للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


بحث الاجتهاد والتقليد

تابع لما نشر في الجزء السابع
عن مختصر كتاب المؤمل في الرد إلى الأمر الأول
لابن أبي شامة من فقهاء الشافعية في القرن السابع

(فصل) ثم إن المتصفين من أصحابنا بالصفات المتقدمة من الاتكال على
نصوص إمامهم، معتمدين اعتماد الأئمة على الأصليين (الكتاب والسنة) ، قد وقع
في مصنفاتهم خلل كثير من وجهين عظيمين.
(الأول) إنهم يختلفون كثيرًا فيما ينقلونه من نصوص الشافعي، وفيما
يصححونه منها، وصارت لهم طرق مختلفة (خراسانية وعراقية [١] فترى هؤلاء
ينقلون عن إمامهم خلاف ما ينقله هؤلاء، المرجع في ذلك كله إلى الإمام واحد،
وكتبه مدونة مروية موجودة، أفلا كانوا يرجعون إليها وينقون تصانيفهم من كثرة
اختلافهم عليها؟ وأجود تصانيف أصحابنا من الكتب فيما يتعلق بنصوص الشافعي
كتاب التقريب [٢] . أثنى عليه أخبر المتأخرين بنصوص الشافعي وهو الإمام الحافظ
أبو بكر البيهقي.
(الوجه الثاني) ما يفعلونه في الأحاديث النبوية والآثار المروية من كثرة
استدلالاتهم الضعيفة؛ على ما يذهبون إليه نصرة لقولهم، وينقصون من ألفاظ
الأحاديث وتارة يزيدون فيها، وما أكثره في كتب أبي المعالي وصاحبه أبي حامد [٣]
نحو: (إذا اختلف المتبايعان وترادا) ومن العجيب ما ذكره صاحب المهذب في
أول باب إزالة النجاسة قال: وأما الغائط فهو نجس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم
لعمار: (إنما تغسل ثوبك من الغائط والبول والمني والدم والقيء) ، ثم ذكر
طهارة مني الآدمي، ولم يتعرض للجواب عن هذا الحديث الذي هو حجة خصمه
عليه في أمر آخر، ومن قبيح ما يأتي به بعضهم أن يحتج بخبر ضعيف؛ هو دليل
خصمه عليه، فيوردونه معرضين عما كانوا ضعفوه، ففي كتاب الحاوي والشامل [٤]
وغيرهما شيء كثير من هذا، وهم مقلدون للإمام الشافعي، فهلا اتبعوا طريقته
في ترك الاحتجاج بالضعيف، وتعقبه على من احتج به وتبين ضعفه.
ثم إن مذهبه ترك الاحتجاج بالمراسيل إلا بشروط، ولو ذكر سند الحديث
وعرفت عدالة رجاله إلى التابعي، وسقط من السند ذكر الصحابي، كان مرسلاً،
ويورد هؤلاء المصنفون هذه الأحاديث محتجين بها بلا إسناد أصلاً، فيقولون: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ويظنون أن ذلك حجة، وإمامهم يرى أنه لو سقط
من السند الصحابي وحده لم يكن حجة، وكذا لو سقط غير الصحابي من السند،
فليتهم إذ عجزوا عن أسانيد الأحاديث ومعرفة رجالها عزوها إلى الكتب التي
أخذوها منها. ولكنهم لم يأخذوا تلك الأحاديث إلا من كتب من سبقهم من مشايخ،
ممن هو على مثال حالهم، فبعضهم يأخذه من بعض فيقع التغيير والزيادة والنقصان
فيما صح أصله، ويختلط الصحيح بالسقيم، بل الواجب في الاستدلال على الحكام
وبيان الحلال والحرام، إن من يستدل بحديث يذكر سنده ويتكلم عليه بما يجوز
الاستدلال به أو يعزوه إلى كتاب مشهور من كتب أهل الحديث المعتبرة، فيرجع
من يطلب صحة الحديث وسقمه إلى هذا الكتاب وينظر في سنده وما قال ذلك
المصنف أو غيره فيه.
