للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


بلاد روسيا دار حرب أو إسلام
والروسيون كتابيون أم وثنيون

(س٢٤) ومنه: قد اختلف علماؤنا في الروسيا في دارنا هل هي دار حرب
أم دار إسلام، وهل الروسيون كتابيون أم وثنيون؟ نرجو من جنابكم الإفادة بلسان
مجلتكم المنار. عزَّز الله بها المسلمين وأنار.
(ج) قد اختلفت عبارات الفقهاء والمحدثين في تعريف دار الحرب ودار
الإسلام، فلا جرم أن الذين يأخذون العلم من الألفاظ يختلفون في تطبيق تلك الأقوال
على كل دار وكل مملكة، فيمكن أن يقال: إن بعض البلاد التي لا يوجد فيها مسلم
أصلي، ولا حكم فيها للإسلام أنها دار إسلام بناء على قول بعضهم: إن دار
الإسلام هي ما يمكن للمسلم إظهار دينه فيها ولا يخاف فتنة في دينه، فأكثر بلاد
أوربا وأمريكا كذلك ولكنها ليست دار إسلام. وإن كثيرًا من البلاد التي حكامها
مسلمون يفتن المرء فيها عن دينه فلا يقدر على إظهار جميع ما يعتقد ولا أن يعمل
بكل ما يجب عليه، لا سيما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وانتقاد الأحكام
المخالفة للشرع؛ فهي على قول بعضهم دار حرب. والذي يؤخذ من مجموع
الأقوال التي يعتد بها أن العبرة هنا بظهور الكلمة ونفوذ الحكم، فإذا كانت الأحكام
لأهل الإسلام لا معارض لهم في تنفيذ شريعتهم وإظهار دينهم، وكان غيرهم آمنًا في
سربه بتأمينهم، حرًّا في دينه بسلطتهم وحمايتهم، فالدار التي هذا شأنها دار إسلام
وإلا فهي دار كفر وحرب. ولعلنا نشرح هذه المسألة وما يتعلق بها من حكم الهجرة
وغيره في مقالة مستقلة. وأما الروسيون فهم أهل كتاب وإن شابت عقائدهم الوثنية
وأعمال الشرك؛ لأنهم يؤمنون بالله وبالوحي والأنبياء واليوم الآخر، وتجد تفصيل
هذا البحث في التفسير من الجزء السابع (الماضي) .