للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: شبلي النعماني


نقد تاريخ التمدن الإسلامي
بفلم الشيخ شبلي النعماني
(٥)

وذكر المؤلف عقيب ذلك وهب بن منبه وأنه قرأ من كتب الله ٧٢ كتابًا ثم قال:
(فكان للعرب ثقة كبرى فيه) وقال بعد ذلك: (فكانت كتب التفسير في القرون
الأولى محشوة بالأخبار وفيها الغث والسمين مما نقل إليها من الأديان الأخرى) .
فانظر كيف يناقض المؤلف نفسه! فقال:
(فنشأ في اعتقادهم أنه لا ينبغي أن يسود غير العرب ولا يتلى غير القرآن -
فرَسَخ في الأذهان أنه لا ينبغي أن يُنظر في كتاب غير القرآن - فتوطدت
العزائم على الاكتفاء به (أي القرآن) عن كل كتاب سواه ومحو ما كان قبله من
كتب العلم) .
ويقول الآن: إن كتب التفسير في القرون الأولى محشوة بالأخبار.. .. مما
نقل إليها من الأديان الأخرى، وإنه كان للعرب ثقة كبرى في وهب بن منبه، وإن
كتب التفسير امتلأت من منقولات أهل الكتاب، فلو كان أهل القرون الأولى
يبغضون ما سوى القرآن ويمحون ما كان قبله من العلم كما يدعيه المؤلف فمن روى
الإسرائيليات وأقاصيص التلمود والتوراة وحشاها في التفسير؟ ولما كانت المسألة
موضع زيادة تفصيل نزيدك توضيحًا وتفصيلاً:
كان لعدة من الصحابة وكبراء التابعين عناية كبرى بالتوراة وغيرها من
الكتب السماوية فمنهم أبو هريرة الذي كان ملازمًا للنبي عليه السلام منقطعًا إلى
الرواية - لم يدانه أحد في كثرة الرواية - كان مشغوفًا بقراءة التوراة ودرسها، قال
العلامة الذهبي في طبقات الحفاظ في ترجمته: (عن أبي رافع عن أبي هريرة أنه
لقي كعبًا - وهو حبر لليهود - فجعل يحدثه ويسأله فقال كعب: ما رأيت أحدًا لم
يقرأ التوراة أعلم بما فيها من أبي هريرة) .
ومنهم عبد الله بن عمرو بن العاص أحد من هاجر قبل الفتح، قال الذهبي في
طبقات الحفاظ: (كان من أيام النبي صوّامًا قوامًا تاليًا لكتاب الله طلابةً للعلم كتب
عن النبي صلى الله عليه وسلم علمًا كثيرًا، وكان أصاب جملة من كتب أهل الكتاب
وأدمن النظر فيها ورأى فيها عجائب) .
ومنهم عبد الله بن سلام حليف الأنصار أسلم وقت مقدم النبي وفيه ورد قوله
تعالى: {وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكِتَابِ} (الرعد: ٤٣) نقل الذهبي بعد ذكر فضائله
وكونه عالم أهل الكتاب رواية بالإسناد يرفعه إلى عبد الله بن سلام أنه جاء إلى
النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني قرأت القرآن والتوراة فقال: اقرأ هذا ليلة
وهذا ليلة، فهذا إن صح ففي الرخصة في تكرير التوراة وتدبرها.
ومنهم كعب الأحبار كان من كبار أهل الكتاب، أسلم في زمن أبي بكر، قال
الذهبي: (قدم من اليمن في دولة أمير المؤمنين عمر فأخذ عنه الصحابة وغيرهم
وأخذ هو من الكتاب والسنة عن أصحابه) فهذا كأنه تصريح في أن الصحابة أخذوا
عنه علم أهل الكتاب.
ومنهم وهب بن منبه قال الذهبي في ترجمته: (وعنده من أهل الكتاب شيء
كثير فإنه صرف عنايته إلى ذلك، وكان ثقة واسع العلم ينظر بكعب الأحبار في
زمانه) وعن وهب قال: يقولون: عبد الله بن سلام أعلم أهل زمانه وكعب أعلم
أهل زمانه) .
فهل بعد كل هذا يصح قول المؤلف: إن الصحابة ومن يليهم كانوا يقولون:
إنه لا ينبغي أن يقرأ كتاب غير القرآن ومحوا ما كان قَبْلهم من العلم؟ عياذًا بالله.
قال المؤلف: (ثانيًا جاء في تاريخ مختصر الدول لأبي الفرج - ثم نقل
رواية الإحراق برمتها وأطال في إثبات أن أبا الفرج ليس بأول من روى هذه
الرواية بل ذكرها عبد اللطيف البغدادي عرضًا في ذكره عمود السواري وذكرها
القفطي في تاريخ الحكماء) .
