للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد توفيق صدقي


نظريتي في قصة صلب المسيح
وقيامته من الأموات [*]

ذهب علماء الإفرنج المحققون في تعليل منشأ هذه المسألة مذاهب شتى
لأنهم لا يعتقدون حصول هذه القيامة الموهومة. ولسنا في حاجة إلى نقل
آرائهم في مثل هذه المقالة، ومن شاء الاطلاع على شيء من ذلك فليقرأ مؤلفات
رينان وإدوارد كلود، ودائرة المعارف المتعلقة بالتوراة، وكتاب دين
الخوارق وغير ذلك. وإنما نريد الآن أن نقول كلمة في هذا الموضوع لنزيل
الغشاوة عن أعين هؤلاء الناس الملقبين بالمبشرين وهي نظريتي [١] في هذه
المسألة فنقول:
كان بين تلاميذ المسيح رجل يدعى يهوذا، وهو من قرية تسمى خريوت
في أرض يهوذا فلذا عرف بالأسخريوطي، وكان يشبه المسيح في خلقته شبهًا
تامًّا [٢] ومن المعلوم أن المسيح كان يدعو الناس إلى دينه في الجليل ولكنه كان
يذهب إلى أورشليم كل سنة في عيد الفصح كما هي عادة اليهود فزارها في
السنة الأولى من بعثته وكان هو وأتباعه القليلون محتقرين فيها لأن اليهود
كانوا يحتقرون أهل الجليل وخصوصًا سكان الناصرة [٣] فما كان أحد يبالي بهم
أو يلتفت إليهم، وفي السنة الثالثة من بعثته لما زارها في المرة الأخيرة من
حياته كان شأنه قد ارتفع عن ذي قبل وكثرت أتباعه فحقد عليه رؤساء اليهود
الذين استاءوا من أقواله وأعماله وتعاليمه فصمموا على الفتك به واتفقوا مع
يهوذا الإسخريوطي على أن يدل مبعوثيهم عليه ليقبضوا عليه فذهب يهوذا
معهم ودلهم عليه فإنهم ما كانوا يعرفونه (مرقس ١٤: ٤٣ - ٤٦) فأمسكوه
وكان ذلك ليلاً وساقوه إلى بيت رئيس الكهنة فتركه جميع التلاميذ وهربوا
(مر ١٤: ٥٠) ولكن تبعه بطرس من بعيد ثم أنكر علاقته به وفر هو أيضًا
هاربًا، وأما دعوى صاحب الإنجيل الرابع أن يوحنا تبعه أيضًا (يو ١٨:
١٥ - ١٨) فالظاهر أنها مخترعة من واضعه لمدح يوحنا كما سيأتي بيانه
وإلا لذكرها الثلاثة الإنجيليون الآخرون.
ولما كان الصباح ساقوه إلى بيلاطس الذي كان يود إنقاذه منهم ولكن
الظاهر من الأناجيل أنه لم يفلح فحكم بصلبه فأخذه العسكر إلى السجن حتى
يستعدوا للصلب، ففر من السجن هاربًا إما بمعجزة أو بغير معجزة كما فر
بعض أتباعه بعده من السجون أيضًا (راجع أع ١٢: ٦-١٠ و١٦: ٢٥
و٢٦) وربما ذهب إلى جبل الزيتون ليختفي (انظر مثلاً يو ٨: ١ و٥٩ و١٠:
٣٩ و١١: ٥٣ - ٥٧) وهناك توفاه الله أو رفعه إليه بجسمه أو بروحه فقط
فخرج الحراس للبحث عنه، وكان يهوذا مسلمه قد صمم على الانتحار
وخارجًا ليشنق نفسه في بعض الجبال (متى ٢٧: ٣-١٠) ندمًا وأسفًا على
ما فعل فلقيه الحراس، ونظرًا لما بينه وبين المسيح من الشبه التام فرحوا
وظنوه هو وساقوه إلى السجن [٤] [٥] متكتمين خبر هروبه خوفًا من العقاب
ولمَّا وجد يهوذا أن المقاومة لا تجدي نفعًا ولِما طرأ عليه من التهيج العصبي
والاضطراب النفساني الشديد الذي يصيب عادة المنتحرين قبل
الشروع في الانتحار، ولاعتقاده أنه بقتل نفسه يكفر عما ارتكب من الإثم
العظيم ولعلمه أن قتله بيد غيره أهون عليه من قتل نفسه بيده، لهذه الأسباب
كلها استسلم للموت استسلامًا ولم يفُه ببنت شفة رغبةً منه في تكفير ذنبه
وإراحة ضميره بتحمله العذاب الذي كان سلم سيده لأجله [٦] ولما جاءت ساعة
