للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


فتاوى المنار

فتحنا هذا الباب لإجابة أسئلة المشتركين خاصة، إذ لا يسع الناس عامة،
ونشترط على السائل أن يبين اسمه ولقبه وبلده وعمله (وظيفته) وله بعد ذلك أن يرمز إلى اسمه بالحروف إن شاء، وإننا نذكر الأسئلة بالتدريج غالبًا، وربما قدمنا متأخرًا لسبب، كحاجة الناس إلى بيان موضوعه، وربما أجبنا غير مشترك
لمثل هذا، ولمن يمضي على سؤاله شهران أو ثلاثة أن يُذَكِّر به مرة واحدة
فإن لم نذكره كان لنا عذر صحيح لإغفاله.
أخذ الحق من الوالدين وضابط العقوق
(س٣١) من أحد القراء بمصر: ما قول عالم الأمة الإسلامية وحكيمها
ومرشدها أستاذنا السيد محمد رشيد رضا - لا زال كعبة للسائلين - في رجل
اشترى لولده أملاكًا من أناس أجانب بعضها وهو صغير والبعض الآخر وهو كبير،
دفع الوالد الثمن من عنده. فلما رشد الولد وأراد أن يأخذ ما اشترى له منعه والده من
أخذها، فهل يجوز للولد أخذها منه وله الحق في ذلك لكونها مِلكًا له أم لا؟ وهل تُعَدُّ
إساءته بأخذها منه عقوقًا يعاقبه الله عليه في الآخرة أم لا؟ أفيدوا الجواب بالدليل
الشافي، لا زلتم نجمًا للمهتدين.
(ج) الفقهاء يجيزون أخذ الحق من الوالدين وإن استاءا ولا يعدون ذلك من
العقوق الذي هو الإيذاء الشديد عرفًا، والمسألة مشكلة من حيث صلة الولد بالوالد،
وإننا نذكر أحسن ما قاله الفقهاء في ذلك ثم نتبعه النصيحة النافعة إن شاء الله تعالى.
قال شيخ الإسلام السراج البلقيني في فتاواه كما نقل عنه ابن حجر في
(الزواجر) ما يأتي:
(مسألة قد ابتلي الناس بها واحتيج إلى بسط الكلام عليها وإلى تفاريعها
لتحصيل المقصود في ضمن ذلك، وهي السؤال عن ضابط الحد الذي يعرف به
عقوق الوالدين؛ إذ الإحالة على العرف من غير مثال لا يحصل به المقصود، إذ
الناس أغراضهم تحملهم على أن يجعلوا ما ليس بعرف عرفًا، لا سيما إذا كان
قصدهم تنقيص شخص أو أذاه، فلا بد من مثال يُنْسَج على مِنْوَاله، وهو أنه مثلاً
لو كان له على أبيه حق شرعي، فاختار أن يرفعه إلى الحاكم ليأخذ حقه منه، فلو
حبسه فهل يكون عقوقًا أم لا؟)
(أجاب) هذا الموضوع قال فيه بعض العلماء الأكابر: إنه يَعْسُر ضبطه،
وقد فتح الله سبحانه وتعالى بضابط أرجو من فضل الفاتح العليم أن يكون حسنًا
فأقول: العقوق لأحد الوالدين هو أن يؤذي الولد أحد والديه بما لو فعله مع غير
والديه كان محرمًا من جملة الصغائر فينتقل بالنسبة إلى أحد الوالدين إلى الكبائر، أو
أن يخالف أمره أو نهيه فيما يدخل فيه الخوف على الولد من فوات نفسه أو عضو
من أعضائه ما لم يتهم الوالد في ذلك، أو أن يخالفه في سفر يشق على الوالد وليس
بفرض على الولد، أو في غيبة طويلة فيما ليس بعلم نافع ولا كسب أو فيه وقيعة في
العرض لها وقع، وبيان هذا الضابط أن قولنا: أن يؤذي الولد أحد والديه بما لو
فعله مع غير والديه كان محرمًا، مثاله لو شتم غير أحد والديه أو ضربه بحيث لا
ينتهي الشتم أو الضرب إلى الكبيرة، فإنه يكون المحرم المذكور إذا فعله الولد مع
أحد والديه كبيرة.