لا ننازع المؤلف في أن أبا الفرج مسبوق في ذكر هذه الرواية بالقفطي
والبغدادي ولكن ماذا ينفعه ذلك؟ فإن البغدادي وهو أقدمهما من أهل القرن السادس
للهجرة وذكر الرواية من غير إسناد ومن غير إحالة على كتاب.
تعود المؤلف من صباه قبول مختلقات أهل الكتاب وأوهامهم فسبب ذلك أنه
يزن التاريخ الإسلامي بميزان غير ميزاننا؛ ولذلك يصغي إلى كل صوت ويستمع
لكل قائل، لا يعرف أن هذا الفن له أصول ومبادٍ وقواعد وما لم تكن الرواية مطابقة
لهذه الأصول اليقينية لا يلتفت إليها أصلاً، منها أن الناقل للرواية لا بد أن يكون شهد
الواقعة فإن لم يشهد فليبين سند الرواية ومصدرها حتى تتصل الرواية إلى من
شهدها بنفسه.
ومنها أن يكون رجال السند معروفين بصدقهم وديانتهم، ومنها أن لا تكون
الرواية تخالف الدراية ومجاري الأحوال؛ ولذلك اهتم مؤرخو الإسلام قبل كل شيء
بضبط أسماء الرجال والبحث عن سيرهم وأحوالهم وديانتهم ومحلهم من الصدق
فدونوا كتب أسماء الرجال وكابدوا في ذلك محنة يضيق عنها النطاق البشري فعملوا
كتبًا غير محصورة منها الكامل لابن عديّ والثقاة لابن حبان وتهذيب الكمال للمِزِّيِّ
وتهذيب التهذيب لابن حجر وطبقات الصحابة لابن سعد ولابن ماكولا وابن عبد
البر ولابن الأثير ولابن حجر وتهذيب الأسماء للنووي وميزان الاعتدال للذهبي
ولسان الميزان لابن حجر.
وتجد كتب القدماء من مؤرخي الإسلام كلها أو أكثرها كتاريخ البخاري وسيرة
ابن إسحاق وتاريخ الطبري وابن قتيبة وغيره مسلسلة الإسناد مبينة الأسماء ليمكن
نقد الرواية ومعرفة جيدها من زيفها.
فأول شيء يهمنا في هذا البحث أن نرى: هل ذكر القفطي والبغدادي هذه
الرواية مسندة وذكرا مصدر الرواية وأسماء رواتها أم لا؟
وأنت تعلم أن البغدادي والقفطي من رجال القرن السادس والسابع فأي عبرة
برواية تتعلق بالقرن الأول يذكرانها من غير سند ولا رواية ولا إحالة على كتاب؟
أما كتب القدماء الموثوق بها فليس لهذه الرواية فيها أثر ولا عين، هذا تاريخ
الطبري واليعقوبي والمعارف لابن قتيبة والأخبار الطوال للدينوري وفتوح البلدان
للبلاذري والتاريخ الصغير للبخاري وثقاة ابن حبان والطبقات لابن سعد قد
تصفحناها وكررنا النظر فيها ومع أن فتح الإسكندرية مذكور فيها بقضها
وقضيضها فليس لحريق الخزانة فيها ذكر.
وعلاوة على ذلك فإن في فتح مصر كتبًا مختصة بذلك مثل خطط مصر
للكندي وكشف الممالك لابن شاهين وتاريخ مصر لعبد الرحمن الصوفي وتاريخ
مصر لابن بركات النحوي وتاريخ مصر لمحمد بن عبد الله وغيرها مما ذكرها
صاحب كشف الظنون، والمقريزي جمع وأوعى كل ذلك ولم يترك رواية ولا
خبرًا يتعلق بمصر إلا وذكره عند تفصيل الفتح ولم يذكر هذه الواقعة عند ذكر فتح
الإسكندرية.
قال المؤلف:
(وأما خلو كتب الفتح من ذكر هذه الحادثة فلا بد له من سبب والغالب أنهم
ذكروها، ثم حذفت بعد نضج التمدن الإسلامي واشتغال المسلمين بالعلم ومعرفتهم
قدر الكتب فاستبعدوا حدوث ذلك في عصر الراشدين فحذفوه أو لعل لذلك سببًا آخر
إلخ) (الجزء الثالث صفحة ٤٤ و٤٥) .
لا يستبعد مثل هذا الكلام من مثل هذا المؤلف! وكيف يقدِّر ديانة مؤرخي الإسلام وشدتهم في تحري الصدق ونزاهتهم عن التغيير والتحريف وبراءة
ساحتهم عن الحذف والإسقاط مَن صارت غريزته تعمُّد الكذب والتحريف
والخيانة والمحو والإثبات؟
قال المؤلف:
(ثالثًا) ورد في أماكن كثيرة من تواريخ المسلمين، خبر إحراق مكاتب
فارس وغيرها على الإجمال وقد لخصها صاحب كشف الظنون إلخ (الجزء الثالث
صفحة ٤٥) .
