للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


آثار علمية أدبية

(صدى مقال المنار في دعوة العلماء إلى نصيحة السلاطين)
وشهادة موسيو وامبري للإسلام
ترجم بعض فضلاء الترك مقالنا: (حال المسلمين في العالمين ودعوة العلماء
إلى نصيحة الأمراء والسلاطين) الذي كتبناه في الجزء الخامس من مجلد المنار
التاسع (ص٣٥٧م٩) باللغة التركية وطبعه باللغتين ووزعه في بلاد كثيرة،
فكان له صدى استحسان وإعجاب من أصحاب الأفكار المستقلة من الترك وغيرهم،
كما أكبره كثير من كتاب العربية وأظهروا استحسانه في الصحف المنشرة:
كالمقتطف بمصر، ومرآة الغرب في أمريكا الشمالية، والمناظر في أمريكا
الجنوبية وكتب إلينا غير واحد من كبراء الترك كَتْب الاستحسان والشكر.
وقد أرسل مترجم المقال نسخة منه إلى العالم المجري الرحالة الشهير موسيو
(وامبري) العالم بالتركية وكثير من اللغات الشرقية، فكتب إليه وامبري رقعة
نقلنا صورتها بالزنكغراف، وهذه هي، ويليها ترجمتها.
بغاية التدقيق قرأت الرسالة التي ترجمتوها، لقد أصبتم في أن إنقاذ الأمم
الإسلامية، ولا سيما العثمانية من الظلم والاستبداد هو من عمل العلماء قبل
كل أحد.
إن روح نظام المسلمين هو الدين والذي أحياهم هو الدين والذي يكفل سلامتهم
في المستقبل هو الدين ليس إلا، ولهذا أنتم خدمتم ملتكم جيدًا (بهذه الرسالة) ، ومتى سنحت فرصة، سأنشر رسالتكم في الجرائد الإفرنجية.
... ... ... ... ... ... ... ... ... عبد ملتكم القديم
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... وامبري
***
(فرائد اللغة العربية)
الكلم الذي يؤدي معاني الجمل
(أبد) الشاعر- كضرب - أتى في شعره بالعويص، وما لا يعرف معناه.
(أبر) الرجل الكلب - كنصر وضرب - أطعمه الإبرة في الخبز.
وهكذا كانوا يشتقون من الأسماء الجامدة ما تعرض له الحاجة، ويجب أن يكون
هذا مقيسًا كما هو مقتضى الطبع في كل لغة حية ومنها لغة العامة، فإنهم يشتقون
بالسليقة من غير تكلف ولا مواضعة. يبدأ باشتقاق الكلمة من تعرض له الحاجة إليها
أولا، من غير أن يفكر أنه زاد في اللغة كلمة أو كلمات، ويسري ما يشتقه بين
الناس كأنه قديم، لا يتلفتون إلى حدوثه، ولا يسندونه إلى أول من تكلم به.
(أبز) الإنسان - كضرب - استراح في عدوه ثم مضى.
(أتنت) المرأة - كضرب - وآتنت وأيتنت: ولدت الولد منكوسًا؛ وهو أن
تخرج رجلاه قبل يديه.
(أبدأ) الصبي، خرجت أسنانه بعد سقوطها.
(البدء) السيد الأول في السيادة، و (الثنيان) الذي يليه في السؤدد، فلا
يقال البدء إلا فيمن انتهت إليه الرياسة في قومه. قال أوس بن معري السعدي
يفتخر:
ثنياننا إن أتاهم كان بدأهموا ... وبدؤهم إن أتانا كان ثنيانا
والبدء أيضًا: الشاب العاقل المستجاد الرأي، والعظم بما عليه من اللحم
والمفصل.
(البديء) والبدي: البئر الإسلامية؛ أي: التي حفرت في الإسلام، فهي حديثة غير عادية كذا قالوا، والصواب أنها البئر الحديثة التي يعرف حافرها أو
مالكها في أي زمن وأية أمه.
(الخفية) البئر القديمة التي يعرف حافرها كزمزم.
(القليب) البئر القديمة التي لا يعرف لَهَا رَبّ ولا حافر.
(الركي البدي) هي البئر ماؤها ظاهر بارز. وهو على حد عيشة راضية.
(الركي الغامد) هي البئر المغطى ماؤها بالتراب.
(الركي البكي) ويقال ركية بكية إذا نضب ماؤها، وهو تشبيه بالناقة القليلة
اللبن وأصله بكيئة. يقال بكؤت الناقة إذا قل لبنها، ويقال بكؤت عينين إذا قل
دمعها وهو مجاز.
(البراء) بالفتح كسماء أول ليلة من الشهر، وابن البراء أول يوم منه.
