للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


رمضان في عاصمة السلطنة [*]

لهذا الشهر في هذه العاصمة مظهر غريب؛ لا نعرف له نظيرًا في غيرها من
بلاد الإسلام؛ وهو يرى على أكمله وأتمه في قسم إستانبول منها أما في النهار فترى
أكثر المطاعم والمشارب والملاهي والمجامع العامة مقفلة لا يختلف إليها أحد،
وترى أمارات الصيام ظاهرة على أكثر الناس، فلا تكاد ترى أحدًا يدخن، وترى
المساجد الشهيرة عامرة بالمصلين والواعظين والمستمعين والمتفرجين الطوافين،
ولهذا كله نظير في البلاد الإسلامية الأخرى، وإنما رَوْنقه هاهنا بجمال المساجد
وزينتها واختلاف الناس من جميع الطبقات إلى المشهور منها ولا سيما جامع أيا
صوفيا العظيم، ويبتدئ هذا من وقت صلاة العصر إلى قرب المغرب، فمن الناس
من يسمع الوعاظ، ومنهم من يسمع الحفاظ وفي الآستانة كثير من حفاظ القرآن؛
بعضهم من حملة العمائم وبعضهم من حملة الطرابيش، ومنهم المرتلون المجيدون
الذين يخشع المستمع لتلاوتهم ما لا يخشع لتلاوة الحفاظ أمثالهم في مصر؛ لخشوع
جوارحهم واجتنابهم التطريب والتكلف والحركات التي اعتادها أكثر قراء المصريين
نعم، إن أئمة المساجد هنا يقرءون القرآن في الصلاة ولا سيما صلاة الجمعة، كما
يلقون خطبتها بالنغم الموسيقي الذي يشبه نغم القسيسين في الكنائس ومنهم المسرفون
في ذلك والمقتصدون.
وبينا يكون الخلق الكثير من الناس في المساجد بين العصر والمغرب، يكون
شارع (شهزاده) مكتظًا بالرجال والنساء الذين يؤمونه من جميع أرجاء المدينة،
فيكون كالمعرض العام لهم، حتى إن كثيرًا من أفراد الأسرة السلطانية يجيئونه كل
يوم في هذا الوقت، وفي الخامس عشر من الشهر وهو يوم زيارة البردة النبوية
الشريفة التي يسمونها (خرقة سعادت) ، رأينا نساء القصر السلطاني ذاهبات في
مركباتهن الكثيرة إلى جهة شارع (شهرزاده) ، وليس لهذا الشارع مَزِيَّة في السعة
أو الجمال على غيره الآن؛ ولعله كان في وقت ما أوسع الشوارع وأجملها، على
أن السكان في تلك الجهة جُلّهم أو كلهم من المسلمين، وكان يكون فيه في هذا الوقت
من تبرج النساء بزينتهن ومغازلة الرجال لهن ما لا يكون في مكان آخر في وقت
آخر إلا في معاهد النزهة في أزمنتها الخاصة؛ كالكاغدخانة ومروج
(قاضي كوي) و (حيدر باشا) و (بكقوز) ، وغيرها من المروج والوديان
والغدران وموارد المياه والشواطئ والغابات، وكل ذلك كثير في ضواحي هذه
العاصمة التي لا نظير لموقعها في الدنيا، ولكل معهد من معاهد نزهتها موسم من
أيام الربيع والصيف والخريف، يؤمه فيه الرجال والنساء بحللهن الزاهية الألوان
متبرجات بزينتهن الخاطفة للأبصار، حاسرات عن وجوههن المميلة للأعناق، ولا
تَسَلْ عما يكون هنالك من المغازلة، ولكن مع الوقوف عند حدود الأدب قلما يَعْتدُونها
إلا في المجامع الكبير التي يجتمع فيها عشرات الألوف من النساء والرجال؛ كمجمع
عيد الخضر في الكاغدخانة.