انظر إلى هذا الكذب الفاحش والخديعة الظاهرة فإن صاحب الكشف ذكر ما
ذكر من عند نفسه من غير نقل رواية ولا استناد ولا استشهاد بكتاب ولا ذكر ناقل
أو مؤرخ - وصاحبنا يقول: إنه ورد في أماكن كثيرة من تواريخ المسلمين خبر
إحراق المكاتب وقد لخصها صاحب كشف الظنون، فأين الأماكن الكثيرة وأين
التلخيص؟ !
أما قول صاحب كشف الظنون فقد ورد عرضًا وتطفلاً وكذلك قول ابن خلدون
وأمثال هذه المواقع لا تحتاج إلى كبير اعتناء وزيادة احتياط؛ ولذلك لما ذكر ابن
خلدون فتح مصر والإسكندرية وهو المظنة لذكر هذه الواقعة لم يتفوه بهذه الرواية
أصلاً، ثم إن ابن خلدون وصاحب كشف الظنون من رجال القرن الثامن وبعده فما
لم يذكرا من أين أخذا هذه الرواية لا يُعبأ بها ولا يلتفت إليها.
قال المؤلف:
(رابعًا) أن إحراق الكتب كان شائعًا في تلك العصور.. .. . كما فعل عبد
الله بن طاهر بكتب فارسية إلخ (الجزء الثالث صفحة ٤٥) .
يا للعجب! عبد الله بن طاهر من قواد المأمون ومن رجال الأدب وهذا
العصر يمتاز بكونه عصر العلم والمعارف وقد كانت للدولة ورجال حاشيتها
وغيرهم عناية كبرى بكتب الأوائل وكانوا يستجلبون الكتب من فارس وبلاد الروم
وغيرها - وتجد تفاصيل ذلك في فهرست ابن النديم وطبقات الأطباء وأخبار
الحكماء وغيرها، فكيف يعوّل على هذه الرواية التي ما ذكرها أحد من ثقاة
المؤرخين وإنما استند المؤلف (ببراون المعلم الإنكليزي) وهو نقلها من تذكرة
(دولت شاه) وهو كتاب جامع لكل غث وسمين، ولو صح نقلها لكانت على سبيل
الندرة والشذوذ، فهل يصح قول المؤلف: (إن إحراق الكتب كان شائعًا في تلك
العصور) ؟
قال المؤلف:
(خامسًا) إن أصحاب الأديان في تلك العصور كانوا يعدّون هدم المعابد
القديمة وإحراق كتب أصحابها من قبيل السعي في تأييد الأديان الجديدة ثم ذكر في
تأييد ذلك عمل إمبراطرة الروم وإحراق كتب المعتزلة ج ٣ ص ٤٦.
نعم ولكن الراشدين لا يقاسون بغيرهم، ثم إن المسألة ليست قياسية فما لم
تثبت بالرواية لا ينفع مجرد القياس.
قال المؤلف:
(سادسًا) في تاريخ الإسلام جماعة من أئمة المسلمين أحرقوا كتبهم من تلقاء
أنفسهم (ثم ذكر بعض الحوادث في تأييد ذلك) ج ٣ ص ٤٦.
عجبًا لمثل هذا الاستدلال! فإن المرء يجوز له أن يفعل بملكه ما يشاء وأي
حجة في ذلك لإحراق كتب أقوام أخر؟
إن هذه القياسات الواهية لا تغني شيئًا ولكن لو أردنا أن نستشفي في ذلك
البحث بالقياس والأمارات فعلينا أن ننظر ما كان صنيع الخلفاء الراشدين بآثار أهل
الذمة ومعابدهم وكنائسهم وأمتعتهم وخزائنهم، إن الأصل في ذلك عهد النبي صلى
الله عليه وسلم الذي كتبه لأهل نجران وقد ذكره القاضي أبو يوسف في كتاب
الخراج بحروفه.
(ولنجران وحاشيتها جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله على أموالهم
وأنفسهم وأرضهم وملتهم وغائبهم وشاهدهم وعشيرتهم وبِيَعهم وكل ما تحت أيديهم
من قليل أو كثير) (كتاب الخراج طبع مصر صفحة ٤١) .
فكان هذا العهد هو العمدة للصحابة عضوا عليه بالنواجذ وتجد في كل عهود
الخلفاء الراشدين كعهد نجران ومصر والشام والجزيرة أن هذا الأصل أي ذمة الله
ورسوله على أرضهم وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير محفوظ باقٍ على حالته
الأصلية وعهد مصر هو هذا.
(هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم ودمهم
وأموالهم وصاعهم ومدهم وعددهم) .