***
(الإنجيل الصحيح)
أو إنجيل برنابا
لعل قراء المنار يذكرون أننا نشرنا في المجلد السادس ترجمة مقدمة كتاب
الفيلسوف تولستوي الروسي المسيحي لكتابه الذي سماه (الأناجيل) تحت عنوان
(الإنجيل الصحيح) ، ونعيد لهم الآن من تلك المقدمة الطويلة المنشورة في عدة
أجزاء هذه الجملة الوجيزة:
(ولا ينبغي للقارئ أن ينسى أن هذه الأناجيل بشكلها الحاضر، لا تتضمن
ألبتة شهادة الحواريين وتلاميذ عيسى مباشرة، وأنَّ القول بذلك من الخرافات التي
لا تصبر على محك النقد، فضلاً عن عدم بنائها على أدنى أساس سوى رغبة
نفوس أرباب التقوى والورع في أن تكون كذلك. فقد توالت القرون، والناس
يدونون الأناجيل، ويهذبون موضوعاتها، ويتوسعون في عباراتها، ويشرحون
أقوالها، فإن أقدم النسخ التي وصلت إلينا قد تمت كتابتها في القرن الرابع للميلاد،
وهي مكتوبة على نسق واحد من أولها إلى آخرها، أي بلا فواصل ولا غير ذلك
من الإشارات التي تستعمل لإيضاح الكلمات وبيان الجمل؛ ولذلك دعت الضرورة
حتى بعد القرنين الرابع والخامس إلى تفسيرها بطرائق متخالفة من كل الوجوه،
وصارت نسخ هذه الأناجيل تقارب الخمسين ألفًا) .
هذا ما قاله الفيلسوف، ونقول: إن رجال الدين قد اختاروا من بين الأناجيل
الكثيرة تلك الأربعة المشهورة، ورفضوا ما سواها بالتدريج. ويقال: إن بعض
مذاهب النصرانية القديمة، كانت تتمسك ببعض الأناجيل المرفوضة عند أهل
المذاهب المعروفة الآن.
ومن الأناجيل التي رفضتها الكنيسة إنجيل برنابا أحد حواري المسيح عليه
السلام، وقد فقد كثير من الأناجيل المرفوضة بتتبع الكنيسة لها، وقضائها عليها أو
إخفائها لها. ولكن إنجيل برنابا مما بقي تحت حجاب الخفاء حتى لم يطَّلع عليه إلا
بعض الباحثين من العلماء، وما زال هؤلاء الباحثون الذين لا يصدهم شيء عن
إحياء الآثار القديمة، يتوقعون الظفر بنسخة من هذا الإنجيل؛ لينشروها بين الناس
حتى صدق عليهم قول الشاعر:
قل من وجد في أمر يحاوله ... واستعمل الصبر إلا فاز بالظفر
ظفروا بنسخة باللغة الطليانية، كانت قد سرقت من مكتبة الفاتيكان التي يوجد
في خزائنها السرية من الكتب ما لا يوجد في غيرها؛ لما كان للبابوات الذين
جمعوها من النفوذ والسلطان في الممالك النصرانية.
ترجمت هذه النسخة بالإنكليزية، وطبعت في هذا العام بمدينة أوكسفورد
باللغتين معًا، وتفضل الطابع لها بإهدائنا نسخة منها فشكرًا له.
رأينا هذه النسخة توافق الأناجيل الأربعة المشهورة في كثير من مسائل
التاريخ والإرشاد، وتخالفها في أهم القواعد والمسائل: كالتعبير عن المسيح عليه
السلام بعبد الله ورسوله، وبيان أنه لم يصلب، والبشارة الصريحة عنه بمحمد
صلى الله عليه وسلم، والتصريح بكون الذبيح إسماعيل لا إسحاق (عليهما السلام) .
أردنا أن نحيي هذا الأثر بلغتنا، كما أحياه الإفرنج ببعض لغاتهم (ولابد أن
يحيوه بسائرها) ، فكلفنا صاحبنا الدكتور خليل بك سعاده أن يترجمه لنا بالعربية،
لما نعهد فيه من البراعة في اللغة الإنكليزية، فطفق يترجم، وأنشأنا نطبع شركة
بيننا، واخترنا أن تكون الترجمة عن الإنكليزية حرفية لا تصرف فيها. ولكننا
زدنا على الأصل عدد الجمل بالأرقام لكل فصل؛ لأجل سهولة المراجعة عند النقل
منه، ولا يلبث الإفرنج أن يفعلوا ذلك. وهاك ما قاله برنابا في مقدمة إنجيله كما
جاء في الأصل:
الإنجيل الصحيح ليسوع المسمى المسيح
نبي جديد مرسل من الله إلى العالم كما رواه
برنابا رسوله
برنابا رسول يسوع الناصري المسمى المسيح، يتمنى لجميع أهل الأرض
سلامًا وتعزية.
