للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الجنة والنار

(س٣٨) من محمد أمين أفندي فوزي صاحب جريدة العجائب بمصر.
حضرة الأستاذ الفاضل صاحب مجلة المنار الغراء.
تحيات وتسليمات، وأرجو الجواب على السؤال الآتي تحت إمضائي.
هل الجنة والنار حقيقيتان؟ وإن كانتا كذلك فأين مقرهما؟ أفيدونا
ولحضرتكم الثواب.
(ج) إذا أردتم بالسؤال كونهما ثابتتين أم لا، فالجواب أنهما ثابتتان قطعًا،
وما أراكم تريدون هذا، وقد قرأتم الآيات الصريحة في ذلك.
وإن أردتم هل مدلولهما على معناهما حقيقي كما يفهم من اللفظ أم لا؟
- وهو ما يغلب على الظن - فالجواب أنه ليس المراد منهما ما يفهمه العربي من
اللفظ، بل لكل منهما حقيقة شرعية أخرى، يؤخذ وصفها من مجموع ما
ورد فيها من النصوص، ويقال بالإجمال: إن الجنة دار الجزاء الحسن على
الإيمان الصحيح والأعمال الصالحة، لا بستان كبساتين الدنيا، والنار دار الجزاء
على الكفر والأعمال السيئة، لا مجرد ما نسميه نارًا. أما مقرهما فهو في غير هذا
العالم؛ أي: في عالم الغيب، فلا فائدة في البحث عنه، فنحن نؤمن بهما إيمانًا غيبيًّا؛ اتباعًا لما جاء به الرسول عن الله تعالى، لا نزيد على ذلك ولا ننقص
منه، ولا نُشَبِّه عالم الغيب بعالم الشهادة، بل نفوِّض ذلك إلى الله تعالى.