للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


باب الانتقاد على المنار وصاحبه

انتقد صاحب جريدة البريد التي تصدر في (ريو دي جانيرو) ما كتبناه في
خطاب علماء الإسلام؛ الذي نشرناه في جريدة الحضارة ونحن في الآستانة، وفي
المنار انتقد منه حثنا العلماء على الاستعانة بالمبعوثين؛ لأجل الوصول إلى حقوقهم
في التعليم والمناصب الشرعية، وعلى الاجتهاد في جعل المبعوثين في الانتخاب
الآتي منهم، وممن يرجى أن يساعدهم على خدمة ملتهم.
انتقد هذا لأنه فهم منه أنني أريد جعل أكثر النواب من صنف العلماء الذي
يجهل أكثرهم حاجات الأمة، وإنني أريد أن يكون في المجلس نواب من غير
المسلمين، وجعل هذا منافيًا للدستور القاضي بالمساواة، قال: (وكأنه استكثر
وجود مسيحي واحد بين نواب العرب، فقام يدعو الأمة المسلمة إلى حرمان
المسيحيين علية كرسيًّا واحدًا في مجلس المبعوثين العثمانيين) .
(أساء سمعًا فأساء إجابة) رويدك أيها الرصيف الكريم، إنني كنت أول
مساعد لانتخاب المسيحي العربي الذي تشير إليه، فقد كنت أيام الانتخاب في
بيروت، ورأيت جماعة من المسلمين أصحاب النفوذ يعارضون في انتخابه؛ لا
لأنه مسيحي بل لأنهم لا يعرفونهم معرفة تفيدهم الثقة به، فقلت لهم: إنني عرفته
بمصر وعاشرته وأثنيت عليه بما أقنعهم وحملهم على انتخابه ومساعدته.
إنني عندما كتبت ما كتبت في تلك المقالة، لم يخطر في بالي المسيحيون ولا
نوابهم، وإنما خطر في بالي وملأ قلبي عند الكتابة ما علمته من حيلولة بعض
الملاحدة من المسلمين الجغرافيين (أي الذين يعدون مسلمين في كتب الجغرافية)
دون خدمة رجال الدين الإسلامي لدينهم، وما علمت أحدًا من النصارى يعارضهم
ولا يقاومهم في ذلك، وأن المبعوثين من النصارى يدافعون عن امتياز طوائفهم
وكنائسهم، أفليس للمسلمين حقوق دينية في الدولة يجب أن يدافع عنها العلماء؟
وسأبين رأيي في المبعوثين من غير المسلمين، وأذكر ما أقنعت به المسلمين وأزلت
به شبهتهم على منافاة وجودهم في مجلس المبعوثين ومجلس الوكلاء؛ لكون الحكومة
إسلامية فقد ضاق عنه هذا الجزء.