للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: علي أفندي فهمي محمد


الخلافة الإسلامية والجامعة العثمانية [*]
(٢)

تنبأ المستر غلادستون مرة على ما يقال فقال: (إن الإسلام لا يطول عمره
أكثر من ٢٠٠ سنة ثم يتلاشى) فقال خليل بك خالد ردًّا عليه في كتاب (الهلال
والصليب) : (إن ذلك المتنبئ، يريد بنبوءته أحد أمرين: إما أن تفني الدول
المسيحية بالقوة القاهرة كل مسلم على وجه الأرض كما تفعل روسيا، أو يتنصر
جميع المسلمين بعد مائتي سنة، ولكنا نقول ولا نخشى لومة لائم: إنه إذا تلاشى
الإسلام في ذلك الزمن فلن تكون النصرانية أطول منه عمرًا) .
وبالرغم من هذه التخرصات، لا يزال للإسلام مكانته وسعة انتشاره وتمسك
أهله به؛ مع ما بيد النصارى من قوة المال والرجال التي ليس للإسلام شيء منها،
ولكي يقف القارئ على ما عند المبشرين المسيحيين من معدات التبشير بدينهم،
ننقل له هنا شيئًا من دعاة النصرانية من الإنسكلوبيديا البريطانية: (إن عدد
جمعيات التبشير ٧٨ جمعية، وعدد عمالها ٥٤٤٠ مرسلاً، ومجموع دَخْلها السنوي
٣٩٩.٧٧٩.١ جنيها) .
يدعون مع هذا أن الإسلام دين اعتداء مذموم وتعصب وهجوم؛ تمهيدًا
لأعمالهم؛ وإمالة للرأي العام في العالم المدني. وهل يجحد أولئك القوم ما جاء في
القرآن: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى
الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ
وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ} (الحجرات: ٩) ، فمن ذلك يرى المنصف أن
محكمة التحكيم الدولي أو مؤتمر الهاي، الذي بذلت أوربا مجهوداتها في تكبير شأنه
وتأثيره؛ دون أن تفلح بعد الذي بلغته من الرقي المدني، لم يأت بما قد جاء به
الإسلام منذ ثلاثة عشر قرنًا. وفي حديث شريف: (لا يضيق سمّ الخياط عن
متحابين ولا تتسع الدنيا بمتباغضين) وفي حديث آخر (لا تدخلون الجنة حتى
تؤمنوا ولا تؤمنون حتى تحابّوا) .
(ثم أورد الكاتب آيات من القرآن على تسامح الإسلام، واعتباره لأديان
الأنبياء السابقين وعدها مع الإسلام دينًا واحدًا، وذكر حرية الإسلام وعدله ثم قال) .
إذا وجدت حرية دينية أو سياسية أو اجتماعية أو مساواة أو إخاء، فكل ذلك
مقتبس بل مقتضب من القرآن والإسلام، قال بوسرت سميث المؤلف الإنجليزي
الشهير في كتابه (محمد والإسلام) : (إن مسيحيًّا في العصور الماضية اعتنق
الإسلام، وجعل يقذف المسيح عليه السلام؛ ظنًّا منه أن ذلك يسر المسلمين، فساقه
الذين كانوا معه منهم إلى القاضي فحكم عليه بالقتل) ، وقد حصل مثل ذلك في
تركيا منذ ٤٠٠ سنة، كما هو مدون في سجلات محاكمها؛ فإن يهوديًّا أهان مسيحيًّا
بمسه كرامة السيدة مريم العذراء، فساقه الذين سمعوه من المسلمين إلى القاضي،
فحكم عليه بالقتل كما ورد في كتاب (فتاوى علي أفندي) ، ومع ذلك لا يدخر ساسة
أوربا وسعًا ورجال الدين أيضًا في رمي الإسلام بالتعصب والاعتداء، جاء في
أنسكلو بيديا شمبرس: لا شيء أغرب من ذم قسوس من النصارى، وتطاولهم على
الدين الإسلامي واتهامهم إياه بالقسوة: من هم الذين طردوا المغاربة من أسبانيا؛
لأنهم لم يقبلوا دين النصرانية، ومن هم الذين فتكوا بالملايين في بلاد المكسيك
وبيرو؛ لعدم اعتناقهم المسيحية، وما الذي فعله المسلمون في اليونان من هذا القبيل؟
لقد عاش المسيحيون قرونًا عديدة بجانب المسلمين غير مضغوط عليهم، ولم
يجبروا في يوم من الأيام على ترك عقيدتهم أو التخلي عن قسوسهم أو كنائسهم.
