للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


القانون الأساسي والخط السلطاني به

ننشر هنا أهم موادّ هذا القانون في حقوق العثمانيين ليتدبرها القراء منهم
فيعرفوا قيمتهم، وأنهم ليسوا عبيدًا لحكامهم. ثم ترجمة الخط السلطاني في الحاجة
إلى هذا القانون.
المادة ٩ - إن جميع العثمانيين متمتعون بحريتهم الشخصية بشرط أنْ لا
يعتديَ أحدٌ على حقوق غيره.
١٠ - إن الحرية الشخصية مصونة من جميع أنواع التعدي، ولا يجوز
مجازاة أحد بأي وسيلة كانت إلا بالأسباب والأوجه التي يعينها القانون.
١١ - إن دين الدولة العثمانية هو الإسلام ومع مراعاة هذا الأساس وعدم
الإخلال براحة الخلق والآداب العمومية تجري جميع الأديان المعروفة في الممالك
العثمانية بحرية تحت حماية الدولة مع بقاء الامتيازات المعطاة للجماعات المختلفة
كما كانت عليه.
١٢ - إن المطبوعات هي حرة في ضمن دائرة القانون.
١٤ - يسوغ لكل فرد من أفراد التبعة العثمانية أو الجملة منهم الشكوى إلى
جهة الاختصاص من مخالفة القوانين والنظامات أو من أفعال المأمورين.
١٧ - إن العثمانيين جميعهم متساوون أمام القانون، كما أنهم متساوون كذلك
في حقوق وظائف المملكة ما عدا الأحوال الدينية والمذهبية.
٢١ - كل أحد أمين على ماله وملكه الذي تحت تصرفه , ولا يؤخذ من أحد
ملكه ما لم يثبت لزومه للنفع العام وحينئذ يدفع ثمنه الحقيقي سلفًا وفقًا للقانون.
٢٣ - لا يسوغ إجبار أحد على الحضور إلى محكمة غير المحكمة المنسوب
هو إليها قانونيًّا وفقًا لقانون أصول المحاكمة الذي تقرر وضعه.
٢٤ - المصادرة والتسخير والجريمة من الأمور الممنوعة، وإنما يستثنى من
ذلك التكاليف والأحوال التي تعين في أوقات الحرب بحسب الأحوال.
٢٥ - لا يجوز أن يؤخذ من أحد بارة واحدة باسم ويركو ورسوم أو بصفة
أخرى ما لم يكن ذلك موافقًا للقانون.
٢٦ - إن التعذيب وكل أنواع الأذى ممنوع منعًا باتًّا كليًّا.
* * *
ترجمة الخط الشريف السلطاني
بالقانون الأساسي
وهو خطاب السلطان لمدحت باشا الصدر الأعظم باعتماد القانون وأمره
بتنفيذه.
وزيري سمير المعالي مدحت باشا:
إن التدنيات العارضة منذ أزمان على قوة دولتنا العَلِيّة قد نشأت من الانحراف
عن الطريق المستقيم في إدارة الأمور الداخلية أكثر مما نشأت من الغوائل الخارجية,
ومن ميل الأسباب الكافلة أمنية التبعة من حكومتهم المتبوعة إلى الانحطاط؛ فلذا
كان والدي الماجد المرحوم عبد المجيد خان أعلن مقدمة للإصلاحات خط التنظيمات
الذي منح به جميع الرعية الأمن على نفوسهم وأموالهم وأعراضهم وناموسهم موافقة
لأحكام الشرع الشريف المقدسة , وما عشناه إلى الآن في ضمن دائرة الأمن , وما
وفقنا به اليوم إلى وضع وإعلان هذا القانون الأساسي الذي هو ثمرة الآراء والأفكار
المتداولة بالحرية المستندة على تلك الأمنية إنما هو من جملة آثار تلك التنظيمات
الخيرية فلذلك أردد خاصّة في هذا اليوم المسعود اسم المرحوم المشار إليه وموفقيته
وأصفه بعنوان محيي الدولة , ولا ريبَ بأنه لو كان الأوان الذي تأسست فيه
التنظيمات المذكورة موافقة لاستعداد زماننا هذا وإلجاءاته لَكَان المرحومُ المشار إليه
وضع يومئذ أحكام هذا القانون الأساسي الذي نشرناه الآن وأنفذه , ولكن جناب الحق
علق حصول هذه النتيجة المسعودة الكافلة بالتمام سعادة حال مِلَّتنا وأرجأها إلى عهد
سلطنتنا فنقدم بِنَاءً على هذه الدلالة لجناب الرب الكريم الحمد والشكر العظيم.