وقد يسر الله تعالى وله الحمد؛ الوقوف على ما يثبت من الأحادث وتجنب ما
ضعف منها؛ بما جمعه علماء الحديث في كتبهم من الجوامع والمسانيد، فالجوامع
هي المرتبة على الأبواب من الفقه والرقائق والمناقب وغير ذلك، فمنها ما اشترط
فيه الصحة؛ إذ لا يذكر فيه إلا حديث صحيح على ما شرطه مصنفه ككتابي
البخاري ومسلم، وما ألحق بهما واستدرك عليهما وكصحيح إمام الأئمة محمد بن
إسحاق بن خزيمة. وكتاب أبي عيسي الترمذي وهو كتاب جليل مبين فيه الحديث
الصحيح والحسن والغريب والضعيف، وفيه عن الأئمة فقه كثير. ثم سنن أبي
داود والنسائي وابن ماجه، ومن بعدهم سنن أبي الحسن الدارقطني والتقاسيم
لأبي حاتم بن حبان وغيرهما، ثم ما رتبه وجمعه الحافظ أبو بكر البيهقي في سننه
الكبير من الأوسط والصغير التي أتى بها على ترتيب مختصر المزني؛ وقربها إلى
الفقهاء بجهده فلا عذر لهم، ولا سيما الشافعية منهم في تجنب الاشتغال بهذه الكتب
النفيسة، (والكتب) المصنفة في شروحها وغريبها بل أفنوا زمانهم وعمرهم
بالنظر في أقوال من سبقهم من المتأخرين، وتركوا النظر في نصوص نبيهم
المعصوم من الخطأ، وآثار أصحابه الذين شهدوا الوحي وعاينوا المصطفى صلى
الله عليه وسلم، وفهموا مراد النبي فيما خاطبهم بقرائن الأحوال؛ إذ (ليس الخبر
كالمعاينة) ، فلا جرم لو حرم هؤلاء رتبة الاجتهاد وبقوا مقلدين.
(وقد كان العلماء في الصدر الأول معذورين في ترك ما لم يقفوا عليه من
الحديث؛ لأن الأحاديث لم تكن فيما بينهم مدونة إنما كانت تتلقى من أفواه الرجال
وهم متفرقون في البلاد، ولو كان الشافعي وجد في زمانه كتابًا في أحكام السنن
أكبر من الموطأ لحفظه مضافاً إلى ما تلقاه من أفواه مشايخه، فلهذا كان الشافعي
بالعراق يقول لأحمد بن حنبل: أعلموني بالحديث الصحيح أصر إليه. وفي رواية:
إذا صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا لي حتى أذهب إليه.
(ثم جمع الحفاظ الأحاديث المحتج بها في الكتب، ونوعوها وقسموها
وسهلوا الطريق إليها، فبوبوها وترجموها (أي وضعوا لها التراجم والعناوين)
وبينوا ضعف كثير منها وصحته، وتكلموا في عدالة الرجال وجرح المجروح منهم
وفي علل الأحاديث، ولم يدعوا للمشتغل شيئًا يتعلل به. وفسروا القرآن والحديث،
وتكلموا على غريبهما وفقههما، وكل ما يتعلق بهما من مصنفات عديدة، فالآلات
متهيئة لطالب صادق ولذي همة وذكاء وفطنة.
(وأئمة الحديث هم المعتبرون القدوة في فنهم، فوجب الرجوع إليهم في ذلك
وعرض آراء الفقهاء على السنن والآثار الصحيحة، فما ساعده الأثر فهو المعتبر
وإلا فلا، فلا نبطل الخبر بالرأي ولا نضعفه إن كان على خلاف وجوه المضعف
من علل الحديث المعروفة عند أهله، أو بإجماع الكافة على خلافه، فقد يظهر
ضعف الحديث وقد يخفى. وأقرب ما يؤمر به في ذلك أنك متى رأيت حديثًا خارجًا
عن دواوين الإسلام؛ كالموطأ ومسند أحمد والصحيحين وسنن أبي داود والترمذي
والنسائي ونحوها مما تقدم ذكره مما لم نذكره، فانظر فيه فإن كان له نظير في
الصحاح والحسان قرب أمره، وإن رأيته يباين الأصول وارتبت به فتأمل رجال
إسناده، واعتبر أحوالهم من الكتب المصنفة في ذلك، وأصعب الأحوال أن يكون
رجال الإسناد كلهم ثقات، ويكون متن الحديث موضوعًا عليهم أو مقلوبًا أو قد
جرى فيه تدليس، ولا يعرف هذا إلا النقاد من علماء الحديث، فإن كنت من أهله
فبها وإلا فاسأل عنه أهله، فما عرفوا منه أخذناه، وما أنكروه تركناه.
(فالتوصل إلى الاجتهاد بعد جمع السنن في الكتب المعتمدة؛ إذا رزق
الإنسان الحفظ والفهم ومعرفة اللسان أسهل منه قبل ذلك، لولا قلة همم المتأخرين
وعدم المعتبرين.
(ومن أكبر أسباب تعصبهم برفق الوقوف [٥] وجمود أكثر المتصدرين منهم
على ما هو المعروف، الذي هو منكر مألوف.