الصلب أخرجوه وساروا به وهو صامت ساكت راضٍ بقضاء الله وقدره
ونظرًا لما أصابه من التعب الشديد والسهر في ليلة تسليمه للمسيح وحزنه
واضطرابه لم يقو على حمله صليبه أو أنه رفض ذلك فحملوه لشخص آخر
يسمى سمعان القيرواني وذهبوا إلى مكان يسمى الجمجمة خارج أورشليم
وهناك صلبوه مع مجرمين آخرين فلم يكن هو وحده موضع تأمل الناس
وإمعانهم ولم يكن أحد من تلاميذ المسيح حاضرًا وقت الصلب إلا بعض نساء
كن واقفات من بعيد ينظرن الصلب مت ٢٧: ٥٥ ولا يخفى أن قلب النساء
لا يمكِّنهن من الإمعان والتحديق إلى المصلوب في مثل هذا الموقف وكذلك
بُعد موقفهن عنه، فلذا اعتقدن أنه هو المسيح، وأما دعوى الإنجيل الرابع
١٩: ٢٦ أن مريم أم عيسى ويوحنا كانا واقفين عند الصليب فالظاهر أنها
مخترعة كالدعوى السابقة لمدح يوحنا أيضًا إذ يبعد كل البعد كما قال رينان أن
تذكر الأناجيل الثلاثة الأول أسماء نساء أخريات وتترك ذكر مريم أمه
وتلميذه المحبوب يوحنا، كما يسمي نفسه بذلك في أغلب المواضع، إذا صح أنه
هو مؤلف الإنجيل الرابع.انظر إصحاح ١٣: ٣ و٢١: ٢٠ وغير ذلك كثير.
هذا وقلة معرفة الواقفين للمسيح لأنه كان من مدينة غير مدينتهم (راجع
يوحنا ص٧) وشدة شبه يهوذا به وعدم طروء أي شيء في ذلك الوقت
يشككهم فيه - كل ذلك جعلهم يوقنون أن المصلوب هو المسيح، حتى إذا شاهد
القريبون منه تفاوتًا قليلاً في خلقته حملوه على تغير السحنة الذي يحدث في مثل
هذه الحالة ومن مثل هذا العذاب. وكم في علم الطب الشرعي من حوادث ثابتة
اشتبه فيها بعض الناس بغيرهم حتى كان منهم من عاشر امرأة غيره الغائب
بدعوى أنه هو وجازت الحيلة على الزوجة والأهل والأقارب والمعارف
وغيرهم ثم عرفت الحقيقة بعد ذلك، وأمثال هذه الحوادث مدونة في كتب هذا
العلم في باب تحقيق الشخصية: (Identification)
فليراجعها من شاء.
ومنهم من شابه غيره حتى في آثار الجروح والعلامات الأخرى واللهجة
في الكلام (راجع الفصل الأول من كتاب أصول الطب الشرعي لمؤلفيه جاي
وفرير الإنكليزيين) .
فلا عجب إذن إذا خفيت حقيقة المصلوب عن رؤساء الكهنة والعسكر
وغيرهم وخصوصًا لأنهم ما كانوا يعرفونه حق المعرفة ولذلك أخذوا يهوذا
ليدلهم عليه كما سبق فاشتبه عليهم الأمر كما بيَّنَّا وكان المصلوب هو يهوذا
نفسه الذي دلهم عليه فوقع كما كان دبره لسيده (انظر مز ٦: ٨-١٠ و٧: ٥
ومز٣٧ وأمثال ١١: ٨ و٢١: ١٨) .
ولما كان المساء جاء رجل يسمى يوسف فأخذ بجسد المصلوب ووضعه
في قبر جديد وقريب ودحرج عليه حجرًا وكان هذا الرجل يؤمن بالمسيح ولكن
سرًّا (يو ١٩: ٣٨) ومن ذلك يعلم أنه ما كان يعرف المسيح معرفة جيدة
تمكنه من اكتشاف الحقيقة وخصوصًا بعد الموت، فإن هيئة الميت تختلف قليلاً
عما كانت وقت الحياة لا سيما بعد عذاب الصلب، وروى الإنجيل الرابع وحده
أن رجلاً آخر يدعى نيقوديموس ساعد يوسف في الدفن أيضًا (١٩: ٣٩)
وكان هذا الرجل عرف يسوع من قبل وقابله مرة واحدة في الليل (يو ٣:
١-١٣) فمعرفته به قليلة جدًّا وكانت ليلاً منذ ثلاث سنين تقريبًا أي في أوائل
نبوته، وفي كتب الطب الشرعي والمجلات الطبية عدة حوادث خدع فيها
الإخوان والأقارب بجثث موتى آخرين (راجع كتاب الطب الشرعي المذكور
صفحة ٣٢ منه) فما بالك إذا لم يكن الشخصان الدافنان للمصلوب يعرفانه حق
المعرفة كما بينا.