وذكر في معجم البلدان رواية بزيادة (أن لهم أرضهم وأموالهم لا يتعرضون
في شيء منها) وأنت تعلم ما لعمر الفاروق من العناية والشدة في وفاء العهد بأهل
الذمة وغيرهم ومع عهده بأنهم لا يتعرضون في شيء من أموالهم وكل ما تحت
أيديهم كيف كان يتعرض لخزانة كتبهم التي هي من أنفس ذخائرهم وأغلاها؟
اعلم أن مسألة إحراق خزانة الإسكندرية موضوع مهم عند أهل أوروبة وقد
أطال البحث فيه إثباتًا ونفيًا وممن ألم بهذا البحث إجمالاً وتفصيلاً المعلم (وايت)
والمعلم (دساسي) الفرنسي في ترجمة كتاب الإفادة والاعتبار و (واشنكتن أدونك)
و (داربر) الأمريكاني صاحب كتاب الجدال بين العلم والدين وكرجين وسيديو
الفاضل الشهير الفرنسي في تاريخ الإسلام والمعلم رينان الفيلسوف الفرنسي في
خطبته الإسلام والعلم و (أرتركليين) ، وللمعلم (كريل) الألماني رسالة مستقلة
في هذا البحث قدمها في المؤتمر الشرقي الذي انعقد سنة ١٨٢٨ م أورد فيها كل ما
كتب الباحثون في هذا البحث نفيًا أو إثباتًا وقد طالعت كل هذه المباحثات والمقالات
وعملت رسالة في اللسان الأردي وترجمت إلى الإنكليزية ثم إلى العربية ترجمها
أحد أهل الشام وطبع شطر منها في جريدة ثمرات الفنون. ومجلة المقتبس.
والحاصل أن محققي أهل أوروبة قضوا بأن الواقعة غير ثابتة أصلاً منهم
(جيين) المؤرخ الشهير الإنكليزي ودريير الأمريكاني وسيديو الفرنسي وكريل
الألماني والمعلم رينان الفرنسي. عمدتهم في إنكار ذلك أمران الأول أن الواقعة
ليس لها عين ولا أثر في كتب التاريخ الموثوق بها كالطبري وابن الأثير والبلاذري
وغيرها مما مر ذكرها وأول من ذكرها عبد اللطيف البغدادي والقفطي وهما من
رجال القرن السادس والسابع ولم يذكرا مصدرًا للرواية ولا سندًا - والثاني أن
الخزانة كانت ضاعت قبل الإسلام أثبتوا ذلك بدلائل لا يمكن إنكارها.
قال المؤلف:
(قلنا فيما تقدم: إن الخلفاء الراشدين كانوا يخافون الحضارة على العرب -..
ولذلك منعوهم من تدوين الكتب -.. .. وكان هذا الاعتقاد فاشيًا في الصحابة
والتابعين وتمسك به جماعة من كبارهم وكانوا إذا سئلوا تدوين علمهم أبوا
واستنكفوا) إلخ (الجزء الثالث صفحة ٥٠) .
أطال المؤلف ونقل أقولاً عديدة في إثبات أن الخلفاء الراشدين والصحابة كانوا
يمنعون الناس عن الكتابة والتأليف ونحن لا ننكر أن هذا كان مذهبًا لبعض الصحابة
والتابعين ولكن الذين رخصوا في ذلك وأمروا بالكتابة والتدوين أكثرهم عددًا
وأرجحهم ميزانًا وأوسعهم نفوذًا، وقد عقد المحدث المشهور القاضي ابن عبد البر
في كتابه جامع بيان العلم (انظر ٣٦ طبع مصر) بابًا في إثبات ذلك ونحن ننقل
شطرًا منه قال (وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(قيدوا العلم بالكتاب) وعن عبد الملك بن سفيان عن عمه أنه سمع عمر بن
الخطاب يقول قيدوا العلم بالكتاب وعن معن قال: أخرج إليّ عبد الرحمن بن
عبد الله بن مسعود كتابًا وحلف لي أنه خط أبيه بيده، وعن أبي بكر قال: سمعت
الضحاك يقول: إذا سمعت شيئًا فاكتبه ولو في حائط.
وعن سعيد بن جبير أنه كان يكون مع ابن عباس يسمع منه الحديث
فيكتبه في واسطة الرحل فإذا نزل نسخه وعن أبي قلابة قال الكتاب أحب إلينا من
النسيان وعن أبي مليح قال يعيبون علينا الكتاب وقد قال الله {عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي
كِتَابٍ} (طه: ٥٢) وعن عطاء عن عبد الله بن عمرو قلت يا رسول الله أأقيد
العلم؟ قال: (قيد العلم) قال عطاء: قلت: وما تقييد العلم؟ قال: الكتاب، وعن
عبد العزيز بن محمد الداروردي قال: أول من دون العلم وكتبه ابن شهاب، وعن
عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال: كنا نكتب الحلال والحرام
وكان ابن شهاب يكتب كل ما سمع فلما احتيج إليه علمت أنه أعلم الناس.