وفي هذه السنة عنيت الحكومة بالمحافظة على الآداب الإسلامية في شهر
رمضان؛ ومنها منع الخلاعة والتهتك في معرض شارع الشاهزاده في أصيل النهار
كمنع إظهار الفطر؛ وسبب ذلك أنها علمت أن من تدبير الجمعية الخفية التي شاع
أمرها، وانكشف سرها، أنها كانت تريد أن تكيد للحكومة الاتحادية الحاضرة؛
بإغراء بعض الفواجر من النساء بالإسراف في رمضان بصفة لم يسبق لها نظير؛
ليهيج على الحكومة أهل الدين والغيرة على العرض، ولولا هذا لتركت الحكومة
الأمر على حاله، ولو تركته لَمَا وقف عند الحدود المعتادة من قبل؛ لأن الناس قد
شعروا بما لم يكونوا يشعرون به من الحرية والإطلاق في شئونهم الشخصية، ودليل
ذلك ما جرى من المنكرات والفواحش في كثير من البلاد التي لم يكن فيها ذلك،
وعدم سماع الحكومة لشكوى أهل الدين والأدب والغيرة على العرض، بل قبضت
الحكومة على بعض أهل العلم والفضل؛ لمناهضتهم نساء الإفرنج اللاتي جئن بلدهم
للرقص والفحش، وأرسلتهم إلى ديوان الحرب العرقي لمحاكمتهم على ذلك العمل
الذي سمته حكومتهم المحلية ارتجاعًا. ولكن قيل: إن شيخ الإسلام لما بلغه ذلك،
كتب إلى ديوان الحرب العرقي بوجوب إطلاقهم؛ لأنهم عملوا ما هو الواجب عليهم
وقد أمسكهم ديوان الحرب أيامًا للتحقيق ثم سرحهم إلى بلدهم، وجملة القول: أن
الحكومة المركزية عنيت بحفظ آداب الدين الظاهرة في العاصمة وحكومة بعض
الولايات بإضاعتها.
طال بنا الاستطراد، فنعود إلى بيان ما يتعلق برمضان خاصة، فنقول: إن
وعظ بعض وعاظ الترك هنا يشبه وعظ بعض الشيوخ الدجالين بمصر في خلط
المسائل الدينية بالخرافات والأباطيل، وقد وقفنا على واحد منهم في جامع أيا صوفيا
فإذا هو يقول في وعظه: إن الدين يأمرنا بالذل والمسكنة والانكسار، ورأينا
بعض الواقفين للاستماع من الشبان المتعلمين يتبرم ويتأفف منه فقلت له: الواعظ
يقول هذا، والله تعالى يقول: {وَلِلَّهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ المُنَافِقِينَ لاَ
يَعْلَمُونَ} (المنافقون: ٨) ، ولعله لو راجعه أحد في قوله وذكره بالآية الكريمة؛
لذكر له أنه أخذ هذا القول من بعض كتب الفقهاء أو الصوفية كالشيخ أحمد الرفاعي
رحمه الله تعالى، وقال: إنما الواجب علينا أن نهتدي بأقوال العلماء والصلحاء لا
بالقرآن؛ لأنهم أعلم منا بالقرآن، ولجعل الاحتجاج بالآية ضلالاً مبينًا؛ لأنه
يتضمن دعوى الاجتهاد وتَخْطِئة العلماء، فهذا ما تعوَّدْنَا من مثله، وما أَجْدَرَ أُمة
تروج فيها هذه التعاليم الباطلة، وهذه الحجج الداحضة، بأن تُضْرب عليها الذلة
والمسكنة، وتكون بها راضيةً مغتبطةً، لا تسعى إلى العز سعيه، أو ترفض أمر
الله ونهيه، وهذا ما حل بالمسلمين من جراء تعليم هؤلاء الجاهلين المقلدين، فقد
أعرض المستعدون لإدارة أمر الأمة عن تعاليمهم إلى تعاليم مبنية على أساس الكفر
والإلحاد وقالوا: إننا إذا بقينا على هذا الدين فنحن سائرون إلى العدم والانقراض؛
لأن الأمة الذليلة المسكينة، لا يمكن أن تحفظ استقلالها بين الأمم العزيزة الغنية،
فهكذا يوجد فينا من يهدم الدنيا والدين، وحجته على المصلحين تحريم الاجتهاد
ووجوب تقليد جميع المؤلفين الميتين.
هذا، وإن هنا وعاظًا لا يوجد لهم نظير في مصر ولا في سورية وأمثالها من
الأقطار الإسلامية، وهم وعاظ السياسة وأكثر وعاظ هذا العام يخوضون في السياسة
بإيعاز الحكومة الاتحادية، وقد سهل عليها هذا الإيعاز بأن شيخ الإسلام نهى أن
يتصدى أحد للوعظ إلا من يأذنه مقام المشيخة به، وهو لا يأذن إلا لمن يعلم أنه
يتبع رغبة الحكومة في تأييد سياستها، حتى إن الجمعية العلمية عينت واعظَيْنِ من
قبلها، وآذنت شيخ الإسلام بذلك فأمر شيخ الإسلام بمنعهما من الوعظ، فهاج ذلك
سخط الجمعية وجماهير العلماء، وأظهروا ذلك في مجلتهم (بيان الحق) ، وما
يقولونه أكثر مما كتبوه، ومنه أن شيخ الإسلام ليس له حق في منع العلماء من
الوعظ والإرشاد، وهو فرض عليهم إلا إذا كان له حق في منعهم ومنع غيرهم من
سائر فروض الكفاية كصلاة الجنازة مثلاً، وزادهم سخطًا وحنقًا ما نقل إليهم من
كتابته إلى نظارة الداخلية بوجوب منع هذين العالمَيْنِ من الوعظ بالقوة، إذا هما
تصدَّيا له، ونحمد الله أنهما لم يفعلا؛ لأنهما لو فعلا ومنعتهما الحكومة بالقوة؛ لكان
لذلك من سوء التأثير في الأمة ما لا خير فيه.
