للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الأسئلة والأجوبة

الإنفاق على التعليم الإسلامي من مال الحكومة الروسية
(س ١٠) من الشيخ أبي علي محمد نجيب بن شمس الدين التونتاري
المدرس بتونتار (روسيا) :
حدثت واقعة بين علمائنا جديرة بالاستفتاء من علمكم وهي أن جمعًا من
العلماء المتبصرين ذوي الحمية الدينية هموا بتأسيس المكاتب الابتدائية في القرى
بمال محفوظ في الخزانة الملكية التي يسمونها بالروسية (زيمسكي صوما) ذلك أنه
يجمع في كل سنة نقود مقدرة من أهل الزراعة من مسلم وغير مسلم , وتوضع في
هذه الخزانة مختلطة إلا أن مقدار ما يجمع من كل جنس معلوم ومضبوط في الدفاتر ,
ويصرف من هذه النقود ما يصرف من وظائف المأمورين الملكيين وسائر مصالح
الأمة الروسية كتأسيس المكاتب والمستشفيات ودور العجزة ونحوها , ويحفظ الباقي
في الخزانة. وقد كان المسلمون محرومين من الانتفاع بهذه النقود - لا لمنع
الحكومة بل لعدم سؤالهم ذلك للأوهام التي يطول شرحها - على اشتراكهم في دفع
ما عليهم منها وشدة حاجتهم إليها , فإن كثيرًا من القرى الإسلامية ليس فيها مكاتب
دينية لفقر الأهالي وفقد التعاون العمومي وعدم كفاية الإعانة الخصوصية للجميع فعم
الجهل بالدين أكثر الطبقة السفلى. فهذه الحالة المؤسفة أزعجت القلوب المملوءة
بالحمية وألجأت إلى التشاور في هذه المصلحة المهمة فتشاوروا وتفكروا في الوسائل
اللازمة لتعميم التعليم الديني بين السواد الأعظم من الأمة , فما وجدوا سبيلاً إلى
هذه السبيل (أي الاستعانة بمالهم في تلك الخزانة) فسعوا فيها وكتبوا عرائض إلى
أولي الأمر يقولون فيها ما محصله: إن من مقتضى العدالة تأسيس المكاتب الملكية
الابتدائية في القرى الإسلامية التي لا توجد فيها مكاتب كما هو الشأن في القرى
الروسية , ويتوقف ذلك على تخصيص مبلغ من حصة المسلمين في النقود الأميرية
يكفي لتأسيسها والنفقة عليها. إذ الغرض من وضع تلك الخزانة هو انتفاع
المشتركين فيها على السواء , وليس من العدالة تخصيص جنس دون جنس
بالانتفاع بها مع المساواة في الدفع.. إلخ , وسمعت أن المحكمة الملكية (زيمسكي
أوبرافا) أجابت على تلك العرائض بالقبول , وعند ذلك قامت الفرقة المتعصبة
تنازع في هذا الخير وتصد عنه صدًّا يشوش أذهان العوام قائلين: إن أخذ تلك
النقود وصرفها في تلك الوجوه غير جائز في الشرع متعللين تارة بأنها مال الفقراء!!
ولا أدري أي فقير يرضى بصرف ماله المتروك في الخزانة في حوائج غير جنسه
ولا يرضى بصرفه في مصالح جنسه ونفسه؟ وتارة بأنها مخلوطة بنقود غير
المسلمين! وظني أنه لا ضرر فيه بعدما كان مقدار كل واحد منهم معلومًا , وما
يؤخذ منها لمصالحنا إنما هو من نقود المسلمين المتعينة نوعيًّا , وبعضهم يتعلل بأن
فيها مال الأيتام , وهم لا ينظرون إلى الشرع هل يرخص بترك هذا المال في
الإدارة الملكية تتصرف فيه كيف تشاء مع عدم التمكن من استرداده أم يسوغ أخذه
وبذله في مصالحنا؟ فإن هذا المال على كل حال لا يرد إلى صاحبه والله أعلم.