أيها الأعزاء، إن الله العظيم العجيب، قد بعث إلينا في هذه الأيام الأخيرة
بنبيه يسوع المسيح برحمة عظيمة؛ للتعليم. والآيات التي اتخذها الشيطان ذريعة؛
لتضليل كثيرين تحت ستار التقوى، مبشرين بتعليم شديد الكفر، داعين المسيح ابن
الله، رافضين الختان الذي أمر به الله دائمًا، مجوزين كل لحم نجس، الذين ضل
من عدادهم أيضًا بولس الذي لا أتكلم عنه إلا مع الأسى، وهو السبب الذي لأجله
أسطر ذلك الحق الذي رأيته وسمعته أثناء معاشرتي ليسوع؛ لكي تخلصوا، ولا
يضلكم الشيطان فتهلكوا في دينونة الله، وعليه فاحذروا كل أحد يبشركم بتعليم جديد
مضاد لما أكتبه، لتخلصوا خلاصًا أبديًّا.
وليكن الله العظيم معكم، وليحرسكم من الشيطان ومن كل شر آمين اهـ.
أقول: ومن المأثور عن القوم أن بولس أدرك برنابا وسافر به إلى بعض
البلاد التي نشر فيها تعليمه وفلسفته الدينية. فالظاهر من هذه المقدمة أن برنابا رآه
خالف ما يعرف هو عن المسيح بالمشاهدة والتلقي فارقه، وكتب هذا الإنجيل؛
لأجل بيان حقيقة ما دعا إليه المسيح وما بشر به.
***
(حياة الزوجين)
كتاب (اجتماعي أدبي اشتمل على آداب حياة الزوجين، وما يجب على كل
منهما نحو صاحبه، وعلى ما تضمنته أسفار الحكماء وأسطورات العلماء، ما
تتضح به مناهج السعادة وقواعد الهناء لهما. تأليف مصطفى أفندي عبد اللطيف
أحد موظفي مصلحة البوستة المصرية بالقاهرة) .
إذا نظرت في فهرس هذا الكتاب، رأيت من أسماء المباحث فيه ما تقول:
إنه ينبغي لعامة القراء أن يطلعوا عليه، كالكلام في الزواج وفوائده، ومبادئ
الزواج المشروع، وماذا يجب على المرأة لزوجها من الطاعة والنشاط، وحسن
الخلق والبشاشة والنظافة والاقتصاد وغير ذلك، وما يجب على الرجل لزوجه أيضًا.
ويلي ذلك باب الوصايا وفيه إحدى عشرة وصية، ويليه بحث تأثير المرأة
في الهيئة الاجتماعية وبحث تربية البنات، ووجوب تعليم المرأة وهو فصل في
نصائح فيلسوف لبنته، ويا لها من نصائح حكيمة.
لم يستبد مؤلف هذا الكتاب برأيه فيما كتب، بل اقتبس من الكتب والمجلات
فوائد كثيرة عزاها إليها. ولعله نسي أن يعزو إلى المنار منها تلك العبارة التي
ترجمها الأستاذ الإمام عن مذكرات البرنس بسمارك، فمن اطلع على هذا الكتب
الوجيز، قرأ ما لا يتيسر له الاطلاع عليه غالبًا إلا إذا كان مقتنيًا لأشهر المجلات
العربية، وإننا برؤية فهرسه وتصفح بعض صفحاته، نحكم بأن ما فيه من الفوائد
النافعة مما ينبغي أن يذاع ويقرأ في البيوت على النساء والبنات.
ويباع في مكتبة المنار وغيرها من المكتبات الشهيرة، وثمن النسخة منه
خمسة قروش صحيحة.
***
(أقوال الجرائد في تاريخ الأستاذ الإمام)
أصدرنا جزء المنشآت وجزء التأبين والرثاء من هذا التاريخ معًا، وإن كان
قد تم طبع أحدهما قبل الآخر بعدة أشهر، وأهديناهما إلى الجرائد اليومية بالقاهرة
في يوم واحد، وإننا نذكر بعض ما كتب عنه في جرائد المسلمين والقبط والسوريين
ثم نذكر ما كتبته جريدة روسية عن الجزء الثالث؛ ليعتبر القارئ العاقل بما يرى
من الاختلاف فيها.
قالت الجريدة في ع ٨٨ الصادر في ١١ج ١ سنة ١٣٢٥ و٢٢ يونيو سنة
١٩٠٧:
(تاريخ الأستاذ الإمام)
تم الآن طبع جزأين من هذا التاريخ الذي كان يترقب ظهوره كل مصري
يعترف بفضل المرحوم الشيخ محمد عبده، وليس المعترفون به قليلين.