ولكننا لا ننكر أن بعض المسلمين أتوا أفعالاً شائنة، ولا يعزى عملهم هذا إلى
عقيدتهم الدينية بل لأخلافهم الشخصية، وإلا وجب علينا أن نبحث هل الدين يأمرهم
بتلك الأعمال أم ينهاهم عنها، فيتضح لنا جليًّا أن الإسلام يذم كل معتد أثيم غير أننا
إذا قارنا ما ارتكبه أمثال هؤلاء الأفراد بما كانت تأتيه حكومات أوربا المسيحية
البروستانتية وغيرها ضد مذاهبها المختلفة لهان علينا كل شيء، وها هي إنجلترا
البروستانتية؛ كانت منذ ٣٠٠ عام فقط تذيق الكاثوليك أنواع العذاب والذل؛
لتحملهم على ترك مذهبهم القديم واعتناق المذهب الجديد.
ولكي يقف القارئ على مقدار توحش أوربا في تعصبها الديني، ذلك التعصب
الذي كان يصدر رسميًّا من الحكومات لا من الأفراد، ننقل هنا ما كتبه الأسقف
(جودمان) عن معاملة البروتستان وهم الغالبية للكاثوليك وهم الأقلية في إنجلترا.
(إنهم أي الكاثوليك ظنوا أنفسهم أتعس حظًّا مما كانوا في زمن اليصابات؛
لأنهم كانوا يؤملون خيرًا بعد وفاتها، كما أن الذين اضطهدوهم لم يفرطوا في ظلمهم؛
خوفًا من أن تدور عليهم الدوائر، وكانوا يتحملون أشد عقوبات القانون بكل نفس
ذائقة الموت، فلم تحفظ أرواحهم قوانين البلاد، وكان إحضار قسيس كاثوليكي إلى
إنجلترا خيانة كبرى عقابها الإعدام، فقد شُنق رجل ذو وجاهة لاستقباله قسيسًا،
وأُعدم غيره لمجاهرته بالانتماء لكنيسة رومية، وكانت العقوبات تنفذ على الفور،
والبروتستان يسلبون ما يباع ويشترى في السوق من أيدي الكاثوليك، وقد أكد لي
أحدهم أن الثلث الذي بقي له من أملاكه لم يَقُم بحاجته إلا بشق النفس، حتى عجز
عن دفع المظالم عن نفسه بالرشوة، وكان أولاد الكاثوليك يؤخذون صغارًا ليشبوا
على المذهب الآخر، وكانوا لا يعاملون بالقانون الأساسي، ولا يوظفون ولا يربون
أولادهم، ولا يزوجون بناتهم اللاتي لم يكن لهن أديرة راهبات يلجأْنَ إليها. أما من
كانوا خارج إنجلترا فلم يصرح لهم بالعودة إلا بعد دفع مبلغ يعجزون عن أدائه
لفقرهم المدقع، ولم تقف المحاكم عند هذا الحد، بل كانت تسجن كل من وصل إليها
ولم تصرح لأحد بالدفاع عن نفسه. كانت حالة الكاثوليك في بدء حكم جيمس
الأول وكان قد سنّ قانونًا في عهد اليصابات خلاصته تغريم من لم يكن من
المذهب الجديد ٢٠جنيهًا كل شهر قمري وذلك هو الذي حزب الكاثوليك على خلعها
وإجلاس غيرها على العرش، وفي زمن الملك الذي خلفها أعيد ذلك القانون، وأنت
ترى أن هذا القانون يشتمل على جملة عقوبات أخرى؛ منها أن من حرّض أو سعى
في تحريض أحد من أهل المذهب الجديد على تركه عُدّ جانيًا، وعوقب على ذلك
بغرامة قدرها ١٠٠مارك وسُجن سنة كاملة، ومنها أن من قابل قسيسًا متستّرا تحت
اسم معلم عوقب القسيس بالسجن سنة والآخر بغرامة عشرة جنيهات في الشهر) .
