للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


السيد حسين وصفي رضا
أقوال الفضلاء فيه

(١٧)
وكتب المخلص الودود والحر الكريم صاحب الإمضاء في سورية:
سيدي الأستاذ الجليل:
لقد انقض عليّ ذلك الخبر المشئوم انقضاض الصاعقة بل أشد، فحِرْت في
أمري وضاقت الدنيا في وجهي، واسودّ الضياء في عيني، وانقبض صدري،
وحزن قلبي على ذلك الصديق الحميم الذي كنت أؤمل فيه وأنتظر منه خيرًا جزيلاً
ونفعًا عظيمًا لهذه الأمة المنكودة التي ضلت السبيل فاعتبرت المحسن مسيئًا
والمسيء محسنًا! !
ضلت هذه الأمة السبيل فبدلاً من أن نراها تكافئ رجالها المصلحين العاملين
لتقدمها ورقيها - بمثل ما تكافئ به الأمم الحية رجالها - فإنا نراها تجني عليهم
بمثل تلك الجناية الفظيعة! !
رأت الأمة رشيدها ومرشدها يواصل ليله بنهاره سعيًا وراء ما يرقيها
ويسعدها في حالها ومستقبلها - فكافأته بهذه المكافأة العالية إيذانًا بفضله وتنشيطًا له
وترغيبًا لتلاميذه ومريديه والسائرين على سننه.
فأنْعِم وأكرِم بأمتنا الحكيمة التي تعرف كيف تكافئ رجالها ومصلحيها! ! فلا
حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، إنا لله وإنا إليه راجعون.
هذا وإني أتقدم إلى أستاذي وجميع أشقائه وسائر أفراد بيته الكريم، بواجب
العزاء كما عزيت نفسي على تلك الكارثة العظمى التي تذكر فتؤثر في الفؤاد أيما
تأثير. وأسأل الله تعالى أن يطيل في عمره، ويجعل هذا المصاب الأليم خاتمة
أحزاننا - إنه سميع مجيب.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... سليمان أباظة
(١٨)
وكتب الأديب النبيل أحد فضلاء الشبيبة العربية في سورية الشيخ نسيب
أفندي الخطيب: سيدي العلامة الأستاذ السيد رشيد رضا أطال الله عمره.
لست أملك من بحر الصبر وشالاً، ولا من قطره ثمدًا، فكيف تنزع نفسي
إلى العزاء، وتدفع داء الحزن وليس له دواء، فإن نبأ اغتيال الحبيب السيد حسين
وصفي حلَّ عُرى الجلد وخلفنا عرضًا تنتقل فيه طوارق الدهر وبوائق الأيام،
فشلت تلك اليد الأثيمة التي قصفت غصن شبابه قبل الأوان، ولم تخش عاقبة القتل
وعقاب الديان، ولعمري لا أدري من أعزي، أأعزيكم أم أعزي نفسي، أم إخوانه
وأصدقاءه؟ لا بل أعزي الأمة العربية بأسرها، ولغتها التي بعده سَيُلقَى حبلها على
غاربها، وتستعصي أصولها على طالبها، فقد كان رحمه الله مطمح الأبصار
ومرمى الأماني ولكن ستحفظ له بطون المهارق ذكرًا لا يمحوه كر الغداة ولا مر
العشي وسيبقى اسمه لدى الكتاب مقدسًا ما استنّ اليراع في حلبة الطروس، وأحيا
معالم اللغة بعد الدروس، وأوردنا مشرعة التأسي بعده فإنه قد نشط من عقاله
الأرضي، وتبوأ منزله العلوي، فهنيئًا له بما أوتي وعزاء لنا بما نالنا وما الحياة
الدنيا إلا متاع الغرور.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... الداعي
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... نسيب الخطيب
(١٩)
وكتب العالم الفقيه الأصولي سيدي محمد بن راجح بن إبراهيم في الأيالة
التونسية:
الحمد لله المنفرد بالبقاء، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء، وآله وأصحابه
الأتقياء (لا إله إلا الله، ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، إنا لله وإنا إليه راجعون) .