وعن سوادة بن حيان قال: سمعت معاوية بن قرة يقول: من لم يكتب العلم فلا
تعدوه عالمًا، وعن محمد بن علي قال سمعت خالد بن خداش البغدادي قال:
ودعت مالك بن أنس فقلت: يا أبا عبد الله أوصني قال: عليك بتقوى الله في
السر والعلانية والنصح لكل مسلم وكتابة العلم من عند أهله، وعن الحسن أنه كان
لا يرى بكتاب العلم بأسًا، وقد كان أملي التفسير فكتب وعن الأعمش قال: قال
الحسن: إن لنا كتبًا نتعاهدها، وقال الخليل بن أحمد: اجعل ما تكتب بيت مال وما في صدرك للنفقة، وعن هام بن عروة عن أبيه أنه احترقت كتبه يوم الحرة
وكان يقول: وددت لو أن عندي كتبي بأهلي ومالي، وعن سليمان بن موسى
قال: يجلس إلى العالم ثلاثة، رجل يأخذ كل ما سمع فذلك حاطب ليل - ورجل لا يكتب ويستمع فذلك يقال له: جليس العالم، ورجل ينتهي وهو خيرهم وهذا
هو العالم.
وعن إسحاق بن منصور قال: قلت لأحمد بن حنبل: من كره كتابة العلم؟
قال: كرهه قوم ورخص فيه آخرون قلت له: لو لم يكتب العلم لذهب قال: نعم
لولا كتابة العلم أي شيء كنا نحن؟ قال إٍسحاق: وسألت إسحاق بن راهويه فقال
كما قال أحمد سواء، وعن حاتم الفاخري - وكان ثقة - قال: سمعت سفيان
الثوري يقول: إني أحب أن أكتب الحديث على ثلاثة أوجه: حديث أكتبه أريد أن
أتخذه دينًا، وحديث رجل أكتبه فأوقفه لا أطرحه ولا أدين به، وحديث
رجل ضعيف أحب أن أعرفه ولا أعبأ به وقال الأوزاعي: تعلم ما لا يؤخذ به كما
تتعلم ما يؤخذ به وعن سعد بن إبراهيم قال: أمرنا عمر بن عبد العزيز بجمع
السنن فكتبناها دفترًا فبعث إلى كل أرض له عليها سلطان دفترًا، وعن أبي زرعة قال
سمعت أحمد بن حنبل ويحيى بن معين يقولان: كل من لا يكتب العلم لا يؤمَن
عليه الغلط، وعن الزهري قال: كنا نكره كتاب العلم حتى أكرهنا عليه هؤلاء
الأمراء فرأينا أن لا تمنعه أحدًا من المسلمين، وذكر المبرد قال: قال الخليل
بن أحمد: ما سمعت شيئًا إلا كتبته ولا كتبته إلا حفظته ولا حفظته إلا
نفعني.
***
الضغط على أهل الذمة
ادَّعى المؤلف أن عمر بن الخطاب كتب عهدًا لنصارى الشام وذكر نصه
منقولاً عن (سراج الملوك) للطرطوشي واعترف بأن فيه ضغطًا على النصارى، ثم
اعتذر لعمر بأن نصارى الشام كانوا يميلون إلى قيصر الروم وكانوا من
بطانته يتجسسون له فلذلك احتيج إلى الشدة بهم والتضييق عليهم.
كل من له أدنى مسكة في التاريخ يعرف أن الطرطوشي ليس من رجال
التاريخ وكتابه كتاب أدب وسياسة لا كتاب تاريخ وهو من رجال القرن السادس
وإنما المعوَّل في هذا البحث على المصادر القديمة الموثوق بها كتاريخ الطبري
والبلاذري واليعقوبي وابن الأثير وغيرها، وهذا ما كان يخفى على المؤلف ولكن
لأجل هوى نفسه أعرض عن كل هذه وتشبث برواية واهية تخالف الروايات
الصحيحة المذكورة بإسنادها ورجالها، قال القاضي أبو يوسف وهو - مع كونه من
رجال الفقه - عارف بالمغازي والسير بعد ما نقل عهد نصارى الشام وليس فيه أدنى
ضغط عليهم ولا شدة بهم:
(فلما رأى أهل الذمة وفاء المسلمين لهم وحسن السيرة فيهم صاروا أشداء على
عدو المسلمين وعونًا للمسلمين على أعدائهم فبعث أهل كل مدينة رسلهم ممن جرى
الصلح بينهم وبين المسلمين رجالاً من قبلهم يتحسسون الأخبار عن الروم وعن
ملكهم وما يريدون أن يصنعوا فأتى أهلَ كل مدينة رسلُهم يخبرونهم بأن الروم قد
جمعوا جمعًا. فكتب أبو عبيدة إلى كل والٍ ممن خلفه في المدن التي صالح أهلها
يأمرهم أن يردوا عليهم ما جبي من الجزية والخراج , وكتب إليهم أن يقولوا لهم: إنما رددنا عليكم أموالكم؛ لأنه قد بلغنا أنه جمع لنا من الجموع وأنكم قد اشترطتم
علينا أن نمنعكم وأنا لا نقدر على ذلك، وقد رددنا عليكم ما أخذنا منكم. فلما قالوا
ذلك لهم وردوا عليهم الأموال التي جبوها منهم قالوا: ردكم الله علينا ونصركم
عليهم فلو كانوا هم لم يردوا علينا شيئًا وأخذوا كل شيء بقي لنا حتى لا يدعوا
شيئًا) (كتاب الخراج طبع مصر صفحة ٨ و٨١) .