لذلك اعتقد جمهور الناس وقتئذ أن المسيح صلب ومات ودفن فحزن
تلاميذه وأتباعه حزنًا شديدًا وفرحت اليهود وشمتوا بهم ولو أمكن التلاميذ
إحياءه من الموت لفعلوا ففكر منهم واحد أو اثنان في إزالة هذا الغم الذي حاق
بهم وما لحقهم من اليهود من الشماتة والاحتقار والذل فوجد أن أحسن طريقة
لإزالة كل ذلك ولإغاظة اليهود أن يسرق جثة المصلوب من القبر ويخفيها في
مكان آخر ليقال إنه قام من الأموات ولم تفلح اليهود في إعدامه إلا زمنًا قليلاً
وهكذا فعل وأخفى الجثة.
فلما مضى السبت الذي لا يحل فيه العمل لليهود جاءت مريم المجدلية إلى
القبر فجر يوم الأحد فلم تجد الجثة فدهشت وتعجبت وأسرعت إلى بطرس
(ويقول الإنجيل الرابع كما هي عادته: إلى يوحنا، أيضًا) وأخبرتهما أن الجسد
فُقد من القبر فذهبا معها ووجدا كلامها صحيحًا فقالا: لا بد أنه قام من الموت،
وهذا القول هو أقرب تفسير يقال من تلاميذ المسيح المحبين له المؤمنين به
وربما كانا هما المُخفين للجثة أو أحدهما (بطرس) ولذلك نجده في سفر
الأعمال وفي الرسائل يتكلم أكثر من يوحنا عن قيامة المسيح بل أكثر من
جميع التلاميذ الآخرين.
أما مريم المجدلية فمكثت تبكي لعدم وجود الجثة وعدم معرفتها الحقيقة
وكانت عصبية هستيرية، وبتعبيرهم: كان بها سبعة شياطين (مرقص ١٦-
٩) فخيل لها أنها رأت المسيح ففرحت وأسرعت وأخبرت التلاميذ (يو ٢٠:
١٨) أنها رأته وأما النساء الأخريات اللاتي ذهبن إلى القبر فلم يرينه كما يفهم
من أنجيل مرقص ولوقا، وغاية الأمر أنهن رأين القبر فارغًا وبعض الكفن
الأبيض باقيًا فخيل لبعضهن - وكلهن عصبيات - أن ملكًا كان واقفًا في القبر
وأمثال هذه التخيلات الخادعة كثيرة الحصول للناس وخصوصًا للنساء عند
القبور وفي وقت الظلام (يو ٢٠: ١) وما حادثة قيام المتبولي من قبره عند
عامة أهل القاهرة ببعيدة. ويجوز أنهن رأين رجلين من أتباع المسيح ممن لا
يعرفنهم وكانا هما السارقين للجثة ففزعن منهما وغشاهن حتى ظنن أنهما
ملكان بثياب بيض (انظر لو٢٤: ٤) فكثرت أحاديث هؤلاء النسوة كل منهن
عمَّا رأته ومنها نشأت قصص الأناجيل في قيامة المسيح كما نشأت الحكايات
الكثيرة المتنوعة عن قيامة المتبولي في هذه الأيام في مصر [٧] ولذلك اختلفت
قصة القيامة في الأناجيل اختلافًا عجيبًا يدل على أن كل كاتب أخذ ما كتب عما
حوله من الإشاعات والروايات المختلفة التي لم تكن وقتئذ مرتبةً ولا منظمةً.
ويظهر من هذه الأناجيل أن التلاميذ بعد ذلك صاروا محاطين بالوساوس
والأوهام من كل جانب حتى إنهم كانوا كلما لاقاهم شخص في الطريق واختلى
بهم أو أكل معهم ظنوه المسيح ولو لم يكن يشبهه في شيء ظنًّا منهم أن هيئته
تغيرت (مر١٦: ١٢ ولوقا ٢٤: ١٦ ويو٢١: ٤-٧) فكانت حالهم أشبه
بحال العامة من سكان القاهرة الذين التفوا منذ زمن قريب حول رجل سائر في
الطريق في صبيحة إشاعة انتقال المتبولي من قبره يصيحون: سرك يا
متبولي، كما نقلناه هنا عن بعض جرائد العاصمة التي ذكرت تلك الحادثة في
ذلك الحين لاعتقاد الناس أنه هو المتبولي الذي قام من قبره وكانوا يعدون
بالمئات إن لم يبلغوا الألوف ولا يبعد أن بعض أولئك الناس الذين لاقاهم
التلاميذ كان بلغهم الإشاعات عن قيامة المسيح فكانوا يضحكون من التلاميذ
ويسخرون بهم ويأتون من الأعمال والحركات ما يوهم التلاميذ أن ظنهم فيهم
هو صحيح كما كان ذلك الرجل السابق ذكره يقول للناس لما رآهم التفوا حوله:
أنا المتبولي أنا المتبولي.