وخرج بقولنا: (أن يؤذي) ما لو أخذ فلسًا أو شيئًا يسيرًا من مال أحد والديه
أنه لا يكون كبيرة، وإن كان لو أخذه من مال غير والديه بغير طريق معتبر كان
حرامًا؛ لأن أحد الوالدين لا يتأذى بمثل ذلك لما عنده من الشفقة والحنو، فإن أخذ
مالاً كثيرًا بحيث يتأذى المأخوذ منه غير الوالدين بذلك فإنه يكون كبيرة في حق
الأجنبي، فكذلك يكون كبيرة هنا، وإنما الضابط فيما يكون حرامًا صغيرة بالنسبة
إلى غير الوالدين.
وخرج بقولنا: (ما لو فعله مع غير والديه كان محرمًا) ما إذا طالب الوالد
بدين عليه. فإذا طالب به أو رفعه إلى الحاكم ليأخذ حقه منه فإنه لا يكون من
العقوق، فإنه ليس بحرام في حق الأجنبي، وإنما يكون العقوق بما يؤذي أحد
الوالدين بما لو فعله مع غير والديه كان محرمًا، وهذا ليس بموجود هنا، فافهم
ذلك فإنه من النفائس.
وأما الحبس فإن فرَّعنا على جواز حبس الوالد بدين الولد كما صحَّحه جماعة،
فقد طلب ما هو جائز فلا عقوق، وإن فرعنا على منع حبسه كما هو المصحح
عند آخرين، فإن الحاكم إذا كان معتقده ذلك لا يجيبه إليه، ولا يكون الولد الذي
يطلب عاقًّا إذا كان معتقده الوجه الأول، فإن اعتقد المنع وأقدم عليه كان كما لو
طلب حبس من لا يجوز حبسه من الأجانب لإعسار ونحوه، فإذا حبسه الولد
واعتقاده المنع كان عاقًّا؛ لأنه لو فعله مع غير والديه حيث لا يجوز كان حرامًا،
وأما مجرد الشكوى الجائزة والطلب الجائز فليس من العقوق في شيء.
وقد جاء ولد بعض الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو من والده
في اجتياح ماله، وحضر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يجعل رسول
الله صلى الله عليه وسلم شيئًا من ذلك عقوقًا ولا عَنَّفَ الولد بسبب الشكوى المذكورة.
وَأَمَّا إِذَا نَهَرَ الْوَلَدُ أَحَدَ وَالِدَيْهِ فإنه إذا فعل ذلك مع غير والديه وكان محرمًا كان
في حق أحد الوالدين كبيرة، وإن لم يكن محرمًا، وكذا (أف) فإن ذلك يكون صغيرة
في حق الوالدين، ولا يلزم من النهي عنهما والحال ما ذكر أن يكونا من الكبائر.
ثم ذكر البلقينى مسألة مخالفة الأمر والنهي فيما يدخل الخوف على الوالد،
ومسألة السفر وليس من موضوع بحثنا، وقد بحث ابن حجر بعد إيراد هذه الفتوى
في الضابط، وعنده أن المدار في العقوق على ما يتأذى به أحد الوالدين تأذيًا ليس
بالهين عرفًا، وإن لم يكن محرمًا لو فعله مع غيره قال: (كأن يلقاه فيقطب في
وجهه أو يقدم عليه في ملأ فلا يقوم ولا يعبأ به، ونحو ذلك، مما يقضي أهل
العقل والمروءة من أهل العرف بأنه مؤذٍ تأذيًا عظيمًا) .
وقال الغزالي في الإحياء: (وجملة عقوقهما أن يقسما عليه في حق فلا يبر
قسمهما وأن يسألاه حاجة فلا يعطيهما وأن يسباه فيضربهما) وهو قد نقل ذلك عن
(القوت) لأبي طالب المكي.