فانظر إلى هذا العدل الذي عجز البشر عن إتيان مثله واعتراف أهل الذمة
بذلك! وإلى قول المؤلف أن عمر ضغط عليهم وإنما ضغط لأنهم كانوا من
جواسيس الروم!
***
تاريخ العلوم الإسلامية
أما تاريخ العلوم الإسلامية والتقريظ عليها فقد فقدنا اليوم في ملتنا من يقوم
بهذا العبء فكيف برجل دخيل فينا بضاعته مزجاة قليل المعرفة من علومنا إلا
أسماء تلقاها من ظواهر الكتب وأفواه العامة؟ فإذا تكلم عن شيء منها خبط وخلط
وهاك أمثلة من ذلك قال: (وكان المسلمون غير العرب هناك أكثرهم الفرس وهم
أهل تمدن وعلم فعمدوا إلى استخدام القياس العقلي في استخراج أحكام الفقه من
القرآن والحديث فخالفوا بذلك أهل المدينة؛ لأنهم كانوا شديدي التمسك بالتقليد)
(الجزء الثالث ص ٧١) ظن الرجل أن استخدام القياس والرأي من مبتدعات الفرس
مع أن أول من سمي بهذا الاسم هو ربيعة الرأي، صرح بذلك السمعاني في الأنساب
وهو من أول أهل المدينة وممن أخذ عنهم الإمام مالك، وأن مالكًا والشافعي وأبا
يوسف والإمام أحمد رضي الله عنهم كلهم يستعملون القياس مع كونهم من العرب
أرومة وموطنًا وأداة وأن الفارق بين أصحاب الرأي والحديث ليس استعمال القياس -
وفصل القضية في ذلك تجده في (كتاب حجة الله البالغة) لشاه ولي الله الدهلوي من
متأخري حكماء الإسلام - ثم قال المؤلف (فكان من جملة مساعي المنصور
في تصغير أمر المدينة وفقهائها وخصوصًا مالك بعد أن أفتى بخلع بيعته، وأنه
نصر فقهاء العراق القائلين بالقياس وكان كبيرهم يومئذ أبا حنيفة النعمان
في الكوفة فاستقدمه المنصور إلى بغداد وأكرمه وعزز مذهبه) الجزء
الثالث ص ٧١.
ظلمات بعضها فوق بعض! ! ما كان أبو حنيفة أرفع مكانة عند المنصور من
مالك فإن أبا حنيفة كان هواه مع إبراهيم الخارج على المنصور، وكان أفتى بنصرة
إبراهيم، ولذلك أراد المنصور المكيدة به فاستدعاه وعرض عليه القضاء ولما لم
يرض به سجنه وأمر بضربه حتى مات في السجن، أما ما قال عن تصغير أمر
الإمام مالك فخالف الروايات الصحيحة الثابتة. قال القاضي ابن عبد البر في كتاب
جامع العلم (صفحة ٦٧) عن محمد بن عمر قال: سمعت مالك بن أنس يقول:
لما حج أبو جعفر المنصور دعاني فدخلت عليه فحدثته وسألني فأجبته فقال:
إني عزمت أن آمر بكتبك هذه التي وضعتها (يعني الموطأ) فينسخ نسخًا ثم أبعث
إلى كل مصر من أمصار المسلمين منها نسخة وآمرهم أن يعملوا بما فيها لا يتعدوها
إلى غيرها ويدعوا ما سوى ذلك من هذا العلم المحدث فإني رأيت أنَّ أصْل هذا
العلم رواية أهل المدينة وعلمهم إلخ.
