الأعداد الآتية خيرًا من هذه العبارة وأصح؛ فقد جاء في صدر العدد أن الغرض مما ينشر فيها من المقالات التمرين على الإنشاء
واختيار الأساليب المفيدة. والتلميذ في حاجة إلى ذلك في كل ما يكتبه.
***
(جريدة العجائب)
أرسلت إدارة جريدة العجائب رقاعًا إلى الجرائد ترغب إليهم فيها بالتنويه
بدخولها في السنة الرابعة فنهنئها بذلك ونرجو لها العمر الطويل بما رأيناه من ثباتها
على خطة واحدة في الاستحسان والمدح والاستهجان والنقد على حين نرى كثيرًا من
الجرائد تذم اليوم من مدحت أمس وتستحسن غدًا ما استهجنت اليوم.
***
(ديوان أبي تمام الطائي)
لا يجهل أحد من الأدباء مكان شعر أبي تمام من البلاغة وقد طبع ديوانه غير
مرة؛ فنفدت نسخه، حتى لا تكاد منها نسخة عند كتبي في مصر وقد علمنا أن
محمد أفندي جمال من أدباء بيروت شرع بطبعه على ورق جيد بإذن من نظارة
المعارف في الآستانة وكلف الشيخ محيي الدين الخياط أحد محرري جريدتي بيروت
والإقبال بضبطه وتفسير غريبه، وسيتم طبعه في أواخر صفر الآتي، ويصدر في
٥٠٠ صفحة وهو يقبل الاشتراك فيه إلى أن يتم طبعه بثمانية قروش مصرية
صحيحة، وسيكون ثمنه بعد ذلك اثني عشر قرشًا؛ فمن أحب الاشتراك من أهل
هذا الديار فليرسل القيمة إلى مكتبة المنار بمصر، أو لملتزم الطبع في بيروت،
وله بعد حضور الكتاب أن يستلمه من هذه المكتبة.