* * *
(فصل) فإذا ظهر هذا وتقرر، تبين أن التعصب لمذهب الإمام المقلد ليس
هو باتباع أقواله كلها كيفما كانت، بل الجمع بينها وبين ما ثبت من الأخبار والآثار
والأمر عند المقلدين أو أكثرهم بخلاف هذا؛ إنما هم يئولونه تنزيلاً على نص
إمامهم.
(ثم الشافعيون كانوا أولى بما ذكرناه؛ لنص إمامهم على ترك قوله إذا ظفر
بحديث ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على خلافه، فالتعصب له على
الحقيقة إنما هو امتثال أمره في ذلك وسلوك طريقته في قبول الأخبار والبحث عنها
والتفقه فيها، وقد نقلت ما روي عنه في تاريخ دمشق: قال الربيع قال الشافعي:
(قد أعطيتك جملة تغنيك إن شاء الله تعالى، لا تدع لرسول الله حديثًا أبدًا إلا أن يأتي
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافه؛ فتعمل بما قلت لك في الأحاديث إذا
اختلفت) وفي رواية: (إذا وجدتم عن رسول الله سنة خلاف قولي فخذوا بالسنة
ودعوا قولي؛ فإني أقول بها) وفي رواية: (إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بسنة رسول الله ودعوا ما قلت) وفي رواية
(كل مسألة تكلمت فيها صح الخبر فيها عند أهل النقل بخلاف ما قلت، فأنا راجع
في حياتي وبعد مماتي) [٦] .
(قال: وسمعت الشافعي يقول - وروى حديثًا - قال له رجل: تأخذ بهذا يا
أبا عبد الله، فقال متى رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا صحيحًا فلم
آخذ به، فأشهدكم أن عقلي قد ذهب) وأشار بيده إلى رأسه، وفي رواية: روى
حديثًا فقال له قائل: أتأخذ به؟ فقال له: أتراني مشركًا؟ أو ترى في وسطي زنارًا؟
أو تراني خارجًا من كنيسة؟ نعم.. آخذ به آخذ به آخذ به، وذلك الفرض على
كل مسلم) وقال حرملة: قال الشافعي: كل ما قلت وكان قول رسول الله صلى الله
عليه وسلم أولى ولا تقلدوني) وفي كتاب ابن أبي حاتم عن أبي ثور قال: سمع
الشافعي يقول (كل حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو قولي وإن لم تسمعوه
مني) وفيه عن الحسين الكرابيسي قال: قال لنا الشافعي: (إذا أصبتم الحجة في
الطريق مطروحة فاحكوها عني فإني القائل بها) وقال الربيع: سمعت الشافعي
يقول: ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتغرب
عنه، فمهما قلت من قول أو أصلت من أصل فيه عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم خلاف ما قلت، فالقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قولي.
قال وجعل يردد هذا الكلام. قال: وقال الشافعي: (من تبع سنة رسول الله صلى
الله عليه وسلم وافقته، ومن غلط فتركها خالفته، صاحبي اللازم الذي لا أفارقه هو
(الثابت عن رسول الله) وقال الزعفراني: كنا لو قيل لنا سفيان عن منصور عن
إبراهيم عن علقمة عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم، قلنا: هذا مأخوذ
وهذا غير مأخوذ حتى قدم علينا الشافعي، فقال: (ما هذا؟ إذا صح الحديث عن
رسول الله فهو مأخوذ به لا يترك لقول غيره) قال: فنبهنا لشيء لم نعرفه، يعني
نبهنا على هذا المعنى.
قال أبو بكر الأثرم: كنا عند البويطي فذكرت حديث عمار في التيمم، فأخذ
السكين وحته من كتابه وجعله ضربه [٧] وقال: هكذا أوصانا صاحبنا إذا صح
عندكم الخبر فهو قولي) .
(قال المؤلف) قلت هذا من البويطي فعل حسن موافق للسنة ولما أمر به
إمامهم، وأما الذي يظهر التعصب لأقوال الشافعي كيفما كانت وإن جاءت سنة
بخلافها، فليسوا متعصبين في الحقيقة؛ لأنهم ما أمر به إمامهم بل دأبهم وديدنهم إذا
ورد عليهم الحديث الصحيح الذي هو مذهب إمامهم من قول قد أمر بتركه عند
وجدان ما يخالفه من السنة، هذا مع كونهم عاصين بذلك لمخالفتهم ظاهر كتاب الله
وسنة رسوله، والعجب أن منهم من يجيز مخالفة نص الشافعي لنص له آخر في
مسألة أخرى بخلافه ثم لا يرون مخالفته؛ لأجل نص رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وقد أذن لهم الشافعي في هذا.