قال المؤلف (وكان أبو حنيفة لا يحب العرب ولا العربية حتى إنه لم يكن
يحسن الإعراب ولا يبالي به) (الجزء الثالث صفحة ٧١ مستندًًا بابن خلكان)
نعوذ بالله من هذا الكذب الظاهر والمين الفاحش! استشهد المؤلف في هذه الواقعة
بابن خلكان والحال أن ابن خلكان ذكر في تاريخه في ترجمة أبي حنيفة بعد ذكر
محاسنه أن الخطيب البغدادي أطال في مثالب أبي حنيفة ثم أنكر عليه ذلك وقال: ما
كان يعاب أبو حنيفة إلا بقلة العربية فإنه قال (ولو رماه بأبا قيس) ثم اعتذر له
بنوع من العذر وليس فيه أقل شيء يومئ إلى أن أبا حنيفة كان لا يحب العرب
والعربية ثم إن أبا حنيفة كان ناقمًا على العباسية المحامين للفرس وكان من شيعة
زيد ابن الإمام زين العابدين وكان تلميذًا لحماد وهو تلميذ لإبراهيم النخعي وكلهم
عرب - ثم أصحابه الملازمون له والناشرون لفقهه والقائمون بدعوته أي أبا يوسف
ومحمدًا وزفر كلهم عرب، أما لحن أبي حنيفة. فمعلوم أنه عجمي وكم من الأعجام
الذين هم رءوس الأدب ووجوه العربية كحماد الراوية وغيره كانوا يلحنون وكان
هذا طبيعتهم وعزيزتهم.
فمن كان هذا مبلغه من العلم ومحله من النظر هل يصلح لسلوك هذا الطريق
الوعر والخوص في غمار هذا البحث الدقيق الذي يحتاج إلى التضلع في العلوم
الإسلامية والتوسع فيها مع سعة النظر ووفرة المواد وإصابة الرأي وشدة الفحص
وإفراغ الجهد وتكميل الأدوات، ثم إن الرجل ههنا هو الرجل الذي عهدناه قبل ذلك
في سوء طويته وكامن حقده وتحامله على العرب واعتياده التحريف وتمرنه بسوء
التأول وتلبيس الكلام وهاك أمثلة من هذه:
قال (تحت عنوان الفقه) : (فلما أفضى الأمر إلى بني العباس وأراد المنصور
تصغير العرب وإعظام أمر الفرس؛ لأنهم أنصارهم وأهل دولتهم كان من جملة
مساعيه في لك تحويل أنظار المسلمين عن الحرمين فبنى بناء سماه القبة الخضراء
حجًّا للناس وقطع الميرة عن الحرمين، وفقيه المدينة يومئذ الإمام مالك الشهير فاستفتاه
أهلها في أمر المنصور فأفتى لهم بخلع بيعته) (الجزء الثالث صفحة ٧١) .
وهذا كله كذب واختلاق والمنصور أبعد محلاًّ وأبرأ ساحة من أن يبني بناء
إرغامًا للكعبة - وقد سبق لنا الكلام فيه، فأما قطع الميرة عن المدينة فلم يكن إلا
حجرًا - على محمد وتضييقًا عليه لما قام بالخلافة وقد صرح بذلك المقريزي
(الجزء الثاني صفحة ١٤٣) فقال: وذكر البلاذري أن أبا جعفر المنصور لما ورد
عليه قيام محمد بن عبد الله قال: تكتب الساعة إلى مصر أن تقطع الميرة عن أهل
الحرمين والإمام مالك كان هواه مع محمد يحرض الناس على مؤازرته وأفتى
بخلع بيعة المنصور (فانظر كيف قلب المؤلف الحكاية وصرفها عن وجهها!)
فخروج محمد وإفتاء الإمام مالك متقدمان على قطع الميرة عن المدينة وخروج محمد
هو السبب في قطع الميرة والمؤلف يقول: إن قطع الميرة إنما كان إرغامًا للحرمين،
وأن الإمام مالكًا أفتى لذلك بخلع بيعته.
قال المؤلف بعد ما ذكر رغبة بني أمية في الشعر وتنشيطهم للناس تحت
عنوان (الشعر وبنو أمية) (وقد يتبادر إلى الأذهان أنهم كانوا يفعلون ذلك رغبة
في الأدب وتنشيطًا لأهله؛ لأن الشعر سجية في العرب ودولة الأمويين عربية بحتة
ولكن الأغلب أنهم كانوا يفعلونه للاستعانة بألسنة الشعراء على مقاومة أهل البيت)
إلخ (الجزء الثالث صفحة ١٠٢) فانظر إلى هذا التحامل المفرط والحيف الشديد!
فإنه لما لم يجد سبيلاً إلى إنكار ما لبني أمية من الأيادي في ترويج سوق الأدب
ورفع منار الشعر والأخذ بناصر علماء العربية وإعطاء الصلات المتكاثرة للشعراء
احتال لدفعه بإبداء احتمال أنهم كانوا مدفوعين إلى ذلك سياسة.