وروى الدكتور كاربنتر في كتابه (أصول الفسيولوجيا العقلية) ص ٢٠٧ أن
السير والترسكوت (Walter Scott Sir) رأى في غرفته وهو يقرأ صديقه
اللورد بيرون (Byron Lord) بعد وفاته واقفًا أمام عينيه فلما ذهب إليه لم يجد
شيئًا سوى بعض ملابس وهي التي أحدثت هذا التخيل الكاذب (IIIusion) وفي
حريق قصر البلور (Crystal Palace) في سنة ١٨٦٦ خيل لكثير من الناس
أن قردًا يريد الفرار من النار بتسلقه على قطع حديدية كانت في سقف هناك والناس
وقوف يشاهدون هذا المنظر متألمين، ثم اتضح أنه لم يكن ثم قرد مطلقًا وإنما هو
منظر كاذب كما حكاه الدكتور تيوك (Dr.Tuke) وذكر الدكتور هبرت
(Hibbert Dr.) في مقال أن جماعة كانوا في مركب فشاهدوا أمامهم طباخًا لهم
يمشي
وكان مات منذ بضعة أيام فلما وصلوا إليه وجدوا قطعةً من خشب طافية على سطح
الماء، وهناك أمثلة أخرى عديدة كهذه يعرفها المطلعون على علوم الفسيولوجيا
والسيكولوجيا والأمراض العقلية وكان المخدوعون فيها عدة أشخاص.
ويدخل في هذا الباب (باب الخيالات الكاذبة والأوهام) دعوى القبط في
مصر أنهم في ثاني يوم لعيد النيروز (أي ٢ توت من السنة القبطية) إذا
نظروا إلى جهة الشرق بعد طلوع الشمس بقليل رأوا رأس يوحنا المعمدان كأنه
في طبق والدم يسيل من جوانبه وقد أكد لي بعضهم، وهو من الصادقين عندي،
أنه رأى ذلك المنظر بعيني رأسه في الأفق وكثير من نسائهم يقلن أنهن رأينه
أيضًا.
ومن ذلك أيضًا ما كان يراه القدماء وخصوصًا النصارى في أوروبا في
القرون الوسطى وقت ظهور ذوات الأذناب في السماء كالذي ظهر عندهم سنة
١٥٥٦ ميلادية فإنها رأوا فيه وفي غيره سيوفًا من نار وصلبان وفرسان على
الخيل وغزلان وجماجم قتلى إلخ إلخ، وكانوا يتشائمو من هذه المناظر
وينزعجون منها، وقد رسم بعضهم صور ما كانوا يرونه من ذلك ونشر في
كتبهم راجع كتاب (الفلك للعاشقين) تأليف كاميل فلامريون ص ١٨٧ و١٨٩.
ورأى اليهود قبل خراب أورشليم نحو ذلك أيضًا في السماء كمركبات
وجيوش بأسلحتها تركض بين الغيوم حتى تشائموا منها كثيرًا، وفي عيد
الخمسين لما كان الكهنة داخلين ليلاً في دار الهيكل الداخلي سمعوا صوتًا كأنه
صوت جمع عظيم يقول: دعنا نذهب من هنا. إلى غير ذلك من الأوهام
والخيالات التي وصفها مؤرخهم الشهير يوسيفوس في بعض كتبه وذكرها
أيضًا تاسيتوس مؤرخ الرومان وهي أوهام لم تخل أمة من مثلها في كل زمان
ومكان، وقد تظهر أيضًا مناظر عجيبة كهذه في الأفق من انكسار أشعة
الشمس في طبقات الهواء (Mirage) راجع كتاب (الرسل) لرينان ص
٤٢ في رؤية المسيح في الجليل بعد صلبه.