هذا ما دار في فكري الفاتر فأرجوكم أيها الأستاذ بيان حكم هذه المسألة شرعًا
في المنار والله لا يضيع أجر المحسنين.
(ج) إن هذه الواقعة هي أظهر مثال لقول أمير المؤمنين علي كرم الله
وجهه: إن المسلمين لَبِسوا الدين كما يُلبَس الفرو مقلوبًا , بل هي أوضح حجة على
أن المسلمين قد جُنوا بدينهم جنونًا مفردًا لم يشاركهم فيه أحد على أنهم قد شاركوا
من قبلهم من جميع فنون جنونهم في الدين , وكأني بكل مسلم غيور قد استعبر
لسماع هذه المسألة وبكى، وبكل عدو للمسلمين قد أغرب لسماعها ضحكًا.
حقيقة المسألة أخذ مال من حاكم غير مسلم برضاه لصرفه في مصلحة
المسلمين فهل يشترط لجواز انتفاع المسلمين به أن يكون ذلك الحاكم قد أخذه من
رعيته المسلمين وغيرهم بوجه شرعي بحيث يحكم الشرع بأنه ليس له مالك غير
هذا الحاكم أو يحكم بأن له صرفه في المصالح العامة؟ لا محل لهذا السؤال ولا لهذا
الاشتراط لأن الحاكم غير المسلم لا يكلف العمل بفروع الشريعة قبل الإسلام , فهذا
المال الذي أخذه من رعيته ماله لأنه صاحب اليد عليه والتصرف فيه بلا منازع
وإرجاعه إلى من أخذه منه متعذر , فإذا أعطانا شيئًا منه لننفقه في مصالحنا جاز لنا
أخذه حتمًا , بل قالوا: إن جميع أموال غير المسلمين في غير دارهم مباحة لهم إذا
أخذوها برضى أصحابها من غير غدر ولا خيانة لا يشترط فيه غير هذا , ولو كان
وجود بعض أموال اليتامى فيه غير متميز مانعًا من الانتفاع به لكان وضع درهم
ليتيم في ألف ألف درهم بغيره مانعًا لهذا من التصرف في ماله كما قال الغزالي في
شبه هذه المسألة وذلك بديهي البطلان. على أنه لا سبيل إلى العلم بأن عين المال
الذي أخذناه من الحاكم لا يخلو مما أخذه من اليتامى إلا إذا كان ما يؤخذ منهم كثيرًا
جدًا بحيث يعلم أو يظن أنه لا تخلو طائفة من ماله من ذلك وليس الأمر كذلك.
وهنالك وجه آخر لجواز الأخذ وهو أن المال الحرام الذي لا يعرف له مالك معين
يجب صرفه في الصدقات أو المصالح والمنافع العامة , ويرجح جانب المصالح في
بلاد ليس لها فيها مصرف غيره كبلادكم. وما عارضتم به شبههم في محله إلا
تعليل عدم الضرر بكون ما يؤخذ من مال المسلمين فإن ما يؤخذ من مالهم برضاهم
جائز أيضًا لا وجه لمنعه , والله أعلم.
***
الوصية النبوية المنامية
(س١١) م. ر. بالسويس.
(ج) راجعوا ص ٦١٤ من مجلد المنار السابع ترون الكلام على هذه
الوصية التي تنشر في كل بضع سنين مرة عن لسان رجل اسمه الشيخ أحمد خادم
الحجرة النبوية. ومنه تعلمون الحق في ذلك , وتعذروننا إذ لم ننشر نسخة الوصية
التي أرسلتموها مع سؤالكم عنها.