قال البوطي سمعت الشافعي يقول: (لقد ألفت هذه الكتب، ولم آل فيها
جهدًا ولا بد أن يوجد فيها الخطأ؛ لأن الله تعالى يقول: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ
اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} (النساء: ٨٢) فما وجدتم في كتبي هذه مما
يخالف الكتاب والسنة فقد رجعت عنه) وفي رواية (إني ألفت هذه الكتب مجتهدًا،
بنحو ما قبله وفي آخره، فاشهدوا على أني راجع عن قولي إلى حديث رسول الله
صلى الله عليه وسلم؛ وإن كنت قد بليت في قبري) .
وقال إبراهيم بن المنذر الخزامي: حدثنا معن بن عيسى القزاز قال: سمعت
مالكًا يقول: (إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي: فكل ما وافق
الكتاب والسنة فخذوا به، وما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه) .
وذلك الظن بجميع الأئمة، وقد كره الإمام أحمد أن يكتب فتاويه، وكان يقول:
لا تكتبوا عني شيئًا ولا تقلدوني ولا تقلدوا فلانًا وفلانًا، وخذوا من حيث أخذوا) وقال
بعضهم: لا تقلدوا دينكم الرجال إن آمنوا آمنتم وإن كفروا كفرتم. وكان أحمد لا يفتي
في طلاق السكران شيئًا، ويقول: إن أحللناه بقول هذا حرمناه بقول هذا: وقال نعيم
بن حماد: سمعت أبا عصمة يقول: سمعت أبا حنيفة يقول: ما جاءه عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين، وما جاء عن أصحابه اخترنا، وما كان من
غير ذلك فنحن رجال وهم رجال.
وروى محمد بن الحسن عن أبي حنيفة أنه قال: أقلد من كان من القضاة المفتين
من الصحابة؛ كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي والعبادلة الثلاثة، ولا أستجيز خلافهم
في رأيي إلا ثلاثة نفر - وفي رواية: أقلد جميع الصحابة ولا أستجيز خلافهم برأيي
إلا ثلاثة نفر -: أنس بن مالك، وأبو هريرة، وسمرة بن جندب، فقيل له
في ذلك، فقال: أما أنس فاختلط في آخر عمره وكان يستفتى (فيفتي) من عقله وأنا
لا أقلد عقله. وأما أبو هريرة كان يروي كل ما سمع من غير أن يتأمل في
المعنى ومن غير أن ينظر في الناسخ والمنسوخ [٨] .
وقال ابن المبارك: سمعت أبا حنيفة يقول: إذا جاء عن النبي صلى الله عليه
وسلم فعلى الرأس، وإذا جاء عن أصحابه نختار من قولهم، وإذا جاء عن التابعين
زاحمناهم، وفي رواية قال: آخذ بكتاب الله فإن لم أجد فبسنة رسول الله، فإن لم أجد
في كتاب الله ولا سنة رسول الله آخذ بقول أصحابه، ثم آخذ بقول من شئت منهم
وأدع قول من شئت منهم، ولا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم. فأما إذا انتهى الأمر
إلى إبراهيم أو الشعبي وابن سيرين والحسن وعطاء وسعيد بن المسيب؛ وعدَّ رجالاً
من التابعين؛ فقوم اجتهدوا لرأيهم. وكان سوَّى بين الصحابة والتابعين في أنهم إذا
أجمعوا في مسألة على قولين؛ لم يجز إحداث قول ثالث، وجوز أبو حنيفة ذلك، وأما
ما أجمع عليه الصحابة فلا كلام في أنه لا تجوز مخالفته.
فقد وضح لك من أقوال الأئمة أنه متى جاء حديث ثابت صحيح عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم فواجب المصير إلى ما دل عليه الظاهر ما لم يعارضه دليل آخر
، وهذا هو الذي لا يسع أحدًا غيره، قال الله عز وجل: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ
حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُم ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاًّ مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا
تَسْلِيماً} (النساء: ٦٥) . فنفى سبحانه الإيمان عمن لم يحكم رسوله فيما وقع
التنازع فيه ولم يستسلم لقضائه، وقال: يضمنها في طاعة غيره، وقال تعالى:
{وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} (الأحزاب: ٧١) وأوعد على
مخالفة، فقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن
يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً} (الأحزاب: ٣٦) .
قال يونس بن عبد الأعلى: حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي نجيح عن مجاهد
قال: ليس من أحد إلا يؤخذ من قوله ويترك، إلا النبي صلى الله عليه وسلم،
وروي عن مجاهد بإسناد آخر، وروي معناه عن الشعبي، وكذلك روى شعبة عن
الحكم بن عتيبة، وروي عن مالك بن أنس وقال: (إلا صاحب هذا القبر)
وأشار إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ا. هـ.
((يتبع بمقال تالٍ))