أما دعوى الإنجيل الأول (متى) أن حراسًا ضبطوا القبر وختموا عليه
(٢٧: ٦٦) فهي كما قال العلامة (أرنست رينان) اختراع يراد به الرد
على اليهود الذين ذهبوا إلى القول بسرقة الجثة حينما أكثر النصارى من القول
بالقيامة بعد المسيح بمدة (انظر مت ٢٨: ١٥) ولذلك لم ترد قصة حراسة
القبر في الأناجيل الأخرى، ولو كانت حقيقية لما تركوها فهي الرد الوحيد الذي
أمكن لكاتب الإنجيل الأول أن يبتكره لدفع ما ذهب إليه اليهود في ذلك الزمان.
وزد على ذلك أن هذا الإصحاح (٢٧) من إنجيل متى قد اشتمل على غرائب
أخرى كانفتاح القبور وقيام الراقدين من الموت ودخولهم المدينة، إلخ إلخ
(٢٧: ٥١ - ٥٤) وكل هذه أشياء يراد بها التهويل والمبالغة، ولا يخفى على
عاقل مكانها من الصحة ولذلك رفضها المحققون من علماء أوروبا اليوم. ولو
وقعت لكانت أغرب ما رأى الناس ولتوفرت الدواعي على نقلها فنقلها كتبة
الأناجيل كلهم ممن اعتمدت الكنيسة أناجيلهم ومن غيرهم ولاشتهرت فنقلها
المؤرخون كيوسيفوس وغيره.
ولا ندري متى قال المسيح لليهود أنه سيقوم في اليوم الثالث؟ ولماذا
يظهر نفسه لهم؟ وما فائدة هذا الجسد المادي الذي كان يحتاج للأكل والشرب
بعد القيامة (لو ٢٤: ٤١ و٤٢) حتى يحيا بعد الموت ويبقى إله العالمين
مقيدًا به إلى الأبد؟ نعم ورد في إنجيل يوحنا أنه قال لليهود (٢: ١٩) :
انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه. ولكن نصت هذه الأناجيل على أن
اليهود لم يفهموا هذا القول بل ولا تلاميذ المسيح أنفسهم (انظر لوقا: ١٨:
٣٤، ويو ٢: ٢١ و٢٢ و٢٠: ٩ ومر ٩: ٣٢) وقد كذب هذه العبارة متى
نفسه فقال: إنها شهادة زور (٢٦: ٦٠ و٦١) فكيف إذًا أرسل اليهود كما
قال متى حراسًا ليضبطوا القبر خوفًا من ضياع الجثة؟ وأي شيء نبههم إلى
ذلك العمل مع أن أقوال المسيح لم يفهمها نفس تلاميذه إذا صح أنه قال هذه
العبارة أو غيرها؟ أما قوله لليهود (متى ١٢: ٤٠: لأنه كما كان يونان
في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض
ثلاثة أيام وثلاث ليال) قد قال فيه بعض محققيهم مثل بالس وشاتر إنه زيادة من
كاتب الإنجيل للتفسير. وهي زيادة خطأ فلم يمكث إلا يومًا وليلتين ولذلك لم ترو
هذه الزيادة في إنجيل من الأناجيل الأخرى، وقول متى ١٢: ٣٩: ولا تعطى له
آية إلا آية يونان النبي. يريد به أنه كما آمن أهل نينوى بيونان (يونس) من
غير أن يروا منه آية كذلك كان الواجب أن تؤمنوا بي بدون اقتراح آيات وبدون
عناد، ولذلك قال بعد ذلك ٤١: رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل
ويدينونه لأنهم تابوا بمناداة يونان، وهوذا أعظم من يونان هنا. وفي القرآن
الشريف نحو ذلك أيضًا {فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا
آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} (يونس:
٩٨) وعلى كل حال، إذا كان نفس تلاميذه لم يفهموا ذلك إلا بعد قيامته
(يو ٢٠: ٩) مع أنه كان أخبرهم به أيضًا على انفراد (مت ٢٠: ١٧) فكيف
فهمه اليهود قبلهم؟ وكيف لم يصدق التلاميذ قيامته حينما أُخبروا بها؟
(مر ١٦: ١١) إذا صح أن المسيح أنبأهم بها من قبل؟ وكيف يعقل أن رؤساء
الكهنة والفريسيين يذهبون إلى بيلاطس في يوم السبت كما قال متى (٢٧:
٦٢) وينجسون أنفسهم بالدخول إليه وبالعمل في السبت كضبط القبر بالحراس
وختم الحجر (مت ٢٧: ٦٦) مع أنهم هم الذين لم يقبلوا الدخول إلى بيلاطس
يوم محاكمة المسيح خوفًا من أن ينجسوا أنفسهم فخرج هو إليهم كما قال يوحنا
(١٨: ٢٨) وهم الذين سألوه إكرامًا للسبت أن لا تبقى المصلوبون على الصليب
فيه (يو ١٩: ٣١) فما هذا التناقض وما هذه الحال؟
ولنرجع إلى ما كنا فيه: وقد اعتقد جمهور الناس في ذلك الوقت أن
المصلوب هو المسيح وأنه قام من الموت ولما لم يجدوا يهوذا الإسخريوطي
قالوا: إنه انتحر بشنق نفسه. وربما أنهم بعد بعض الأيام وجدوا خارج أورشليم
في بعض الجبال جثة مشقوقة البطن من التعفن الرمي فظنوها جثته (ع ١: ١٨)
ويجوز أنها كانت جثة المسيح نفسه على القول بأنه مات بعد هروبه من
السجن كباقي الناس، ولم يرفع إلى الله تعالى إلا رفعًا روحانيًّا معنويًّا كقوله
تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ} (الأعراف: ١٧٦)
وكقوله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (فاطر: ١٠) وقوله:
{وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} (البقرة: ٢٥٣) وفي معنى ذلك أيضًا قوله تعالى:
{إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} (الصافات: ٩٩) وقوله: {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ
عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ} (القمر: ٥٥) وقوله: {بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ} (آل عمران:
١٦٩) وغير ذلك كثير.