***
اللذات الحسية في الجنة وجنة آدم
(س١٢) محمد أفندي السيد قاسم في منشاة حلفه (الفيوم) :
تقابلت مع أحد المتخرجين من دار العلوم فذكرت الجنة وما فيها من النعيم
الدائم والتلذذ بالمأكل والمشرب والمنكح , وأن تلك هي التي أُهبط منها آدم وحواء
حين أكلا من الشجرة , فأخبرني أن الجنة ليس فيها أكل ولا شرب ولا نكاح كالدنيا
وإنما تحصل لأهل الجنة لذة الأكل والشرب والجماع عند اشتهاء أنفسهم ذلك بدون
فعل كالنائم يرى أنه أكل كذا فيتلذذ بذلك والحال أنه لم يفعل ذلك حقيقيًّا، فقلت له:
إن في القرآن الحكيم ما يدل على ذلك نحو قوله تعالى: {وَتِلْكَ الجَنَّةُ الَتِي
أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ} (الزخرف:
٧٢-٧٣) وقوله تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (الطور:
١٩) وقوله تعالى: {وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ} (الطور: ٢٠) وغير ذلك من
الآيات فقال: إن الله تعالى وعد المؤمنين بالتنعم في الجنة بالأكل والشرب والنكاح
المعلومة لذته لهم تقريبًا لأفهامهم وتشبيهًا إذ لو وصف لهم التنعم بغير ما هو معلوم
لهم لما كان له موقع في أنفسهم ولما فهموا معنى التنعم! . وتلك الجنة ليست هي
التي أهبط منها آدم وحواء، ولقصوري عن إقناعه حررت هذا لسيادتكم راجيًا
الإجابة عن ذلك على صفحات المنار بما يشفي الغليل ملتمسًا الإعادة إذا كان سبق
توضيح ذلك في مجلد مضى من المنار؛ لأن ابتداء اشتراكي في المجلد الثامن , ولا
زلتم في عز وجاه، والسلام عليكم ورحمة الله.
(ج) لا خلاف بين المسلمين في أن الإنسان يبعث في الآخرة كما كان في
الدنيا أي أن حقيقته لا تتبدل فتخرج عن الإنسانية إلى حقيقة أخرى , بيد أنه يكون
في الجنة أرقى مما كان في الدنيا فتكون حياته دائمة سليمة من العلل , ومتى كان
الإنسان إنسانًا فلا وجه لاستنكار أكله وشربه وغشيان أحد زوجيه للآخر حقيقة ,
وقد جاءت الآيات صريحة في ذلك فلا وجه لإخراجها عن ظاهرها وتحريفها عن
معانيها اتباعًا للهوى والرأي. نعم، قد دلت النصوص المأثورة من الآيات والأخبار
والآثار أن جميع ما في الجنة من النعيم هو أرقى مما في الدنيا وأن حقيقته غيبية،
ما رأت مثلها عين ولا سمعت بمثلها أذن ولا خطرت على قلب بشر , ولكن ذلك لا
يمنع أن تكون حقيقة جامعة بين اللذة البدنية واللذة الروحية؛ لأن الإنسان بدن
وروح. وإنني لا أعرف سببًا لسريان شبهة فلاسفة اليونان والنصارى إلى نفوس
بعض المسلمين في هذه المسألة إلا توهمهم أن اللذة الحسية نقص في الخلقة لا يليق
بالعالم الآخر! . ولو عقلوا وحققوا لعلموا أنه ليس في الفطرة نقص , فداعية اللذة
والتمتع بها من كمال الخلقة , ولكن لما كان الإنسان قد يسرف في تمتعه وقد يسوقه
كسبه واختياره إلى الاعتداء على حق غيره ليتمتع به وكان ذلك ضارًا بنفسه وبمن
يعيش معهم؛ كان الإسراف والاعتداء مما نهت عنه الشرائع تأديبًا للإنسان وإيقافًا
لقواه عند حدود الاعتدال حتى لا يبغي بعضها على بعض ولا يبغي بعض أصحابها
على بعض , وعدّ الإسراف والعدوان من النقص لأنه يعوق الإنسان في أفراده
ومجتمعه عن بلوغ الكمال الذي خلق مستعدًا له , وإنما يناله إذا اعتدل في استعمال
جميع قواه مع مراعاة كل فرد لحقوق سواه.