من هؤلاء الوعاظ السياسيين المعمَّمُون ومنهم غير المعممين؛ ولعله لا يوجد
في المعممين القدر الكافي للقيام بالوعظ، وبلغني أن بعض الضباط وعظ الناس في
أول جمعة من رمضان في (يكي جامع) - الكاف هاهنا تركية تقرأ نونًا - فقال في
وعظه: إن من الأمور المنافية للحكومة الدستورية وجود إمارة مكة المكرمة؛ لأنها
عبارة عن حكومة مستبدة في ضمن الحكومة (المشروطية) فيجب إلغاؤها، وأن لا
يكون في الحجاز أمر ولا نهي لغير الوالي، ومَنْ تحت إدارته من المأمورين، ومن
هؤلاء الوعاظ مَنْ حث الناس على أن يدفعوا ما عليهم من الزكاة لخزينة الحكومة مع
علمه بأن مال الزكاة خاصّ بالمسلمين وله مصارف متفق عليها لا تصرفها الحكومة
فيها، بل تضعها مع سائر أموالها، وربما تنفق منها على بناء الكنائس التي قررت
بناءها للروم والبلغار، ومنهم من استنبط من إكرام النبي (صلى الله عليه وسلم)
لكعب بن زهير (رضي الله عنه) ببردته الشريفة، وجوب تعظيم العسكر
وطاعتهم؛ لأن سبب إكرامه هذا بعد أن كان أهدر دمه قوله في قصيدته:
إن الرسول لسيف يستضاء به ... مهند من سيوف الله مسلول
قال: والمراد بالسيف العسكر، فهذا هو وجه الدلالة على ما استنبطه، ومنهم
الذين يدور وعظهم على طلب الإعانة للأسطول، فهم يفسرون الآيات الآمرة بالبذل
يستوكفون بها الأكفّ، ومنهم من يجمع الدراهم والدنانير في درسه، رأينا إسماعيل
باشا مبعوث طوقات يفعل ذلك، وهو الذي قال في درسه: إن الإسلام عبارة عن
الجهاد في سبيل الله بالمال والنفس، أي فمساعدة الأسطول أحد شطري الإسلام،
وقد وقفنا على درسه؛ فأعجبنا منه حثه على الاهتداء بالقرآن وتصريحه بأنه لا
حياة لنا إلا به، ومما قال: إن هذا القرآن أنزل علينا؛ لأجل أن نكون به سادات
العالم ومالكي الممالك كلها، وبلغنا عنه كلام غريب في تأييد جمعية الاتحاد والترقي
وكذا من غيره ولا نخوض في ذلك، وإن قال بعضهم: إن كلمة التوحيد معناها
الاتحاد والترقي، فالجمعية عين الإسلام، وواضعها هو الله تعالى، وكل مسلم هو
من أفرادها. وعلى هذه القاعدة يكون مَن فيها مِن اليهود والنصارى مسلمين.
ولكنهم لم يعلموا بذلك.
ووقفنا في مجلس أحد العلماء في جامع أيا صوفيا، فإذا هو أحسن مَن رأَينا
في هذه المدينة وعظًا، وهو يدافع عن الإسلام وعن علمائه بعقل، ويعرض بالشبان
المتفرنجين المارقين، يقول: يظن بعض شباننا أن الإسلام يحول دون الترقي،
وأن العلماء هم الذين يمنعون المسلمين من وسائله، وهؤلاء يهرفون بما لا يعرفون
فإن الإسلام هو دين الترقي والمدنية والعمران وحملته من العلماء هم الأدلاء على
ذلك، وما أصاب المسلمين من خير وسعادة فمنهم (قال) : أرأيتم هذه المدينة: إن
فاتحها السلطان محمدًا هو (خوجة) من أصحاب العمائم وهكذا كان جميع الفاتحين
الذين أسسوا ملك الإسلام.
يمتاز علماء الآستانة على علماء مصر بالإلمام بالسياسة علمًا وعملاً، وسبب
ذلك أن الكثير من أبواب أعمال الحكومة مفتّحة لهم، ويكون منهم الوزراء ورؤساء
المحاكم وغير المحاكم، وناهيك بمنصب القضاء الشرعي في الدولة، فإن القاضي
الشرعي يكون رئيس محكمة الحقوق والعضو الأول في مجلس الإدارة وله وظائف
أخرى في الحكومة، ولو كان العلماء مستعدين كما يجب لكان زمام القضاء كله
والإدارة بأيديهم، وسيسلب القضاة الشرعيون بعض ما كان لهم في هذا الدور من
الحكومة، والحق أن ما كان لهم هو كثير جدًّا.