إلى حضرة الأستاذ الكامل، والمرشد النصوح، حجة الإسلام، وعنوان
التربية الصالحة، والقدوة الحسنة، أمتع الله الإسلام بطول بقائه، أقدم جميل
تعزيتي عن ذلك المصاب الأليم، والخطب الجسيم، ألا وهو انضواء غصن الكمال،
وأفول بدر المجد بوفاة الشقيق والمجاهد في إعلاء كلمة الله ونصرة الحق وإزهاق
الباطل، الكاتب النحرير والشاعر الأديب والمصلح الناصح الشريف التقي، السيد
حسين وصفي رضا، تغمده الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته - أنبأني هذا النبأ
المحزن صديقي الأستاذ النيفر فكان أشد على قلبي يعلم الله من كل مصاب، فاشتمل
الحزن عليّ وانطلق لساني بذم الزمان الخئون الغادر ومعاكسته الإسلام حتى بالفتك
بمن يدأب وراء إزاحة ما تكاثف حوله من الظلمات فإني أعلم ما للفقيد العزيز في
ذلك من الآثار الصالحة واليد البيضاء ويكفي أنه شقيق من ينير المنار على العالم
الإسلامي وعضده ومساعده في كل أعماله , فرحم الله روحه الطاهرة، وأحسن
جزاءه عن الإسلام والمسلمين - ومما زادني لوعة وأسفًا ما أنبأني به هذا الصديق
من أن الفقيد قتل رميًا بالرصاص من يد الأشقياء , شلت أيديهم ولعنوا بما فعلوا،
نعم زاد ذلك في الأسف لظني أن ذلك كان جزاء الفقيد عند هؤلاء الأشرار عن
حريته وخدمته الحقيقة ونصرته الشريعة الإسلامية , تلك هي ذنوب الفقيد إليهم فيما
أظن، ولكن هذا كان مهونًا للمصاب على جسامته لاعتقادي أن الله أكرم فقيدنا
المجاهد في دينه بمزية الشهادة ومرتبة الشهداء , وتلك منزلة تتفانى فيها أرواح
الصالحين والمسلمين الصادقين.
فهنيئًا لفقيدنا بهاته الكرامة وطوبى له بما قدمت يداه من الأعمال الصالحة،
وما أبقاه من الذكر الحسن العاطر الخالد على ممر الزمان، فرحمة الله ومغفرته
ورضوانه عليك يا حسين يا قتيل الحق، سلام الله وبركاته عليك يا حسين يا شهيد
الإسلام، لا أعجب من موتك قتيلاً، لأنك تجاهد في سبيل الله وتحارب الإلحاد
والاستبداد فتلك سنة الله في أجدادك وأسلافك الكرام قتلوا في مشارق الأرض
ومغاربها؛ لأنهم أبناء النبوة والمدافعون عن هيكلها المقدس والذائدون عن حياضها
و:
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى ... حتى يراق على جوانبه الدم

إنك يا حسين ستلاقي عترتك الطاهرة وأسلافك الصالحين فقص عليهم أمرك
واشكُ إليهم قاتليك فإنك تقر أعينهم وتقيم لهم الدليل على أنك فرع دوحتهم
فيستقبلونك بين مظاهر الإجلال والسرور.
سيدي الأستاذ. ماذا عساني أن أقوله إليكم وأنت مربي المسلمين ومرشدهم
وداعيهم إلى الهدى في هذا العصر، فظني بل يقيني أن الأستاذ كما يرشد الناس
بقوله يرشدهم بعمله. فيكون طود الصبر ومثال الصابرين الذين يقول الله تعالى
تكريمًا لهم في كتابه الحكيم: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ
رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ} (البقرة:
١٥٦-١٥٧) .
... ... ... مشارككم في الأسف
... ... ... ... ... ... ... ... محمد راجح بن إبراهيم
(٢٠)
وكتب الصحافي الحر والكاتب المحقق شكري أفندي الخوري صاحب جريدة
(أبو الهول) .