أما قولكم: إن الجنة التي وُعد المتقون في الآخرة هي الجنة التي سكنها آدم
في أول نشأته فلا دليل عليه , والراجح المختار من القولين في ذلك أنها بستان من
بساتين الدنيا إذا لم تكن القصة تمثيلاً لأطوار الإنسان في هذه الحياة. وإذا أردت
مزيد البيان فراجع تفسير الآيات في ذلك ولو في غير المنار.
***
حكم أواني الفضة وزكاتها
(س١٢و١٤) علي أفندي مهيب بتفتيش التلغرافات بمصر:
أرجو التفضل ببيان حكم الأواني الفضية في الشرع من حيث استعمالها هل
هو محظور أو مباح؟ وهل تجب الزكاة عنها؟ وما هو نصابها الكامل؟ وما مقدار
الواجب عنه؟ .
(ج) أما الاستعمال فقد ثبت في الأحاديث الصحيحة النهي عن الأكل
والشرب في آنيتها , فحمل ذلك بعض العلماء على الكراهة وجماهيرهم على
التحريم , وخصه أهل الظاهر بمورد النهي , وقاس عليه غيرهم سائر أنواع
الاستعمال (راجع ص ٤٢١ و٤٢٢، م٧) والذي أعتقده الوقوف عند النص.
وأما الزكاة عن آنية الفضة ومثلها الذهب فقد قال بها الجماهير , وإن كانت
الزكاة المعهودة فيما يزكو وينمو بالعمل كالنقدين والأنعام السائمة وغلة الأرض ,
ولعل الأصل في ذلك ما رووه في الحلي وأخذ به الحنفية مطلقًا , وقال الشافعية:
إنما الزكاة فيما حرم استعماله من الحلي وأعل البيهقي ما روي في زكاة الحلي بما
لا محل لذكره ولا لما قيل في الجواب عنه , والمعتمد عندي ما قاله الترمذي من أنه
لم يصح في هذا الباب شيء.
وفي نص القرآن أن الزكاة فيما يكنز من الذهب والفضة , وهو ما يجمع
بعضه فوق بعض , زاد بعضهم: وكان مخزونًا , هذا معناه في اللغة وهو بمعنى
الفاضل عن النفقة , واصطلح أكثر الفقهاء على جعله بمعنى ما وجبت فيه الزكاة فلم
تؤدَّ. والمتبادر أن المراد به النقود المضروبة لأنها هي التي تكنز وتنفق دون الحلي
والأواني. وفي حديث علي مرفوعًا: (قد عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق
فهاتوا صدقة الرقة من كل أربعين درهمًا وليس في تسعين ومائه شيء , فإذا بلغت
مائتين ففيها خمسة دراهم) رواه أحمد وأبو داود والترمذي , وذكر الترمذي أنه
روي من طريق عاصم بن ضمرة وطريق الحارث الأعور عنه وقال: سألت محمدًا
- يعني البخاري - عن هذا الحديث فقال: كلاهما عندي صحيح. والرقة: هي
الدراهم المضروبة. وقد أيد القائلون: ليس في الحلي المباح زكاة قولهم بالقياس،
قال في حاشية المقنع: وقد تكلم عن روايتين في المذهب: ووجه الأولى ما روى
جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس في الحلي صدقة) ولأنه مرصد
لاستعمال مباح فلم تجب فيه الزكاة كالعوامل من البقر وثياب القنية , والأحاديث
التي احتجوا بها لا تتناول محل النزاع لأن الرقة هي الدراهم المضروبة اهـ. وما
ذكره من القياس على العوامل من البقر والثياب ظاهر جدًا.
وقد علم السائل أن الذي أعتقده في المسألة أن المحظور من استعمال الذهب
والفضة هو ما جاء به النص , وأن ما تجب فيه الزكاة هو ما ورد به النص , وقال
بعض العلماء: إن الاحتياط أن يزكى الحلي أي والآنية. وهو ما يوجبه الأكثرون.