أقول: لا شك إن إيذاء الوالدين محرم، ولكن ليس كل إيذاء عقوقًا، وإنما
العقوق هو الإيذاء الشديد، وهو يختلف باختلاف العرف، عرف العقلاء وأصحاب
الذوق السليم والمعرفة بآداب الشرع وأحكامه، وإلا فإن من الوالدين من يؤذيه اتباع
ولده للحق ومخالفته لهواه الباطل؛ ولذلك قالوا: إنه لا يجب على الولد أن يطلق
امرأته امتثالاً لأمر أحد والديه، وإن مخالفتهما في مثل هذا لا تعد عقوقًا، ومثل
ذلك مخالفتهما في كل ما فيه مصلحة له وفي تركه مضرة، نعم إن من البر المحمول
أن يؤثر سرورهما على سروره عند التعارض، لا سيما إذا كانا معتدلي الأخلاق
سليمي الفطرة.
وههنا مسألة مهمة لا بد من الإلمام بها في هذا المقام لإيضاح الحق في
الواقعة المسؤول عنها، وهي أن كثيرًا من الوالدين يستبدون في أولادهم استبدادًا أشد
من استبداد الملوك الظالمين في رعيتهم حتى يعيش الولد معهما في غم دائم ونكد
لازم، والسبب في هذا الاستبداد الذي يكاد يكون منافيًا للفطرة البشرية في الوالدين
هو الاعتقاد بأن لهما حقوقًا عظيمة على الولد توجب عليه أن يخضع لكل ما يريدان،
وأن لا يكون له معهما إرادة ولا رأي ولا ملك، وإن صار أوسع منهما علمًا
وأجود رأيًا وأكبر فضلاً. فهما ينظران إليه في شبابه أو كهولته كما كانا ينظران إليه
في حداثته.
يقع هذا من الأم قليلاً ومن الأب كثيرًا، لا سيما إذا كان من أصحاب المال أو
الجاه فإنه حينئذ يغلب عليه الشعور بعزة سيادة الوالدية وعزة الغنى والرفعة جميعًا،
ويلذ له أن يرى ولده مفتقرًا إليه عاجزًا عن الاستقلال بنفسه، وذلك منتهى الجهل
وفساد الفطرة وغاية الإسراف في الاستبداد، وهو العلة لما ترى عليه أبناء الأغنياء
والكبراء الجاهلين من العجز عن كسب الثروة وعن حفظ ما يرثون منها والسبب في
إسرافهم في كل أمر.
أما الآباء العقلاء فهم الذين يعينون أولادهم على برهم ويربونهم على
الاستقلال بأنفسهم؛ لأنهم يعلمون أن هذا الاستقلال خير لهم من المال والعقار ومن
الجاه والأنصار؛ لأن عدمه يذهب بكل شيء موروث، وهو الذي ينال به كل خير
معدوم، ومن التربية على الاستقلال أن يعطي الغني ولده شيئًا من ماله وعقاره في
حياته يستغله ويتمتع بثمرته تحت نظر الوالد وإرشاده، ولذلك فوائد كثيرة لا محل
هنا لشرحها.
وقد رأيت بعض الشيوخ المدبرين في طرابلس الشام يقسم بين أولاده كل ما
يملكه، ويمسك لنفسه ما لا بد له منه، ويقول: لو أمسكت عنهم لتمنوا موتي
ليتمتعوا بما في يدي، أما الآن فهم يحبونني ويتمنون أن تطول حياتي. وقد رأينا
بأعيننا هذا القول فيهم، وكان محمد باشا المحمد أغنى أهل بلادنا (لواء طرابلس
الشام) وأعقلهم، وقد قسم جميع ما يملك بينه وبين أولاده في حياته بالمساواة؛
ليعودهم على الإدارة والاستغلال، ويربيهم على العز والاستقلال.