حضرة المفضال السيد محمد رشيد رضا الأفخم:
وصلني عدد من جريدة الإقبال البيروتية في هذه الساعة ويا ليته لم يصل،
فرأيت فيه ما أبكى عيوني، وصدع فؤادي، رأيت فيه خبرًا هو أن يدًا أثيمة
اغتالت زهرة شباننا أخاكم المرحوم والطيب الأثر حسين، فوقع على قلبي، وقع
الصاعقة، وجهشت بالبكاء، ولعنت بلادًا لا حياة فيها، إلا للكذبة الأسافل، يقتلون
فيها الأحرار ويصارون أصحاب الرأي الصائب.
ألا لعنة الله على الأشرار القتلة.
إن المصاب الذي أصابكم بفقد أخيكم أصاب كل من عرف فضلكم وفضل
الفقيد وهذا الداعي من الذين شاركوكم بالحزن والأسى، سائلاً المولى جل جلاله،
أن يتغمد فقيدنا برحمته ورضوانه ويلهمكم الصبر الجميل على فقد هذه الجوهرة
الثمينة. إنا لله وإنا إليه راجعون.
سان باولو برازيل في ٧ شباط ١٩١٢.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... الأسيف
... ... ... ... ... ... ... ... ... شكري الخوري
(٢١)
وكتب العالم المحقق الشيخ أحمد محمد الألفي.
تحريرًا في ١١ يناير سنة ١٩١٢.
حضرة العالم الكبير والفاضل النحرير صديقنا وقدوتنا السيد رشيد رضا
الأفخم.
فوجئنا اليوم بخبر مشئوم رأيناه بالمؤيد ألا وهو وفاة الكريم ابن الكريم سلالة
العترة الطاهرة النبوية وأحد رجال القلم والإصلاح ألا وهو شقيقكم المرحوم السيد
حسين رضا , مات شهيد الشهامة والمروءة بطرابلس الشام بيد أثيم مجرم لم يرحم
شبابه الزكي ولا نظر لاحتياج هذا الوطن الأسيف إلى أمثال هؤلاء العلماء الأحرار
فتعسًا لهذا الزمن وبئس ما أعده للصالحين من العدوان - فوا أسفاه على السيد
حسين لقد كان عاملاً مجتهدًا وأديبًا متضلعًا وتقيًّا ورعًا وشابًّا ذكيًّا وشريفًا كريمًا
فرحمه الله رحمة واسعة وعزاكم مع حضرة السيد صالح رضا وكافة أسرتكم
الكريمة وعزانا معكم أحسن العزاء ورزقنا وإياكم جميل الصبر وعظيم الأجر واقبلْ
في البدء والختام جزيل السلام وعظيم الاحترام.
... خادم العلم الشريف
... ... ... ... ... ... ... ... ... أحمد محمد الألفي
... ... ... ... ... ... ... ... المدرس بفاقوس شرقية
(٢٢)
وكتب العالم المؤرخ الشهير جرجي أفندي زيدان صاحب (مجلة الهلال) .
مصر في ١١ يناير سنة ١٩١٢.
صديقي الشيخ رشيد:
أكتب هذا الكتاب على أثر قراءتي نعي المرحوم شقيقكم في الجرائد ولم أكن
عالمًا بمقدمات هذه الفاجعة فكان لذلك النعي وقع شديد على قلبي؛ لأنه كان رحمه
الله من نخبة الأدباء ويرجى أن يكون لك فيه عون في الخدمة العامة التي أوقفت
نفسك لها وقد ظهرت تباشير ذلك بما ظهر من أدبه، وفضله وذكائه، وعلو همته.
ففقده خسارة على الوطن وصدمة قوية على قلب شقيقه وسائر آله وذويه، فلا غرو
إذا بكيتموه ورثيتموه فإنه جدير بذلك وأتقدم إليك أن تتأكد مشاركتي لك في الأسف
على هذا المصاب ولا حيلة لنا غير التمسك بحبل الصبر وأنت أعقل من أن يكتب
إليك بأسباب التعزية؛ لأنك حكيم عالم بمصير الإنسان طالت حياته أو قصرت
أجمل الله عزاءك ورحم الفقيد رحمة واسعة.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... صديقك
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... جرجي زيدان
(٢٣)
وكتب الفاضل الوجيه صديق الفقيد محمد فؤاد أفندي محمود.