وعلم أيضًا أن نصاب الفضة مائتا درهم وأن فيه ربع العشر , والله أعلم وأحكم.
***
بيع أنقاض المسجد وتجديد بنائه بثمنها
(س١٥) أ. ب في بيتنزورغ (جاوه) :
ما قولكم رضي الله عنكم في أنقاض مسجد موقوف خرب وأرادوا بناءه؛ فهل
يجوز بيع تلك الأنقاض التي لا تصلح للبناء وهي من خشب وقراميد , واستعمال
ثمنها في بناء ذلك المسجد أم لا؟ أفتونا مأجورين.
(ج) يستأذن القاضي الشرعي في ذلك وهو يأذن ببيع ما لا يستفاد منه إلا
ببيعه , وإنما يناط مثل هذا بأمر القاضي للمصلحة إذ ليس كل ناظر وقف يقف عند
حدود الشرع , فلو وكل الأمر إلى الناظر لباع بعضهم أوقافًا بدعوى تعذر الانتفاع
بها كذبًا وعدوانًا , ولا حاجة إلى بيان أننا لا نكلف حفظ هذه الأنقاض بغير فائدة
تدينًا وتعبدًا. ومن البديهي أن تجديد بناء المسجد في مكانه الموقوف يتعذر مع
وجود تلك الأنقاض , والأمر دائر بين بيع ما لا ينتفع به في بنائه وبين نقله إلى
مكان آخر يحفظ فيه , وهذا النقل والحفظ إنما يكونان بنفقة كأجرة الناقلين وأجرة
المكان الذي تحفظ فيه فأي كتاب أم أية سنة تعبدتنا بأن ننفق المال سدى لنحفظ ما
لا فائدة فيه للوقف؟ ! .
وإننا نرى الناس في مصر يبيعون أعيان الوقف ليستبدلوا بها أعيانًا أخرى
أكثر ريعًا والقاضي يأذن بذلك.
***
امتياز رجال الجنة على نسائها بالحور العين
(س١٦) محمد أفندي مهدي سليمان بميت القرشي:
تعلمون أن أهل الجنة يدخلونها بفضل الله ويتقاسمونها بالأعمال , فما بال
الرجل من أهلها يمتاز على المرأة بالحور العين الحسان يتمتع بهن وينعم بقربهن
فهل في ذلك من حكمة؟ .
(ج) الحور العين هم نساء الجنة , وما من امرأة تدخل الجنة إلا ويكون لها
فيها زوج فالتمتع بلذة الزوجية مشترك؛ إذ لا زوجية إلا بين ذكر وأنثى , ولعل
سبب السؤال هو توهم أن وصف الحور العين خاص بنساء يُخلَقن في الجنة وأن
نساء الدنيا لا يكنَّ حورًا عينًا في الجنة ولا دليل على ذلك.
***
أسئلة من سنغافوره
من الشيخ محمد بن عوض بن عبده، قال: إنه عرض ما يأتي من الأسئلة
على كثير من العلماء والفضلاء فأجابوه بأن أرسلها إلى السيد محمد رشيد وهي هذه
نذكرها ببعض تصرف حيث تكون عبارتها سقيمة:
(أفضل الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم)
(س١٧) مَن أفضل هذه الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم بالنص لا
بالمزايا كالصلاة بالصحابة، وتسلسل الخلافة؟ وقال السائل: إنه يعرف وجه
التفضيل بهذه المزايا منذ كان ابن عشر؟ ! .