هذان الجزءان هما الثاني والثالث. أما الأول فسيتم طبعه في هذا الصيف.
والثاني يحتوي على بعض رسائله ومقالاته التي نشرت في الجرائد، ولوائحه في
إصلاح التربية والتعليم الديني، ومدافعته عن الدين، ورحلته إلى صقلية، وعلى
كتبه ورسائله إلى العلماء والفضلاء في الموضوعات المختلفة، وعلى بعض حكمه
المنثورة. والثالث يحتوي على تآبين الجرائد والفضلاء، ومراثي المحبين من
الأدباء، جمعهما الفاضل الشهير الأستاذ محمد رشيد رضا أحد كبار تلاميذ المرحوم
الأستاذ الإمام. وهو يكتب الآن الجزء الأول الذي يحتوي على سيرة المرحوم
وترجمة حياته.
إن الإمام - رحمه الله - شغلته الشواغل الكثيرة المتعلقة بالخدمة العمومية عن
التأليف. ولكن هذا الجزء الثاني المحتوي على مكتوباته المتنوعة، يهدينا مؤلفًا
كبيرًا من ذلك القلم الذي بعث روح حياة جديدة في الأفكار في هذا القطر؛ ولذا
يقابل جمع السيد رشيد لأشتات هذه المكتوبات بالثناء العاطر من قبل الذين شغف
فؤادهم حب المرحوم.
أما الجزء الثالث فلنا منه سفر جامع لنخب الشعر والنثر جدير أن ينتفع
بمطالعته المتأدبون. وهذا الجزء الثالث مصدَّر برسم المرحوم. وأما الثاني فغير
مصدر به، وهذا ما نأخذه على جامع الكتاب. فعسى أن لا يحرم قراء الأول من
مشاهدة مثل تلك الطلعة الكريمة.
وقد وضع له الجامع الطابع قيمة رخيصة، كأنه رأى أن كل قيمة مادية لا
تعادل قيمته المعنوية، فأحب أن يعم فائدته بترخيص قيمته المادية، فيباع الجزءان
بخمسة وعشرين قرشا وفيهما نحو من ألف صحيفة، ويباع الثالث وحده بعشرة
قروش والثاني وحده بخمسة عشر قرشًا. ومحل بيعهما مكتبة المنار بشارع درب
الجماميز.
وقالت جريدة الجوائب في ع ١٣٢٢ الصادر في ١١ج١:
(تاريخ الأستاذ الإمام)
رحم الله الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده، كم نفع الناس في حياته وبعد مماته
مات الأستاذ فشعر العالم كله بفداحة الخطب، وحزن عليه الشرق والغرب، وكيف
لا يعرف الأستاذ أحد وهو ذلك الرجل الذي وطد دعائم العلم، وفك الأفكار من
قيودها الثقيلة، وأحيا الفلسفة الشرعية بعد موتها، وملأ مصر نورًا.
وقد اعتنى حضرة الأستاذ العلامة الشيخ رشيد رضا صاحب مجلة المنار
الغراء بجمع ما وصلت إليه يده من فلسفة الأستاذ الإمام وكتاباته التي في الفنون
الأخرى، ومراثي الأدباء والشعراء، والصحف العربية والتركية والفارسية
والأجنبية على اختلاف لغاتها ومنازعها.
وقد جاءنا الجزآن الثاني والثالث من هذا التاريخ المجيد.
وفى الجزء الثاني بعض رسائل الأستاذ الإمام ومقالاته التي نشرت في
الصحف، ولوائحه في إصلاح التربية والتعليم الديني، ومدافعته عن الدين ورحلته
إلي صقلية، وكتبه ورسائله إلى العلماء والفضلاء في الموضوعات المختلفة،
وعلى بعض حكمه المنثورة، وثمنه ١٥ قرشًا صاغًا وأجرة البريد ٣ قروش.
وفي الجزء الثالث تأبين الصحف والكبراء والفضلاء، ونموذج من تعازي
أهل الأقطار والأمصار ومراثي الشعراء. وثمنه ١٠ قروش وأجرة البريد ٣ قروش.
أما الجزء الأول فلم يتم طبعه إلى الآن، وسيتم إن شاء الله في القريب من
الوقت، وفيه تاريخ حياة الأستاذ الإمام وفلسفته وحكمه العالية. وهو أهم الأجزاء
الثلاثة على ما نظن.
والجزآن الثاني والثالث يباعان في مكتبة المنار بشارع درب الجماميز.