وما يؤثر عن القدماء في تأييد هذا ما قاله الأحنف بن قيس لمعاوية وناهيك
بعقل الأحنف وحكمته، قال يزيد: أرسل معاوية إلى الأحنف بن قيس، فلما صار
إليه قال: يا أبا بحر ما تقول في الولد؟ قال: يا أمير المؤمنين أولادنا ثمار قلوبنا،
وعماد ظهورنا، ونحن لهم أرض ذليلة، وسماء ظليلة، وبهم نصول على كل
جليلة، فإن طلبوا فأعطهم، وإن غضبوا فأرضهم، يمنحوك ودهم، ويحْبوك
جهدهم، ولا تكن عليهم ثقلاً ثقيلاً فيملوا حياتك، ويودوا وفاتك، ويكرهوا قربك.
هذا وإنما زدت في جواب هذا السؤال عما سئلت عنه؛ لأنه يثقل على أن
أفتي الابن بأن له أن يأخذ حقه من أبيه كما أفتى الفقهاء، ولا أصِل ذلك بما أرجو
أن يكون سببًا في البر والصلة وتنبيه عاطفة الرحمة والشفقة في قلب الوالد لعله يتم
فضله على ولده بتسليمه ما اشتراه له من قبل؛ ليكون قرة عين له ومحبًا لطول
بقائه ومعينًا على بره وشكره، وأنصح للولد أن يبالغ في استعطاف والده
واسترضائه حتى تطيب نفسه بذلك، وأذكر الوالد بعد ما تقدم كله بما رواه أبو
الشيخ في كتاب (الثواب) من حديث علي وابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: (رحم الله والدًا أعان ولده على بره) فإن هذا الحديث من الأدعية التي
ترشد إلى الحكمة السامية، وإن كان في سنده مقال، ورواه الفوقاني من رواية
الشعبي مرسلاً كما في شرح الإحياء والله الموفق.
***
السفر بالزوجة
وحال المصريين في السودان
(س ٣٢) من أمين أفندي محمد الشباسي في سواكن: إننا مستخدمي حكومة
السودان أكثرنا يترك زوجته ويسافر بدونها؛ لعدم رغبتها في السفر بصحبة الزوج
محتجة بأن الشرع الشريف لا يجيز نقل الزوجة إلى بلد آخر، فيقع الرجال في أحد
أمرين: إما التزوج بالسودانيات اللاتي لا يحصن فروجهن، وإما إتيان ما حرم الله،
وكلاهما صعب. فهل يوجد نص شرعي في الكتاب والسنة على حقيقة ما يدعي
نساؤنا أم هن يعملن بحكم العادة؟ وإذا طلب أحد من المحكمة الشرعية إلزام زوجته
بالسفر معه فماذا يكون الحكم؟ وإنني أتذكر آية شريفة، وهي قوله تعالى:
{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم} (الطلاق: ٦) ولا يخفاكم أن وسائل الراحة متوفرة
في السودان للغاية، وأن الإنسان ليتكبد خسائر جسيمة لعدم وجود أهله معه. اهـ.
بتصرف) .
(ج) السبب الحقيقي لعدم رضاء النساء بالسفر مع أزواجهم هو فساد
التربية وقلة الدين أو كراهية الزوج لسوء معاملته، ولا يوجد نص في الكتاب أو
السنة يبيح للمرأة عصيان زوجها في مثل هذا السفر الذي لا ضرر فيه ولا ضرار،
بل الكتاب والسنة يوجبان على المرأة طاعة زوجها بالمعروف.
ومعاذ الله أن تبيح الشريعة هذا الخلل الذي يخرب البيوت ويفرق بين المرء
وزوجه ويرهقه من أمره عسرًا، نعم إنها تحرم على الرجل أن يضارَّ المرأة بسفر
أو غيره ليضيق عليها، وإذا ثبت ذلك عند الحاكم فله أن يمنعه، وفي هذه الصورة
يجب على الحاكم أن يلزم المرأة بطاعة زوجها، وأما المحاكم الشرعية في هذه
البلاد فلا نبحث عن أحكامها في باب الفتوى؛ لأن غرضنا من هذا الباب بيان أن
أحكام الشريعة توافق مصالح البشر في كل مكان وزمان، وأنها قائمة على أساس
العدل والإحسان، وأن ما يسمع عنها أو يرى من أهلها مخالفًا لذلك فهو بعيد عنها
وهي بريئة منه.