قال (وقد تقدم في كلامنا عن الفقه أن المنصور أخذ يناصر أصحاب الرأي
والقياس، واستقدم أبا حنيفة إلى بغداد ونشطه لهذه الغاية، وظل الميل إلى القياس
متواصلاً في بني العباس والاعتزال أقرب المذاهب إلى أصحاب الرأي) إلخ
(الجزء الثالث صفحة ١٤٠) انظر إلى ما بلغ به حال المؤلف في جهله بالمعارف
الإسلامية حتى أنه يقرن بين الاعتزال والرأي ويعدهما من جنس واحد! ولم يدر
المسكين أن لا رابط بينهما فإن الاعتزال أحد المذاهب الكلامية والرأي والقياس أحد
أصول الفقه ومعظم أصحاب الرأي والقياس بل كلهم - إلا الشاذ النادر منهم - كأبي
حنيفة ومحمد وأبي يوسف وزفر والطحاوي والخصاف وأبي بكر الرازي والدبوسي
وغيرهم كانوا ناقمين على الاعتزال وكانوا يعدون المعتزلة من أهل الأهواء
والضلالة.
قال (فلما أفضت الخلافة إلى المأمون أخذ يناصر أشياعه وصرح بأقوال لم
يكونوا يستطيعون التصريح بها خوفًا من غضب الفقهاء وفي جملتها القول بخلق
القرآن أي أنه غير منزل) (الجزء الثالث صفحة ١٤١) .
وهل يكون كذب أعظم من هذا؟ ! فإن خلق القرآن أو قدمه لا مساس له
بالتنزيل أو عدمه فإن الاختلاف فى: هل الكلام صفة حادثة تقوم بالله تعالى؟ أو
هو صفة قديمة؟ فالمعتزلة قالوا بحدوثه حذرًا من تعدد القدماء، وأهل السنة وغيرهم
قالوا بقدمه؛ لأن الحادث لا يقوم بقديم. فأما أن القرآن كلام الله تعالى منزل إلى
الرسول فهذا لا يختلف فيه اثنان.
قال (وأما الفلسفة بحد ذاتها فقد كان أصحابها متهمين بالكفر وكان الانتساب
إليها مرادفًا للانتساب إلى التعطيل، وقد شاع ذلك في بغداد بين العامة حتى في أيام
المأمون ولذلك سماه بعضهم أمير الكافرين) (الجزء الثالث صفحة ١٧٧) .
استشهد المؤلف في هذا القول باليعقوبي ونحن ننقل عبارته حتى تعرف مقدار
خديعة المؤلف، قال اليعقوبي (وشخص هرثمة من العراق إلى مرو سنة ٢٠١
وقيل: إنه انصرف بغير إذن من المأمون فلما دخل على المأمون.. .. قال من
نقرس ولا يمكنني أمشي في محفة.. .. وكلم المأمون بكلام عليه ودخل معه
يحيى بن عامر بن إسماعيل الحارثي فقال: السلام عليك يا أمير الكافرين.
فأخذته السيوف في مجلس المأمون حتى قتل! فقال هرثمة: قدَّمت هذه المجوس
على أوليائك وأنصارك؟ وأتوا محمد بن صالح بن المنصور فقالوا: نحن أنصار
دولتكم وقد خشينا أن تذهب هذه الدولة بما حدث فيها من تدبير المجوس)
(اليعقوبي صفحة ٥٤٦ و٥٤٧) إن المأمون استوزر حسن بن سهل وكان مجوسيًّا
أسلم فنقم العرب على المأمون، وقالوا: إنك قدمت المجوس وقال له يحيى: السلام
عليك يا أمير الكافرين، فهذا كله من السياسة لا مساس له بالفلسفة والاعتزال وابن
هرثمة ويحيى بن عامر الحارثي من أهل الجند ما عرفا الفلسفة ولا سمعا بها.
قال المؤلف (ولكن الإسلام كان أقرب إلى إطلاق حرية الفكر والقول
وخصوصًا في أوائله فلم يكن أحدهم يستنكف من إبداء ما يخطر له ولو كان مخالفًا
لرأي الخليفة ولذلك كثرت الفرق الإسلامية يومئذ وتعددت مذاهب أصحابها في
القراءة والتفسير والفقه وفي كل شيء حتى ذهب بعضهم إلى أن سورة يوسف
ليست من القرآن لأنها قصة من القصص والقائلون بذلك العجاردة (الجزء الثالث
صفحة ٦١) .
انظر إلى هذه الخديعة يمدح الإسلام بكونه أقرب إلى حرية الفكر ويدس فيه
أن بعض الطوائف الإسلامية كانت تنكر أن سورة يوسف من القرآن وهم العجاردة
يوهم بذلك أن العجاردة فرقة من الفرق الإسلامية وأن إنكار بعض سور القرآن كان
مذهبًا من مذاهب الإسلام مع أن العجاردة وهم حماد عجرد واثنان آخران معروفون
بالإلحاد والزندقة والمروق من الإسلام ذكرهم ابن خلكان والشهرستاني وغيرهما.