وقالت جريدة المقطم في ع ٥٥٤٥ الصادر في ١٤ ج ١، ١٢ يونيو:
أهدى إلينا حضرة العالم الفاضل السيد محمد رشيد رضا منشئ مجلة المنار
الغراء الجزأين الثاني والثالث من تاريخ الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده. أما
الثاني فيحتوي على شيء من رسائل الإمام ومقالاته التي نشرت في الجرائد، ولوائحه
في إصلاح التربية والتعليم الديني، وعلى كتبه ورسائله إلى العلماء، ورحلته إلى
صقلية وبعض حكمه المنثورة. وهو يقع في ٥٦٠ صفحة ذات حرف جلي وورق
صقيل، وكله غرر ودرر، قد خلعت الفصاحة عليه زخرفها، وجللته البلاغة
بمطرفها، ولا غرو فإن الإمام رحمه الله كان إمام عصره غير مدافع.
وأما الثالث فمصدر برسم الإمام، ويشتمل على تآبين الجرائد وبعض الكبراء
والفضلاء، ونموذج من تعازي أهل الأقطار والأمصار ومراثي الشعراء، وما قيل
في حفله الأربعين على القبر. وهو يقع في ٤٢٨ صفحة، كلا الجزأين يباع
بمكتبة المنار بشارع درب الجماميز. فنثني على حضرة الفاضل منشئ المنار؛
لاهتمامه بنشر أَنْفَس الآثار.
وقالت جريدة مصر في ع ٣٤١١ الصادر في ١٠ ج١ سنة ١٣٢٥ و٢١
يونيه سنة ١٩٠٧:
أهدانا حضرة الكاتب العالم، والأستاذ الفاضل الشيخ رشيد رضا صاحب
مجلة المنار الغراء الجزء الثاني والثالث من تاريخ الأستاذ الإمام المرحوم الشيخ
محمد عبده وهما يتضمنان تأبين الجرائد وبعض الكبراء والفضلاء له رحمة الله
عليه، وأنموذجًا من تعازي أهل الأقطار والأمصار ومراثي الشعراء، وشيئًا كثيرًا
من رسائل صاحب الترجمة في إصلاح التربية والتعليم الديني، ورحلته إلى صقلية،
ورسائله إلى العلماء في مواضيع شتى، فنثني على همة وغيرة حضرة الأستاذ
رشيد على وضع هذا الكتاب المفيد في تخليد ذكر ذلك الإمام، وَنَحُثّ جمهور
الأدباء والفضلاء على اقتنائه.

وقال المؤيد في العدد ٥٢٠٠ الصادر في ١٥ ج١ سنة ١٣٢٥ و٢٦
يونيو سنة ١٩٠٧:
(تقريظ المفتي)
الجزء الثاني والثالث من تاريخ حياة المرحوم الأستاذ الشيخ محمد عبده،
الثاني في المنشآت، والثالث في التآبين والمراثي. أصدر هذين الجزأين جامعهما
الأستاذ الفاضل الشهير الشيخ محمد رشيد رضا منشئ المنار، وهو مباشر في إعداد
الجزء الأول الذي يتضمن ترجمة المرحوم المشار إليه، وربما أصدره عن قريب.
أما موضوع الجزء الثالث المصدر برسم المرحوم فمعلوم كنهه لدى القراء.
وأحسن ما يقال فيه أنه معرض لقرائح الشعراء والكتاب: منه تتجلى مقدرتهم،
ويوازن بينهم في موضوع قد تواردوا عليه، ومعنى واحد كتبوا ونظموا فيه.
وأما موضوع الجزء الثاني: فربما كانت مضامينه خفية على معظم القراء،
فنحن نشير إلى نموذجات منها عن كتب: الواردات في علم الكلام وهي على نمط
بديع غير مألوف. ومقالات ملخصة من دروس الشيخ جمال الدين الأفغاني في
التربية والصناعة، ومنها مقالات كان ينشرها المرحوم المفتي في جريدة الأهرام
منذ ثلاثين سنة في مطالب ومواضيع مختلفة، ثم مقالات له في الوقائع الرسمية
تتضمن كثيرًا من الأبحاث الاجتماعية والسياسية والأخلاقية والدينية، ثم مقالات
العروة الوثقى وهي أشهر من نار على علم. ثم لوائح في إصلاح بلاد الدولة العلية
ورده على هانوتو، ورأيه في محمد علي باشا هل أصلح مصر أو أفسدها، ثم
كتبه ورسائله إلى العلماء والفضلاء في سائر الأقطار.
وفي نسبة هذه المنشآت إلى الأستاذ المفتي رحمه الله ما يغني عن الإسهاب
في رفعة منزلتها وبيان فائدتها. وإنا لنلفت عشاق البلاغة ومحبي البحث في
الاجتماع الإسلامي إلى هذا الكنز الثمين الآن. وربما نقلنا فصولاً منه في الأعداد
التالية من المؤيد فيما بعد الآن.