سيدي الأستاذ المحترم، ألهمه الله الصبر الجميل:
لقد وقع خبر موت حسين عليَّ وقع الصاعقة فلا أدري ماذا أقول وماذا أريد
ذهل منا العقل، وطار اللب، وانفطر القلب، واحترق الفؤاد، فاللهم صبرًا.
إني أبكيه، وأبكي معه آدابًا جمة، وأخلاقًا فاضلة، وروحًا طاهرة، عرفته
حسن المعاشرة، لطيف المحاضرة، فإنا لله وإنا إليه راجعون. راح ذلك الشهم
شهيد المروءة والنجدة، فسلام على روحه الطاهرة، ورحمة من الله عميمة.
يا سيدي الأستاذ، الناس كلهم وإياك في الحزن سواء، فلقد كان منا حسين
مكان الروح. وبفقدها فقدنا كل شيء، فاللهم أمطر على جثته شآبيب الرحمة
والرضوان وروح روحه في روض الجنان.
وأنت يا أستاذ لقد عرفناك في الشدائد صبورًا، فكن كما نعهد فيك، والله عنده
حسن الثواب.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... أخو ك ... في الحزن
... ... ... ... ... ... ... ... ... محمد ... فؤاد محمود
(٢٤)
وكتب الشاب الأديب أحد أعضاء الشبيبة العثمانية وأركان الناشئة السورية
الأمير أحمد هدى الأيوبي اللبناني في الأستانة العلية.
لحضرة سيدي العلامة الفاضل المحترم أطال الله شريف وجوده آمين
لمن الدمع بعد هذا تصون ... وعلام الصبر الجميل يكون
كل حزن بحسب كل فقيد ... وبحسب الأحزان يبكي الحزين

تبًّا لهذه الحياة، وبئست هذه الدنيا التي هي للهموم أداة، تسيء اختيارًا،
وتوالي اضطرارًا، وتضحك مرة وتبكي مرارًا، لا يخلو يومها من شوائب الأكدار،
ولا ليلها من بوائق الأخطار، ما المرء بناج من نكباتها، ولو اختار العزلة في
رءوس الجبال، فإن فر من همّ فر إلى همّ، وإن اعتصم من غمّ فإلى غمّ، والموت
فيها ضار جشع، ليس له ريّ ولا شبع، سارق دق جسمه، ورق عظمه، يصول
بلا كف ويسطو بلا رجل، لا يوقر كبيرًا ولا يرحم صغيرًا.
ليت المُحَرَّم لم يخلق، فكم دهي الإسلام منه بخطب جسيم، وكرب عظيم،
غال الحسين بن علي، وثنى بحفيده الحسين بن علي، فأوقد في القلوب نارًا،
وفجر من العيون جداول وأنهارًا، رحم الله السيد الحسين، جاءني نعيه فعلمت
كيف تقوم الساعة، شيعت الصبر، وغدوت على مثل الجمر، غريق الدمع حريق
الحسرات، إذا بكيته فإنما أبكي حزمًا وعفافًا، وذكاء وإقدامًا، وأخلاقًًا حسنة
وألطافًا وآدابًا اشتهرت بين الخلق، وشابًّا كان ملء آمال الشرق، إن تبكه سورية
الفتاة فإنما تبكي ولدًا بارًّا وإن يندبه الشيخ لبنان فإنما يندب أحد خيرة أبنائه.