ولما كان بعض التلاميذ يستبعدون الموت على المسيح لشدة حبهم
وتعظيمهم له، كما فعل بعض الصحابة عقب موت رسول الله - ذهب بعضهم
بالرأي والاجتهاد إلى أن المصلوب لا بد أن يكون غير المسيح وقالوا إنه إما
يهوذا أو واحد آخر وخصوصًا لأنهم لم يعلموا أين ذهب يهوذا.
ومن ذلك نشأت مذاهب مختلفة بين النصارى الأولين في مسألة الصلب
والقيامة، كانت أساسًا لفرق كثيرة ظهرت بعدهم ذكرناها مرارًا سابقًا في المنار
وغيره مما كتبنا. لذلك قال تعالى: {وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم
بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً} (النساء: ١٥٧) .
فساد مذهب القائلين بالصلب لأنه هو الظاهر مما شوهد إذ ذاك وساعد على
نشره القول بالقيامة ودعمه بولس ومن وافقه بنظرياتهم في الخلاص [٨] والفداء
وببعض نصوص من العهد القديم لووها وأولوها
بحسب أوهامهم وأفكارهم وقد بينا بطلانها في كتاب (دين الله) وقد رفض بولس
هذا وجميع رسائله أقدم فرقهم القديمة كالبيونيين (Ebionites) وكانوا أقرب
الناس إلى تعاليم المسيح الحقيقية وغاية في الزهد والتقوى وكان عندهم إنجيل
متى العبراني الأصلي المفقود الآن.
ومن الجائز أن يوسف ونيقوديموس (إذا صح أنه حضر معه) كانا يخافان على
الجثة من اليهود أن يهينوها أو يمثلوا بها أو يتركوها للحيوانات المفترسة
كالمعتاد أو نحو ذلك زيادة في النكاية بالمسيح وأتباعه وكما كان يعمل في
المصلوبين بحسب عادة الرومان، فتظاهرا بأنهما قد أتما دفن الجثة ومضيا. فلما
تحققا أنه لم يبق عند القبر أحد مطلقًا خوفًا من أن يطلع على ما يفعلان رجعا
ونقلاها إلى موضع آخر لا يعلمه أحد، وتعاهدا على أن لا يبوح أحد بسرهما، ثم
ذهب يوسف إلى بلدته الرامة على بعد ٦ أميال إلى الشمال من أورشليم ورجع
نيقوديموس إلى بيته وكلاهما كان عضوًا في السنهدريم مجمع اليهود وكانا
يؤمنان بالمسيح ولكن سرًّا لخوفهما من اليهود (يو ١٩: ٣٨ و٧: ٥٠) وربما
أنهما لم يجاهرا اليهود بشيء حتى ولا بأنهما هما اللذان دفنا الجثة وخصوصًا
نيقوديموس، ولذلك لم تذكره الأناجيل الثلاثة الأول، وربما قال يوسف
لليهود تعميةً لهم: إني بعد أن استلمت الجثة وكفنتها سلمتها لغيري ممن حضر
ليدفنها وتركته ولا أعلم باليقين أين وضعها ولا أعرف اسمه. وخصوصًا
لأن كل الجموع الذين كانوا حاضرين الصلب كانوا قد رجعوا إلى منازلهم كما
قال لوقا (٢٣: ٤٨) ولم يبق وقت الدفن أحد يشاهدهما إلا مريم المجدلية ومريم
أم يوسي (مر ١٥: ٤٧ ومت ٢٧: ٦١) ولا ندري إذ صح ذلك كيف أرادتا
العودة إلى القبر لتحنيط الجثة مع أنهما شاهدتا يوسف ونيقوديموس يحنطانها كما
تقول الأناجيل؟ (يو ١٩: ٣٩ و٤٠) وقال كيم أحد علماء الإفرنج في كتابه
(يسوع الناصري) مجلد ٣ ص ٥٥٢: إنه لا يحرم على أحد من اليهود في
يوم السبت أن يقوم بالواجب نحو جثة الميت كالتحنيط والتكفين ونحوهما. فلا
يفهم أحد ما الذي أخر هؤلاء النسوة عن الذهاب إلى القبر يوم السبت والقيام بما
يردن عمله للمسيح فيها. انظر كتاب دين الخوارق ص ٨٢٦ وهل لم يكفهن
الحنوط العظيم الذي أحضره نيقوديموس (يو ١٩: ٣٩) حتى اشترين غيره
(م١٦: ١) ولكن لنتغاض.