وقالت جريدة اللواء في:
(تاريخ الشيخ عبده)
أهدانا الشيخ رشيد رضا تاريخ المرحوم الشيخ محمد عبده وهو في ثلاثة
أجزاء، جمع فيها كل ما قيل عن المرحوم من نثر وشعر؛ تأبينًا له بعد مماته،
ومفصل تاريخه وأعماله في حياته. والأجزاء مبوبة تبويبًا يسهل على القارئ
تلاوتها.
وثمن كل جزء عشرة قروش، ويباع بمكتبة المنار بشارع درب الجماميز.
(المنار)
فليتأمل القارئ البصير في أقوال هذه الجرائد في الكتاب، وفي من وضع
الكتاب؛ لإحياء آثاره وذكره وليقابل بينها مستدلاًّ بها على أذواق أصحابها
ومحرريها وشعورهم يجد أجدر هذه الجرائد بالثناء والإطراء على إمام المسلمين
ومفخر المصريين، هي (وحاشا الجريدة) أشدها تقصيرًا وأبعدها عن الذوق،
وأوغلها في غمط الحق.
فإذا كانت جريدة المؤيد استكبرت عن تسمية التاريخ باسمه (تاريخ الأستاذ
الإمام) ، وجعلت عنوان الكلام عنه (تقريظ المفتي) وهو عنوان لا وجه له، فإن
التقريظ هو مدح الحي بالحق أو الباطل، وإذا كانت لم تعبر عن الفقيد عند ذكره بلقبه
المعروف عند أهل الخافقين (الأستاذ الإمام) ، كما يعلم من الجزء الثالث من تاريخه
على أن المؤيد كان قد سبق الجرائد إلى التعبير عنه في حال حياته بالإمام يوم رده
على هانوتو، وإذا لم تذكر شيئًا من مكانته وفضله واستحسان إحياء ذكره، فإنها
تعد مشمرة بالنسبة إلى تقصير جريدة اللواء التي جاءت بسخف، لا يمكن أن
يوجد مثله في غيرها حتى الجرائد التي توصف بالساقطة. وقد يعذر محررو المؤيد
إذا اكتفوا من تقريظ التاريخ بمجمل ما فيه، ولم يلقبوا صاحبه بلقبه؛ لعلمهم بأن
سياسة صاحب الجريدة قد تقتضي ذلك، والكتاب قد أهدي إلى الجريدة يوم سفره،
(وإن لم يعذروا بذلك العنوان الذي نعتقد أنه ما كان ليرضاه لو كان هنا؛ لأنه
يوصف بحسن الذوق في وضع العناوين) ولكن الكتاب أُهدِي إلى جريدة اللواء
وصاحبها موجود، ومرت أيام كثيرة وهو بين يديه، ولم يكتب عنه شيئًا، وبعد سفره
كتب خلفاؤه ما رأيت، وهم أعلم الناس بما يوافق سياسة ذلك الذي ينحني خاضعًا أمام
غاريبالدي؛ لأنه نبغ في وطنه إيطاليا وينكر فضل أعظم النابغين في وطن نفسه
كالأستاذ الإمام.
أليس هذا مما يعد مصداقًا لقول الأستاذ الإمام في اللواء: (إنه مجموع نوبات
عصبية بعضها شديد، وبعضها ضعيف) (أو خفيف) .
فإن قيل: إن جريدة اللواء لم تقصر في تأبين الأستاذ الإمام عند موته، بل
اعترفت بأنه نال أعلى مقام بين علماء الإسلام (راجع ص ٣٣ من ج ٣ من
التاريخ) ، وبأن الأجنبي كان يخرج من حضرته وهو يحسد الإسلام عليه (ص
٣٤) ، وأنه مات بموته العلم العصري، وأنه فقيد البلاد فقيد العلم فقيد اليتامى فقيد
البؤساء فقيد الإسلام والمسلمين ... إلخ (ص٣٥) . فما باله اليوم لا يزيد في
التعبير عنه على كلمة (الشيخ عبده) ، والجواب عن هذا أن اللواء الآن في نوبة
شديد ة، هاجها ترقي أشهر مريدي الأستاذ الإمام في الحكومة: ترقي سعد باشا
زغلول إلى منصب الوزارة، وأحمد فتحي باشا زغلول إلى وكالة الوزارة.
وهنالك ميثاق مأخوذ على اللواء وعلى جرائد أخرى بإسقاط حزب الشيخ
محمد عبده ومقاومة رفعة ذكره، (والله متم نوره) وهو هو السبب في جعل
حسنات ناظر المعارف الجديد سيئات في تلك الجرائد، والطعن فيه بعد ذلك
الإطراء.
