للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


انتشار الإسلام في إفريقية

نشرت جريدة الديبيش كولونيا مقال للدكتور كارل كوم الذي قام بسياحات كثير
في إفريقية وأحدثها سياحته فيما بين نهر النيجر والنيل قالت [١] : (إن الدكتور كارل
كوم يرى أن إفريقية ستكون في يوم قريب قارة إسلامية محضة ما عدا بعض
الجهات التي ينتسب أهلها إلى المسيحية اسمًا كجنوب إفريقية وأوغنده والحبشة
ولقد عاقت طبيعة البلاد في أواسط إفريقية دون أن يكتسحها سيل الإسلام الجارف
في طريقه عدة قرون فلما وطأتها أقدام الأوربيين وانتهت تلك المنازعات القديمة
بينهم على الحدود، وانفسح المجال أمام التجار المسلمين أخذوا ينشرون نفوذهم
ويوسعون دائرة سلطانهم فتوغلوا في الغرب والشرق والجنوب حتى انتشر الإسلام
بين أهالي هذه الجهات بسرعة غريبة ومدهشة بنتيجة مساعي الأوربيين أنفسهم
الذين ذللوا تلك العقبات باكتشافاتهم الجغرافية وبتقويم شؤون البلاد وتحسين وسائل
الثروة بها وأحوالها الاقتصادية.
وقد شعر بحرج هذا المركز الصعب وكلاء فرنسا وبريطانيا وأخذت هذه
المسألة تتعقد أمامهم فلا يعرفون لهم منها مخرجًا بعد أن تغلب الإسلام على الجنوب.
وبعد أن طعن الدكتور كوم تعصبًا وتمحلا على تعاليم الإسلام زاعمًا بأنها تلقي
بذور التعصب في قلوب المتدينين به استنتج أنه يجب على كل مسلم مقاتلة الكفار
إلى أن يأسرهم أو يقتلهم وقال لا توجد ذريعة أنجع من إدخال القبائل الوثنية في
الدين المسيحي لتكون حصنًا متينًا للدفاع.
ثم قال: ولا يوجد الآن غير طريقين لنجاة الرقيق: أولهما في السودان
العربي إلى مكة مارًا بالسودان المصري وقد حاولت القوة الفرنسية في بحيرة تشاد
بقياد الكولونل مول أن تقطع هذا الطريق حتى تمكنت من ذلك ولكن الطريق الثاني
لا يزال مفتوحًا ويمر ببنغازي ولا يمكن إغلاقه إلا إذا استولت بريطانيا العظمى
على درافور.
وقد نشرت مجلة المستر فول مقالة وجهت فيها أنظار ولاة الأمور الإنكليز
لوجود ثلاثة عشر ألف شاب مسلم على بعد خمسة أيام من مقر الإنجليز قد أجمعوا
أمرهم على أن يجوبوا أنحاء البلاد الإفريقية للدعوة إلى الإسلام.
ولاحظت أن الوثنيين يقبلون الدين الإسلامي بسهولة ورغبة، ومن انتحل
منهم المسيحية لا يلبث إلا قليلاً ثم يعلن إسلامه مثل رفاقه، واستنتجت على دعواها
بسهولة مبادئ الدين الإسلامي بزيادة المسلمين المضطردة في الهند فقد بلغ عدد
الذين ينتحلون الإسلام من أهلها نحوعشرة آلاف شخص في كل سنة وكذلك الحال
في الصين حيث يَنْمي عدد المسلمين كل يوم بنسبة ظاهرة تدعو لمزيد الدهشة
والاهتمام) .