وبعد السبت في فجر يوم الأحد جاءت مريم المجدلية ومريم الأخرى إلى
القبر الذي كانتا شاهدتا الجثة وضعت فيه أولاً (متى ٢٨: ١) فلم تجداها
فكان ما كان من إشاعة قيامة المصلوب من الموت، هذا إذا لم نقل إنهما ضلتا
عن القبر بسبب شدة الحزن والبكاء والتعب والظلام، وكثيرًا ما تضل نساء
مصر مثلاً ورجالها عن معرفة قبورهم حتى بعد التردد عليها مرةً أو مرتين
كما هو مشاهد معروف ولذلك لم يعرف علماؤهم موضع هذا القبر باليقين إلى
اليوم.
ولما انتشرت إشاعة القيامة كانت قاصرةً على التلاميذ وأتباع المسيح فقط
في أورشليم (لو ٢٤: ٣٣) ولم يقدروا على التجاهر بها أمام اليهود في أول
الأمر ولذلك كانوا يجتمعون والأبواب مغلقة لئلا يسمع كلامهم اليهود خوفًا
منهم كما قال يوحنا (٢٠: ١٩) وكانوا على هذه الحالة إلى ثمانية أيام (يو
٢٠: ٢٦) ثم لم يجسروا على المجاهرة بالدعوة إلى دينهم إلا بعد نحو
خمسين يومًا كما في سفر الأعمال (٢: ١) وفي هذه المدة على فرض عثور
أحد على الجثة لا يمكن تمييزها عن غيرها بسبب التعفن الرمي.
ودعوى إيمان ثلاثة آلاف نفس من اليهود في يوم الخمسين يكذبها عدم
وجود بيت للتلاميذ يسع كل هذا العدد فإنهم كانوا نحو ١٢ رجلاً (أع ١:
١٥) واليهود الذين تنصروا نحو ثلاثة آلاف (أع ٢: ٤١) ولا ندري عدد
الذين لم يتنصروا من اليهود الذين حضروا الاجتماع في أورشليم من كل أمة
تحت قبة السماء كما قال سفر الأعمال (٢: ٦ - ١٣) الذي قال أيضًا إن هذا
الاجتماع العظيم كان في بيت (٢: ٢) فأين هذا البيت وملك مَن مِن التلاميذ
وكلهم من الجليل (أع ٢: ٧) ؟
ومن الذي أخبر كل هذه الجماهير من جميع الأمم المتنوعة بما هو
حاصل في بيت التلاميذ الخاص من نزول روح القدس عليهم وتكلمهم بألسنة
مختلفة حتى هرعوا إليه صنفًا صنفًا؟ ولماذا لم يكتب التلاميذ الأناجيل والرسائل
بلغات العالم هذه التي عرفوها ليتيسر للناس قبولها بدون ترجمة؟ وتكون معجزة
باقية إلى الأبد؟ ولماذا كان بطرس محتاجًا لمترجمه مرقس إذًا؟ كما رواه بايباس
وصدقه جميع آباء الكنيسة القدماء، ولكن لنرجع إلى ما كنا فيه.
وذهب جماعة من علماء النقد في أوربا وكثير ما هم إلى أن القبر الذي
وضع فيه المصلوب وكان منحوتًا في الصخر أصابه ما أصاب غيره من
الزلزلة التي حدثت في ذلك الوقت وذكرها متى في إنجيله (٢٨: ٢) فتفتحت
بعض القبور وزالت بعض الصخور وتشققت (راجع أيضًا مت ٢٧: ٥١ و ٥٢)
فضاع بسبب ذلك الجسد المدفون في شق من الشقوق، ثم انطبق وانهال عليه شيء
من التراب والحجارة حتى انسد الشق ولم يقف أحد للجثة على أثر.