وانظر بعد هذا إلى قول عالم كبير روسي في جريدة روسية؛ لتكمل لك
العبرة، وهو ما جاء في جريدة (وقت) التي تصدر في مدينة أورنبورغ بروسيا
وهذه ترجمته:
(الشيخ محمد عبده)
كان الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية مات سنة ١٣٢٣ في جمادى
الأولى في الإسكندرية.
كان الشيخ محمد عبده من أشهر مشاهير الرجال في هذا العصر، ولا شك أن
شهرته تزيد، ومكانته في النفوس تسمو على ممر الأيام؛ بما ترك من الآثار
الحسنة، وأتم من الأعمال الجليلة.
لم يكتسب الشيخ محمد عبده هذه الشهرة الفائقة بكونه كان مفتي الديار
المصرية. وإنما نالها بكمالاته العلمية. وإلا فقد سبق قبله بمصر مفتون كثيرون،
وتنقلت وظيفة الإفتاء بعده أيضًا إلى عدة أشخاص، ولم ينل أحد من هؤلاء
وأولئك من الشهرة عشر معشار ما ناله الشيخ محمد عبده.
والسبب الرئيسي في تبريز الشيخ محمد عبده على أقرانه؛ هو استفادته من
علم حكيم الشرق السيد جمال الدين الأفغاني، وكان بعد وفاته خليفته في العلم
والإصلاح، غير أنه خالف أستاذه في خطته السياسية، ولا يخفى على البصير أن
الرجل الحر المستقل في آرائه وأفكاره لا يعمل إلا بما يعتقده صوابًا، وإن كان فيه
مخالفة أساتذته ومشايخه.
قضى السيد جمال الدين الأفغاني حياته بالتفكير في إصلاح الدين الإسلامي.
والكلام بهذا الشأن أينما كان. غير أنه لم يتيسر له الشروع فيه عملاً؛ لقضاء جل
أوقاته بالسياسة والسياحة. إلا أن ما لم يتيسر للأفغاني تيسر للشيخ محمد عبده
تيسرًا كاملا. وذلك أنه بعدما رجع إلى مصر من منفاه في سورية بذل قصارى
جهده في المسلك (مسلك الإصلاح الديني) بالكتابة والتدريس في الأزهر.
كانت مجلة (المنار) التي يصدرها حضرة محمد رشيد أفندي رضا، أنشئت
بقصد نشر آراء الشيخ محمد عبده وترويج مقصده الديني [*] ، ولا تبرح بعد موته
أيضًا على هذه الخطة المستحسنة - وينشر التفسير المقتبس من دروسه - في
(المنار) .
لم يكن الشيخ المرحوم يلتزم في تفسيره القرآن اتباع أحد من المفسرين
ولا غيرهم وإنما كان يعول فيه على بصيرته النيرة وفهمه الثاقب.
ثبت الشيخ محمد عبده في خطته ثبات الأطواد، ولم يأل جهدًا في نشر
مقصده في أرجاء البلاد الإسلامية، حتى إنه كان مشغولاً بالتفكير في مقصده في
مرضه الذي مات فيه، وجادت قريحته قبيل موته بأبيات يتحسر فيها لحلول الأجل
قبل تمام العمل.
كان الشيخ محمد عبده معاصرًا لنا أيضًا، وقد استفدنا كثيرًا من علمه، وكنت
عاشق علمه وفضله، ولا أزال غير أني لسوء الحظ لم يتح لي التعرف به
ومراسلته بسؤاله، عما كنت أستشكله من المسائل من بين علمية ودينية. وكان هذا
الأمر يجول في خاطري من زمن بعيد، بيد أننا أضعنا الفرص يا للأسف بالتمني
والتسويف.
كان أصدقائي في مصر يكتبون إليَّ من حين إلى آخر خبر عزم الأستاذ
المرحوم على السياحة في البلاد الروسية. ولهذا كنت أمني نفسي برؤيته حين يجيء
هذه البلاد. ولكن:
ما كل ما يتمنى المرء يدركه ... تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
وقد وافانا نعيه حينما كنا ننتظر قدومه.
وقد ألَّف مريده وتلميذه وخليفته في مذهبه ومسلكه الشيخ محمد رشيد أفندي
رضا تاريخًا في ثلاثة أجزاء للأستاذ المشار إليه. وقد ازدانت مكتبتنا بورود الجزء
الثالث المحتوي على ٤٢٨ صفحة من ذلك التاريخ.
وفي هذا الجزء كثير من التعازي والمراثي التي بُعثت من مسلمي الأقطار
المختلفة. وليس فيه شيء بُعِث بقصد التعزية من مسلمي روسيا سوى ما كان كتب
كاتب هذه السطور إلى حضرة صاحب المنار من كتاب وجيز؛ بقصد تعريف حامل
ذلك الرقيم لحضرته.