أيها الراحل الذي زاده التقـ ... ـوى إلى الله والعفاف هجين
أنت في الترب قد دفنت ولكن ... لك طي القلوب شخص دفين
إن تكن نمت نومة الدهر فالنو ... م علينا قد حرمته الجفون

إنا لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ألهم الله قلوب عارفيه الصبر الجميل،
وكان للسيد وآل بيته العمر الطويل، ووهب لهم السلوان، وأمطر على جدث الفقيد
غيث الرحمة والرضوان، آمين.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... الأسيف
... ... ... ... ... ... ... ... ... أحمد هدى الأيوبي
(٢٥)
وكتب الأديب الفاضل خليل أفندي نخول من وجهاء أدباء الكورة في لبنان
سادتي الفضلاء أعزهم الله:
ليس من بكى ويبكي الحسين للشباب الغض، والأدب الرائع فقط، بل
وللوفاء في الود، والإخلاص في الحب والنبالة في القصد، وهو ما عز وجوده
وندر، في شبيبة هذا العصر، ومن عرف السيد الحسين واتصل معه بأسباب
المودة حزن عليه وأسف أسف الأخ على أخيه وعليه فمن كان مثلي - وليس من
مجاز بإخائي له إلا أن لنا أبوين - عرف مقدار أسفي ووجدي عليه، ومع ذلك
فأراني مقصرًا ببقائي إلى الآن، دون تقديم عبارة العزاء فالله أسأل أن يتغمده
بالرحمة والرضوان، وأن يجعل ببقائكم العوض الكريم، ويجمل عزاءكم ولا يريكم
مكروهًا لمن تحبونه اللهم آمين.
... ... ... ... ... ... ... ... ... شريك الأسف
... ... ... خليل نخول
(٢٦)
وكتب الأديب الفاضل صاحب الإمضاء
سيدي الأستاذ الجليل:
لقد كان لحادثة المرحوم أخيكم تأثير في نفسي فنظمت هذه الأبيات لك فيه
رحمه الله تعالى، وأجمل عزاءكم.
تعز وأنت الحليم الرشيد ... ولو أن خطب الحسين شديد
فقدناه حرًّا كريم السجايا ... ففي ذمة الله ذاك الفقيد
لقد كان ذا همة وإباء ... وعزم وبأس كبأس الأسود
رمته يد الغدر في مأمن ... فأودت بركن الرجاء الوطيد
عجيب! رصاص يفل حديدًا ... وكيف يفل الرصاص الحديد
لنا سلوة وله أسوة ... بسبْط النبي الحسين الشهيد

... ... المخلص لكما
... ... ... ... ... ... ... ... أمين المدرسة السعيدية
(٢٧)
وكتب الأديب صاحب الإمضاء ما يأتي:
مولاي السيد الإمام المصلح السيد محمد رشيد رضا
أخط على الصحائف آيات الأسف من سويداء القلب مقدمًا لكم التعزية على
فقيد الإصلاح شقيقكم السيد حسين.
نعم إن الرزء وقع في شخص ولكنه الحسين كان أمة وحده عند من يعرف
قدره، فالمصاب عظيم، والخطب جسيم، ولكن ما العمل؟
والموت نقَّاد على كفه ... جواهر يختار منها الجياد

فأنت أيها الشهيد ابن الشهيد من سار قبلك أجدادك الكرام على هذا السنن
فهنيئًا لك فإنك نلت فضل الجهاد والشهادة.
وعن أولي العزم لقد تناوبوا ... وجدهم فاحتملوها نوبا

كنت خير مشير لمن استشارك وخير هاد لمن استهداك، وخير معين لمن
طلب معونتك لا ترد قاصدًا، ولا تصد طالبًا، فمن أستشير من بعدك يا أعز
الفضلاء أو بمن أسترشد يا أوحد النبلاء؟
فالله نسأل أن يلهمنا جميعًا على فقده صبرًا جميلاً، وأن يعوض هذه الأمة
المرحومة خيرًا عن فَقْدِ أعظم ركن من أركان نهضتنا الساعين في إصلاحها إنه
سميع مجيب.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... تلميذ الفقيد
... ... ... ... ... ... ... عبد الغني صبره البيروتي
(ربما أتينا في الجزء القادم على تتمة التعازي وأقوال الجرائد) .
((يتبع بمقال تالٍ))