***
ليالي رمضان في إستانبول
ذلك ما أحببنا بيانه في أيام رمضان، وأما لياليه فهي ليالي سرور ولهو
وعزف وقصف ورقص، وتسمع المعازف الوترية كالعود والقانون والكمنجا؛ وغير
الوترية في أكثر الملاهي التي تُدعى في البلاد العربية بالقهاوي وفي البلاد التركية
ببيوت القراءة (قراءتخانة لر) وفي غير هذه الأماكن أيضًا، فيتعجب الإنسان من
كثرة المعازف في هذه العاصمة؛ وسبب ذلك أن لأهلها نساء ورجالاً عناية بالعزف
والموسيقى، ويتعلمون ذلك في المدارس الخاصة، وترى أصحاب الطبول الكبيرة
يجولون في الشوارع من أول الليل إلى وقت الإمساك قُبيل الفجر، وناهيك بدُور
التمثيل والرقص، ولعل أكثر الناس يسهرون الليل في اللهو والسرور إلا قليلاً،
والتزاور في الليل معتاد أيضًا كما نعهد في مصر وسورية، ولكن لا يوجد في
البيوت حُفَّاظ يرتلون القرآن كما يوجد في مصر.
وقد ظهر لي أن لصلاة الجماعة وصلاة التراويح من الإقبال والعناية في
الآستانة فوق ما لهما في مصر، فالمصَلّون فيما أظن أكثر، ومُكْثهم في الصلاة
يكون أطول، ولكنك ترى أكثر المصلين في بعض المساجد من العسكر، وتجد عددًا
كثيرًا من الصبيان، ولا يخفى أن العسكر كله كان يكون من خارج الآستانة، وبعد
الدستور صار يؤخذ منها أيضًا.
***
نساء الآستانة في رمضان
يمتاز نساء الآستانة على نساء البلاد العربية بالصلاة في المساجد، يقل ذلك
منهن في غير رمضان ويكثر فيه، حتى إن من المساجد الصغيرة ما هو خاص بهن
لا يدخله من الرجال إلا الإمام الذي يصلي بهن، والواعظ الذي يعظهن بعد الظهر
وقد يكون الإمام هو الواعظ، ومنهن من يصلين في الجوامع الكبيرة، وقد اتخذ
لهن في هذه السنة حظائر في مؤخر المساجد تحجبهن عن الرجال فيها، ويدخلن من
باب خاص بهن، وإنك لتراهن قبل العشاء بنصف ساعة أو أكثر ذاهبات إلى
المساجد أفرادًا وأسرابًا؛ الأم وبناتها والجارة وجاراتها، منهن المتلفعات بالملاءات
والحبر، ومنهن لابسات الأردية والجبب، وأكثرهن سافرات، ومنهم من تصلي
التراويح في بيتها، وهذا مما يَفْضُلن به نساء مصر وسورية، إني أرى أن اختلاف
النساء إلى المساجد يُعْلي نفوسهن، ويرفع قيمتها في نظر صواحبها، وقد كنَّ
يصلين في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وما حمل
المسلمين على منعهن منها في أكثر البلاد؛ إلا شدة الغيرة كراهة تبرج بعضهن في
غدوهن ورواحهن. ولنساء الآستانة من هذا التبرج حظ عظيم، وناهيك بالمتبخترات
في الشوارع والسبح في أيديهن يعبثن بها، فتكون أشد جذبًا لأبصار الرجال إليهن
من سائر حليهن وزينتهن، وكأني بهن يُجِبْنَ من يعترض عليهن في ذلك بقول تلك
الشاعرة العربية:
ولله مني جانب لا أضيعه ... وللهو مني والخلاعة جانب
ومن زينة الآستانة في ليالي رمضان قناديل منارات المساجد، ولكل مسجد من
المساجد الكبيرة هنا منارتان على الأقل ولبعضها أربع منارات، ولجامع السلطان
أحمد ست منارات، فهم يمدون حبالاً بين المنارات، ويكتبون بالقناديل فيها كلمات:
(بسم الله، الله محمد، حسن حسين، نور على نور، يا حنان، يا رمضان،
خوش كلدي) وأمثال ذلك، وما يكتبونه يقرأ من الأماكن البعيدة لوضوحه وسعته،
فهذا نبأ تاريخي عن حال أهل الآستانة في رمضان لا يخلو من الفوائد، وربما
يتغير بعضه في السنين الآتية، فيكون مما يعرف به الفرْق بين الماضي والآتي.