وقال أينسورث مؤلف (جاي فوكيس) عن الثورة الإنجليزية الدينية: (كان
إذا صاح أحد الناس بأحد المارة (كاثوليكي) فلا يكاد يلفظ الكلمة، حتى يكون هذا
التعس تمزّق إربًا إربًا، وكانت الحكومة تقبض على كل من تشتبه في أمره وتذيقه
أنواع العذاب، يستوي في ذلك الرجال والنساء؛ ليدلوها على أسماء الكاثوليك ولو
زورًا، فكانت درجات التعذيب أولاً: سحق أصابع اليدين بوضعهما بين مخالب
حديدية، ثانيًا: تعليق الشخص من رجليه في السقف وبتر أصابعهما، وثالثًا: شد
وثاقه وربطه في بلاطة تشوي ظهره حيًّا كالسمكة، ورابعًا: وضعه في حفرة
أرضية مملوءة ماء، فتخرج إليه الجرذ وتنهش لحمه حتى لا تبقي إلا العظام. ومن
العجيب أنهم كانوا يطببون المسكين بعد كل نوبة حتى يشفى، ثم يجيء دور العذاب
التالي وهكذا) .
ومهما تقوّل المتقولون وادعى المدعون، فإن الإسلام على سمو مكانته يسابق
الأديان الأخرى عند ذويها، وهي المزية التي خلت منها جميع المذاهب المسيحية
ويخشون منها نجاح دعوته؛ ولذلك يجيزون كل واسطة توصلهم إلى عرقلة مساعيه
والفوز عليه عملاً بأمر دينهم (أن يذهبوا ويبشروا جميع الأمم) ، ولما كان هذا
الأمر إلزاميًّا، تراهم متى فشلوا بالطرق السلمية عمدوا إلى نشر عقدتهم اعتمادًا
على قوات الدول المسيحية ومدافعها؛ التي تعلي شأن مدنيتها المسيحية بهذه الوسائل
الممقوتة , ولكن الإسلام بالرغم مما يحيط به من الظروف السيئة، لا يزال أهله
يعتقدون حقيته اعتقادًا راسخًا، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وله تأثير
في نفوس أهله وغيرهم على السواء، ومما يدحض فِرْية كل همّاز مشَاء بنميم ما
كتبه (دينالي) في وصف عبادة المسلمين في كتابه (الإسلام والعلم) ، قال: (ما
دخلت مسجدًا إلا واعتراني تأثير شديد، بل كنت آسف أني لم أُخلق مسلمًا) وما
كتبه (كوست) الذي قام بخدمات جليلة للنصرانية في الشرق الأقصى في كتابه
(تنصير غير النصارى) قال: (لا يدخل الإنسان إلى مسجد إسلامي إلا وتدهشه
مظاهر الإخلاص والولاء والوقار والتشبع والجلال البادية على وجوه المصلين) .
ذلك مجمل القول على الدين الإسلامي الحنيف، فمن يلومنا بعد ذلك إذا صِحْنا
بملء أفواهنا {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلامُ} (آل عمران: ١٩) .
ولا يحسبن إخواننا غير المسلمين أننا نحتقر الأديان الأخرى، كَلاّ بل نحن
على رسوخنا في ديننا، نعرف لأهل كل دين حقهم، ولكنا نقول لمن يريد منا نبذ
ديننا: {وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ
المُشْرِكِينَ * قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ
وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ
أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (البقرة: ١٣٥-١٣٦) ، ويعجبني قول بعض كُتاب
الإفرنج: (إن الإسلام مسيحية هرطوقية أو أن المسيحية إسلام قرطوقي) ، على
أن دين الله واحد في كل زمان ومكان، ولكنها الأهواء والسلطة فرقت بين الناس،
هذا مجمل القول من الوجهتين الدينية والاجتماعية؛ لنبحث الآن عما نرمي إليه من
الوجهة السياسية.
إن أول من استعمل لفظ الجامعة الإسلامية (بانستلامزم) بمعناه المقصود الآن
أعني إزالة سوء التفاهم واستبدال الأمور السياسية والاجتماعية ونحوها به، وأن
يكون المسلمون بعضهم لبعض ظهيرًا في الحق لا في التعصب الممقوت؛ أول من
استعمل هذا الاسم هو عبد الله كويلم، عندما أسس جمعية الإسلام في لندن [١] هي
التي يطلق عليها الآن اسم جمعية الجامعة الإسلامية، ففي سنة ١٩٠٣ ظهرت هذه
الجمعية إلى عالم الوجود، فقابلها أنصار الإسلام وأعداؤه هاشّين باشّين، وإنا
لموردون هنا المبادئ التي ترمي إليها هذه الجمعية؛ ليرى إخواننا المسلمون
وغيرهم أنه ليس القصد من هذه الحركة الإيقاع أو التنكيل بالغير وإنما هو تحسين
أحوال المسلمين الاجتماعية والأدبية وتَتْبعها السياسية، وذلك نقلاً عن كتاب أصدره
بالإنجليزية المشير حسين قدواي سكرتير شرف جمعية الجامعة الإسلامية) .
{سَلامٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ} (يس: ٥٨) .
١- ترقية العالم الإسلامي في شؤونه الدينية والاجتماعية والأدبية والعقلية.
٢- إيجاد حسن تفاهم بين جميع مسلمي العالم في المسائل الاجتماعية.
٣- تنمية شعور الإخاء بين المسلمين وغيرهم وتبادل مصالحهم.
٤- إزالة سوء التفاهم الحاصل الآن بين المسلمين وغير المسلمين.
٥- مساعدة المسلمين بقدر المستطاع في سائر أنحاء العالم.
٦- إيجاد معاهد علمية إسلامية في غير الأقطار الإسلامية.
٧- إيجاد فروع لجمعية الجامعة الإسلامية في أنحاء العالم، وإنشاء مناظرات
ومحاضرات، وطبع ونشر الصحف التي يمكن أن تفيد الإسلام.
٨- جمع الاكتتابات من جميع أنحاء العالم الإسلامي؛ لتشييد جامع في لندن،
ونحن نرى أن من مصالح العالم الإسلامي أن يُزاد على هذه المبادئ ما يأتي [٢] .
٩- تعضيد الخلافة في آل عثمان.
١٠- العمل لهذه الغاية، حتى يعترف بذلك، ويخضع له جميع أمراء الإسلام
وسلاطينه.
١١- أن تساعد الخلافة العظمى مقابل ذلك الأمم الإسلامية، وتتوسط لدى
الدول الأوربية المسيطرة على بعض ممالك الإسلام في دفع ظلاماتها.
١٢- أن تلفت الجمعية أو الجمعيات حكومات العالم الإسلامي إلى تصرفاتها
التي تنافي أصول الدين الحنيف؛ إذا كانت تؤثر في مجموع الأُمة وتسيء سمعة
الإسلام.
فأي إنسان في قلبه ذرة من الإنسانية وفي عقله ذرة من المدنية، لا يعطف
على مثل هذه المبادئ إن لم يشجعها بكل قواه، ليس في هذه المبادئ كما هي ظاهرة
جلية ضرر ألبتة بغير المسلمين، وإنما تخاف الدول الأوربية الكبرى المسيطرة على
الشرق - وأكثر أهله من المسلمين - أن يهبوا من رقادهم متآزرين متكاتفين، فيكون
لهم بذلك قوة تقف في وجوه الطامعين المسيطرين؛ لذلك يزعجها كل عمل يقومون به
أو يحاولون إتمامه، ونحن نوجس خيفة من كل حركة تبدو من جانب هذه الدول،
وهكذا نبقى من خوف الضُّر في الضُّر، لقد قام الكثيرون من الإفرنج يحاربون جمع
كلمة المسلمين ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً حتى قام مثل ارتران يقول في ملأ من
الإفرنج: (اعلموا أيها السادة، أن هذه النهضة إذا تمت بالرغم منا فستنقلب علينا،
وتتم على ما لا نرضاه وما لا يتفق مع مصالحنا) فهم بذلك {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا
نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ} (التوبة: ٣٢) .
قال الأستاذ المرحوم عبد الله براون المستشرق الشهير في كتابه (بونابرت في
مصر) : (إنه حيث يوجد الإسلام، توجد نهضته للجامعة الإسلامية وهي صغير
بوجه عام، ولكنها كبيرة بزعمائها المفكرين، وهذه الحركة تسير بزعامة أولئك
الأبطال؛ بقصد الدفاع لا بقصد الهجوم، فهي والحالة هذه حركة عقلية سلمية لا
حربية ولا عدائية.
يحاربها الإنجليز لأنهم يخشون أن تتحقق في يوم من الأيام، فتكون القاضية
على سلطانهم في الشرق، إن هذه الجامعة الإسلامية تكون أشبه بالمحالفات المنعقدة
الخناصر بين الدول المسيحية التي هي كما قال السلطان عبد الحميد: (تحاربنا
حروبًا صليبية بشكل سياسي) ، وليس عجبي من محاربة أوربا للجامعة أو الخلافة
الإسلامية؛ إذ من الواجب عليها أن تنظر لمصلحتها السياسية والاقتصادية، وإنما
عجبي أنها تستعين ببعضنا على محاربة البعض الآخر؛ عملاً بقاعدة (فرّق تَسُدْ)
فينسى ذلك البعض الخارج على قومه {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا} (آل عمران: ١٠٣) .
(لها بقية)
((يتبع بمقال تالٍ))