وكان ذلك قبيل وصول المرأتين إلى القبر فلما وصلتا إلى هنالك ولم تجدا
الجثة ورأتا آثار الزلزلة أو شعرتا بشيء منها فزعتا وظنتا أن ذلك بسبب نزول
الملائكة وقيام المسيح من القبر (مت ٢٨: ٢) وقد أخذت الرعدة والحيرة منهما
كل مأخذ حتى لم تقدرا على الكلام (مر ١٦: ٨) ولا يستغربن القارئ ما ذكر ففي
وقت الزلازل كثيرًا ما تنفتح الأرض وتبتلع بعض أشياء ثم تنطبق عليها.
ووقوع هذه الزلزلة قبيل وصول المرأتين إلى القبر من المصادفات التي
حدثت في التاريخ أعجب منها فقد كسفت الشمس يوم مات إبراهيم ابن رسول
الله صلى الله عليه وسلم حتى ظنت الصحابة أن ذلك معجزة للنبي صلى الله
عليه وسلم فقال عليه السلام لهم: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا
يخسفان لموت أحد ولا لحياته) الحديث، يعني أن نظام هذا الكون العظيم لا
يتغير لموت أي أحد في هذه الأرض الصغيرة الحقيرة، فيالله ما أصدقه من
رسول، ولو كان كغيره من الكذابين لفرح بما قاله أصحابه وثبت اعتقادهم فيه.
ومن أعجب المصادفات التاريخية أن قمبيز ملك الفرس طعن العجل أبيس
في فخذه فقتله استهزاءً بالمصريين وإلههم وبينما هو سائر في طريقه سقط
سيفه على فخذه أيضًا فجرحه جرحًا بليغًا ساقه في الحال إلى الموت فظن
المصريون أن ذلك بسبب فعل آلهتهم به، فما أعجب عقل الإنسان وما أغرب
كثرة ميله إلى الأوهام والخرافات.
وإذا تذكرنا أن ذلك القبر كان منحوتًا في الجبل في مكان خراج أورشليم
بقرب الموضع المسمى بالجمجمة وكان مدخل مثل هذا القبر أو الكهف من
الجهة السفلى كما كانت عادة الناس في ذلك الوقت في نحت القبور على ما
ذكره رينان وغيره، فمن الجائز أن الزلزلة أزالت الحجر الذي سد به هذا
القبر فدخلت بعض الحيوانات المفترسة كالسبع أو الضبع ونحوهما وأخذت
الجثة وفرت بها، وهو تعليل آخر معقول.
وقال بعض علماء الإفرنج: إن من عادة اليهود أن لا يضعوا هذا الحجر
على باب القبر إلا بعد مضي ثلاثة أيام من الدفن، فإن صح ذلك فلا داعي للقول
بهذه الزلزلة هنا في هذا الوجه.
والخلاصة أن ضياع الجثة لا دليل فيه على هذه القيامة وخصوصًا لأن
المسيح لم يظهر لأحد من المنكرين له مع أنه كان وعدهم بذلك حسب إنجيل
متى (١٢: ٣٩ و٤٠) وفضلاً عن ذلك فليس بين تلاميذه وأتباعه من رآه في
وقت عودة الحياة إليه وقيامه من القبر؛ فإن ذلك كان أولى بإقناع الناس وإقناع
تلاميذه الذين بقي بعضهم شاكًّا حتى بعد ظهوره لهم (مت ٢٨: ١٧ ولو٢٤:
٣٨ ت٤١ ويو٢٠: ٢٧) مع أن اتباع هذه الطريقة كان أقرب وأسهل في
الإقناع وأبعد عن مثل الشبهات التي ذكرناها.
فإن قيل إن ذلك سيكون ملجئًا للإيمان وهو ينافي الحكمة الإلهية، قلت:
وهل إحياء المسيح للموتى أمام الناس ما كان ملجئًا ولا منافيًا للحكمة الإلهية؟!
وكذلك قيام أجساد القديسين الراقدين ودخولهم المدينة المقدسة على ما ذكره
متى؟ (٢٧: ٥٢ و٥٣) فأي فرق بين هذه الآيات البينات والمعجزات
القاطعة، وبين قيامته هو من الموت؟ فكيف يجب على البشر الإيمان بها
وهي قابلة للشك والطعن؟ حتى من أتباعه الذين ملأوا الدنيا بكتبهم المشككة
في هذا الدين وعقائده , وحتى شك فيها التلاميذ أنفسهم (متى ٢٨: ١٧) من
قديم الزمان.
لها بقية
((يتبع بمقال تالٍ))