للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاتب: محمد رشيد رضا


وعود فرنسا في تونس
أرسل بعضهم رسالة إلى التيمس يذكر فيها وعود فرنسا وعهودها التي فاهت
بها عند احتلالها تونس، وهذه صورتها:
كتب المسيو سان هيلار ناظر خارجية فرنسا حينئذ في ٢٧ أبريل سنة ١٨٨١
يقول عن احتلال تونس: (إننا لا نفكر ألبتة في ضمها إلى أملاكنا، بل كل ما
نسعى إليه عقد معاهدة مع الباي تضمن لنا حدودنا ومصالحنا) .
وكتب في ١٩ مايو يقول:
(لا يمكن أن تكون تونس سببًا للخلاف بيننا (بين فرنسا وإنكلترا) فقد
صرحنا لأوروبا بأننا لا نروم ضمها ولا فتحها، ولا نحاول ذلك، بل نحتل بنزرت
وأماكن أخرى، ما دمنا نرى احتلالها لازمًا، ولكننا لا نجعل بنزرت ميناء لنا،
ولن تمتلك فرنسا تونس، وستشهد أعمالنا بأننا لا نقول غير الحق) .
وكتب أيضًا في ٢٣ مايو يقول:
(إن ما صرحتُ به عن مقاصدنا في تونس هو الحق الذي لاريب فيه،
وضمها حمق وجهل، ثم إننا لا نريد أن نفعل شيئاً في بنزرت) .
وكتب أيضًا في ٩ يوليو ما يأتي:
(إننا سنخمد الثورة، ولكن ذلك لا يغرينا بالفتوحات؛ لأننا لا نريدها،
وليس في زيادة سطوتنا على تونس إجحاف بالمصالح الإنكليزية ولا بغيرها،
وسترى أوروبا عن قريب أن وعودنا ليست من قبيل العبث، وأن مقاصدنا في
تونس حسنة؛ لأننا لا نطلب شيئًا غير سلامة مستعمرتنا الأفريقية العظيمة
الجزائر) .
وكتب في ٢٧ منه:
ولي الأمل أن ما أجبت به أول أمس يقنع إنكلترا بحسن نيتنا وبصدق السياسة
الفرنسوية وإخلاصها.
وكتب في ١٥ أبريل سنة ١٨٨٤ - ولا أعلم ما إذا كان لا يزال ناظرًا
للخارجية حينئذ - يقول:
(إني على رأيكم في سياسة إنكلترا المصرية فما عليكم إلا أن تفعلوا ما قلناه
نحن في تونس، حيث الأحوال على ما يرام، فإن في ذلك مصلحة بلادكم ومصلحة
التمدن والإنسانية معًا) .
وكتب الكونت دي باري عدو الجمهورية الفرنسوية إلى المستر ريف في ١٧
سبتمبر سنة ١٨٨٤ عن حملة تونكين فقال:
(إن السياسة الاستعمارية سارت على خطة غير منتظمة، فتشددت عزائمها
في تونكين وارتخت في مصر، وقد كان يمكن اتخاذ مسألة مصر قاعدة للاتفاق مع
إنكلترا، فعوضًا عن ذلك لم ترد فرنسا مساعدتها، بل حنقت عليها لأنها أقدمت
على العمل وحدها، ولما بدأت المشاكل والمصاعب في سبيل إنكلترا لم تتفق فرنسا
معها على حلها، ولا توارت وراء أوروبا حينئذ حتى لا تقع المسئولية عليها عند
الإخفاق في المؤتمر) .
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... (المقطم)
(المنار)
فليعتبر الذين لا يزالون ينخدعون بأوروبا ويغترون بعهودها ووعودها، فقد
علَّمتهم الحوادث والوقائع الكثيرة إن كانوا يفقهون.