للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


الدعوة إلى انتقاد المنار

إننا نكرر الدعوة إلى انتقاد المنار في كل عام ونعد بنشر ما ينتقد به على ما
ننشر من المسائل الدينية والعلمية لعدة أمور:
(١) أننا نتحرى في كل ما نكتب الحق والإرشاد إلى الخير، ونعتقد أننا
عرضة للخطأ مهما بذلنا من الجهد في تحري الإصابة، فغرضنا الأول من دعوة
العلماء إلى انتقاد ما نكتبه هو تكميل نفسنا ومساعدتنا على ما نتوخاه من
الإرشاد.
(٢) حرصنا على تكميل غيرنا من قراء المنار بما نحب أن نكمل به نفسنا
من معرفة الحق والخير والمصلحة، وكراهة أن يعلق ما عسى أن نقع فيه من الخطأ
بنفس بعض القراء فلا يجدوا عنه مصرفًا.
(٣) إقامة فريضتي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن كثيرًا من أهل
العلم يعتذرون عن تركهم لذلك بأن الناس لا يقبلون أمرًا ولا نهيًا، بل يعادون من
ينصح لهم ويرشدهم إلى الحق وربما آذوه بالقول أو الفعل فها نحن أولاء نؤمّنهم من
العداء والإيذاء، ونعدهم بقبول النصح والإرشاد.
(٤) فتح باب المناظرة التي تعلم كل واحد من المتناظرين ما لم يكن يعلم
وتدفعه إلى بذل الجهد والعناية في استكناه الحقائق، والإحاطة بأطراف المسائل،
وترك الحكم للقراء.
(٥) قطع ألسنة أهل الدعوى، والمتبعين للهوى، الذين يقولون: هذا حق
وهذا باطل، وهذا حلال وهذا حرام، وفلان مخطئ أو ضال، أو نافع أو ضار،
وهم على غير بينة فيما يقولون، أو على غير إخلاص فيما به يحكمون، فالمنار
يقول لمن يخوض فيه منهم: إن كنتم تقولون الحق فأبرزوه للقارئين، وهاتوا برهانكم
إن كنتم صادقين، وإلا فأنتم بأكل لحم أخيكم بالغيبة، وبحسدكم الذي زين لكم هذه
الوقعة تقولون ما لا تعملون، أو تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم
تعلمون.
هذا، وإننا نشترط على المنتقد الذي نعد بنشر انتقاده أن يوجه انتقاده إلى
ما كتبنا من المسائل العلمية دينية أو غير دينية مبينًا موضع المسألة من المنار بأن
يقول: ذكرتم في صفحة كذا من مجلد كذا ما هو كيت وكيت وهو خطأ، ويبين ذلك
بالدليل.
ولا نعد بنشر الانتقاد المبهم (نحو: أنتم تقولون كذا) مما لعلنا لم نقله ولم
يخطر ببالنا، وإنما جاءه من وقيعة بعض الكاذبين أو من سوء الفهم - ولا الانتقاد
الغفل من الدليل - ولا ما كان موجهًا إلى الأعمال الإدارية أو الشخصية أو اختيار
المباحث والمسائل أو أسلوب الكتابة، فكل هذا مما نترك لنفسنا الخيار فيه، مع
الشكر عليه؛ لأن فائدته في الغالب خاصة بنا وعدم العلم بها لا يضر القراء شيئًا.