على أن التغييرات التي وقعت بالطبع في أحوال داخلية دولتنا العَلِيّة
والتوسيعات التي حصلت في مناسباتها الخارجية أوصلت عدم كفاءة شكل إدارة
الحكومة لدرجة البداهة , وَلَمّا كان أقصى مقاصدنا الخيرية إزالة الأسباب المانعة
للآن من الاستفادة الواجبة من الثروة الطبيعية لمملكتنا وأمتنا , ومن قابليتهما
الفطرية وتقدم صنوف الرعية في طرق الترقّي بالتعاون والاتحاد اقتضى لأجل
الوصول إلى هذا المقصد أن يوضع للحكومة أساس مأمون منتظم , وهذا أيضًا
يتوقف على تأمين هذه الفوائد وتقريرها , بمعنى أن قوة الحكومة تحافظ على
حقوقها المقبولة والمشروعة , وعلى منع الحركات غير المشروعة، أعني بها
منْع ومحو ضروب الخطآت , وسوء التصرف المتولدة من الحكم الاستبدادي الفردي
أو حكم الأفراد القلائل ليستفيد جميع الأقوام المركبة هيئتنا منهم نعمة الحرية
والعدالة والمساواة بلا استثناءٍ ذلك الحق والمنفعة الحريّان بالهيئة الاجتماعية المدنية.
ولما كان ربط القوانين والمصالح القائمة بقاعدتي الشورى والحكومة المقيدة
المشروعتين , والثابت خيرهما مما تحتاج إليه هذه الأصول أوعزنا في خطنا الذي
أذعنا به جلوسنا إلى وُجوب تأليف مجلس عمومي، وحيثُ إن القانون الأساسي
الذي وجب تنظيمه في هذا المطلب قد وضع بالمذاكرة في الجمعية المخصوصة التي
تعينت مُرَكَّبَةً مِن متحيزي الوزارة وصدور العلماء , ومن سائر رجال وعمال دولتنا
العلية , وجرى عليه التصديق في مجلس وكلائنا بعد إمعان نظر التدقيق , وكانت
المواد المندرجة فيه إنما هي متعلقة بحقوق الخلافة الإسلامية الكبرى , والسلطنة
العثمانية العظمى , وحرية العثمانيين ومساواتهم , وصلاحية الوكلاء والمأمورين
ومسئوليتهم , وبما للمجلس العمومي من حق الوقوف وباستقلال المحاكم الكامل ,
وبصحة ميزانية المالية , وبالمحافظة على مركز الحقوق في إدارة الولايات واتباع
أصول المأذونية , وكان جميع ما ذكر مطابقًا لأحكام الشرع الشريف ولاحتياجِ
الملك والملة , وقابليتهما في يومنا هذا , وكانت أخص آمالنا في مطلب سعادة العامة
وترقياتها مُساعِدةً لهذا الفكر الخيري وموافقة له - فاستنادًا على عون الله ومدد
روحانية رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قبلنا هذا القانون الأساسي وأرسلنا به
لطرفكم بعد أن صادقنا عليه فبادروا لإعلانه في جميع أنحاء الممالك العثمانية
وأطرافها؛ ليكون دستورًا للعمل إلى ما شاء الله وباشروا بإجراء أحكامه منذ اليوم
متخذين أسرع التدابير لتنظيم ما تقرر فيه وتسطر من النظامات والقوانين كما هو
مطلوبنا القطعي , ونسأل جناب الحقّ المتعالي أن يجعل مساعي المجتهدين في
سعادة حال ملكنا ومِلَّتِنا مظهرًا للتوفيق في كل الأعمال.اهـ في ٧ ذي الحجة
سنة ١٢٩٣.