(ج) لا يوجد نص قطعي في القرآن أو حديث متواتر يدل على أن فلانًا
أفضل الناس بعد النبيين , وإنما هناك أحاديث آحاد مشتركة , ولا يصح منها شيء
قطعي الدلالة فحديث أبي الدرداء مرفوعًا: (ما طلعت شمس ولا غربت على أحد
بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر) ضعيف أخرجه أبو نعيم في الحلية وفي
فضائل الصحابة وابن النجار وكذا ابن عساكر بالمعنى , وكذلك حديث علي والزبير
عند ابن عساكر: (خير أمتي بعدي أبو بكر وعمر) وحديث جابر عند
الخطيب: (علي خير البشر فمن أبى فقد كفر) قال: إنه حديث منكر , وهناك
أحاديث أخرى صحيحة أو حسنة الأسانيد لكنها ليست نصًا في التفضيل كحديث:
(أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) قاله لعلي في صحيح مسلم
وغيره في الصحيحين بلفظ آخر وهو بمعنى حديث: (أنت أخي في الدنيا والآخرة)
رواه الترمذي والحاكم من حديث عمر. وكحديث: (لو كان بعدي نبي لكان
عمر بن الخطاب) رواه أحمد والترمذي عن عقبة بن عامر وغيرهما. وكل هذا
من المزايا. وخير للمسلمين أن يفوضوا أمر التفضيل إلى الله تعالى ولا يبحثوا فيه.
***
(خروج معاوية على عليّ)
(س١٨) ومنه: أفدنا عن معاوية بن أبي سفيان هل هو محق فيما ادعى
به على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في طلب الخلافة أو مخطئ أو فاسق
كما قال ابن حجر في الصواعق المحرقة أو عاصٍ؟ ! . نرجو الجواب الشافي ولا
نرضى بقولهم: المجتهد المصيب له أجران والمخطئ له أجر واحد! .
(ج) إن سيرة معاوية تفيد بجملتها وتفصيلها أنه كان طالبًا للملك ومحبًّا
للرياسة , وإني لأعتقد أنه قد وثب على هذا الأمر مفتاتًا وأنه لم يكن له أن يحجم
عن مبايعة علي بعد أن بايعه أولو الأمر أهل الحل والعقد , وإن كان يعتقد أنه قادر
على القيام بأعباء الأمة كما يقولون فما كل معتقد بأهليته لشيء يجوز له أن ينازع
فيه , وقد كان علي يعتقد أنه أحق بالخلافة ولما بايع الناس مَن قبله بايع لئلا يفرق
كلمة المسلمين ويشق عصاهم , ومعاوية لم يراعِ ذلك. وأنه هو الذي أحرج
المسلمين حتى تفرقوا واقتتلوا وبه صارت الخلافة ملكًا عَضوضًا , ثم إنه جعلها
وراثة في قومه الذين حولوا أمر المسلمين عن القرآن بإضعاف الشورى بل بإبطالها
واستبدال الاستبداد بها حتى قال قائلهم على المنبر: (مَن قال لي: اتق الله ضربت
عنقه) ! بعد ما كان أبو بكر يقول على المنبر: (وليت عليكم ولست بخيركم فإذا
استقمت فأعينوني وإذا زغت فقوِّموني) وكان عمر يقول: (مَن رأى منكم فيَّ
اعوجاجًا فليقومه) , وإنني على اعتقادي هذا لا أرى للمسلمين خيرًا في الطعن في
الأشخاص والنبز بالألقاب واللعن والسباب، وإنما عليهم أن يبحثوا عن الحقائق
ليعلموا من أين جاءهم البلاء فيسعوا في تلافيه مع الاتحاد والاعتصام والاقتداء
بالسلف الصالح في حسن الأدب لا سيما مع الصحابة الكرام.
***
(قبر هود عليه السلام)
(س١٩) أفيدوني عن قبر نبي الله هود، هل هو في حضرموت كما يزعم
بعض الحضارمة أم لا؟ .
(ج) من خصوصيات نبينا عليه الصلاة والسلام أن قبره معروف بطريق
القطع واليقين , ولا يعرف قبر لنبي آخر ولا بالظن الراجح وإنما هي شبهات
وأوهام.
وأما السؤال الرابع فهو عن نبي اسمه (عياد) إلا أن تكون قراءة العبارة قد
تعذرت عليَّ ولا أعرف في الأنبياء مَن اسمه عياد.