ولما لم أظفر في الكتاب بغير تلك السطور القليلة من تعازي مسلمي روسيا،
وقفت خجلاً في أول الأمر، ثم لم ألبث أن سررت لوجود تعزية منا أيضًا بين
التعازي الكثيرة الواردة من مسلمي تونس والجزائر والهند وإيران.
لو تنبهت لهذا الأمر في حينه؛ لكتبت ألبتة بعناية واهتمام ما يطلق عليه اسم
التعزية. والآن أقرع سن الندم ولات حين مندم.
إذا كنت أنا قصرت في كتابة هذه التعزية؛ لاشتغالي بالنظر في (الخصومات
العائلية) (كان الكاتب حينئذ قاضيًا في المحكمة الشرعية) ، فما بال الشيخ نجيب
التونتاري الذي حصر كل حياته على المطالعة والعلم - لم يكتب شيئًا بهذا الصدد،
بل وما عذر الشيخ عالمجان البارودي الذي لديه جم غفير من تلاميذه المجيدين
للكتابة بالعربية في تفريطه في هذا الواجب الإنساني!
... ... ... ... ... ... ... ... رضاء الدين فخر الدين
***
(مطبوعات البكري)
طبع الشيخ محمد توفيق البكري شيخ مشايخ الطرق ونقيب الأشراف هذه
الكتب:
(كتاب التعليم والإرشاد) : كتاب جديد (جمعه وصنفه بعض رجال
الصوفية) ، ولم يذ كر اسمه عليه بأمر البكري، ودلالته، ومعظمه مأخوذ من كتاب
الإحياء، وفيه عدة فصول مأخوذة من (المنار) بدون عزو إليه، كما ظهر لنا ذلك
من تقليب كثير من أوراقه في بضع دقائق، فمن ذلك فصل لنا في أسرار الزكاة
وفوائدها، وهذا قد عزاه إلى أحد الفضلاء، وفصل في أسرار الصوم وفوائده لم يعزه
إلى أحد. وفصل في مضار تربية الأولاد والتلاميذ بالقسوة لم يعزه إلى أحد. وكل
ذلك من المجلد الثاني من المنار. وفصل في الحكومات الاستبدادية وهو مقالتان
للسيد جمال الدين نشرناهما في المجلد الثالث، ومقالة فلسفة الصناعة التي اقتبسناها
في المجلد التاسع من منشآت الأستاذ الإمام. فكيف جاز لرجال الصوفية أن يستحلوا
السرقة والتدليس في كتاب الإرشاد؛ الذي وضع لهداية أهل الطرق التابعين لهم.
أما الكتاب فيرجى أن يفيد من يوزع عليهم من مشايخ الطريق الذين يقل فيهم
من يقرأ في غير كتب الخرافات، كما يفيد غيرهم من القارئين وهو أفضل عمل
سعى إليه البكري، وكان قد سبق لي معه الحديث فيه منذ سنين، واتفقنا على أن
أختصر الإحياء وأزيد عليه من الفوائد ما يحتاج إليه في هذا العصر، وهو يطبع
المختصر ويوزعه على أهل الطرق ليكون عمدتهم في الإرشاد. ثم بَدَا لَه فعهد بذلك
إلى جامع كتاب التعليم والإرشاد؛ لينتحل كلامنا وكلام غيرنا انتحالا. وقد سبقه
إلى هذه التسمية الشيخ محمد بدر النعساني فإنه ألَّف كتابًا سمَّاه بهذا الاسم وطبعه في
السنة الماضية، وهذا مما ينتقد بما يقع فيه ومن الاشتباه.
(صهاريج اللؤلؤ) : للشيخ توفيق البكري نحو عشر نُبَذ أدبية منثورة
ومنظومة معظمها مأخوذ من نثر المتقدمين ونظمهم، عهد إلى الشيخ أحمد بن أمين
الشنقيطي والشيخ أبي بكر محمد لطفي المصري بشرحها، فشرحاها شرحًا مطولاً
تزيد صفحاته على عدد أيام السنة. وسنعود إلى الكلام عليه في فرصة أخرى.
(كتاب بيت الصديق) : وضع الشيخ محمد توفيق هذا الكتاب؛ لترجمة
نفسه وترجمة آبائه وأجداده الذين ينتسب إليهم وصفحاته تزيد على أربع مائة.
(كتاب بيت السادات الوفائية) : وهو زهاء مائة صفحة يذكر فيه نسب
الوفائية وتراجمهم.
(المستقبل للإسلام) : هي الرسالة التي نشرناها في المجلد الخامس
وطبعناها على حدة.