***
رمي المسلم بالكفر
(س٣٣) من الشيخ عبد الله الحضري بسنغافوره:
ما قول سادتنا العلماء الأعلام - أنار الله بهم الإسلام - فيمن سب مسلمًا بما
لفظه: مَنْ أنت وَمَنْ تكون يا كافر يا ملعون يا عدو الله ورسوله يا يهودي يا نصراني
يا خنزير يا كلب، ثم عقَّب بعد السب بقوله: ما قدرك إلا الضرب بالنعال. وتكرر
منه القول عمدًا بحضور الجم الغفير حال كونه صحيح العقل والبدن. فما الحكم على
قائل هذا القول الشنيع؟ فهل يرد عليه قوله ويصير به كافرًا مرتدًّا والعياذ بالله أم لا.
فإن قلتم بكفره وردته لحديث (من قال لمسلم يا كافر فقد باء بها) فهل تطلق زوجته
ويستباح ماله ودمه إن لم يتب ويرجع للإسلام؟ وإن قلتم بعدم كفره وردته فما الحكم
عليه في حق أخيه المسلم إن لم يسامحه ويعفو عنه، وكان جواب الثاني للبادئ مستندًا
للحديث (من قال لمسلم يا كافر فقد باء بها) إلى آخر الحديث: ليس أنا بكافر ولا
ملعون ولا عدو لله ورسوله ولا نصراني ولا يهودي، إلى آخره - أفتونا مأجورين،
إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
(ج) الظاهر أن هذا السابَّ لم يقصد بما نبز به إلا الإهانة وهو لا يكفر
بذلك بل عليه التعزير، وهذا من المحرمات يجب عليه التوبة منه واستحلال من
سبه، أما الحديث الذي ذكر في السؤال فقد أخرجه مسلم في صحيحه عن ابن عمر
بلفظ (أيما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا
رجعت إليه) وفيه روايات أخرى عنده وعند البخاري وغيرها، قال النووي في
شرح مسلم:
(هذا الحديث مما عدَّه بعض العلماء مشكلاً من المشكلات من حيث ظاهره
من حيث إن ظاهره غير مراد، وذلك أن مذهب أهل الحق أنه لا يكفر المؤمن
بالمعاصي كالقتل والزنا، وكذا قوله لأخيه (كافر) من غير اعتقاد بطلان دين
الإسلام، وإذا عرف ما ذكرناه فقيل في تأويل الحديث أوجه) ثم ذكرها وهي
خمسة:
(١) أحدها أنه محمول على المستحل.
(٢) أن معناه رجعت نقيصته عليه يعني أنه أراد أن ينقص أخاه فكان هو
الناقص بقوله السوء.
(٣) أنه محمول على الخوارج الذين يكفرون المسلمين، وردَّه النووي.
(٤) أن ذلك يأول به إلى الكفر على حد قولهم: المعاصي بريد إلى الكفر.
(٥) أن معناه فقد رجع عليه تكفيره (قال) : فليس الراجع حقيقة الكفر بل
التكفير لكونه جعل أخاه المؤمن كافرًا فكأنه كفَّر نفسه إما لأنه كفر من هو مثله وإما
لأنه كفر من لا يكفره إلا كافر يعتقد بطلان دين الإسلام، أقول: والذي حقَّقه
الغزالي ويدل عليه أول كلام النووي وهو ما لا خلاف فيه عند العارفين أنه إنما
يكفر بذلك إذا كان قصده أن ما عليه المسلم من الإسلام كفر وهو لا يقصد هذا إلا إذا
كان يعتقد بطلان دين الإسلام.