للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


كتاب التوسل والوسيلة

طبعنا الآن في هذه الأيام كتابًا خاصًّا في مسألة التوسل والوسيلة لشيخ الإسلام
وهو الذي نقلنا نموذجًا منه في الجزء الثامن، ونبذة وجيزة منه في تفسير الجزء
السابع، طبعنا أكثره على نفقة السيد محمد حسين نصيف وكيل إمارة مكة في جدة،
وطائفة منه على نفقتنا؛ ليكون سلاحًا في أيدي أنصار السنة، يفرون به ضلالة
أهل البدعة، وإننا ندعو أولياء البدعة المنكرين على شيخ الإسلام (كالشيخ
النبهاني) إلى قراءته والرد عليه إن استطاعوا، وندعو جمهور الأمة الذين
يحبون السنة ولكن يخفيها عن بعضهم الجاهلون، ويكرهون البدعة ولكن
يزينها لأعينهم المبتدعون، أن يقرأوا هذا الكتاب، ويوازنوا بينه وبين ما اطلعوا
عليه من كتب المبتدعين، ثم ليتبعوا ما يرونه موافقًا لكتاب ربهم عز وجل، وسنة
نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم، وسيرة سلفهم الصالحين، وأئمتهم المجتهدين.
بيَّن شيخ الإسلام في كتابه هذا معنى الوسيلة في القرآن، ومعنى التوسل
في لغة الصحابة وعُرْفِهم، ومعناه في عُرْفِ المتأخرين الذين أدخلوا فيه معنى
البدعة، وما هو مشروع منه وما هو مبتدع، وما هو نافع وما هو ضار. وحقق
مسألة السؤال ومسألة الدعاء، وما يُشرع منهما وما لا يشرع مع الدلائل من الكتاب
والسنة وأقوال السلف، وحكمة التشريع، وبيَّنَ ما يُشرع في زيارة القبور، وما
يمنع، ومسألة الكرامات وشرطها، والخوارق التي ينخدع بها الناس فيعدونها كرامة،
وما هي كرامة. وتكلم عن الأحاديث الواردة في زيارة قبر المصطفى عليه
الصلاة والسلام، وفي النهي عن اتخاذه وثنًا، وعن اتخاذه عيدًا، وعن اتخاذ
المساجد على القبور، وحقق مسألة رواية الحديث الضعيف والعمل به في الفضائل
والمناقب، وتكلم عن الشفاعة والاستشفاع والاستغاثة بغير الله، وبيَّن ما يصح من
ذلك وما لا يصح.
ولما كان حديث الأعمى الذي استشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم، فشفع له
ودعا الله أن يرد عليه بصره فاستجاب دعاءه , هو الحديث الوحيد الذي صح سنده
في هذا الباب تكلم عنه في عدة ورقات، فجمع طرقه وبين جميع رواياته، وما
صح منها وما لم يصح، وحقق أن الصحيح لا يدل إلا على ما هو ثابت مشروع
من التوسل والاستشفاع بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته بطلب الدعاء منه،
وبيَّن في هذا المقام وفي مواضع أخرى أن ما كان يطلب من النبي صلى الله عليه
وسلم في حياته لا يطلب منه بعد موته، وإن كان حيًا عند الله تعالى في عالم الغيب،
كما أنه لا يطلب منه غير ذلك مما كان يطلب منه في حال حياته؛ كالدعاء
والاستسقاء. والعلم واستدل على ذلك بعدم طلب الصحابة ذلك عند قبره أو مع البعد
عنه وبعدولهم عن التوسل به في الاستسقاء إلى التوسل بالعباس وغيره، وذكر
مسألة الاستسقاء في عدة مواضع واجتهاد الصحابة، وما انفرد به بعضهم وخالف
الجمهور، وكونه خطأ لا يؤخذ به.
وتكلم عن مسائل الشياطين وإضلالها للناس، وتمثلها لهم وخدمتها لهم،
واشتباه ذلك بالكرمات. وكذا عن الاستغاثة والتعوذ بهم، والرقية والعزائم بأسمائهم
وعن وسوستهم وإغوائهم وسلطانهم على غير المؤمنين.
وإن القارئ ليجد في هذا الكتاب من دقائق التفسير، ومعاني الأحاديث،
وأسرار التشريع، ما لا يجده في غير كلام المؤلف من العلماء، ويجزم بأن ما انفرد
به من البيان والتحقيق فيها هو الحق.
مثال ذلك كلامه في الدعاء والسؤال والحلف وكيفياتها، والفرق بينها وحكمها
وحكمة ما يجوز منها وما لا يجوز، ومن ذلك معنى كون الدعاء عبادة، فلا يدعى
غير الله، والسؤال بالمخلوق وسؤاله، والسؤال بما هو سبب للإجابة؛ كالرحم
والعمل الذي يقتضي الإجابة، والسؤال بما ليس كذلك كالأمور الأجنبية التى ليست
أسبابًا، وكالذوات والأشخاص التى لا دخل لها في السببية، وسؤال الله بحق بعض
خلقه، وهل لأحد حق عليه أم لا , وبجاه الأنبياء، وهل الجاه الذي منحه الله
لبعضهم يكون سببًا لإجابة غيرهم إذا ذكره أم لا، والفرق بين حلفنا وإقسامنا
بالمخلوقات، وبين إقسامه تعالى بها في القرآن، وذكر أنواع هذه الأقسام وحكمتها
إلخ.
وفي الكتاب تكرار لبعض المسائل، يذكر المسألة ثم يعيدها بالمناسبة،
والمصنف يتعمد لذلك؛ لعلمه أن هذه المسائل التي أخطأ فيها كثير من الناس، حتى
أدى ببعضهم إلى الشرك الأصغر أو الأكبر، لا تنجلي وتستقر في الأذهان إلا بذلك.
صفحات الكتاب مائتان، وثمنه سبعة قروش صحيحة، وأجرة البريد قرش
صحيح.