للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


ديوان الرافعي

قال في أول باب التهذيب والحكمة من قصيدة في حال مصر الاجتماعية:
على أي دهر مصر لا تتندم ... وفى أي دهر مصر لا تتظلم
بنوها بنوها أيما تكُ صدمة ... تقلبهم للجانبين فهم هم
وما يتقون البؤس لكنهم متى ... تعَضّ بهم أنيابه يتألموا
ويبطرهم عهد الرخاء فإن مضى ... فسهل عليهم بعد أن يتندموا
كذي مرض في جاهلي الطب إن يعش ... يعذبه أهلوه وإلا ترحموا
وما برحوا إن خاذلتهم ظنونهم ... وأعمالهم مدوا المنى وتوهموا
وإن سقمت آراؤهم في ملمة ... تحامل فيها الظن والظن أسقم
فرادى وأحداث الزمان جميعة ... وقد علموا سرّ الزمان وعلموا
فمن حادث في حادث عند حادث ... كأنك للأحداث يا مصر معجم
ومما يزيد الهم لهفًا وحسرةً ... تصايح فتيان بنا أن تقدموا
فسبحانك اللهم بلبلت قومنا ... فما يفهم المسكين فينا المنعم
يريدون أن يجري إلى مرتقى العلا ... رجال ضعاف إن جروا يتحطموا
ويبغون أن نرقى وهاتيك حالنا ... وما عندنا - إلا لأسفل - سلم
كمن يُكره الأطفال أن يحفظوا الذي ... يكلمهم من قبل أن يتكلموا
ومن أوقر السفن المتاع بمصنع ... ولما يتموها فكيف تعوَّم
وقال من قصيدة غزلية:
كم تجنى التي أحب وعندي ... أن بعض العصيان كالطاعات
إن رأتني يدق ناقوس قلبي ... من جفاها كدقة الأموات
فهبي ظلمة الليالي إذا ما ... غشت الأرض والسما هفواتي
أو ليس الظلام يعقبه الصبح ... وتمحى الآيات بالآيات
غير أني لو كانت الشهب أقلا ... مي وكان الظلام حبر دواتي
ووصفت الذي أقاسي من الحب ... وكان الوجود من صفحاتي
لانطوى الكون ثم أبصرت في آ ... خر أوراقه (البقية تاتي)
هذا وإنني لا أتكلم في انتقاد الديوان ولكنني أنصح للناظم أن يفكر عند النظم
أو عند التنقيح في معاني الأبيات التي تبقى بعد القراءة في ذهن القارئ لا في
التأثير فقط فإن من تخيلاته أو من أبياته ما يروع لفظه وسبكه السمع حتى إذا تأمله
القارئ لم يجد له معنى يستقر عنده الفهم!